أكاد أن أجزم أن ما يعلمه القارئ هو أضعاف أضعاف ما يعلمه محدثه عن نعمة الأمن في مملكة الإنسانية وكيف لا.. وأن من أولى أولويات اهتمام ولاة أمرنا الإنسان.. نعم الإنسان وسلامته، فقد كفلت الدولة سلامة هذا الإنسان وفق منظومة أمنية شاملة فمن الأمن العقائدي إلى الأمن الصحي إلى الأمن الاستراتيجي إلى الأمن الأمني... الخ. ومن منطلق هذه المنظومة الأمنية الشاملة نجد من بعض ضعاف النفوس الذين يُصنفون بأعداء هذا الوطن وأمنه من يتجرأ على أن يحدث شرخاً في هذه المنظومة بتعمدهم المساس بالأمن الغذائي وذلك ببيع المواد الغذائية الفاسدة وترويجها بشكل أو بآخر غير مبالين بالأنظمة وعقوباتها، فجميعهم يعلمون أن العقوبات المنصوص عليها في نظام الغش التجاري تقتصر على غرامة لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال، أو السجن مدة لا تزيد عن السنتين، أو بهما معاً، وهي أقصى عقوبة نص عليها النظام.. ومن حيث الواقع أن تاجر أو مهرب المخدرات ضحاياهم شريحة معنية من المجتمع، أما ضحايا المواد الغذائية والمطاعم فتطول جميع شرائح المجتمع ولكونها في الأصل هي جريمة كبرى تستلزم تطبيق حد الحرابة (القتل تعزيراً) لإفسادهم في الأرض أسوة بمهربي وتجار المخدرات، والتسائل هنا للمشرع كيف تقيد صلاحيات وزارة التجارة في التعامل حيال البلاغات عن الغش التجاري كأنه عمل إداري ينتهي بإيقاع الغرامة مع أنها جريمة مكتملة الأركان بركنيها (المادي والمعنوي) بقصد متعمد أي بعلم التاجر أو صاحب المطعم وكل منا يعلم بأن مثل هذه الحالات قد تؤدي إلى الوفاة أو العجز أو التسمم أو المرض من جراء منتج أو طعام فاسد، وعليه أُناشد أعضاء مجلس الشورى حفظهم الله أن تُعدل عقوبة مكافحة الغش التجاري إلى القتل تعزيراً في الحالات التي تثبت أن التاجر أو صاحب المطعم على علم ويقين بفساد مواده أو طعامه وأنها غير صالحة للآدميين ويكتفى في المرة الأولى بعقوبة السجن لمدة لا تقل عن عشرين عاماً وغرامة لا تقل عن خمسة ملايين ريال مالم ينتج عنها وفاة، وحال تكرارها يُحكم عليه بالقتل تعزيراً وقد يطول الحكم كل من شارك أو ساهم أو تعاون وثبت تورطه بدءًا من التاجر أو صاحب المطعم وجميع العاملين معهم وبهذا لن نجد من تسول له نفسه على المساس بإنسانية الإنسان وأمنه الغذائي. محامٍ ومستشار قانوني