لا أحد ينكر ما للمساجد من دور مهم في التربية والتوجيه المجتمعي، فكانت على امتداد التاريخ مؤسسة تعليمية للصغار والكبار، وأول الأمكنة التي تحقق الأهداف العملية لتربية الناس عامة والناشئة والشباب خاصة، ومن هذا المنطلق فقد راهنت وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة التعليم على كثير من الضمانات في استراتيجيتهما المستقبلية لتحقيق الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف خاصةً لدى النشء، وتحصينهم لمواجهة الأفكار الهدامة، وتقديم الإسلام الصحيح وتوضيح رسالته في بناء المجتمع الإسلامي ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. وعندما تجتمع وزارة الشؤون الإسلامية ممثلة في المساجد وبمشاركة المجتمع في تنفيذ هذه الرسالة فسيتم -بإذن الله- ترسيخ وتعزيز الأمن الفكري لدى الناشئة لمواجهة التغيرات الفكرية والثقافية المتسارعة التي باتت تطرح جلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تحمل المسؤولية ومن أجل تحصين المجتمع والمحافظة على صيانة أفراده وحمايتهم من الأفكار المنحرفة والفتن التي تعرقل نموه الحضاري والبناء الاجتماعي، فقد قامت وزارة الشؤون الإسلامية مؤخراً بجهود متواصلة، وتحملت المسؤوليات الملقاة على عاتقها بجدارة، تقديراً لما تحظى به من دعم لا محدود بما يحقق قيامها بالواجب المنوط بها في نشر الإسلام وفق منهج الوسطية والاعتدال، ونبذ الغلو والتطرف، فعملت على تنفيذ عديد من الخطط والبرامج الفاعلة المحققة لتوصيل رسالتها بدقة وتوازن بعيداً عن الإفراط والتفريط، فوجهت جل اهتمامها بالعناية بالمساجد إيماناً بأهمية رسالتها وتحقيق قيامها بدورها في المجتمع باعتبارها مراكز إشعاع لرسالة إيمانية وعلمية وثقافية واجتماعية وتوجيهية، تضيء للناس سبل الهدى في أمور دينهم ودنياهم، ونشر العقيدة الإسلامية الصحيحة، ونبذ التيارات الهدامة والمنحرفة، والعمل على تعميق الوعي الإسلامي، وترسيخ القيم الإسلامية في مجتمعنا وفقا لكتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. تحديث الاستراتيجية وأخيراً استطاعت وزارة الشؤون الإسلامية تحديث استراتيجيتها إدراكاً منها لأهمية المساجد، فعملت على تحديث تعيين خطبائها وأئمتها ومؤذنيها، وإشراك المجتمع كرقيب عليهم من خلال تجاوبها بتخصيص رقم مجاني لاستقبال البلاغات والملاحظات حول الخطباء والأئمة المؤذنين وجميع ما يخص المسجد. والأهم من ذلك سعيها إلى تطوير خطب الجمعة، التي كانت تفتقر إلى الواقعية وعدم ملاءمتها لاحتياجات المجتمع، وعلاج مشكلاته بما يتطلبه من مهارات خاصة ومستوى ثقافي وعلمي وشرعي، ما استوجب قيام الوزارة بمراجعة أدائها في هذا الخصوص، وإعداد استراتيجية حديثة للمراجعة الدورية في أداء الخطباء والأئمة والمؤذنين، للتعامل مع المجتمع عبر خطاب ديني متزن، وقامت بإعداد لجان متخصصة للعمل على دراسة وتطوير أدائهم في جميع أنحاء المملكة، وإبعاد من لا يرجى إصلاحه، وإلحاق كثيرين بدورات تدريبية وتصحيحية لأوضاعهم، لتحقيق أعلى قدر من التفاعل مع أطراف المجتمع بشتى فئاته إيماناً بأهمية التوعية ومواكبة مستجدات العصر، وفق القوانين والاختصاصات المنظمة لأعمال الوزارة. تكثيف الجولات وفي حديث سابق لوزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد د.عبداللطيف آل الشيخ، فقد توعد من لا يلتزم بالتعليمات من الخطباء والوعاظ مثيري الفتن على المنابر بالمحاسبة، وأنه لم يعد هناك مجال للتسامح، وعلى الخطيب أو الداعية المخطئ والمتجاوز إمّا الانضباط على المنبر وإما ترك المجال لغيره، مركزاً على أهمية ودور منابر المساجد، الذي يجب أن يشترك في نشر العلم الشرعي المعتدل، مشيراً إلى أن هناك نسبا ضئيلة من الخطباء والوعّاظ على تلك المنابر كانت تبث الفتن بين الناس، مشدداً على أن دور الوزارة هو المحافظة على هذا المنبر، بما يحافظ على عقيدتنا، وتوجهات ولاة أمرنا، معترفاً بأن الوزارة سبق ورصدت بعض التجاوزات، إلا أنها لا تعد ظاهرة، مؤكداً أنه تم التعامل معها بسرعة واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقها، وهذا يثبت أن د.