9 مهام للهيئة السعودية للمياه    المملكة تستضيف المؤتمر الدولي لمستقبل الطيران    رفع كفاءة الشفا الدائري    الفصول الثلاثة ومفاضلة الوظائف قيد المراجعة    «سلمان للإغاثة» ينفذ 3 مشاريع طبية تطوعية في محافظة عدن    الفيضانات تغرق مدينة بالبرازيل    تنفيذ 12 مشروعًا مائيًا وبيئيًا بقيمة 1.5 مليار ريال بالمنطقة الشرقية    وكيل محافظة محايل يقف على حريق المفروشات    محمد بن ناصر يكرم 20 متميزا ومتميزة    فيليب موريس إنترناشيونال تعلن نتائج الربع الأول من عام 2024.. وتحدّث الدليل الإرشادي لكامل العام    مركز التحكيم التجاري الخليجي يطلق مبادرة "الأسبوع الخليجي الدولي للتحكيم والقانون"    القبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر بالمنطقة الشرقية    محمد بن ناصر يقلّد اللواء الحواس رتبته الجديدة    هواوي تُعيد تأكيد التزامها بالإبداع والموضة في حدث إطلاق المنتجات المبتكرة الذي شمل الأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة والمزيد    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    إثراء" يسرد رحلة الأفلام السعودية في 16 عام عبر "متحف حكاية المهرجان"    «استرازينيكا» تسحب لقاحها ضد كوفيد-19 بسبب «تراجع الطلب»    صالات مخصصة ل"طريق مكة" في 11 مطاراً ب7 دول    فيصل بن نواف يدشّن حساب جمعية "رحمة" الأسرية على منصة X    سجن مواطن 15 عامًا لترويجه وحيازته الإمفيتامين    «أبشر»: تحديثات مجدولة للأنظمة يوم الجمعة.. لمدة 12 ساعة    أنباء متضاربة عل حول «صفقة الهدنة»    وزير التجارة يزور تايلند لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين    منظمة التعاون الإسلامي تُدين بشدة تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    مختص يحذر من الاحتراق الوظيفي ويشدد على أهمية توفير وحدات لقياسه داخل بيئات العمل    بدر بن عبدالمحسن: أمير الشعراء وصوت البسطاء    ارتفاع المخزونات الأمريكية يهبط بالنفط    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    أمير الشرقية ونائبه يتلقيان تهاني الرزيزاء بتأهل القادسية لدوري روشن    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    «التواصل الحضاري» يعزز الهوية الوطنية    بدء أعمال ملتقي تبوك الدولي الأول لتعزيز الصحة    "الهلال" يطلب التتويج بلقب دوري روشن بعد مباراة الطائي في الجولة قبل الأخيرة    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    الشورى يدعو لتحديث كود البناء السعودي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    ديميرال: اكتفينا ب«ساعة» أمام الهلال    بدر الحروف    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    الاحتلال يتجاهل التحذيرات ويسيطر على معبر رفح    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    ريادة إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشابه الأفكار والأساليب.. أثار اتهامات عديدة بالسرقة الأدبية
«وحي الصحراء» صنّف الكُتَّاب أربع فئات: جماعة القصور، جماعة الأكواخ، جماعة الإبل وجماعة الإتقان
نشر في الجزيرة يوم 26 - 04 - 2002


* * في هذه الحلقة الاخيرة من السلسلة الرباعية
نختم عرض د. الحازمي الجانب النقدي والادبي للكتابات المنشورة على صفحات صحيفة «صوت الحجاز» في السنوات العشر الاول من عمرها.. وقد انتهى بنا الحديث في الحلقة الماضية عند المعارك الادبية ونقد المقالات والقصائد، واوردنا طرفاً منها.. وهانحن نكمل ما بدأناه..لينتهي بنا المطاف مع الموضوع الاخير في تصنيف الباحث للموضوعات الادبية والنقدية لصوت الحجاز.. وهو المعنون بنقد الكتب. * *
وعبّاس زواوي:
كتب أحمد عطار مقالاً في «صوت الحجاز» بعنوان :«للحقيقة والتاريخ» العدد 209، 1355ه 1936م يبيّن فيه أن المقال الذي نشره عباس زواوي في «صوت الحجاز» العدد 208 بعنوان «عصور الألم» إنما هو منتحل جميعه من كتابى (الفصول) للعقاد و (حصاد الهشيم) للمازني. وقد أتى العطّار بفقرات من مقال الزواوي وما يقابلها من كتاب المازني ليثبت سرقة الكاتب المذكور. وقد علّق محرر الجريدة على مقال العطار بقوله إن «فكرة المقال من أساسها للأديب الصهيوني الفرنسي الشهير ماكس نوردو، وقد محّصها الكاتبان القديران العقاد والمازني». ويقول المحرّر: «والذي حبّب إلينا نشر مقال الأديب الرغبة في تشجيع الاتجاه الفكري لدى الناشئة إلى هذه النواحي القوية، ومناصرة البحث الجدي. على اننا لا ننكر ما لأديبنا الناشىء من ابتكار جزئي يُغبط عليه، ولكننا نحب الآن أن نسمع دفاعه عن نفسه».
