اختتم منتدى الرياض لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب، الذي نظمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية برعاية التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، تحت شعار "طبيعة التطرف ومستقبل الإرهاب" بفندق إنتركونتيننتال بالرياض أعماله أمس بجلستي عمل، بعنوان "روابط الاتصال بين الجريمة والإرهاب" و"مواجهة الإرهاب.. الصورة الإقليمية". وأدار الجلسة الثالثة للمنتدى التي جاءت بعنوان "روابط الاتصال بين الجريمة والإرهاب"، مدير أكاديمية لندن للدبلوماسية جوزيف موفسيد، وشارك فيها كل من ضابط المخابرات المركزية الأميركية وعضو مجلس الأمن القومي سابقاً مايكل هورلي، وكبيرة المستشارين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى كاثرين بن باور، ونائب رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي بالمنامة الشيخ الدكتور خالد بن خليفة آل خليفة، والباحث في التطرف والإرهاب راجان بصرة. وناقش الخبراء العالميون والإقليميون أهم القضايا الملحة في مجال الأمن والاستقرار الدوليين مثل طبيعة التطرف وأنواعه وتأثيره والتصور المستقبلي للإرهاب، ودور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على التطرف وسبل مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف على المستوى الإقليمي والعالمي. كما تحدث المشاركون عن الروابط بين الجريمة والإرهاب، والتلاقي بينهما، وغسيل الأموال والاتجار بالمخدرات والاتجار بالبشر. وقال الدكتور خالد آل خليفة "إن دين الإسلام دين تسامح ومحبة لكل البشرية، ولا يمكن أن يشوه صورة الإسلام عدد من المنحرفين عن نهج العقيدة الإسلامية السمحة" مؤكداً أن هناك قوى إقليمية تغذي هذا الفكر المنحرف لزعزعة أمن دول الخليج العربي لتنفيذ مخططها التخريبي في المنطقة. وأكد آل خليفة أن إيران تهدف إلى زعزعة الأمن العربي، وتدعم الجماعات المتطرفة في المنطقة، وتستهدف المملكة العربية السعودية بوصفها قلب العالم الإسلامي، وقبلة المسلمين في أنحاء المعمورة، وثقل الدول العربية والإسلامية. الثقة كبيرة بقدرات التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب من جانبه تحدث راجان بصره عن نمط الإرهابيين وتحولهم من مرحلة إلى مرحلة أخرى، وتطور سلوكهم العدواني نحو مجتمعاتهم. أما كبيرة المستشارين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى السيدة كاثرين بن باور تكلمت عن الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها القاعدة، ومصادر تمويل تلك الجماعات، مشيرة إلى أن "حزب الله" يحصل على مئات الملايين من إيران لإشعال الحرب في لبنان. فيما أكد الخبير مايكل هورلي أن المال هو عصب النمو لهذه الجماعات المتطرفة، ومتى ما تم تجفيف منابع التمويل لها فإننا قادرون على القضاء عليها، موضحاً أنه على رغم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب إلا أنه ما زال التهديد قائماً، وهذا يدعو إلى مراجعة السياسات الدولية لمكافحة هذا الداء العالمي، ويجب مراجعة الاستراتيجيات مع الحلفاء لإحكام السيطرة على هذه الخطر الإقليمي والعالمي. فيما أدار الجلسة الرابعة التي جاءت بعنوان "مواجهة الإرهاب.. الصورة الإقليمية" الكاتب الصحفي نديم قطيش، وشارك فيها كل من كبير الباحثين في جامعة اوكسفورد الدكتورة إليزابيث كيندال، ومدير برنامج دراسات التطرف في مركز الأمن الإلكتروني والقومي في جامعة جورج واشنطن الأميركية الدكتور لورينزو فيدينو، وكبير المستشارين لمؤسسة الشراكة العالمية للموارد والمدير السابق لسياسات عدم