الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    جمعية نجوم السياحة بجازان تقدم ورشتي عمل للأسر المنتجة لتطوير المهارات    صادرات الصلب الكورية للولايات المتحدة تتراجع 26% وتصل لأدنى مستوى منذ 2021    إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي الدعم السكني لشهر أغسطس    بيان مشترك لأستراليا و25 دولة يدعو لحماية الصحفيين والسماح بدخول الإعلام الأجنبي إلى غزة    6 ملايين طالب وطالبة ينتظمون في مقاعد الدراسة في 11 منطقة تعليمية    تجربة طبية في ملبورن تقلّص أورام الدماغ منخفضة الدرجة بنسبة 90%    فريق تعزيز التطوعي يزور فرع هيئة التراث بجازان لتعزيز الوعي بالتراث المحلي    تجمع الرياض الصحي الأول يتفاعل مع حملة «اقتداء وعطاء»    بيع أغلى صقر في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ب 1.2 مليون ريال    كوريا الشمالية تختبر صاروخين "جديدين" للدفاع الجوي    خادم الحرمين وبناء على ما رفعه ولي العهد يوجّه بمنح الدلبحي وسام الملك عبدالعزيز نظير شجاعته في إنقاذ الأرواح    يستهدف إخلاءها من السكان.. الاحتلال يخطط لهجوم واسع على غزة    الرئيس اللبناني: لم نتبلغ رسمياً بنية إسرائيل إقامة منطقة عازلة    ترمب يلوح بقرارات حاسمة مع تراجع فرص القمة.. تصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا    بيان عاجل من القادسية بخصوص قرارات السوبر السعودي    برونو فيرنانديز يقترب من الاتحاد    انتخابات الأهلي .. فضلاً أعد المحاولة مرة أخرى    رئيس«الغذاء والدواء»: المبتعثون يعكسون صورة مشرفة للسعودية    توصيل التيار بطرق غير نظامية.. الإسلامية: رصد تعد على عداد بمصلى في صناعة الرياض    يهدف لتعزيز شفافية القطاع غير الربحي.. إمهال الجمعيات 30 يوماً للإفصاح عن معلومات المستفيدين    أمراء ومسؤولون وأعيان يقدمون التعازي.. أميرا حائل والباحة ونائب أمير مكة المكرمة يواسون الأمير فهد بن مقرن    «فلكية جدة»: سهيل يعلن بداية العد التنازلي للصيف    السجن 333 سنة لتايلاندية احتالت على 166 شخصاً    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    انطلاق «مهرجان البحر الأحمر» في ديسمبر المقبل    ياسمين عبد العزيز تعود إلى الكوميديا في رمضان    فسح وتصنيف 180 محتوى سينمائياً في أسبوع    برعاية وزير الداخلية.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 208 متدربين من الدورات التأهيلية    استشاري يطرح وصفة سريعة لخسارة الوزن    تعليق الدراسة الحضورية في مدارس تعليم عسير    انتخاب المملكة رئيساً مشاركاً لمجموعة عمل حوْكَمة البيانات    بعد الهزيمة في السوبر.. النصر يتحرك للتخلص من محترفه    شرط من بورتو لرحيل جوهرته إلى الاتحاد    القبض على رجل في اليابان بعد إصابته 18 شخصا برشه لرذاذ الفلفل    ميندي: الأهلي يمتلك عقلية حصد البطولات    محمد أسد بين النسخة الأوروبية والتجديد الإسلامي    عن المقال وتأثيره    وزارة الشؤون الإسلامية واثقة الخطوات    اليوم الوطني السعودي: قصة وطن خالدة    اتحاد الكرة: استئناف الهلال قابل للطعن أمام التحكيم الرياضي    مدينة الخطيئة    الفائزون في مسابقة الملك عبدالعزيز للقرآن: المنافسة قوية والفرحة عظيمة.. وشكراً لقيادة المملكة    6808 قضايا نفقة خلال شهرين.. المحاكم تنصف المطلقات وتحمي الأبناء    65 ألف مستفيد من الدورات الصيفية بمكة المكرمة    المفتي: أيها المعلمون عليكم مسؤولية وأمانة في أعناقكم    الناقد والمعماري القاسي    نائب أمير الشرقية يعزي الشيخ عبدالرحمن الدوسري في وفاة شقيقه    البطيخ والشمام لمرضى السكري    حملة ولي العهد ترفع إحصاءات التبرع بالدم 4 أضعاف    مؤسسة في قطاع السيارات تسرق الكهرباء من مسجد    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    وزير الرياضة يكشف خطط السعودية لصناعة جيل جديد من الأبطال    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    البرتغال: 1331 وفاة بسبب موجة الحر    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التّأليف التاريخي والأدبي في المدينة المنوّرة في حقبة القرن الثاني عشر الهجري
نشر في المدينة يوم 19 - 10 - 2011

* على الرغم ممّا تحفل به المصادر التي درست أدب الجزيرة العربية من وصم لحقبة القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) بالانحطاط الفكري والأدبي، إلا أنّ هذه المقولة يدحضها في بعض الأحيان مما نجده من مؤلّفات تعود لتلك الفترة جديرة بالدرس والنقد الموضوعي.