ويرد الزواوي في «كلمة عجلى» العدد 210 على اتهامات العطار، ويردّد ما قاله محرر الجريدة من أن الفكرة هي لماكس نوردوا وليست للعقاد ولا للمازني. وهو يعترف بأنه قد أخذ هذه الفكرة وطبقها على الأدب العربي. أما سبك الجمل واقترابها من أسلوب المازني، فذلك من تأثير المطالعة الطويلة، والاندماج بروح المازني. وهذا شيء جرت عليه العادة، وهو تأثر وليس سرقة.
ويرد العطار، في مقالته «ردّ على رد» العدد 213 على الزواوي مؤكداً انتحاله للمقال، ومفنّداً كما يقول مزاعمه ومغالطاته.
ولقد كشف العطار أيضاً في مقالته :«حول مقال عبدالمجيد شبكشي لصوص الأدب أو مجانين الشهرة» العدد 221 سرقات أخرى هي هذه المرّة للشبكشي في مقالته المنشورة في صحيفة «صوت الحجاز» بعنوان: «فقدان النقد النزيه من أدبنا المزدهر»، إذ هي مأخوذة من مقال مصطفى القشاش محرر مجلة «الصباح» المصرية. وقد أتى العطار بفقرات من المقالين لإثبات هذه السرقة، بل انه يؤكد أن شبكشي لم يكتف بالسطو على المقالات ونشرها في «صحفنا المحلية»، بل إنه قام بنشر مقالات مسروقة في صحف مصرية. فقد انتحل مقال «موسوليني» ونشره بعنوان «يا بلادي» في مجلة الرابطة العربية بمصر، كما نشر مقالاً آخر بعنوان «الفروق الطبيعية بين المرأة والرجل» في «الأهرام» ثم في «مجلة الشباب»، وهو مسروق من مقال لأحمد أمين في مجلة الهلال.
ولكن العطار على الرغم من كثرة صولاته وجولاته فإنه لم يسلم هو نفسه من انتقاد الآخرين، ولا سيما ما يقولون عن تمسّحه بأدباء مصر المشهورين. وها هو أحدهم، وقد سمى نفسه «معبد»، يكتب مقالة ساخرة بعنوان: «أين كنت قبل اليوم؟» يهجو فيها العطّار هجاءً مراً مركزاً على ما يردّده دوماً من إدعاءات حول صداقته أو صلاته الحميمة بعباس محمود العقّاد. ويقول «معبد» انه هو نفسه يحتفظ بصداقات كثيرة مع زكي مبارك والمازني والرافعي وغيرهم، ولكنه يستدرك قائلاً: «وقد تسألني أيها القارىء عن نوع هذه الصداقة وحقيقتها التي تربطني بهذه الزمرة من الأدباء والكتّاب. وهل هي من نوع الصداقات المعترف بها من الطرفين، أو أنها صداقة معترف بها من طرف واحد؟ وكان بودّي أن أجيبك لولا الحياء، ولكني أحيلك على صديقنا أيضاً الأستاذ العطّار، لأنه كان معنا في مصر، ثم هو، كما تعرف، خبير بفن الصداقات...».
بين الفلالي
وحوحو وعاشور:
أشاد أحمد رضا حوحو في زاويته «بيني وبين الناس» العدد 515 بأسلوب إبراهيم فلالي وطريقته في استخدام التكنيك القصصي، ويبسط حوحو رأيه في فن القصة لارشاد الناشئة كما يقول لاتباع الأسلوب الصحيح في الكتابة القصصية، مثل استنطاق الشخصيات والبعد عنها والاهتمام بإدارة الحوار حسب المستوى الاجتماعي والثقافي للشخصية الخ. ولكن حوحو في العددين 516 و 525 يبدي رأيه في قصة الفلالي «من بين الأكواخ» التي سبق أن نشرها في مجلة «المنهل» فيقول إن استنطاق الشخصيات أمر في غاية الصعوبة، ويقتضي التقمّص ومراعاة المواقف والظروف المختلفة التي تمر بها الشخصية. وكان الفلالي قد ردّ على ملاحظات حوحو في مقالة له بعنوان: «نردّ مبتسمين» العدد 521 دافع فيها عن قصته ومؤكداً أنها من صميم الواقع، وأنه ينحو فيها نحو الرافعي من حيث المنهج أو الطريقة.
أما سيف الدين عاشور فقد انتقد الفلالي في مقالته «أحاديث قصيرة» العدد 319 في محتوى العمود الذي كان يكتبه بجريدة «صوت الحجاز» تحت مسمى «كلام الناس»، ويقول إن ما يكتبه الفلالي لا يتعدى في الحقيقة الكلام العادي، ويقترح عليه أن يستبدله بكلام المتميزين من الأحياء الذين يتجهون إلى الحياة بشعور حي وقلب نابض. ويقول عاشور إن أسلوب الفلالي كذلك لا ميزة فيه، وهو يرجوه أن يتجه إلى الحياة والقوة «ويعفينا من هذا الكلام الذي لا تتجه إليه النفس ولا يخفق له الشعور». والحقيقة أن مقالة عاشور هذه طويلة جدّاً، فهو يتحدث أولاً عن «الذوق الأدبي»، ثم يتحدث عن «النقد»، ثم يتحدث بعد ذلك عن عمود الفلالي «كلام الناس». وعاشور يحمل في مقالته هذه على أدعياء النقد الذين يعتمدون على «الذوق» فقط، كما يحمل على أولئك الذين هم ضعاف في حصيلتهم اللغوية، وكذلك الذين يشوهون النص بحذف بعض فقراته ليستقيم لهم الرأي.