انتشار الأسلحة النووية الدكتور جاك كارفيلي، ورئيس وحدة الدراسات بمركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية العقيد الدكتور يحيى أبو مغايض. واستعرض الدكتور لورينز أسباب الإرهاب بالعالم والتفاعلات المؤدية إليه والمنظمات الإرهابية حول العالم، وقال: "إن الدول الأوروبية قامت بكثير من النقاشات والبحوث في البيئات المعنفة وغير المعنفة لتربط علاقة الإرهاب بالبيئة وما سبب دفع هذه المجموعات للإرهاب"، من جانبها قالت الدكتورة إليزابيث إنها خصصت بحثها في جماعة القاعدة، وأن هناك منهجين لها الأول عسكري والثاني الدعم والمساندة، مشددة على ضرورة التفكير في مسألة تطوير الموضوعات المجتمعية مثل التعليم والتربية ومعالجة المفاهيم الدينية الخاطئة وتصحيحها. أما الدكتور جاك فعد زيارة فخامة الرئيس دونالد ترمب رئيس الولاياتالمتحدة الأميركية للمملكة العربية السعودية، نقلة في مسيرة العلاقات بين البلدين وحماية المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين. أما رئيس وحدة الدراسات بمركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية العقيد الدكتور يحيى أبو مغايض قال "إن المملكة وضعت خططًا لمواجهة الإرهاب، حيث ركزت على الجانب الأمني والجانب العلاجي". وأضاف "إن المركز يقوم على المواجهة الفكرية عن طريق البحوث لهذه الظاهرة حيث هناك 10 كراسي بحثية في الجامعات، لدراسة هذه الظاهرة وتتبعها، بناء الشراكة المجتمعية لمواجهة هذه الظاهرة، واستيعاب خلفيات مسرح الجريمة إلى ما بعدها من آثار علاجية لتقويم من يمكن تقويمهم بأساليب إنسانية عالية الفكر والهدف". وأضاف يقول "تتم المعالجة لهذه الفئة بالحصول على حقوقهم بشكل مشروع دون التجاوز لحقوق الدين والوطن، والتكامل مع عمل المنظمات المحلية والدولية وجمع المفكرين لدراسة هذه الظاهرة، النظرة المستقبلية لمعالجة هذه الظاهرة قبل وبعد للوقاية منها مستقبلا، ودعم الإطار الأمني والقضائي والقانوني ومحاصرة خلايا هذه الفئة". كارتر: تحالف المسلمين مهم للرد على ادعاءات المتشددين كما ألقى أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة للبنانية الدكتور رضوان السيد كلمة ختامية في ختام المؤتمر قال فيها "إن المتطرفين خرجوا على السواد الأعظم من الأمة، كفروا وقتلوا وأقصوا كل من يخالفهم الرأي، وهم أشد الأعداء للأمة". وكان صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية اكد أنّ المملكة تكافح الإرهاب منذ نشأتها، وأنها واجهت العديد من أشكال الإرهاب منذ الخمسينيات، حيث واجهت إرهاباً يرتدي اللباس الوطني تحول لاحقاً إلى إرهاب برداء ديني أوجد منظمات مثل القاعدة والجماعات التكفيرية الأخرى تسببت جميعها في إراقة الدماء وهتك الأعراض. وقال الفيصل لدى افتتاح فعاليات المنتدى: "بسبب ذلك تجمعت لدى السعودية خبرات ومعارف متراكمة في محاربة الإرهاب مكنتها من تجنبه في الداخل" مؤكداً أن ثقته كبيرة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب وقدرته على إنجاز هذه المهمة الصعبة، مضيفاً بأن الجماعات العنيفة ظهرت في كل الأديان، في المسيحية وفي اليهودية وتسببت في قتل الأبرياء والإسلام بريء من العنف والتطرف. فراتيني: حروب الإرهاب من أجل السلطة والمال.. ولا علاقة لها بالدين من جهته، قال الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية د. سعود السرحان خلال كلمة افتتاحية للمؤتمر: "إن التطرف والإرهاب أكبر تهديد يواجه العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لافتاً إلى أن خطر الإرهاب يتجاوز حدود المنطقة