* وتعتبر بيئة المدينة المنوّرة من أكثر البيئات في العالمين العربي والإسلامي نشاطًا؛ إن كان ذلك متصلاً بحلقات العلم الشرعي، وخصوصًا لجهة نشأة مدرسة علم الحديث النبوي على يد الشيخ إبراهيم الكوراني 1103/1025م، وابنه الشيخ محمد أبوالطاهر الكوراني 1085-1145ه، وكانا من أصحاب السند العالي في هذا العلم، ويلحق بهما في إسناد الحديث الشيخ محمد حياة السندي المتوفى سنة 1163ه، والذي يصفه الباحث والمؤرخ المعروف الأستاذ الدكتور عبدالله العثيمين بأنّه «كان حجّة في الحديث وعلومه، وكان أستاذًا لعدد من الطلاب الذين أصبح بعضهم دعاة إصلاح، أو شخصيات علمية مشهورة في مناطق إسلامية متعددة. [أنظر: د. عبدالله العثيمين، الشيخ محمّد بن عبدالوهّاب، حياته وفكره، دار العلوم الرياض، ص 21-22].
* ويُحمد لدارة الملك عبدالعزيز نشرها لرسالة الدكتور العثيمين التي أعدها في جامعة أدنبره بأسكتلندا عن الشيخ محمّد بن عبدالوهاب- يرحمه الله - باللغة الإنجليزية؛ وهي تتضمن آراء متقدمة فيما يتصل بالحياة العلمية والفكرية في بعض مناطق الجزيرة العربية، ومنها ما يهمنا في هذه الدراسة عن بيئة المدينة المنوّرة وضروب النشاط العلمي فيها، وخصوصًا في مسجدها الطاهر، الذي كان يقصده الدعاة والمصلحون لتلقي علوم الشريعة وسواها من العلوم الأخرى في مختلف الأزمنة والعصور.
* وكانت هذه الدراسة تحدثت عن البيئة العلمية والفكرية والأدبية في المدينة المنوّرة في حقبة القرن الثاني عشر الهجري [صحيفة المدينة المنوّرة، ملحق الأربعاء 16 شوال، 1432ه - 14 سبتمبر 2011م]، وركزتُ في تلك الحلقة عن القيمة التاريخية لكتاب المؤرّخ عبدالرحمن بن عبدالكريم الأنصاري 1124-1197ه والموسوم «تحفة المحبين والأصحاب في معرفة ما للمدنيين من أنساب»، ثم في حلقة أخرى بدأنا الحديث عن أهم مؤلف أدبي في تلك الحقبة وهو «تحفة الدهر ونفحة الزهر في أعيان المدينة من أهل العصر» لمؤلفه عمر بن عبدالسلام الداغستاني المتوفى بعد «1201ه - 1768م»، وتعرّضتْ تلك الحلقة بالتفصيل عن النسخ الخطّية لهذا المؤلّف، والموجودة بمكتبات كل من: طبقبو سراي باستانبول، ومكتبة السيد الصافي الجفري والملحقة بما كان يعرف بمكتبة المدينة العامة، ونسخة جامعة كيمبردج البريطانية، ولأهمية هذه النسخة الأخيرة فإنّه يمكن الرجوع للفهرست الذي أعده المستشرق براون Browne والذي يحمل اسم: AHand List Of Manuscripts In The University Of Cambridge,Cambridge.1900.P.38.. [عن المستشرق براون أنظر: موسوعة المستشرقين، د. عبدالرحمن بدوي، ط 1984م، ص51-53].
