ظهرت على السطح في السنوات الأخيرة ظاهرة إيجابية ولها العديد من المنافع الاقتصادية والاجتماعية، وأعني بها قيام بعض العوائل بتأسيس وتكوين صندوق مالي للعائلة، يتم تغذيته من خلال الاشتراكات التي يلتزم بدفعها المنتسبون لهذه العائلة، ويصرف من خلاله على الاحتياجات والالتزامات التي قد يتعرض لها فرد من أفرادها. هذه الفكرة المباركة هي في حقيقتها شكل من أشكال التأمين التعاوني الذي ندب إليه الشرع الكريم، باعتباره باب من أبواب التعاون على البر والخير، ويتأكد –الندب- هنا لأن في ذلك تعزيزًا لصلة الرحم، والوقوف مع ذوي القربى في المحن المالية التي قد تواجههم. وأنا هنا أشيد بهذا التوجه وأتمنى أن تتعمق فكرته بشكل أكبر، بحيث يتم تطبيقه بين أفراد الأسر. فما الذي يمنع الأشقاء داخل الأسرة الواحدة من تكوين صندوق مالي مماثل يكتتبون فيه باشتراكات معينة حسب ظروفهم المالية, ويتم السحب منه عندما تدعو الحاجة لذلك، عندما يقابل أحدهم التزامًا معينًا ويحتاج وقتها إلى مبلغ مالي، كحصول حادث مروري أو دخول المستشفى لإجراء عملية أو حتى يُستخدم لسداد بعض الالتزامات كفواتير الكهرباء والماء، بل يمكن الاقراض منه بتسهيلات معينة، وعندما يقوم مثل هذا الصندوق بين الأشقاء فهم أشبه بمن قام بتكوين شركة تأمين مصغرة، هم أنفسهم المؤمِّن والمؤمَّن له في نفس الوقت. وإذا كانت هذه الفكرة مناسبة ويمكن تطبيقها في جميع الأوقات، فقد تكون الظروف الاقتصادية المستجدة تدعو إليها بشكل أكبر، وستكون -بإذن الله- صمام أمان ومانع لوقوع أحدهم تحت تأثير أي أزمة اقتصادية.