السعودية الأرخص في أسعار الكهرباء المنزلية بين G20    القُصّر هدف لنيران الاحتلال    محاولة انقلاب بنين تصاعد واضطرابات في غرب إفريقيا    فلسطين وسوريا إلى ربع نهائي كأس العرب .. ومغادرة قطر وتونس    الأخضر يعود إلى لوسيل ويتحكم في الثانية    رئيس اتحاد التايكوندو .. "الحربي" التكامل أساس الارتقاء.. والبطولات المحلية بوابة الإنجازات الخارجية    تأهل فلسطين وسوريا لدور الثمانية بكأس العرب بعد تعادلهما سلبيا    4 سيناريوهات تنتظر صلاح مع ليفربول بعد تصريحاته المثيرة للجدل    وزير الخارجية يبحث التعاون الإنساني مع رئيسة الصليب الأحمر    وزارة الدفاع تحصد جائزة أفضل تواصل إستراتيجي    زراعي عسير: أكثر من 6 ملايين ريال عائد اقتصادي للعمل التطوعي    انطلاق ملتقى أسر ذوي الإعاقة بعسير    تركي آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة "ليلة العمر"    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10631) نقطة    "يوم الصفقة".. منصة استثمارية تتجاوز قيمتها مليار ريال في مؤتمر الابتكار في استدامة المياه    الفارسي: الفراغ عدوّك الأول.. والعمل مدرسة الحياة    مدينة الملك سعود الطبية تنجح في إنقاذ مريض توقف قلبه 25 دقيقة    الجوازات تضع شرطا للسفر لدول الخليج بالهوية الوطنية    افتتاح متحف البحر الأحمر في جدة التاريخية    إنه عمل غير صالح    أمير منطقة تبوك يتابع الحالة المطرية التي تشهدها المنطقة    نائب أمير الشرقية يطلع على أعمال فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بالمنطقة    زين السعودية و KoçDigital" شراكة إستراتيجية لتسريع التحول الرقمي الصناعي    الهلال الأحمر بجازان ينفّذ برنامجًا تدريبيًا للإسعافات الأولية بمدرسة إبتدائية مصعب بن عمير    المنظومة الثقافية تدشّن مشاركة المملكة في معرض "أرتيجانو آن فييرا" بمدينة ميلانو الإيطالية    البرلمان العربي يدين مخططات كيان الاحتلال لفتح معبر رفح باتجاه واحد محاولة لتهجير شعب غزة    الصين تطلق قمرا صناعيا يعمل بالفحم    استشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي جنوب الضفة الغربية    الفيفا يعتذر لسكالوني بعد إلزامه بارتداء قفازات لحمل كأس العالم    «توكلنا» يحصد جائزة أفضل تطبيق حكومي عربي    رغم الانتقادات التي تضمنتها «الوثيقة الأمريكية».. واشنطن الحليف الأكبر لأوروبا    الجيش اللبناني يوقف المعتدين على «يونيفيل»    أمريكي يدخل «غينيس»ب137 قميصاً والركض بها    شركة طيران تنفذ نظاماً جديداً تجاه « البدناء»    البلوي يحتفل بزواج سامي    موظف يسرق ذهب محكمة إسطنبول    صليب العتيبي في ذمة الله    موجز    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. "التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يكرّم الفائزين بجائزة الملك خالد لعام 2025    يسرا اللوزي تستعد بمسلسلين لرمضان    إعلان العروض المسرحية لمهرجان الرياض    إطلاق استوديوهات بلاي ميكر في القدية    نائب أمير الرياض يواسي رئيس مركز الحزم في وفاة والدته    تتم عبر تصريح «نسك» للرجال والنساء.. تحديد زيارة الروضة الشريفة ب«مرة» سنوياً    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله.. ويعلن انضمام أمانة الرياض لعضوية المنظمة العالمية "ISOCARP"    مبابي يتطلع لكسر رقم رونالدو    مجمع الدكتور سليمان الحبيب الطبي بالعليا يستخرج شظية معدنية من قاع جمجمة بعملية منظار دقيقة    جلسات سوق البحر الأحمر تناقش مستقبل صناعة السينما    أغاني فيروز تغرم مقهى    الرئيس الموريتاني يزور المسجد النبوي    تكلفة العلاج السلوكي المعرفي    جمعية أرفى تُقيم فعالية "قوتك وقايتك" بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة    أكثر من (39) ألف مهمة تطوعية و(19) ألف متطوع في الحرمين الشريفين خلال عام 2025    رئيس البرلمان المقدوني يستقبل إمام المسجد الحرام الدكتور المعيقلي    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة توجيهية لمنسوبي الدفاع الجوي بجازان    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حبِّ والدي (1)
نشر في المدينة يوم 02 - 07 - 2020

دعني يا والدي الحبيب أختفي في ظلك لأقول لك ما في قلبي، ربما لأول وآخر مرة، البلاد التي تركتها وراءك ليست بخير.. وأصدقاؤك الذين أمنتهم علينا، لم يعودوا أصدقاء.. لقد ذهبوا نحو ما كنت تحذر منه.
