" قائمة للمقروء .. والصورة أكثر": تتواصل أيام معرض الرياض الدولي للكتاب بخطواتٍ متسارعة وبزحام يتصاعد بتصاعد الوقت .. فبعد يوم عمل تصدّر أيامه لم يهمل الزوار فيه دور النشر على تقديم كل مالديها من إصدارات جديدة .. جاءت إجازة نهاية الأسبوع لتشهد زحامًا هائلًا وكثافة كبيرة جدا على مستوى الشراء الموجّه .. وهي ظاهرة جليّة وواضحة في معرض هذا العام ..حيث يقبل زوار المعرض محمّلين بقائمة لاتنتهي من الكتب يستهدفونها أول الأمر ثم يتسوّحون فيما يشبهها من أغلفةٍ وعناوين وأسماء وجلّهم من الشباب الذين جاءوا لاليقضوا فراغ الوقت بل ليملؤوه بالمقروء والمقتنى بعناية فائقة جدا .. وتبدو كتب التيارات التفكيرية محددة ومقننة لدى كثير منهم وهي غايتهم يتكاثرون أمام دور النشر التي تحمل رفوفها كتبا لمفكرين عرب أو حتى مفكرين غرب .. وهي من أكثر التوجهات التي تتصدّر قوائم الشباب فبمجرد وقوفك أمام دور النشر المنشغلة بمثل هذه الإصدارات ستتفاجأ بقوائم كثيرة منتقاة ومؤطّرة جيدا ثم تأتي الرواية الغربية المترجمة كغاية لكثير من زوّار المعرض ويبدو أن للرواية النوعية المترجمة سحر كبير لدى القرّاء الشباب بعد أن تجاوز شغفهم قراءة كل مايحمل اسم رواية في الآونة الأخيرة .. والملاحظ كذلك أن هناك وعيا كبيرا بأهمية الترجمة حيث ما أن تصمت قليلا حتى تستمع لقارئ يحدد اسم الرواية مقروناً باسم مترجمها، وعلى الرغم كل مايقال من العزوف عن قراءة الشعر لا يزال يحضر كثيرا في المعرض على شكل قائمة لاتنتهي من الشعراء الأصدقاء الذين يتداولون إصداراتهم حتى بدا لي وكأن الشعر هوية كثيرة لعدد من المبدعين الذين تتواجد إصداراتهم في رفوف الدور في المعرض .. وفي كلٍّ يتضاعف التسوّق وتتزايد نسبة الشباب ولاسيما من الإناث .. وتتكاثر الأسئلة عن الكتب أيها أولى بالشراء والتداول، الكل يفضي باهتمامه خاطفا من شدّة الزحام وحماس الحروف، فيشير إليك بكتاب أو يأخذك لصديق أو حتى يستكشف ما أنت فيه وما ستنوي شراءه .. ممرات المعرض مزحومة بالتصوير في كل حال .. فالكتاب الموضوع بالرف بات غاية حتى ل ( السيلفي ) في بعض الأحيان من زوار المعرض توثيقا للحظة وانتباهة للحضور، كذلك ظلّ المبدعون مطامع الصورة أنّى تنقّلوا في ممرات المعرض ومنصاته.. " العودة إلى الجذور ": الكتابة سيرة حياة هكذا تبدّى لي الأمر حينما وقفت مع أكثر من زائرٍ يقتني كتابا صدر حديثا فيردفه بكل الكتب القديمة لذات المبدع .. يحدث هذا مع كثير من الكتاب لعل أبرزهم المفكر السعودي الكبير " عبدالله الغذّامي " الذي يكثر التساؤل عن كل إصداراته القديمة في أكثر من موقف .. كذلك ينطبق الأمر على عدد من المبدعين أيا كانت جنسيتهم من مثل أحلام مستغانمي، أودونيس، واسيني الأعرج وغيرهم .. " منصّات الضوء ": في منصات التوقيع للإصدارات الجديدة .. يتحوّل الأمر من احتفال إعلامي إلى توثيق تاريخي للحظة لقاء بين مبدع وقرائه ..كثيرون يشيرون إلى أن حفلات التوقيع ظاهرة مشبوهة لتمرير حضور من لايُحضِرُه ضوء نتاجه، لكن الأمر في كل مرّة يتجاوز هذه النوايا الجالدة للحظةٍ مرغوبة ومطلوبة للمبدع وقارئه معا.. هي لحظة تفوّقت على ممانعيها، تتزاحم فيها الساعات لتحديد موعد، ويتكاثر فيها المبدعات والمبدعين على خلاف نتاجهم وأسمائهم وتواريخ رحلتهم مع الكتابة وقد بات الحصول على فرصة موعد لمثل هذا الحفل غاية لدى كثير من المبدعين أيا كان حضورهم الإعلامي، ويشهد هذا العام وجود عدد كبير من الأسماء ذات الشهرة الإعلامية الواسعة على مستوى الشعر والرواية، لتوقيع إصداراتهم الجديدة وتوثيق لحظاتهم الإبداعية في عيون قرائهم . " فعاليات مغيّبة ورضا عن التنظيم": بجوار مؤسسة الانتشار العربي كان الصديق الشاعر محمد إبراهيم يعقوب يدعوني لأمسيته الشعرية عند الثامنة مساء وقد شارفتْ على البدء .. بينما يؤكد لي الصديق الشاعر مفرّح الشقيقي أنه سيديرها .. حينها تذكرت أنني بحثت كثيرا عن الفعاليات الثقافية في موقع المعرض حتى ماقبل يومين من افتتاحه وفي كل مرة يحدثني الموقع أنه ستتم إضافتها لاحقا وقد انطلق المعرض الأربعاء وضاعت أخبار الفعاليات بين شغف الكتاب وحضوره ..وفي المقابل يبدو الرضا واضحا لدى الزوار عن تنظيم المعرض وآلية البيع فيه برغم الشكوى النسبية من الغلاء بعد ضبط عملية الأسعار الكترونيا... "الكتاب تعايش": يرى كثير من المراقبين لحركة المعرض من أن المعرض ومع تتابع دوراته المتلاحقة لم يعد يكتفي بالنموّ عددًا لزوّاره بل إنه بات ينمو نوعيّا حيث تبدو عملية الانفتاح على الثقافات المختلفة والمتعددة مدخلا مهما لاختيار الإصدارات بعناية فائقة ، مع تنوّع الاهتمامات والغايات وفي كل بدا وأن شعار المعرض لهذا العام ( الكتاب .. تعايش ) إنما جاء بناء على استقراء دقيق لواقعنا القرائي الذي بات يتعايش مع الكتاب إلى حد كبير مدركًا لنوعية مايريد ومتجها إليه مباشرة ...