* ويذكر الباحث والمحقّق المعروف الأستاذ الدكتور عبدالله عسيلان بأنّ كتاب الداغستاني يعتبر من المصادر الهامة التي تؤرّخ للحركة الأدبية والعلمية وأعلامها في المدينة المنوّرة في القرن الثاني عشر الهجري. [أنظر: المدينة المنورة في آثار المؤلفين والباحثين قديمًا وحديثًا، د. عبدالله عسيلان، ط1، 1418ه - 1997م، ص54-55»].
* كما أشار إلى الكتاب الباحث الدكتور محمّد عبدالرحمن الشامخ عند حديثه عن النثر الأدبي في المملكة العربية السعودية من عام 1900م حتى عام 1924م، وذلك عند دراسته للرسائل الأدبية المتبادلة بين أديب وشاعر المدينة السيد جعفر بن محمد البيتي (1110-1182ه) وبعض خطباء وأدباء المدينة المنوّرة في حقبة القرن الثاني عشر الهجري، وما يتمّ أيضًا من رسائل اخوانية أخرى بين الشيخ جعفر البرزنجي (ت، 1177م) ومجايليه من أدباء البلدة الطاهرة.
** ونجد في مصادر كتاب الدكتور الشامخ، إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب «التحفة» للداغستاني، وهي النسخة الموجودة بمكتبة «طوبقبو سراي» باستانبول، وهي النسخة التي ذكرنا في الحلقة الماضية بأنها -أصلاً- من مقتنيات مكتبة الشيخ عارف حكمت الحسيني، والتي شقي حاكم المدينة في الفترة 1334-1338ه فخري باشا، بنقلها لتركيا ولكنها عادت إلى المدينة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. [أنظر: النثر الأدبي في المملكة العربية السعودية، محمود عبدالرحمن الشامخ، ط1، 1395ه، 1975م، ص14-19].
* ويعتبر الباحث في الأدب السعودي الأستاذ عبدالرحيم أبوبكر - رحمه الله - من أكثر الباحثين عناية بكتاب التحفة دراسة ونقدًا، فلقد ذكر بأنه «يعد مصدرًا جيدًا لمعرفة حلقة من التاريخ الأدبي للمدينة المنوّرة، وقد تحدث فيه عمّا يزيد على خمسين شاعرًا وخطيبًا وأديبًا»؛ إلا أنّ الباحث أبوبكر، المعروف بحسّه النقدي الرفيع، يستدرك قائلاً: «وقد حوت هذه التحفة شعرًا كثيرًا قد لا يرقى إلى مستوى الجودة المطلوبة من الناحية الفنية، ولكنه مهم في الناحية التاريخية، لأنه يطلعنا على ما كان في المدينة من شعر ونثر، ورجالها في هذه الحقبة التي أرّخ لرجالها».. [أنظر: «الشعر الحديث في الحجاز، عبدالرحمن أبوبكر، منشورات نادي المدينة الأدبي، 1397ه - 1977م، ص 74-76].
* ولئن أظهر المؤلف قدرة أدبية في تدوين الإنتاج الفني لأدباء المدينة في حقبة القرن الثاني عشر الهجري، فإنّه استطاع أيضًا أن يدلل على ثقافته الأدبية بما كان يعقده من مقارنات بين هذا الإنتاج وما يماثله من ناحية المعنى عند بعض شعراء العصر العباسي كأبي نواس، والبحتري، وصفي الدين الحلي، وجمال الدين ابن نباتة، وهذه الدراسة المقارنة التي توصل إليها «الداغستاني» هي ممّا يزيد في أهمية الكتاب من حيث اعتباره مصدرًا رئيسًا للبحث في النواحي الفنية للشعر في تلك الفترة، والتي يجب أن تحظى باهتمامات النقّاد ودراساتهم العلمية.. [ لمزيد من هذا الحسّ الأدبي عند المؤلّف يمكن الرجوع إلى: «المدينة المنوّرة بين الأدب والتاريخ، عاصم حمدان، منشورات نادي المدينة الأدبي، ط1، 1412ه / 1991م، ص 111-115].
* ويتبقى من الأسئلة حول هذه الحقبة ما هو جدير بالإجابة، ولعلّ في مقدّمتها: هل كان الداغستاني واعيًا بالضعف الذي اعترى الأسلوب الأدبي الذي يُدوّن به الشعر والنّثر آنذاك، ذلك ما يمكن استشفافه من المقدمة التي كتبها المؤلّف لكتابه «التحفة»؛ حيث شكى ما لقيه الأدب من إعراض وهجران، وهو ما سوف نتعرّض له في الحلقة المقبلة من هذه الدراسة.
* أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك عبدالعزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.