بين محمد عمر توفيق
ومحمد علي مغربي:
كتب محمد عمر توفيق مقالة بعنوان :«مقالات» العدد 383، 1358ه 1939م ينتقد فيها مقالة لمحمد علي مغربي نشرها في جريدة «صوت الحجاز» عن مدينة الطائف، وكان قد نشر قبلها مقالة عن مدينة جدة. ويقول توفيق إن مقالة مغربي عن الطائف تبدأ بأوصاف شاعرية مبتذلة يعرفها العوام، ثم تنتهي بمناشدة الحكومة والشعب المبادرة إلى إصلاح هذه المدينة وإصلاح الطرق التي تؤدي إليها. كل ذلك في أسلوب صحفي عادي، مما أدى إلى مزج فكرتين متناقضتين في مقالة واحدة. ويقول محللاً هذه الحالة إن المغربي قد توزعته حالتان «إحداهما هامدة في نفسه، والأخرى جائشة تبعث على الهتاف. ويشاء هو تعمية على قارئه أو على غيره، أو إلفاتاً إلى هذه الشاعرية النشيطة فيه إلفاتاً غير محمود أن يزجّ بشاعريته زجّاً فيما لا يعنيها ولا يعني القارئين، أن يكون لها فيه صوت مسموع فتخبّطت، وكانت مزيجاً من العامية والتقليد، وكانت كإعلانات الحوانيت...». ويرد المغربي على توفيق، في مقالته «تعريف» العدد 384 ، حيث يكشف أولاً عن رمز توفيق الأدبي أو اسمه المستعار «راصد». ثم لا يلبث أن يتهكم به تهكماً مرّاً ويقول إنه بعد أن نشر مقالاته عن العقاد والرافعي ظن أنه قد غدا ناقداً خطيراً يحق له توجيه الأدب في الحجاز كما يشاء، كما غدا أسلوبه يشبه الأسلوب «الرسمي» الذي يعتمد على التقريع والعنف. ويقوم المغربي بنقد إحدى قصائد توفيق التي سبق أن نشرها في صحيفة المدينة المنورة، وهو نقد فيه الكثير من التمحّل والقسوة. وقد ختمت إدارة تحرير «صوت الحجاز» مقالة المغربي بالأسطر التالية: «إن صوت الحجاز تقفل باب هذه المناقشة بهذا الرد المنشور، معتذرين لحضرات الأدباء الكرام بعدم اتساع نطاق الصحيفة وضيق ظروفها لذلك».
بين محمد عمر توفيق
وأحمد عطار:
كتب محمد عمر توفيق سبع مقالات بعنوان :«في موازين النقد» الأعداد 478 482 ، 484 ، 485 ، 1359ه 1940م يرد فيها على العطار الذي كان قد انتقد محاضرته عن الأدب في الحجاز والتي سبق أن ألقاها في جمعية الإسعاف الخيري. ويبدأ توفيق بمقدمة طويلة يكشف فيها شيئاً عن مزاجه الشخصي وطبيعته. فهو، كما يقول، لا يهتم بما يقوله النقاد عنه؛ كما أنه يشكو من سلبية القراء وصعوبة الكتابة في وسط هامد ويقول إن المحاضرة التي ألقاها في جمعية الإسعاف إنما هي محاضرة تصويرية عن الأدب وقصته في الحجاز بشكل عام، ولم تتعرض المحاضرة لقضايا النقد أو التحليل والبحث وضرب الأمثلة. كما يرد هنا على اتهام العطار له بتغليب الأسلوب على الفكرة. ونحن نجد أن محمد عمر توفيق كثيراً ما يحاور ويداور ويطنب ويوجه النصائح إلى العطار ويتهكم به. ويبدو أنه يتشبه في أسلوبه المعقد بحمزة شحاتة بحثاً عن العمق. وهاهو يدافع عن تعريفه للأدب بأنه غمزة من غمزات الأحلام، ويهاجم تعريف العطار بأن الأدب لا يعدو أن يكون القول الجميل فحسب، كما يرد على العطار أيضاً فيما يتعلق بفوضى الثقافة وأثرها السيء على ناشئة الأدب. ومحمد عمر توفيق غير راضٍ إجمالاً عن واقع الأدب في الحجاز خلال تلك الحقبة إذ يقول عنه إنه «إنتاج صحفي لا يطول به الزمن حتى يفقد قيمته ومعناه وحيث تنعدم فيه خلاصات الدرس المستقل... ومن هنا شاع التقليد وانبثّت السرقات، وكان عمر الشاعر أو الكاتب لا يعدو الفورة الأولى أو الوثبة الجامحة بادىء العمر. ومن هنا تلاشى الكفاح الأدبي... ومن هنا كانت الحياة الأدبية لا تحمل طابع الجد والفائدة والذخيرة، وإنما تحمل المادة الصحفية والفكرة العابرة...».
تعليقات عزيز ضياء على بعض كتابات السّباعي والصّبان:
تناول عزيز ضياء بعض مذكرات أحمد السباعي التي كان ينشرها في «صوت الحجاز» بعنوان «أوراق العيد» تناولاً فكاهياً خفيفاً في مقالتين تحملان مسمى: «على هامش أوراق العيد مزاح» العددان 189، 190، 1354ه 1936م . وضياء ينتقد السباعي في شخصيته وفي أسلوبه وفلسفته، ويشبعه تنكيتاً وسخرية، كما يكشف ما يحسبه مغالطات في كتاباته عن العيد بمصر.
