هذه العبارة يقولها بعض الناس هداهم الله إذا قام يفزع مع ابن عم له او قريب سواء كان ابن عمه على حق او باطل ودون أن يتأكد هل هو ظالم أم مظلوم وهذا السلوك من بقايا الجاهلية التي لا زال البعض يتشبث بعلائقها البالية يقول الشاعر الجاهلي: قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم قاموا إليه زرافات ووحدانا لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا فهو يفزع مع ابن عمه وابن عشيرته وينصره حتى ولو كان ظالما منتهكا للحرمات. قال تعالى في قصة موسى عليه السلام مع القبطي (ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم قال ربّ بما أنعمت علىّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين) فبين سبحانه ان حمية الجاهلية من عمل الشيطان. والحمية الجاهلية أوقعت كفار قريش في شر أعمالهم لأنهم انتصروا لذواتهم وأخذتهم الحمية الجاهلية في الإذعان للحق ، قال تعالى (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) قال البقاعي في نظم الدرر(18 / 330):»(حمية الجاهلية) التي مدارها مطلق المنع أي سواء كان بحق أو بباطل، فتمنع من الإذعان للحق، ومبناها التشفي على مقتضى الغضب لغير الله فتوجب تخطي حدود الشرع» وهذا هو الذي يحصل وللأسف الشديد من بعض من يتعصب لابن عمه أو قريبه أو قبيلته أو بني جنسه بالباطل بدافع التشفي فيتخطى حدود الشرع. ثم جاء الإسلام بالحنفية السمحة وبتأليف القلوب ونبذ الأحقاد والشرور وجعل كل مسلم ولياً لأخيه المسلم ولو كان بعيد النسب ، قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ(. وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» رواه البخاري في صحيحه. فغلى المسلم أن يراقب الله في تصرفاته في حال الرضا والغضب ، فان كان قريبه مظلما نصره ليرفع عنه الظلم وان كان مظلوما نصره بمنعه من الظلم المُفضي إلى سخط الله وعقابه. وفق الله إخواني القراء للعمل النافع والقول الصالح.