ويهدد كافة دول العالم"، مضيفاً أنّ المملكة دعت لهذا المؤتمر لتبادل النقاشات والمعارف، وتأكيداً على التزامها المستمر بالأمن والسلام العالمي، وليكون المؤتمر منبراً عالمياً لمكافحة الإرهاب، مؤكداً تصدي المملكة لظاهرة الإرهاب بحكم ثقلها السياسي وانطلاقاً من واجبها الديني والأخلاقي، إضافة إلى معاناتها في العقود الماضية مع الإرهاب. فيما شدد مدير مركز بيلفر في جامعة هارفرد وزير الدفاع الأميركي الخامس والعشرون أشتون كارتر على ضرورة إعادة البناء السياسي والاقتصادي وبناء الثقة في الدول التي عانت من الإرهاب كي لا تكون بيئات خصبة دائمة للجماعات المتطرفة، وقال: إن المملكة تقوم بدور محوري ومهم في قيادة التحالف ومحاربة الإرهاب والتطرف، ونوه بأهمية التحالف وقدراته على الرد على ادعاءات المتشددين الذين يستخدمون الدين لتغذية أفكارهم المتطرفة ونشرها. أما وزير الخارجية الإيطالي السابق فرانكو فراتيني؛ فأكد أن التحالف الإسلامي العسكري ضد التطرف بقيادة المملكة هو خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، منبهاً على أنه لا يوجد أي صلة بين الإرهاب والتطرف والدين وأن الحروب التي تخوضها الجماعات الإرهابية هي من أجل السلطة والمال وفتح طرق التهريب حتى لو كانت تخاض باسم الدين، ودعا إلى ضرورة وجود رؤية مشتركة بين القيادات السياسية لتمكين الشركاء من تعزيز الإجراءات السياسية والعسكرية. وقال فراتيني: "يجب أن نساعد السكان في المدن المحررة مثل الموصل لتكون أماكن لحياة جديدة لا مكان للانتقام كما يجب دعم الدول التي قد تكون عرضة للإرهاب وتعزيز الاستثمارات فيها والعمل على القضاء على الفقر وتجفيف كافة منابع تمويل الإرهاب". إلى ذلك نوه المشاركون في الجلسة الافتتاحية للمنتدى بأهمية الدور الذي تقوم به المملكة في محاربة الإرهاب لتحقيق الأمن والسلام العالمي، وأكد المشاركون بدورها المحوري في التصدي لأعظم خطر يواجه العالم منذ الحرب العالمية الثانية بحكم ثقلها في العالمين العربي والإسلامي وخبراتها في محاربة الإرهاب الذي تتعرض له منذ الخمسينيات مؤكدين أن التطرف والإرهاب لا يمكن ربطه بدين أو منطقة معينة. شارك في الجلسات النقاشية الأربع 26 من خبراء عالميين وإقليميين لاستعراض ومناقشة عدد من أهم القضايا الملحة في مجال الأمن والاستقرار الدوليين مثل طبيعة التطرف وأنواعه وتأثيره والتصور المستقبلي للإرهاب، ودور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على التطرف وسبل مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف على المستوى الإقليمي، فضلاً عن مشاركة أكثر من 100 ضيف من الخبراء والأكاديميين والإعلاميين من خارج المملكة، إضافة إلى مشاركة وحضور كبيرين من داخل المملكة. الى ذلك أشاد المشاركون في الجلسة النقاشية لمنتدى الرياض لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب بعنوان "داعش النسخة الثانية ومستقبل الإرهاب"، بالمقاربة الفكرية والإعلامية والإجتماعية والعسكرية المتكاملة التي تعتمدها المملكة العربية السعودية، معتبرينها نموذجا يتوجب على العالم الاقتداء به، مؤكدين أن تنظيم داعش الإرهابي إلى زوال وتبدد. وأشار المتحدثون إلى أن القضاء على تنظيم داعش الإرهابي لا يكون فقط عبر العمليات العسكرية بل يجب أن يتضمن جميع الجوانب الفكرية والإعلامية والاجتماعية وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وأن مسببات الإرهاب والتطرف ليست دينية فقط بل قد تكون أيضا نتيجة مسببات شخصية واجتماعية وسياسية يتوجب التعامل معها عبر تهيئة الأرضية الملائمة على