مع اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالعدالة لجورج فلويد وقوانين أميركية أكثر عدلاً للسود الأميركيين، تتجه العيون على الانتخابات الرئاسية في نوفمبر لعام 2020 وتكثر التأويلات عن كيفية تأثير الأحداث الأخيرة على مسار الانتخابات وحظوظ كل من جو بايدن والرئيس الأميركي دونالد ترمب. للوهلة الأولى يعتقد المشاهد الخارجي أن الحشود المشاركة في احتجاجات "حياة السود مهمة" ستحسم السباق لصالح الديمقراطيين، فتحركات المرشح الديموقراطي جو بايدن المؤيدة للاحتجاجات والتي تعد السود الأميركيين بمستقبل أفضل وأكثر عدالة تدفع للاعتقاد بأن هذا الجمهور قادر على حسم نتيجة الانتخابات لصالح الديمقراطيين. إلا أن أصحاب الرأي الآخر وبعضهم من الديموقراطيين أنفسهم يرون أن العديد من السود الأميركيين في جميع أنحاء البلاد يعتبرون الاحتجاجات الأخيرة ما هي إلا فصل جديد في سلسلة معاناتهم وعدم ثقتهم بالنظام الأميركي التي ازدادت مع جائحة "كوفيد-19"، فكانت مجتمعاتهم هي الأكثر تضرراً على الصعيدين الصحي والاقتصادي ليأتي مصرع جورج فلويد ويشعل شرارة الغضب من جديد. ويرى فيرنون جونز، عضو الكونغرس الأميركي من الحزب الديمقراطي أن الطبقة التقليدية بالحزب الديموقراطي في ولاية جورجيا تلتفت لجذب الأميركيين السود فقط في أوقات الانتخابات حيث كتب في صفحته في تويتر: "لقد صعد الديمقراطيون الليبراليون مثل جو بايدن على أكتاف الناخبين السود لأكثر من 50 عامًا، جاثمين على رقاب السود دون أن يفعلوا لهم شيئًا". وتقول الكاتبة لاورا بارون، أن مشكلة الأميركيين من الأصل الأفريقي وخاصة طبقة الشباب التي يسعى بايدن لجذبها لتقلب نتيجة الانتخابات لصالحه هي أنهم ليس لديهم أي ثقة بالنظام الأميركي سواء كان الرئيس ديموقراطي أو جمهوري. وأضافت، استغلال الديموقراطيين لمصرع جورج فلويد للتحريض على ترمب وحده يرسل رسالة سلبية للسود مفادها بأن ترمب هو المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المجتمع الأسود، وأن الحل السحري سيكون بإزالته من البيت الأبيض بينما يقتنع هذا المجتمع من الأميركيين أن حياتهم كانت سيئة وطريقة معاملتهم لم تكن عادلة حتى في ظل الإدارات الديمقراطية. وبينت أن إخبار السود الأميركيين أن تغيير ترمب هو الحل لن يعطيهم الدافع الكافي للنزول إلى صناديق الاقتراع والمشاركة في الانتخابات طالما أن المشكلة الأساسية هي عدم ثقتهم بأن هذه الانتخابات وتغير الرؤساء قد يغير أي شيء في حياتهم. من ناحيته، قال المحلل الديموقراطي تيرانس وودبيري، إنه أجرى استطلاع رأي وجد فيه أن الشباب الذين لم يدعموا بايدن في الانتخابات التمهيدية وجعلوا بيرني ساندرز يتقدم على بايدن في عدد من الولايات المحورية في الانتخابات العامة هم نفسهم الشباب المتظاهرين في الشوارع اليوم، محتجين على الأوضاع المزرية التي يعاني منها السود الأميركيين، والتركيز على هؤلاء لانتخاب بايدن قد يكون مراهنة خاسرة، فهؤلاء يحمّلون كل سياسيي أميركا مسؤولية معاناتهم الطويلة وبمن فيهم جو بايدن الذي هو من أقدم المسؤولين في النظام الأميركي القائم". وأضاف وودبيري أن ترمب من جانبه ليس جاهلاً بهذه الحقائق، بل بدأ يلوح بها ويستخدمها بشكل مكثّف مؤخراً، حيث يعلم أن السود الأميركيين يميلون إلى عدم الثقة بكل الطبقة السياسية في الولاياتالمتحدة حيث غرد موجهاً كلامه للسود "ماذا فعل لكم جو بايدن النائم خلال كل هذه السنوات التي قضاها كسياسي أميركي سواء نائباً للرئيس أو عضو في الكونغرس" مضيفاً "الرئيس أبراهام لنكن، الذي ألغى قوانين العبودية في الولاياتالمتحدة كان رئيس جمهوري، وعلى الجميع تذكر هذا، إلا أن الديموقراطيين يحاولون أن يتجاهلوا هذه الحقيقة". التغيُّر المفاجئ للرأي الأميركي أظهرت استطلاعات الرأي العامة الأخيرة في الولاياتالمتحدة، تقدّم جو بادين على ترمب بفارق كبير حتى في استطلاع رأي أجرته قناة الفوكس نيوز المقربة من الحزب الجمهوري. إلا أن العالم السياسي في جامعة "ستوني بروك" الأميركية هالمت نوربوث، يقول إن هذه الاستطلاعات لا تعني بالضرورة أن بايدن سيكون الفائز، ففي مناسبات كثيرة وعدد من الانتخابات السابقة تحولت استطلاعات الرأي التي أجرتها الشبكات في الربيع والصيف إلى غبار أو "لا شيء" في الخريف أي في نوفمبر موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. مضيفاً، استطلاعات الرأي في الانتخابات الأخيرة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترمب والتي لم تكن دقيقة ليست دليلنا الوحيد، فالقائمة تطول للمرشحين الرئاسيين الذين خذلتهم استطلاعات الرأي خاصة تلك التي تجري في هذا الوقت المبكر، فكل من الرؤساء ريتشارد نيكسون، وجيمي كارتر، ومايكل دوكاكس، وجورج بوش، وجون كيري، لم يكونوا متقدمين في استطلاعات الرأي في الربيع بل منافسيهم ليتغير المشهد في الأسابيع الأخيرة التي تسبق الانتخابات. استطلاعات الرأي أشارت إلى فوز بايدن بالانتخابات الأميركية (أ ف ب)