يا سبحان الله، بالأمس القريب حكام إسرائيل يقولون لنا وللعالم أجمع أنه لا يوجد شريك حقيقي للسلام، فالفلسطينيون منقسمون على بعضهم البعض، حكومة في قطاع غزة، وحكومة أخرى في الضفة الغربية، ولم تفلح معهم الوساطة السعودية في مكة، ولا الوساطة المصرية في ذلك الوقت، ولا جامعة الدول العربية، بسبب أن كل طرف من الأطراف له أجندته الخارجية يريد فرضها على الجميع وليست الأجندة الوطنية الفلسطينية. ولكن يبدو هذه الأيام أن الأجندات الخارجية التي كانت تفسد كل جهد عربي، سعوديًا كان أم مصريًا أم غيرهما من الجهود، وجدها الفلسطينيون تتساقط الواحدة تلو الأخرى، وأصبح هناك تخوف للزعامات الفلسطينية من اندلاع ثورة شعبية فلسطينية تطيح بها، وبذلك لا بد من تدبر الأمر والتمسك باتفاقية القاهرة، التي كانت على وقت رئيس الاستخبارات السابق عمر سليمان بدون أي تغيير، ويا سبحان الله مرات عديدة توافدت على القاهرة زعماء الفصائل بأقصى سرعة ممكنة قبل فوات الأوان، فما الذي حصل وجعل الفصائل توقع عليها، خالد مشعل من حماس ومحمود عباس من فتح، وهي كانت على مدى سنوات عديدة، منذ انقلاب حماس، تراوح تلك المصالحات في مكانها؟!! فحماس ممثلة برئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، الذي يذهب برحلات مكوكية لإيران ولبنان بالإضافة إلى سوريا مقر مكتبه وبالطبع تدعمه سوريا وإيران وحزب الله، يشكر بعد توقيعه للمصالحة مصر وقطر ولم يشكر السعودية؟!، ولو أنها ليست بحاجة إلى شكر منه، التي جمعت جميع زعماء الفصائل في مكة بالقرب من بيت الله الحرام، إلى جانب أن القضية الفلسطينية تدعمها المملكة وبدون حدود، وهي في قلب وفؤاد كل سعودي حاكما كان أم مواطنا؟!. المهم أنهم تصالحوا بعد أن تكبدوا الكثير من الخسائر، فالانقسامات الفلسطينية لم تجلب للشعب الفلسطيني الشقيق إلا المآسي والمحن والنكبات والكوارث، وهم في الأساس ليسوا بحاجة للمزيد، فيكفي نكبة 48م التي لا تقابلها أية نكبات في التاريخ الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي، ثم النكبة الثانية عام 67م، ثم النكبة الثالثة التي اجتاحت إسرائيل فيها لبنان ودمرته وهجرت الفلسطينيين إلى لبنان في مخيمات عين الحلوة وغيرها من المخيمات، ثم حربها على لبنان ضد حزب الله، ثم النكبة الرابعة التي حصلت بعد انقلاب حماس على السلطة وقيام إسرائيل بحربها على قطاع غزة وحرقها للفلسطينيين في القطاع بكل وحشية، ولم نر مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو يصدر مذكرات توقيف وملاحقة دولية ومحاكمات لحكام إسرائيل، الذين ارتكبوا جرائم حرب في لبنان والضفة والقطاع يندى لها الجبين. ثم تأتي النكبة الخامسة المتمثلة بجدار الفصل العنصري، ثم النكبة السادسة الاستيطان والبؤر الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، ولم نر تنديدًا دوليًا على السجون الإسرائيلية التي تحتجز فيها إسرائيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين اختطفتهم إسرائيل من منازلهم وزجت بهم في سجون يعيشون ظروفًا قاسية وهي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وأنها دولة متحضرة؟!!. قلت في مقال سابق، عبر جريدتنا الموقرة “المدينة”، منذ أكثر من سنة ونصف أننا نحن العرب يجب أن ننتظر ولا نهرول إلى إسرائيل، فيما يسمى بالسلام مع إسرائيل، بل هي سوف تهرول لنا لأن عالمنا العربي سوف يتغير، وبالفعل حصل هذا التغيير فثورات شعبية تعم مناطق من عالمنا العربي، حتى الفلسطينيون في المخيمات في لبنان، وسوريون في هضبة الجولان اقتحموا خطوط ما تسميه إسرائيل حدودا لها، ليس هناك من يمنعهم، وهذا تطور مهم، وإسرائيل إلى الآن لم تستوعب الدرس العربي