أما مقالة عزيز ضياء «الأستاذ أبو فراس» العدد 237، 1355ه 1936م فهو يتوجّه فيها إلى صاحب هذا اللقب المستعار، محمد سرور الصّبان ، وبعد أن يكيل له الاطراء والمديح يتساءل عن الهدف من نشر هذه «الأسبوعيات» في الجريدة، وهي لا تعدو في الحقيقة عن نبذ ومختارات من الصحف والكتب، وليس للصّبان فيها أي جهد يذكر، لا بالتعليق ولا بالدراسة. وضياء يريد من «أبي فراس» الصّبان أن يوضّح له وللقراء الهدف من نشر مثل هذه الأسبوعيات. ونرى في استطرادات عزيز ضياء وتكراره لبعض الجمل والعبارات تأثراً واضحاً بالأستاذ الكبير طه حسين.
ومن المعلقين على «أسبوعيات» الصّبان أيضاً محمد سعيد العامودي (م.س.ع) في مقالته «هي فوضى أدبية حقّاً!» العدد 220 إذ أشار فيها إلى ما قاله الصبان في لومه الكتبي على اتهام الأدب الحجازي بالفوضى، وقراره الامتناع عن نشر دراساته الأدبية في الصحف المحلية. ومن المعلقين كذلك على «الأسبوعيات» من سمى نفسه «إياه» في مقالته «تعليقات» العدد 232 إذ أشار فيها إلى ما كتبه الصبان عن الغباوة والذكاء نقلاً عن حسين شفيق المصري.
وقد أشار أيضاً «إياه» في «تعليقات» أخرى العدد 234 إلى ما كتبه عزيز ضياء في «أحاج ورموز» عن بعض أدباء الحجاز وامتداحه لهم ومحاولته التعرف على شخصياتهم. كما أشاد من سمى نفسه «عين» في مقالته «أدباؤنا والنقد» العدد 271 بعزيز ضياء في مقالته «قدرة الارضاء» التي نشرها بجريدة المدينة المنورة، ونقد فيها مقالات محمد سعيد العامودي. ويقول «عين»: «وأشهد مخلصاً أنه (ضياء) وفق في كتابة نقده إلى حد كبير، وانه كان مهاجماً لبقاً. وأحسب أن الأستاذ العامودي سيرضى أشد الرضى عن هذا الفعل».
قصائد وآراء:
لعل من أول الآراء التي نُشرت في صحيفة «صوت الحجاز» حول بعض القصائد السعودية ما كتبه عبداللطيف أبو السمح (خريج المعهد) في السنة الثانية من الجريدة عدد 58 ، 1352ه 1933م منتقداً قصيدة حسين سرحان التي نظمها بمناسبة العام الهجري الجديد، فقد بيّن مساوئها من الناحيتين المعنوية واللغوية. وينتقد «قارىء» في العدد التالي من الجريدة قصيدة عبداللطيف أبي السمح «موقف وداع» ويبيّن مساوئها وهي كثيرة، ويسخر منها مرّ السخرية.
أما «هول الليل» حمزة شحاتة فإنه يتولى نقد قصيدة عباس حلواني المسماة «وبدا البدر فالتقى بالنظير»، والمنشورة في العدد 230 من الصحيفة. وقد سخر شحاتة من القصيدة وشاعرية قائلها، وهو يأتي بأمثلة من القصيدة ويأخذ في تحليلها وبيان ضعفها من ناحية اللفظ والمعنى وناحية اللغة. وفي مقالتين تاليتين ل «هول الليل» بعنوان «عزاء» العددان 233 و 234 يتصدى لمن سمى نفسه:«سهران» والذي كان قد هب لنجدة صديقه الحلواني، فيبين شحاتة أخطاء هذا الكاتب وبعده عن الحقيقة في محاولته تبرير الأخطاء التي تورط فيها الشاعر الحلواني.
ولكن «سهران» يكتب مرة أخري، بعد حوالي عام من دفاعه عن الحلواني ولومه لناقده حمزة شحاتة، غير أنه هذه المرة يكتب ليطري قصيدة شحاتة «سطوة الحسن»، التي نشرتها جريدة «صوت الحجاز»، ويبدي إعجابه الشديد بها (أنظر مقالته :«القديم والجديد أيضاً»، العدد 252، 1356ه 1937م) ويقول «سهران» إن هذه القصيدة صادقة وواقعية وليس فيها صنعة أو تكلّف. ويقول في الإشادة بروعة القصيدة وعبقرية صاحبها:
«هذه كلمة عجلى عن قصيدة «سطوة الحسن»، وهي فصيحة الدلالة على ما لصاحبها من سلامة الطبع وقوة الإحساس ودقة التصوير. وبودنا لو نسمع لهذا الشاعر المجيد في كل فنون القول، فلعله مجيد فيها جميعا. فنظفر أخيراً من هذا البلد الكريم بشاعر مطبوع نفاخر به شعراء مصر والشام والعراق، ونرفع بآثاره ذكر هذا البلد، وندفع عنه تهمة التخلف والعقم..».