المستويين الاجتماعي والسياسي خاصة وأن تنظيم داعش الإرهابي يستغل سخط الشباب على الأوضاع القائمة. وأوضح المتحدثون أن الحروب والنزاعات الأهلية واحدة من مسببات الإرهاب والتطرف، فضلا عن حقيقة ان الإرهاب لا ينبع فقط من الدول الإسلامية بل ومن الدول غير الإسلامية مما يوجب على دول العالم اجمع توحيد آليات التعامل والرؤى المشتركة وتبادل المعلومات الاستخبارية للتغلب على آفة الإرهاب، ونبه المشاركون على أن محاربة الإرهاب لا يجب أن تقتصر فقط على الجماعات الإرهابية السنية بل وأيضا الجماعات الإرهابية الشيعية التي تروع الآمنين وتنشر روح الطائفية والكراهية. واستعرض المشاركون تاريخ وجذور نشأة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسورية وما يبثه من أفكار سامة ومتطرفة في عقول الشباب والهزائم النكراء التي يتكبدها التنظيم في الوقت الراهن وفقدانه للسيطرة على معظم الأراضي التي كانت بحوزته، حيث شددوا على ضرورة وضع تصور مستقبلي متكامل لكيفية التعامل مع تنظيم داعش الإرهابي في أعقاب هزيمته وتوجه أعضائه نحو الاختباء والعمل السري وسبل محاولاتهم لاستعادة السيطرة والنفوذ وإعادة التنظيم ماليا والقيام بأعمال إرهابية لمحاولة إثبات أنه لا يزال موجود وهي المحاور التي يتوجب علينا جميعا الاستعداد للتعامل معها. وأشار السيد ريتشارد بارين، كبير المستشارين في مجموعة سوفان والرئيس السابق لفريق العمليات الدولية لمكافحة الإرهاب MI6، والقائد السابق لفريق الأممالمتحدة لمتابعة ورصد تنظيم القاعدة وحركة طالبان، إلى ضرورة أن تتسم استجابة العالم لآفة الإرهاب بالسهولة والبساطة وضرورة تعزيز دور وسائل الإعلام في شرح الجوانب المعقدة للمشكلة للجمهور العام وأن الاستجابة العسكرية لا تكون جيدة إلا في إطار أكثر شمولية وتكاملا، وقال بأن 75% من الإرهابيين لديهم سجلات إجرامية سابقة، وأن التطرف والإرهاب يحتاج مواجهة فكرية ودينية وليس عسكرية فقط، مطالباً بالمزيد من التعاون الأمني الثنائي بين الدول وليس مجرد التعاون السياسي، والتكاتف ضمن تحالفات أشمل وأقوى ضمن استراتيجية عامة وموحدة، وأكد أن هناك الآلاف من المقاتلين الأجانب انضموا لداعش وعادوا لبلدانهم وأصبحوا يشكلون تهديداً حاليا أو مستقبليا للغرب في أوروبا والولاياتالمتحدة، مشيراً إلى أن بعض الدول نجحت في اختراق الجماعات الإرهابية، ودعا إلى ضرورة مشاركة المعلومات المخابراتية بين الدول لمواجهة الإرهاب. من جهته قال السيّد السير جون جينكنز المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدّراسات الإستراتيجيّة - الشرق الأوسط، البحرين: أن العراق كانت في حاجة ماسة لدولة وحكومة قوية، مشيراً إلى أن الشعوب العربية تبحث عن العدالة الاجتماعية والحكومات العادلة التي توفر الخدمات الأساسية القادرة على العمل ويعانون من الحروب الأهلية والطائفية. أما الدكتور عبدالله بن خالد آل سعود، الاستاذ المساعد في جامعة نايف العربيّة للعلوم الأمنيّة فأكد أن نفوذ تنظيم داعش في سورية والعراق تقلص، وأنه يقوم بعمليات خارجية لإثبات قدراته وتحقيق انتصارات وهمية لتخفيف الضغط عليه داخلياً، معتبراً مواجهة المملكة للإرهاب والتطرف أمنياً وفكرياً تعد أنموذجاً يجب أن يتم الاحتذاء به في هذا المجال، وشدد على أن بعض الدول متورطة في دعم الإرهاب بالشرق الأوسط، مبيناً أن داعش تتلاشى، وأن دحر التطرف ليس النهاية بل أنه من الضروري مجابهته فكرياً. آشتون كارتر أكد أهمية التحالف وقدراته على الرد على ادعاءات المتشددين فرانكو فراتيني شدد على ضرورة وجود رؤية مشتركة لمحاربة التطرف