عبداللطيف آل الشيخ يدرك أن للمساجد رسالة عظيمة، فهي لم تكن محصورة على أداء العبادات فحسب، فإلى جانب رسالتها الروحية فهي ميدان تربوي وتعليمي، ولها دور ثقافي واجتماعي، ولا تتوقف على إقامة الصلوات الخمس، بل تمتد لأدوار أعظم وأكثر عمقاً وتأثيراً في المجتمع، والكل يدرك ما للمسجد من أدوار اجتماعية مهمة، وهنا يجب أن يتم إحياء دورها في حلّ مشكلات المجتمع، حيث أعاد الاهتمام بالأدوار المختلفة التي كانت تقوم بها في التربية والتنشئة الصالحة لأبناء الأمة الإسلامية، وإبعادهم عن أي توجهات فكرية تدعو إلى أمور مشبوهة، وتعزيز الدور التوعوي والاجتماعي لديهم، وتنوير أفكارهم، وتذكيرهم بالله، والإنصات لهمومهم واحتياجاتهم، وحل مشكلاتهم، ما دعا وزارة الشؤون الإسلامية إلى تفقد هذه المرافق، والحرص على أن تكون منابر خير من خلال استمرار تكثيف جولاتها التفتيشية؛ لأنها ترى أن ضعف الرقابة والجولات التفتيشية من قبلها سيتيح للمنحرفين التسلل إليها واختطافها. استقبال بلاغات وأشركت الشؤون الإسلامية أفراد المجتمع ليكونوا عيوناً لها في المساجد؛ حيث أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد - في حديث سابق له - أن المواطن يمثل الرقيب، كاشفاً عن رقم مجاني 1933 لاستقبال بلاغات وملاحظات المواطنين حول المسجد وخطيبه وجميع ما يخص المسجد، وقد سعت الوزارة إلى تكليف لجان تعنى بمقابلة الخطباء والأئمة، تبعها تعيين أكثر من 7000 خطيب وإمام ومؤذن في مختلف فروع الوزارة بمناطق المملكة، خلال أقل من شهرين، في إطار العناية بالمساجد ومنتسبيها، وتوفير كل ما تحتاج إليه، ويعد إشراك الشؤون الإسلامية لأفراد المجتمع في ذلك دليلا على حرصها على إبعاد غير المؤهلين، ومن يتبنون أفكارا منحرفة، وتحرير المنابر ممن كانوا يوجهونها حسب أهوائهم وتوجهاتهم غير الصائبة. عقد منتديات ودخلت وزارة التعليم على الخط لتشاركها في رسالتها، من خلال ترسيخ الأمن الفكري لدى الناشئة بتنفيذها عديدا من المناشط وغرس وتعزيز الأمن الفكري لدى الطلبة بمختلف المراحل الدراسية لمواجهة التغيرات الفكرية والثقافية المتسارعة، التي باتت تطرح جلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشرعت من خلال المدارس في عقد المنتديات التي تسهم في مناصحة الطلبة، وتنطلق في محاورها من خلال منهج علمي محكم لتعزيز الأمن الفكري لدى طلبتها، وسبق أن دعيت "الرياض" إلى منتدى أقيم بعنوان: "منتدى الأمن الفكري"، تمت خلاله دعوة عدد من المختصين الذين تطرقوا إلى محاور تهدف للوصول إلى نتائج إيجابية لتحقيق الأمن الفكري بين طلبتنا وحماية للثوابت، للإسهام في سلامة العقيدة، واستقامة السلوك، وإثبات الولاء والانتماء لها، بما يؤدي إلى وحدة التلاحم والترابط. دور الأُسرة ومن خلال ذلك المنتدى، أكد د.فرحان العنزي -أستاذ الإرشاد النفسي المشارك-، أهمية مثل هذه المنتديات، وأنها مهمة جداً لتعزيز المواطنة لدى الناشئين، خاصةً هذه المرحلة وهي مرحلة التعليم العام، مشدداً على أهمية حث أولياء الأمور لأبنائهم لحضور مثل هذه المنتديات والالتقاء بهم وتوجيههم ضد ما يحاك لهم، وأنه يجب أن تتم مناصحتهم وهم على مقاعد المدرسة؛ لأنهم مستهدفون، فالشباب هم عماد الوطن، وكل ما كان التوجه بمثل هذه المنتديات للمدارس والجامعات، كل ما كانت النتائج إيجابية؛ لأن ترك الشباب من دون توجيه وتركيز على الجانب الوقائي يجعلهم عرضة لأن ينتشلهم الآخرون، لذلك لا بد من المناصحة والرعاية وأيضاً الإرشاد. وفي هذا الخصوص، حذر خالد الدوس -كاتب- أولياء الأمور ممن يستهدفون أبناءهم عبر المواقع الإلكترونية ومنابرها التكفيرية لغسل عقولهم، واختطاف أدمغتهم بعد تغريرهم بالآراء الهدامة، التي تؤثر في الفكر والسلوك والخيال والعاطفة، وبالتالي تجنيدهم ليكونوا ضحايا الأفعال الإجرامية، التي تناهض قيم الدين والأخلاق والإنسانية، مؤكداً دور الأُسرة المهم في حماية أبنائها من الانحراف الفكري والأخلاقي، وتحصين أدمغتهم، من خلال مراقبة الأبناء، ومتابعتهم، وتأصيل قيم الحوار الأسري، والوعي الذي هو أساس الاستقرار وركيزة من ركائز الضبط الاجتماعي، خاصةً أن هناك دلالات ومؤشرات على الانحراف الفكري والأخلاقي، تظهر على بعض الأبناء، منها التغير المفاجئ في الحالة العصبية والنفسية والاجتماعية، وكثرة التوتر والتشتت الذهني، وعدم التركيز، وعدم الانتباه، وكذلك تعمد الجلوس فترة طويلة على الإنترنت في أوقات نوم باقي أفراد الأسرة، وفي مأمن من أعينهم، والتأخر المتكرر ليلاً خارج المنزل من دون مبرر واضح، إلى جانب الميل غير الطبيعي إلى العزلة والاغتراب عن أفراد الأسرة، والغموض في التعامل وعدم الوضوح، معتبراً ذلك من مؤشرات الانحراف الفكري والأخلاقي. لا تترك ابنك دون مراقبة أثناء استخدامه جهاز الجوال خالد الدوس د.العنزي متحدثاً للزميل راشد السكران