وقصيدة «سطوة الحسن» هي المثبتة في أول صفحة من صفحات ديوان حمزة شحاتة الحالي (دار الأصفهاني، ط1، 1408ه 1988م) والتي يقول في مطلعها:
بعد صفو الهوى وطيب الوفاق
عزّ حتى السلام عند التلاقي
يا معافى من داء قلبي وحُزني
وسليماً من حُرقتي واشتياقي
هل تمثَّلتَ ثورة اليأس في وجهي
وهول الشقاء في إطراقي؟
كما قرّظ النقاد شاعراً آخر عرف بصداقته لحمزة شحاتة، كما عُرف بلونه الشعبي الساخر وهو أحمد قنديل. ولقد أثار نشيده «العَلَمْ» خلافاً بين الأدباء وانقسموا حوله بين مؤيّد ومعارض. وها هو عبدالسلام الساسي يكتب مقالة بعنوان :«حول نشيد العلم أيضاً» العدد 311، 1357ه 1938م يشيد فيها بهذا النشيد الذي نظمه أحمد قنديل وأنشده طلبة الكشافة. ويقول إنه ينبغي على مديرية المعارف أن تعمّم الأناشيد في المدارس لتنمية الروح الوطنية. كما يهيب بالشعراء أن يلجوا هذا الباب الذي من شأنه إيقاظ الأمة وتحميسها إلى النهوض.
وكان قنديل نفسه قد كتب مقالتين «حول نشيد العلم» العددان 307، 308 يرد في الأولى على منتقديه ويقول إن النشيد كان قد وضعه أصلاً لطلاب مدرسة تحضير البعثات؛ ويتهكم في الثانية على أحد منتقديه الذي لم يذكر اسمه، ولكنه يصفه بأنه رجل هرم، كثير الشكوى، لا يعجبه شيء ولكنه يتخفّى دوماً ولا ينشر ما يلفظ به على الملأ.
ولقد قام من سمّى نفسه «سندباد» (حمزة شحاتة؟) بكتابة مقال رصين رائع ساخر بعنوان «دون كيشوت» العدد 308) يدافع فيه عن القنديل الذي وردت في مقالة له عن نشيد العلم عبارة «الدون كيشوتية». ويقول محرر الجريدة إن كثيراً من الأدباء قد استفسروا عن معنى هذه العبارة، وقام «سندباد» بهذا التوضيح.
ومن ناحية أخرى فلقد قام محمد علي مغربي، في زاويته «من أحاديث النفس» العدد 312 بتقريظ القنديل في قصيدته «جدة» والكشف عن شاعريته ومقدرته على تمثّل هذه المدينة الجميلة في بحرها وسهولها وجبالها وكل ملامحها وسماتها الخاصة المتميزة. ويقول إن من واجب الشعراء في بلادنا أن يتغنوا بمدنهم وأن يكشفوا عن مشاعرهم تجاهها. فأدب المدن قد أصبح معروفاً ومقدّراً في جميع أنحاء العالم.
ولمن سمى نفسه «معبد» مقالة فكاهية طريفة بعنوان : «أين كنت قبل اليوم؟» العدد 529، 1359ه 1940، يسخر فيها بشاعرية صديقه حسين عرب: «بيني وبين زميلي الشاعر حسين عرب اتفاق مزمن موقّع عليه من الطرفين. وأهم مواد هذا الاتفاق ألا يقرأ عليّ شيئاً من شعره حتى ولو كان نشيد العسكرية أو الجندية، لا أدري فقد نسيت اسمه. ولكنه بدأ أعني الزميل لا النشيد يُصاب بالإسهال الشعري. فهو في كل يوم يرميني بقصيدة من البحر المالح. وفي هذا، كما ترى، مخالفة صريحة لأهم مواد الإتفاقية يُعاقب عليها قانون الشعراء بغرامات أدبية لعل أقلها منعه من نظم الشعر بتاتاً. فهل للشعراء عميد كعميد الصحافة مثلاً أرفع إليه شكواي؟».
وفي مقالة هاشم يوسف الزواوي :«من الأعماق درس وتحليل» العدد 473 إطراء لقصيدة حسين عرب المسماة «من الأعماق». وهو يورد بعض أبياتها ويشرح معانيها، ويقف عندها متأملاً معجباً.
أما مقالات «س.م.ن» التي نشرها في «صوت الحجاز» بعنوان:«كلمة بعد كلمة الشاعر الكبير أحمد إبراهيم الغزاوي» الأعداد 97 ، 98 ، 99 ، 1352ه 1934م فهي ترد على الناقد الذي سبق أن كتب عن شعر الغزاوي وقلل من قيمته الابداعية. والكاتب هنا يحاول تفنيد تلك المزاعم مؤكداً أن الغزاوي هو من شعراء الطبقة الأولى. ولكن مقالات «س.م.ن» تتسم بالسطحية والضعف.
وللغزاوي نفسه مقالة بعنوان :«عتاب واستدراك» العدد 194، 1354ه 1936م يرد فيها على ما نشره محرر «مجلة الإثنين» المصرية الذي انتقد قصيدة الغزاوي في تأبين الأستاذ التفتازاني، وقد نشرت في «صوت الحجاز» والأهرام والمقطم. ومحرر الإثنين ينتقد القصيدة من الناحية اللغوية ويرد الغزاوي في مقالته على هذا النقد.
