نائب وزير "البيئة" يطلق منصة "نبراس" لاستشراف البحث والابتكار ودعم اتخاذ القرار في قطاعات البيئة والمياه والزراعة    الفالح: 90 % من الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة غير نفطي    أساس التنمية    تعزيز العلاقات التركية - السعودية وسط الفرص والتحديات    المملكة وباكستان.. بناء شراكة مستدامة في مختلف المجالات    إسرائيل ترفض الجهود الأميركية للسلام    نائب وزير الداخلية المكلف يشهد حفل افتتاح بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ    يايسله يؤكد جاهزية جالينو    البليهي: أمامنا مواجهات صعبة    تبوك تستعد للأمطار بفرضيات لمخاطر السيول    مجلس الوزراء يشيد بإطلاق مبادرات صحية ب124 مليار ريال وينوه بمشروعات طاقة متجددة بتسعة مليارات    سعود بن بندر يطلع على أعمال "آفاق"    المناطيد تكشف أسرار العلا    "وثيقة تاريخية" تبرز اهتمام المملكة بالإرشاد التعليمي    افتتاح القرية التراثية بفيضة السر    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    منتديات نوعية ترسم ملامح مستقبل الصحة العالمية    صحة المرأة بين الوعي والموروثات الثقافية    كأس الملك : الاتحاد يقصي النصر ويتأهل لربع النهائي    الهلال يكسب الأخدود ويبلغ ربع نهائي كأس الملك    قصيدة النثر بين الأمس واليوم    زيارة استثمارية لوفد من غرفة جازان    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    تداول يكسب 54 نقطة    أجور الحدادين والرمل والأسمنت ترفع تكاليف البناء    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على الأخدود    سمو ولي العهد يلتقي مع رئيس الاتحاد الدولي    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    إسرائيل وحماس.. تصعيد وجدل وتعقيد الحلول    أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    الضربات الأوكرانية خفضت قدرة روسيا على تكرير النفط 20%    55 مشروعًا علميًا في ختام معرض «إبداع جازان 2026»    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    تعديل مواد في نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    « البحر الأحمر»: عرض أفلام عالمية في دورة 2025    لماذا يعتمد طلاب الجامعات على السلايدات في المذاكرة؟    بالتعاون مع جامعة «NUS» الرائدة في الابتكار والبحث.. إطلاق المرحلة الثالثة من مسار «قادة الإعلام» في سنغافورة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    قدم الشكر للقيادة على الدعم الإنساني.. مصطفى: السعودية خففت معاناة الشعب الفلسطيني    اقتحموا مقرات أممية بصنعاء.. الحوثيون يشنون حملة انتقامية في تعز    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. «مستقبل الاستثمار» يرسم ملامح النمو والتقدم للبشرية    الدفاع المدني.. قيادة تصنع الإنجاز وتلهم المستقبل    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    اليوسف يلتقي عددًا من المستفيدين ويستمع لمتطلباتهم    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتروش 2-2
نشر في الرياض يوم 25 - 08 - 2017


(قصة)
شعر بمغص شديد في بطنه، وجد نفسه مرميا ً وقد "شُلِّح" من كل شيء إلا مما يستر عورته، تحسس وجهه فوجده مليئاً بالكدمات والدم المتجمد، أنفه متورم، تذكر أنفها فبصق وتمنى أن ينتحر..
بحث عن شيء حوله فلم يجد إلا التراب والحيطان القذرة.
عنكبوت يعلق بيده، ويقذفه فيسقط على بطنه، تركه في غيظ، صار العنكبوت يمشي على بطنه، يصعد وينزل؛ وأخيراً استقر فوق شفته، كأنه يريد أن ينقظ إلى أنفه، مد يده وفركه.
قام ومشى مترنحاً لا يدري أين يذهب! سار في ذهول.. قطع مسافة طويلة أثناء عودته نحو المدينة.. مسافة أشبه بمقطع طويل من الوجع..
أفاق أخيراً في ساحة واسعة تحت الأضواء، تحفُ بها بيوت جميلة منسقة. اطمأن، ولكنه كان خجلاً من عريه.
