تجبرنا ظروف الحياة من حولنا على القلق والتوتر وتجعلنا أسرى أفكار سوداوية محبطة في أحيان كثيرة! ولا نملك في ضوء هذه الأجواء الملبدة بالغيوم والمشبعة بالاخفاقات لا نملك سوى ان نتنازل عن أشياء كثيرة وكلنا أسى وحسرة، لا نملك سوى ان نتخلى عن أبسط الأشياء التي نتمناها وهي الأحلام، بل اننا وفي ظروف قاهرة وقاسية ومع أشخاص يفتقدون لأبسط معاني الإنسانية، نجد أنفسنا وقد وأدنا أحلامنا وهي في مهدها بل حتى الدمعة الغالية التي تريحنا وتغسل همومنا نستكثرها على أنفسنا او نداريها عن الآخرين خجلا او خوفا من إساءة فهم! وقد يكون معك حق في ذلك لأن من يعايش المشكلات ويكتوي بنارها لا بد أن يكون هذا مصيره، ولابد ان يكون واقعه هو الاحباط واليأس والعيش في قلق,, إلخ. ولكن سوف يأتي يوم ما ْ بإذن الله ْ وتصبح إنساناً آخر في كل شيء، إنسان لا تفارق الابتسامة شفتيه ولا الذكر الطيب لسانه، إنسان حلو في روحه رائع في ثقته بنفسه وعذب في حديثه، وباختصار إنسان يحبه كل الناس ويغارون عليه كما لو كان زعيمهم, أليس هذا شيئاً رائعاً يستحق منك ان تبتسم الآن؟ الا تحب ان يغار عليك الآخرون حتى وانت بعيد عنهم؟ نعم سوف يأتي يوم ما وحينما تستيقظ من نومك يقع نظرك لأول وهلة على تلك البلابل الجميلة بألوانها الزاهية تُطل عليك من نافذة غرفتك وهي تلوح بجناحيها مرحبة بك، وأول ما يتنامى لسمعك هو اصواتها الحلوة وهي مغردة في الصباح الباكر, وكأنها تقول لك: .كفاك كسلا، كفاك شهر عسل، افق من نومك، قم معنا، شاركنا فرحتنا بالصباح، وأنت لا تملك سوى ان تضحك وحتى لو حاولت العودة للنوم فلن تستطيع لأن من ينادي ويلح عليك مشاركته شيء جميل لا يمكنك مقاومته، شيء جميل قد يتمثل في رغبة او أمنية او حلم لا يمكن التفريط بها وانت ادرى بها أليس كذلك؟ بل الأكثر من ذلك، وانت تسير في طريقك لمكان ما سوف يأتي يوم ما وانت سائر على هذا الطريق، سوف تشاهد من حولك عن يمينك وشمالك تلك الورود الجميلة والزهور الرائعة تتمايل طربا لزيارتك لها، سوف تشعر برائحة الفل والياسمين تنهال عليك من كل جانب ترحيبا بك لِمَ لا؟ وانت من زرعتها بنفسك يوما ما وها قد كبرت ونمت وأصبح شكلها يسلب الأنظار، أفلست أنت أولى من يستمتع بها، ويشم عبيرها؟ ألست انت احق من يمون عليها من غيرك؟ أولست أنت أول من يحق له محاكاتها والجلوس معها؟ نعم أنت من زرعت كل الأشياء الحلوة التي يحتاجها الآخرون، أنت من زرعت الثقة فيهم، انت من أعدت إليهم البسمة بعد الله أنت من أدخلت الأمل والتفاؤل الى قلوبهم, وأنت من قلت لهم بلسانك بأنه سوف يأتي يوم ما، قد تكون قلتها تهربا من موضوع ما أو مجاملة لشخص ما ولكنك كنت محقاً في قولك او حتى من خلال تصرفاتك. نعم سوف يأتي يوم وليس هذا بعيداً على الله، حينما ترى تلك الأرض الجرداء حيث لا زرع ولا ماء، وقد اصبحت حديقة غناء بفعل ما غرسته فيها بأياديك من حب صافٍ وخير وافٍ وحنان متدفق وصدق منقطع النظير وتضحية لا حدود لها. سوف يأتي يوم ما وترى تلك الأرض العطشى للماء يوما ما وقد اصبحت بئراً مليئة بالحب الذي يكفي الجميع ويغدقهم. سوف يأتي يوم ما وتشعر ان ذلك الحب الكبير الذي تكنه في قلبك لشخص ما ولا تستطيع البوح به خجلا منه او خوفا من إساءة فهمه، سوف تشعر انه رغم كبر حجمه، فلن يعادل معشار ما يكنه هذا الشخص لك من حب، ولكن ليس أي شخص بل الشخص الذي استطعت أنت ان تأسره بكل شيء جميل جعله يعيد نظرته للحياة مرة اخرى، ويعيد من مخزون ذاكرته ومن ملف قاموسه شيئاً اسمه .