في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن ومازالت تعتقد أن الشعوب العربية كقطيع من الأغنام لا راعي لها إلا حاكم يصوب بندقيته إلى ذلك القطيع، وجثم على قلوبهم عشرات السنين ليس هذا فحسب بل إن الطاغية والأحمق القذافي يقول لنا انسوا فلسطين وأطلق عليها هذا المعتوه «اسراطين»؟!! لكي تصفق له إسرائيل، وجولان محتل منذ عام 67م ولم تطلق رصاصة واحدة منها لتحرير الأرض السورية؟!! نعود إلى إسرائيل التي كانت تشترط ألا تكون هناك انقسامات بين الفلسطينيين وهناك حكومة واحدة تتعامل معها، ولكن لننظر لنتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، الذي خير الفلسطينيين بين السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس، بعبارة أخرى أكثر دقة إننا لا نريدكم متوحدين ومتصالحين إذا أردتم السلام، إنه الضحك بعينه؟! تناقض غريب وعجيب ثم تقول لنا إسرائيل أن العرب لا يريدون السلام؟ وهي العائق الكبير في السلام، بل إنها أكبر دولة في العالم تمارس الكذب على المكشوف والضحك على الذقون وهي تدعي بأنها دولة ديمقراطية بين دول دكتاتورية؟!!. الغريب والعجيب أنه كيف تكون هي في مصاف الديمقراطيات الغربية وهي من سلبت الفلسطينيين أبسط حقوقهم ليس فحسب الأرض بل حقوقهم للعيش بكرامة وحرية في وطنهم فلسطين؟. فالديمقراطية في الأساس مبنية على الحقوق المشروعة لابن آدم فلسطينيًا كان أم يهوديًا أم غيرهما!! ولكن يبدو أن الديمقراطيات أصبحت مثل السياسات تكيل بمكيالين ولديها معايير مزدوجة. فعندما تسمي إسرائيل نفسها بأنها من أكثر الديمقراطيات في العالم فإنها على اليهود فقط أما على غير اليهود، ممن سلبت أرضهم أي «الفلسطينيين»، ومن شردوا من بيوتهم وبلداتهم في فلسطين، وطردهم خارج فلسطين، فليس لهم الحق بالعودة إلى وطنهم فلسطين؟ لأنهم لا يستحقون أن يعاملوا بهذه الديمقراطية، لأن الفلسطينيين من وجهة النظر الصهيونية، شعب يجب أن يباد عن بكرة أبيه، لأنه ليس له الحق في العيش بكرامة مثله مثل الشعب اليهودي، إنها بالفعل العنصرية البغيضة والتمييز بين البشر، وهذا ينفي ادعاء إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية؟!! الفلسطينيون عليهم أن يتحدوا ويتوحدوا من الآن فصاعدا، فليس هناك مجال للخلافات والاختلافات والانقسامات. فصندوق الانتخابات هو الفيصل والحكم، ويجب بعد الانتخابات الفلسطينية إلغاء جميع الفصائل والحركات الفلسطينية لانتفاء الهدف من وجودها، فهناك شعب واحد اسمه الشعب الفلسطيني الذي يجب أن يختار من يحكمونه وليس فصائل تخضع لأجندات خارجية. فالشعب الفلسطيني شعب الجبارين متعلم ومثقف ولديه من العقول التي بإمكانها أن تفعل كل شيء لشعبها وما يحتاجه هذا الشعب هو أن يعطى الفرصة لكي يحكم نفسه بنفسه بعيدًا عن المتاجرين بالقضية الفلسطينية من أي فصيل أو حركة أو منظمة أو غيرها من المسميات الحركية. إسرائيل من أجل أن نعري ونفضح ألاعيبها فإن علينا أن نتحد كعرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص وإلا فإن المهاجرين اليهود من أوروبا الشرقية وروسيا ويهود الفلاشا من الحبشة وغيرهم سوف يستمرون بالعيث في أرضنا الفلسطينيةالمحتلة فسادًا. نخلص إلى القول إن على العرب والفلسطينيين، في هذا الوقت بالذات، أن يرفعوا سقف مطالبهم والقبول بالتقسيم القديم لفلسطين نصفها للعرب والنصف الآخر لليهود، وليس أقل من ذلك، وإلا فإن الطوفان العربي سوف يجتاح فلسطين من كل «زنقة»، واختراق الحدود الأخير هو مجرد مقبلات ومقدمات، فإسرائيل تعيش في أثناء الثورات العربية الشعبية أزمة وجود ورعب ويجب استغلالها، وننتظر ولا نهرول لها بل هي من تهرول لنا، وهي التي عليها تقديم تنازلات لنا هذه المرة وليس نحن العرب. [email protected]