تفاجأ العالم وانبهر من تلاميذ قادمين من دولة صغيرة -فلندا- تعداد سكانها خمسة ملايين نسمة يتوجون بالمركز الأول في اختبارات القياس الدولية في 2000م، ومنذ ذاك الوقت نشطت السياحة التعليمية في فلندا، فاصطفت طوابير الوفود الدولية للزيارة والاستفسار والبحث عن إجابة سؤال هام: ما الذي يجري في مدارسكم يا فلنديون؟ وشكل النجاح الذي أنجزته وحققته فنلندا في برنامج التقييم الدولي للطلاب - الرياضيات والعلوم والقراءة - ففي عام 2006، تصدرت فنلندا هذا التقييم على مستوى العالم.. وعلى الرغم من تراجع النتائج بعض الشيء لاحقًا، إلا أن فنلندا لا تزال من بين أفضل الدول على مستوى العالم. ومن المفارقات في النظريات التربوية والنظم التعليمية أنها نقاشية جدالية تتعدد فيها الآراء والأقاويل ويجتمع فيها النقيضين ما بين معارض بشدة ومؤيد بشدة وكل فريق له قناعاته، براهينه وأدلته.. فقد أصدرت وزارة التعليم السعودية خطة مقترحة كان من أهم مضامينها تحويل تقويم العام الدراسي إلى ثلاثة فصول دراسية بدلاً من فصلين دراسيين بدءًا من العام 1443ه. حيث تباينت آراء المجتمع بين معارض ومؤيد.. وفي النهاية اتفق الجميع على أن في «الإطالة فائدة» فقد أصدرت وزارة التعليم هذا القرار بعد دراسة عميقة تستند في جذورها إلى نتائج التلاميذ في الاختبارات المعيارية الدولية ومنها على سبيل المثال البرنامج الدولي لتقييم الطلبة PISA التي أشارت إلى فجوة بين الناتج والنواتج وترنحت نتائجهم إلى مستوى غير مقبول مقارنة ببعض دول العالم على الرغم من الميزانية الضخمة التي ترصدها الدولة -يحفظها الله- والاقتصاديات المرتفعة لوزارة التعليم. ومن هذا المنطلق سارت الوزارة بقرارات تُسهم في تجويد النظام التعليمي وتمنح الطالب بقاء بالمدرسة يعزز فيها قدراته ومهاراته في النشاط المدرسي والعلمي والثقافي والرياضي ويمكن بذلك لإدارة المدرسة أن تراقب وتتابع تنفيذ الأنشطة والخطط التعليمية بنظرةً شمولية تسهم بنفس الوقت بتطوير ثقافة المعلمين. ولا يخفى على الجميع التطلعات والحرص الذي تقوم به وزارة التعليم ممثلة بقمة الهرم -وزير التعليم- بجهده وجهوده ووقته لتجويد النظام التعليمي ورفع مستواه وتقليص الفجوات بين عناصره، وإني والزملاء الآخرين المهتمين بالشأن التعليمي التربوي نتطلع من معالي الوزير أن تتبلور باكورة وفكرة إنشاء «مركز البحوث التربوية السعودي» التي سوف تمحور جُل اهتمامها بالشأن التعليمي الداخلي وتساهم وتساند باتخاذ القرارات التي سينصب فحوى عملها وتركيزها على البحوث الإجرائية الميدانية.