سعادة بعد ان ظن انها غير موجودة، وانها انقرضت ضمن ما انقرض من كائنات لم يعد لها وجود في عصر تغيرت فيه الظروف الجغرافية والنفس البشرية، في عصر لم يعد فيه شيء قائم سوى الفردية والانانية والمصالح الشخصية! ولكن بفضل الله ثم بفضلك أنت استطعت ان تغير مفاهيم، وتمهد الطريق لقدوم مشاعر جميلة ليس لها مثيل في صدقها ونوعها وشفافيتها. سوف يأتي يوم ما، وتشعر أنك على خطأ لمجرد انك تفكر او تقوم بشيء ما غير صحيح او انك مختلف عنهم, صحيح انك مختلف عنهم ولكن ذلك الاختلاف الذي يجعلك مميَّزاً كما هو أنت، مميَّزاً لدرجة ان تصبح محط إعجاب الجميع. وسوف يأتي يوم ما وتشعر بمكانتك الحقيقية وقيمتك الفعلية من خلال التأثير القوي والغريب الذي أدخلته في قلوب وعقول الآخرين ويكفيك ان تعلم اننا نحن نعرف من أنت ونقدر قيمة ما تعطيه وتبذله مهما كان بسيطا، لأنه نابع من صدق واخلاص (المهم ألا يكبر رأسك) لا لا بالفعل يحق لك كل ما قلت، طالما لديك كل تلك الصفات الجميلة والخصال الرائعة، بل ان هذا أقل ما يجب ان يقال في إنسان مثلك وما شاء الله عليك وعين الله تحرسك وتحفظك من كل شر. سوف يأتي يوم ما وأنت قريب من البحر لا تجد نفسك إلا وأنت مشدود إليه، تجد نفسك لا إرادياً وقد اتجهْْْْْْْْْْْْْت لذلك المكان الذي اعتدت الذهاب إليه يوما ما لتعيش معه أحلى ذكريات عمرك. تصل الى ذلك الشاطىء تتلفت في كل مكان، تحاول اصطياد الذكريات الجميلة وتجميعها، تحاول ان تعطي كل مكان حقه من الذكريات والتوقف! وأنت تتلفت هنا وهناك تجد نفسك مدفوعا الى صخرة كبيرة بمحاذاة البحر، تذهب اليها مسرعا مندفعا، متشوقا كطفل صغير وجد لعبته الضائعة منذ زمن! تجد نفسك تصل لتلك الصخرة ومن دون ان تدري تتسلقها وتقف عليها لتعيد الذكريات الجميلة التي مازلت تحتفظ بها في ارشيف ذاكرتك، سوف تنفض عنها غبار السنين لتعيد اليها بريقها الذي أطفأه غبار الزمن ومحا معالمه مشاغل الدنيا وهمومها. قد تشعر بالخجل ممن حولك ولكن لا يهمك شيء سوى أنك في سعادة! بل قد تجلس على الشاطىء عاري القدمين وتلعب بيديك ورجليك بذرات الرمل الناعمة وتحاول ان تتحرر من كل شيء في تلك اللحظات، فقط تريد ان تنطلق في فضاءات رحبة لا تحدها حدود! تريد ان تقف أمام البحر وتصرخ بأعلى صوتك وتقول كل ما تريد, تتلفت يمينا ويسارا خشية وجود بعض الفضوليين الذين قد يفسدون عليك متعة ان تعبِّر عن مشاعرك بحرية وبصوت مرتفع وأنت في هذه الأجواء الجميلة امام البحر، لسان حالك ربما يقول: أين أنت ياْْ؟ لترى ما أنا فيه من سعادة؟ أين أنت لتشعر بمدى حاجتي إليك؟ أين أنت لتعرف أنه حتى تلك السعادة التي أشعر بها الآن سوف تكون أجمل حينما تكون معى! سوف نكون أروع حينما تشاركني إياها! سوف يكون لها طعم آخر لذيذ حينما أشعر بعينيك تحدقان في عيني لتخاطبها بلغة العيون الصامتة التي هي أبلغ من أي لغة محكية على وجه الأرض، لغة كفيلة بأن تنسيني ما حولي! لغة كفيلة بأن ترسم ابتسامة دائمة على شفتي! نعم سيأتي يوم ما ربما تشعر فيه ان الانتظار قد يطول قليلا، وقد يصعب معه تحقيق الأحلام الغالية، ولكن حينما تعلم ان الأمور تسير في صالحك حينئذ سوف تبتسم بينك وبين نفسك وتقول .الحمد لله فقط قل .إن شاء الله لا تنس وفقك الله لكل خير وأدخل السعادة لقلبك, قل آمين. .همسة يوماً ما. قبل غروب الشمس,. وقبيل الشفق بقليل,. حيث شاطىء البحر الطويل,. حيث زرقة البحر الصافية,. وحيث الهدوء الجميل,. سوى اصوات المد والجزر,. سوى صوت الأمواج,. تتلاطم أمامك,. تحدث بداخلك شعوراً غريباً,. توحي لك بأحاسيس مختلفة,. لا تعرف مغزاها! لا تدرك كُنهها! ... وأنت في هذه الأجواء,. سابح في فكرك,,. شارد بعقلك,. تتأمل ما حولك,. تشعر ببرودة خفيفة,. تسري في جسدك,. في كل أطرافك,. تجبرك على الانكماش,. تشعر برذاذ خفيف,. يلفح وجنتيك بخفة,. يُطري بشرتك بنعومة,. ... وأنت دون أن تشعر,. تُغمض عينيك,. تُبحر في اللاشيء! تنسى كل ما حولك! سوى أنك في عالم آخر! ... لا يُفيقك منه,. سوى عندما تفتح عينيك لتجد أمامك حلمك يمدُّ إليك يده! يضعها في يدك! ليصحبك معه عبر الشاطىء,. في رحلة طويلة,. على شاطىء طويل,. دون توقف! رحلة أجمل ما فيها,. أنك مع حلمك! رحلة أروع ما فيها,. أن ليس لها نهاية,.
