إساءة التصرف بالموهبة أو الهبة أو الخير تؤدي إلى تحوله من نافع إلى ضار، ومن إيجابي إلى سلبي، مثل التعامل مع المال أو الجاه أو السلطة أو الذكاء الذي هو أساس حديثنا، حيث يعتبر الذكاء نعمة من الله تعالى للعبد فمن خلاله تظهر على الإنسان الذكي علامات تميزه عنه غيره مثل (سرعة البديهة وقوة الفهم وبراعة الاستيعاب)، فما يحتاج إليه غيره من الوقت قد يختصره بسرعة فهمه وإدراكه وتحليله، والذكي هو إنسان ولد بقدرات عقلية عالية. والسؤال هنا متى يكون الذكاء مفيداً أو ضاراً؟ وهل كل ذكاء محمود؟ وكيف أستطيع أن أحكم على الشخص بأنه ذكي وآخر غير ذكي؟.. الذكاء ببساطة يكون مفيداً إذا استخدم في مصلحة الإنسان أو نفع للمجتمع مثل الذكاء الدراسي فالطالب الذي يبذل جهداً ويسعى إلى التفوق من خلال توظيف ذكائه وقدراته العقلية يكون ذكاؤه مفيداً أما الطالب الذي يوظف قدراته وذكاءه في عرقلة الحصص أو اختلاق الأحداث داخل الصف أو بناء العلاقات الضارة داخل المدرسة وخارجها فقد وظف ذكاءه بشكل سلبي وضار، وكذلك الإنسان في محيطه الاجتماعي فمن يحاول إقناع الحضور في كل لقاء أو محاورة بما يذهب إليه من رأي ويحاول تأكيده بكل الأدلة والشواهد ويستغرق في الدخول بالنقاشات والجدل فقد يكون علامة على ذكائه لكنه استخدمه بشكل ضار وسلبي لأن دخوله في النقاشات لا يساوي بناء العلاقات الإيجابية، وقس على ذلك من مارس الاحتيال والنصب على الآخرين أو من يتقن فن إفساد العلاقات الاجتماعية بين الناس كالنمام أو الهماز. شدني مقال للكاتب الأنيق فهد الأحمدي في كتابه المميز (نظرية الفستق) بعنوان «الذكاء ببساطة يعني التصرف بذكاء» ووضع قاعدة توضح الفرق بين الذكي والغبي وهي (التصرف بذكاء)..، وهذا ما أشار إليه أبو الحسن الماوردي في كتابه (أدب الدنيا والدين) حيث يقول :»أما الدهاء والمكر فهو مذموم، لأن صاحبه صرف فضل عقله إلى الشر ولو صرفه إلى الخير لكان محموداً. واختلفوا فيمن صرف فضل عقله في الشر هل يسمى عاقلاً أم لا؟ فقال بعضهم: أسميه عاقلاً لوجود العقل منه. وقال آخرون: لا أسميه عاقلاً حتى يكون خيّراً ديناً، لأن الخير والدين من موجبات العقل». خلاصة القول، الذكاء إن لم يستخدم بطريقة إيجابية نافعة فهو غباء، فالغباء ليس نقص العقل فقط، ولكن يدخل فيه سوء استخدام العقل. Your browser does not support the video tag.