مع الأدباء العرب:
تأثر الرعيل الأول من أدبائنا ببعض الأدباءالعرب المشهورين في مصر والشام والمهجر الأمريكي. ونجد في صحيفة «صوت الحجاز» بعض المقالات التي تشير إلى هذا التأثّر بشكل أو بآخر. ومن هذه المقالات ماكتبه «جرير» (سيف الدين عاشور) بعنوان: «عقّاديون ورافعيّون أيضاً العدد 378، 1358ه 1939م إذ يعلق فيه على ما كتبه «راصد» (محمد عمر توفيق) بجريدة «المدينة المنورة» حول العقاد والرافعي ومدرستيهما. وسيف الدين عاشور يؤيد الرافعي ويمتدح محمد عمر توفيق لتنبهه لعبقرية الرافعي، ويقول إنه كان من أنصار العقاد إلى أن كتب سيد قطب مقالاته عن العقاد والرافعي، متعصّباً للثاني مما لفت نظر سيف الدين عاشور إلى الرافعي فمضى يلتهم أدبه ويكتشف سرّ عبقريته.
ونجد من سمّى نفسه :«يقظ» يدافع عن المازني في مقالته :»المازني في ميزان المنهل» العدد 308 ، 1357ه 1938م ويرد على «باحث» في مجلة «المنهل» الذي انتقد المازني وقال عنه إنه مخفق في كتابة البحوث الجادة، وهذا سرّ انصرافه إلى الفكاهة.. ويفند «يقظ» هذا الرأي، كما أنه يكتب مقالاً آخر في صحيفة «صوت الحجاز» العدد 313 يدافع فيه عن زكي مبارك.
ومن أدبائنا من تصدّى لبعض الكتابات العربية التي تناولت الأدب في منطقة الحجاز قديماً وحديثاً. وهاهو محمد حسن كتبي، في مقالته «رجع صدى» العدد 206، 1355ه 1936م يؤيد ما قاله الدكتور محمد حسين هيكل عن النفسية الحجازية، وأن تعلّقها بالماضي قد ألهاها عن الحاضر وعن التعرّف على الحضارة العصرية.
ويرد «ر.س» في مقالته :«الحقيقة بنت البحث» العدد 393 على ما نشره محمد كرد علي في مجلة «الهلال» عدد يوليه 1939 بعنوان:«كتبنا وتآليفنا» ، إذ يتهم الحجاز بالفقر العلمي والجهل ويقول: «يكاد يكون البلد الذي ظهر فيه الخير للأمة العربية ونعني به الحجاز مقفراً من كل شيء اسمه تأليف بالعربية، ولم نر لبنيه إلى الآن شيئاً يذكر في باب التأليف. والشعر منحطّ والنثر منحط، ولا صحف هامة ولا مدارس عالية..». ويرد عليه كاتب المقال بأن هذا الادعاء غير صحيح، ويستشهد بالمدارس الكثيرة التي فتحت في عهد الملك عبدالعزيز، وبالمؤلفات التي ظهرت، وبالصحف وما ينشر فيها من شعر ونثر. ومن المؤلفات التي يذكرها الكاتب «ر.س»: حياة سيد العرب، وتاريخ عمارة المسجد الحرام، وتاريخ الكعبة المعظمة لعبدالله باسلامة؛ وكتاب أدب الحجاز، وكتاب المعرض من وضع محمد سرور الصبّان؛ وكتاب خواطر مصرّحة، وكتاب الاكليل الذهبي لمحمد حسن عواد؛ وكتاب وحي الصحراء جمع محمد سعيد عبدالمقصود خوجه وعبدالله بلخير. أما الصحف والمجلات فيذكر منها: أم القرى وصوت الحجاز والمدينة المنورة ومجلة المنهل ومجلة النداء الإسلامي. ويقول الكاتب: لو أن محمد كرد علي اطلع على هذه الصحف والمجلات وما ينشر فيها لرأى «بدائع النثر وروائع الشعر ورقة الأساليب وقوة المنطق وسحر الخيال وغزارة المادة..».
ويرد «قارىء» (يوسف ياسين؟) في مقالة له بعنوان: «الشعر في العصر الجاهلي وصلته بحياة العرب الاجتماعية تعليق وتحقيق» العدد 328 على مقالة محمود مختار عكاشة التي نشرت في إحدى الصحف المصرية والتي يعتمد فيها الكاتب على الشعر الجاهلي فقط في مسألة انتساب العربي إلى أمه، وما كانت تفعله النساء حين لا يتقدم أحد لخطبتهن. ويقول له «قارىء» لا يجوز الاعتماد فقط على الشعر مالم تؤيده قرائن تاريخية وعلمية صحيحة.
أما محمد سرور الصّبان فيرد في مقالته «إيضاح حول كلمة في كتاب نفثات من أقلام الشباب الحجازي» العدد 254 على كلمة محيي الدين رضا التي نُشرت بجريدة المقطّم المصريةتعليقاً على ما جاء في كلمة الصبان في كتاب (نفثات) حول ضرورةالحد من التعليم في الحجاز بما يلائم حاجة الحجازيين. ويقول الصبان في رده هنا إنه لا يعني إلا توجيه التعليم الوجهة العملية، لأن معظم الشباب المتعلم ينخرط في الوظائف الحكومية، وهي وظائف محدودة، وضيق الموارد الاقتصادية في الحجاز يثبت ذلك.