أسمع دقات الساعة الخلفية مختلطة بقطرات دمك النازف، وقطرات الماء التي تأتي من حنفية لم تغلق بإحكام، عمدًا.
أرى في عينيك بريقًا لا يموت.. يقاوم فناء اللحظة المتربص بك في كل ثانية.. تتأمل أدوات التعذيب البدائية من حولك.. مقص قديم.. كُلاّب صدئ.. المغطس المليء بالماء والصابون الذي شربوك منه عنوة.. خيوط كهربائية موصولة بجهاز التعذيب بالكهرباء، حبل نازل من السقف عُلّقت عليه كثيرًا حتى ظننت أن روحك تخرج من فمك.. لم يسلم جزء واحد من جسدك من مشرط التعذيب.. ما أغبى يقينهم القاتل، كما كنتَ تقول في صمتك، كثرة الألم تبطل الألم.
أنت الآن جالس على كرسي التعذيب منذ الصباح، بلا ماء ولا أكل، وجسدك أصبح مزقًا تنزف حياة، ولباسك لم يبق فيه الشيء الكثير.. لم يتركوا فيك مساحة واحدة سالمة.. ماذا يريدون أن يعرفوا في النهاية؟ تضحك.. أفراد النقابة التي كنت تشتغل معهم في فرنسا، الذين كانوا وسيطك بين الجبهة وفيدرالية الجزائريين بفرنسا التي انتميت إليها في وقت مبكر؟ المرأة التي كنت تعيش معها وخرجت برفقتها، ووضعتم الحواجز في الشوارع الخلفية لصد النازية، قبل أن تسيرا معًا اليد في اليد، في شوارع باريس الواسعة احتفاء بنهاية النازية، وأملا في حرية بلدك كما فعل إخوانك في سطيف وخراطة وقالمة.. قبل أن تكتشف اللعبة الاستعمارية، أنت ورفيقة النقابية التي علمتك الكثير في الجامعة الشعبية الفرنسية، أنت المراهق البسيط الذي دخل إلى فرنسا وعمره لم يتخط ست عشرة سنة، بحثًا عن عمل يعيل به عائلته.. لم تكن الحرب قد بدأت، لكنك كنت تراها كلما تحدثت مع أصدقائك من النقابيين.
ما يزال بعض الوقت يا أبي، وعليك أن تسمعني قبل أن تذهب نحو أبدية لم تخترها، لأنك كنت تحب الحياة، لكنك اخترت الطريق الموصل إليها.. أليست الشهادة يا أبي هي الطريق الأول نحو الأبدية؟
أراك، وأعرف أنك لا تراني جيدًا بسبب عينيك المتورمتين من الضرب والتعذيب.. لكني أدرك أنك تسمعني.
سألتني في حلمي الهارب: هل الجزائر بخير؟ لا يا والدي الجزائر ليست بخير.. لقد تربى فيها ناس من رفاقكم داخل الأطماع والجشع، وداخل تاريخكم الحي فسرقوه.. غيابك خلَّف خوفًا عميقًا، لولا وفاء أمي الكبير لك.. كما طلبتَ منها، علمتنا في المدارس الفرنسية المتاحة، وأكملت جدتي المهمة بأن وضعتني، أنا تحديدًا، في مدرسة قرآنية لأتمكن من العربية، وقد تمكنت منها كمن يسترجع كنزًا ثمينًا سرق منه.. الوفاء لهذه اللغة هو وفاء لك يا أبي، ولأحلامك التي لم ترها لأنك حرمت منها، وظللت مؤمنًا بها حتى وأنت تودع الحياة.. كانت الفرنسية لغتك للتواصل، فقد كبرتَ هناك، وعملتَ هناك، وكانت العامية وسيلتك للتواصل مع أمي ومع أهل البلاد، وكنت تحلم بقدَر أجمل لأبنائك ولأبناء الجزائر.. صارعتَ الحياة وانتصرتَ على كل عقباتها.. لكن ورثة الدم، أخذوا كل ميراثكم وعطر دمكم، واستباحوه.
ليس هذا ما أريد أن أقوله لك يا أبي، فأنا مرتبك جدًا، لهذا قلت لك منذ البداية دعني أختفي في ظلك.
دمك/ دمكم يا والدي، باعه ورثاء الدم، حُوَّل إلى حسابات بنكية مسروقة، ونسوا جميعًا العهد الذي قطعوه على أنفسهم، وحولوا البلاد إلى مرتع للضباع والقتلة المأجورين.. كم من شخص ظل وفيًا لدمكم؟ قليلون أيها الحبيب.. لقد صفّى القتلة ميراثكم، وتلاعبوا باسمه حتى كرهناه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.