في تنظيم الهيئة العامة للإسكان، التي هي نواة وزارة الإسكان في الوقت الحاضر، تم النص على نقل مهمات الإسكان الشعبي من وزارة الشؤون الاجتماعية حينها، إلى الهيئة العامة للإسكان، كما تضمن التنظيم أيضاً، قيام الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها بمجموعة من المهمات، من بينها تحديد فئات المستحقين والمستفيدين من برامج الإسكان الشعبي والخيري، وكذلك بناء مساكن مناسبة للمحتاجين غير القادرين على الاستفادة من برامج الإقراض والتمويل الحكومية والخاصة، الأمر الذي يوحي بأن هذه الشريحة من المواطنين، نتيجة واقع ظروفهم الاقتصادية الصعبة والقاسية، غير مشمولين بلائحة تنظيم الدعم السكني نتيجة ما تفرضه تلك اللائحة على المستفيدين منها تسديد اقساط الدعم المقدم لهم، يؤكد ذلك ما سبق وأن أعلنت عنه وزارة الإسكان منذ مدة ليست بالبعيدة، عن توجهها إلى سحب الأراضي من بعض مستفيدي برنامج الدعم السكني (أرض وقرض) في العاصمة الرياض، الذين ثبت بعد تحديث بياناتهم ضعف قدرتهم المالية على السداد، وتحويلهم إلى منتجات سكنية بديله، في مقدمتها برنامج السكن الخيري، حيث كان ذلك مؤشراً ودليلاً على وجود أسر من المواطنين غير قادرة مطلقاً وفق ظروفها الاقتصادية على تملك مسكن أو بمعنى آخر أن تكاليف امتلاك مسكن لهذه الأسر، التي هي في الغالب منخفضة الدخل، سوف يستقطع نسبة تفوق ثلاثين في المئة من دخلها، وبالتالي فإن الالتزام بسداد تلك التكاليف -إن رغبت في ذلك- سيكون على حساب احتياجاتها الأساسية الأخرى، التي تستلزمها الحياة اليومية لكل أسرة. أشير إلى ذلك لارتباطه بموضوع الندوة التي عقدت الأسبوع الماضي في مدينة الرياض، وتزامنت مع دخول العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم، الذي عادة ما يكون الناس فيه اجود لدفع زكاة أموالهم، وكانت الندوة تحت عنوان "استدامة موارد الإسكان التنموي.. الزكاة انموذجاً"، وذلك ضمن إطار مبادرة وزارة الإسكان "الإسكان التنموي" وحضرها عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والمتخصصين في الشئون الفقهية وتم التركيز فيها على كيفية ان تكون وزارة الإسكان قناة لتوجيه الزكاة لإسكان الشرائح الأكثر حاجة من مستفيدي الضمان الاجتماعي، وما اعطته تلك الندوة من انطباع إلى عدم وجود اعتمادات مالية وأراض سبق تخصيصها لبرامج ومشروعات الإسكان الشعبي، الموجهة في الأساس لهذه الفئة من المواطنين الأكثر حاجة للسكن، والتي استشعرت الدولة حفظها الله مسؤوليتها عنهم منذ وقت مبكر، حتى قبل إنشاء الهيئة العامة للإسكان منذ عشر سنوات الأمر، الأمر الذي يستدعي في اعتقادي أهمية إعادة النظر في المسئولية عن هذه البرامج والمشروعات التنموية للإسكان، التي لا تركز فقط على توفير مأوى للأسر الفقيرة والمحتاجة وإنما في تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية في آن واحد، وبحث اسناد هذه المهمة مرة أخرى لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية في تنظيمها الجديد، الذي هو بلا شك أقدر على القيام بهذه المهمة، مقارنة بما كانت عليه الحال قبل ذلك، وبالذات بعد الارتباط الوثيق بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والهيئة العامة للأوقاف التي هي بالتأكيد الأقرب لمثل هذه البرامج والمشروعات الاسكانية التنموية من الهيئة العامة للزكاة والدخل.