نقد الكتب
لعل أهم كتاب أدبي محلي ظهر خلال هذه الفترة هو كتاب (وحي الصحراء)، إعداد محمد سعيد عبدالمقصود خوجه وعبدالله بلخير. لذلك فقد استأثر باهتمام لا بأس به. ولكن جميع الكتابات التي تناولته كانت بتوقيعات مستعارة، ما عدا مقالة واحدة كتبت بتوقيع فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك. وربما كان «سهران» أهم من كتب عن (وحي الصحراء)، إذ نشر ثلاث مقالات عن الكتاب تتميز بالعمق والشمول والنظرة الموضوعية إلى ما احتواه من نصوص. وقد نوهت الجريدة بأهمية ما كتبه «سهران» عن الكتاب بقولها في صدر مقالته الأولى:«حول وحي الصحراء» العدد 249، 1356ه 1937م : «لأديبنا الكبير صاحب التوقيع غيرة كبرى مشهودة على الأدب والتمسك بأسبابه الرفيعة، في وقت أصبح الانتساب إليه معرّة في عقيدة أدبائنا المعروفين بدليل موقفهم منه، وقد أبت عليه غيرته الأدبية أن يدفن (وحي الصحراء) ولما تمض على ميلاده أيام معدودة..». ومقال «سهران» فيه حث للأدباء والنقاد على تناول الكتاب بالنقد والتقويم الموضوعي المحايد. وهو يعتب عليهم إهماله مع أن صدوره يعتبر حدثاً ثقافياً مهماً في المملكة ويقول:
«إلا أني أستطيع أن أعلن سروري به وفرحي لظهوره وأن أعدّ الاعتزاز به وبأمثاله واجباً وطنياً لندرة ما يظهر لنا من كتب ومؤلفات». ويبدأ «سهران» في نقده للكتاب بمقدمة الدكتور محمد حسين هيكل، ويقول إن فيها من المجاملة الشيء الكثير حتى ليظن القارىء أن مصر والحجاز في حلبة الاتقان والقوة كفرسي رهان. ويرد على هيكل في زعمه أن الأدب في الحجاز متأثر بالبيئة وبالبادية، ويقول إنه ليس في نصوص الكتاب، مع الأسف، ما يؤيد ذلك. بل إن الكتّاب والشعراء هنا متأثرون في الحقيقة بأساتذتهم الأدباء العرب المعاصرين في كل من مصر والشام والمهجر الأمريكي، وأن البيئة المحلية لا تشكل في الحقيقة أية أهمية تذكر. ويقوم الكاتب بتصنيف الشعراء في (وحي الصحراء) إلى طبقات، مبيناً خصائص واتجاهات كل طبقة، ويقول إنه إنما يفعل ذلك تجنباً لذكر الأسماء، لأنه لا يريد التشهير بأي أحد منهم. أما هذه الطبقات فهي على النحو التالي:
الطبقة الأولى: جماعة القصور الشامخة، وهم التقليديون الذين يستوحون صورهم وتراكيبهم من الماضي.
الطبقة الثانية: جماعة الأكواخ وهم الواقعيون الذين يصورون الحياة بحلوها ومرها.
الطبقة الثالثة: جماعة الإبل التي تحوم حول الغدران وهم الناشئة الذين يملكون الموهبة ولكنهم يحتاجون إلى النصح.
الطبقة الرابعة: جماعة الاتقان والإجادة في الشعر والنثر معاً، وهم قلة.
ونتساءل بعد ذلك عن شخصية هذا «السهران» فلا نجد شيئاً يدل عليه، ولكننا نستشفّ من مقالته :«النقد والناقدون» التي نشرها في صحيفة «صوت الحجاز» العدد 379، سنة 1358ه 1939م انه من الاخوة العرب المقيمين في المملكة إذ يقول في هذه المقالة ما نصه: «وبعد، فلا يشق على حضرات الزملاء اننا تناولناهم بما لا يحبون، فقد سلكت نفسي في زمرتهم ووقفت بين يدي المحكمة في صفهم، فأنا أعد نفسي من ناحية الكتابة والبحث حجازيّاً، لأني لم أتصل بالأدباء وشؤونهم إلا في هذا القطر».