رأى رجل شرطة فانقبض قلبه، ماذا يقول إذا قبضت عليه الشرطة؟! ماذا سيقول أهله وأصدقاؤه وزوجته المنكرة وهي التي أخرجته؟
آه.. لماذا كل هذا القبح؟
اختبأ وراء جدار، راح يحلم ببحر يغطس فيه جسده وهمومه، وقرفه. خاف، ارتعب، تآكلت بطنا رجليه، تخيل أنه يسبح في عمق بحر مليء بسمك القرش.. لكن لماذا الخوف؟! طوال حياته وهو في قاع بحر من الهموم أشد فتكاً من أسماك القرش.
أراد أن يسير ، لكن الخفير لا يزال يذرع الشارع جيئة وذهابا ً همَّ بأن يظهر ويناديه ويحكي له حكايته . لكن الخفير سيرميه بالجنون ، وسوف يسلمه إلى الشرطة لا محالة .
سار قليلاً في ظل الجدار، وجد مخلفات بناء: أخشاباً وتنكاً وعجلات سيارات..
جلس فوق عجلة سيارة، فكر في العجلة.. خرج قنفذ يتدحرج من تحت العجلة.. تمنى أن يتحول إلى قنفذ، فإذا واجهته مشكلة تكوَّر حامياً نفسه بأشواكه!! ولكنه ركل العجلة وشتمها، ربط العجلة بعجلته في الحياة..
فالعجلة هي التي أخرجته من بيته، وهي التي أخرجته من الجامعة، العجلة هي التي كانت وراء زواجه التعس النكد بهذه المطلَّقة، العجلة هي التي أفقدته كثيراً من فرص العمر. آه لو تأنى قليلاً في زواجه..
رفع رأسه من وراء الجدار، الخفير يقترب منه، يسمع وقع حذائه المبطن بقطع الحديد، الخفير يسند رأسه إلى الحائط الذي ينكمش هو خلفه.. ومن الهاتف الصغير الذي في يد الخفير تنبعث أغنية شجيّة حزينة. فيتأوه (هو) ويتلوى ويغرق في صور قديمة، ورؤى حالمة، وأمانٍ لم تحقق..
راح يحلم: يحلم بغرفة نوم مترفة، سرير ناعم، ضوء أحمر، امرأة سمراء ممشوقة.. شعرها مرسل فاحم كالليل.. عينان كحلاوان حالمتان، شرشف معطر برائحة تُسَكِّر القلب..
آه يا قلبي المفجوع الموجوع.. لعن الله الحرمان والفقر.
الخفير يسعل.. يقول في سرّه: لماذا يقف هذا الحيوان فوق رأسي؟
خفير في الشارع.. خفير في الشركة.. خفير في البيت.. اللهم غفرانك...
همَّ بأن يقذف الخفير بحجر فيفلق رأسه، لكن ما ذنب المسكين؟! المسكين يحرس.. نعم يحرس.. أي والله يحرس..
هبت ريح تحمل الرائحة المنبعثة من أكوام التنك، والأخشاب والعجلات المهترئة.. تلمَّس وجهه وأنفه، تذكَّر الزواريب القذرة، والبيوت القذرة الفواحة بالوسخ.. المكتظة بالحشرات البشرية.. بينما على هذه الساحة تقوم بيوت متسقة رائعة مترفة. كل شيء مترف. تنبعث من نوافذها أضواء هادئة ناعمة تشي بالعطر، والحرير والقوارير الناعمه النائمة.. وعين الخفير لا تنام. قال لنفسه: أنا مسكين: انبعث من صدره لهب (ناري) متفجر.
أحس بصديد مر من الكراهية والغبن ينز في صدره..
يتسرب إلى حلقه.. عقده تتكور وتسقط في أعماق نفسه...
يا لها من سخرية مبكية: جاهل، وجاهلة، وخفير.. وأنا فوق عجلة! أحس بفقره وعدميته، ودونيته، احتقر نفسه حدَّ الازدراء...
يقفز الخفير فوق الجدران، يرتعش هو وينتفض تحت ظل الخفير كفرخ دجاجة مذعور.
الخفير يفتح بنطاله! يطلق ماءً ساخناً يتدفق على رأسه ويتسرب إلى وجهه. يمسح وجهه ليتأكد!! الماء ساخن لزج، وله رائحة.
اجتاحته موجه من الفزع والغضب، صرخ رافعاً جسده ورأسه.. قافزاً فوق الجدار. جأر الخفير في فزع، وولَّى هارباً، سقط الهاتف الصغير من يده...
انطلقا: الخفير يجري في ذعر وهلع..
وهو يجري هارباً من عريه..
وغرقا معاً في الظلام !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.