وقد تناول من سمى نفسه «ابن رشد» أيضاً كتاب (وحي الصحراء) بالنقد والتحليل، وذلك في مقالته :«الفكرة التامة والحس الملهم بين الشعر والنثر» العدد 253 فلاحظ تشابه نصوصه المختارة، شعراً ونثراً، وعزاها إلى ما سماه «العنصرية» أو «القومية الأدبية» لأن جميع من أسهموا فيه من الأدباء ينتمون إلى بيئة واحدة. يقول: «هناك شبه واضح بين بعض الشعراء في جرسهم الشعري واتجاه خواطرهم وتقارب أخيلتهم، وكذلك يتشابه الكتّاب في مواضيع تفكيرهم ولمحات انتقالاتهم من معنى لآخر وأسلوب المنطق الذي يتخذونه وسيلة للنفوذ إلى أغراضهم. ولئن كان شبه الشعراء يحتاج إلى دقة وإمعان للتثبت منه فإن شبه الكتّاب جليّ واضح يلمسه القارىء في غير عنت ولا مشقة». وهو يضع مقياساً لجودة النثر والشعر والمتمثل في «تمام الفكرة في النثر وإلهام الحس في الشعر». ونقلت صحيفة «صوت الحجاز» ما كتبه «ح نزيل القاهرة» في صحيفة «السياسة الأسبوعية» المصرية حول كتاب (وحي الصحراء) العدد 263 وهو يشيد بالكتاب ويرى تأثر أدبائه بالبيئة المحلية من جهة وبالأساليب العربية الحديثة من جهة أخرى. ويناقش رأي طه حسين فيما كتبه عن أدب الجزيرة العربية، كما يورد شيئاً من مقدمة هيكل للكتاب المذكور. ويرد على «ح» من سمى نفسه :«أحدهم» في مقالة له بعنوان:«حول كتاب وحي الصحراء نحبّ أن تسمع» عدد 266 مشيداً بنقد «نزيل القاهرة»، ولكنه يقول إن مآخذه على الأدباء الحجازيين تحتاج إلى ردود منهم، ومن ذلك نقده لمقدمة ابن عبدالمقصود، وما ذهب إليه من أنّ الأدب لا يزدهر في عهد الفتن والحروب، وكذلك نقده لمحمد حسن فقي الذي تحدث عن رواية رفائيل من غير أن يطلع عليها في الأصل المترجم.
أما فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك فقد كتب مقالة بعنوان: «كتاب الله لا يماثله كتاب» العدد 253 ينتقد فيها كتاب (وحي الصحراء) من الناحية الدينية، مستشهداً بأبيات لأحدهم منها:
آمنت بالوحي في الصحراء أنزله
على الجزيرة كتّاب ميامين
ويقول الكاتب إن الأبيات فيها تصريح بأن وحي الصحراء مثل وحي السماء، وإن الأولى أن يشبّه بوحي مسيلمة «فوحي مسيلمة ووحي الصحراء أخوان متشابهان، فإن الله ليس كمثله شيء وكتابه لا يماثله كتاب». ولكن هذه الأبيات التي استشهد بها آل مبارك غير موجودة في الطبعة الحالية المصورة التي أصدرتها تهامة سنة 1403ه 1983م، فلا بد إذن من الرجوع إلى الطبعة الأولى.
وكتب محمد حسن عواد ثلاث مقالات الأعداد 306، 307 ، 308 تمثل المقدمة لكتاب لم يصدر بعد لإبراهيم هاشم فلالي بعنوان: (رجالات الحجاز). ويقول العواد إن الفلالي أديب مغمور وقد رجاه أن يكتب مقدمة لكتابه فاستجاب لمطلبه، لأن فيما يفعله خدمة للوطن. ويشيد العواد بالكتاب ويذكر أنه أقرب إلى الفن منه إلى التاريخ وان استمد مادته من كتب المؤرخين. ويميز العواد بين كتب التاريخ المحضة الباردة وبين كتب الفن الحية النابضة، ويستشهد على هذه الأخيرة بما كتبه توفيق الحكيم عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكتب كلّ من أحمد عطار وعزيز ضياء عن كتاب محمد حسن كتبي (الأدب الفني) العدد 143 أما كتابة العطار ففيها إطراء كثير للكتاب ومؤلفه إذ يقول إن الكتاب «وحيد في نوعه»، ذلك لأن «أكثر المؤلفين الحجازيين يقلدون المصريين والسوريين في التفكير وفي معظم مناحي الحياة..». أما هذا الكتاب فإنه رغم ضآلة حجمه «سفر من الأسفار الخالدة قلّ أن يأتي بمثله أديب حجازي. وأدباؤنا ليسوا كلهم بل معظمهم لم يتعودوا تفكيراً كهذا التفكير.. والكتاب قد سدّ فراغاً في الأدب الحجازي...». ولكن عزيز ضياء يسخر من كتاب الكُتبْي سخرية شديدة، ويقول إن عنوانه أكبر بكثير من محتواه، وإنه في الحقيقة ليس سوى كتيّب تعليمي في الإنشاء يصلح لطلاب المدارس الابتدائية. ويقول إنه اشتراه من المطبعة الماجدية، ويقع في ست وستين صفحة صغيرة من الحجم الصغير «فوجدت بين يديّ كتيّباً صغيراً هزيلاً صدم آمالي صدمة جبارة، وبدّد ظنوني تبديداً ذريعاً».
ونشرت «صوت الحجاز» نقلاً عن مجلة «النهضة النسائيةا لمصرية» مقالاً ل «صاحب العزة محمد حسني العامري بك» بعنوان :«صرخة حجازية» العدد 84 وهو عن كتاب العواد (خواطر مصرّحة» الذي صدر منذ مدة طويلة، ولكن الكاتب لم يطلع عليه إلا عندما أهداه له «الشاب الغيور عبدالله أفندي عبدالكريم الخطيب». والعامري يشيد بالكتاب ويعجب ببعض فصوله ولا سيما حديث العواد عن «ابن الحجاز»، وحديثه عن «الآنسة الحجازية».
وكتب عن (نفثات من أقلام الشباب الحجازي) كلٌّ من عبدالوهاب آشي وكاتب مجهول نشرت مقالته بتوقيع «شاب». فأما الآشي فإنه ينتقد الكتاب ويقول إن الباعث على صدوره لا يعدو حب الظهور عند الناشئة. وهو يشير إلى جوانب الضعف التي وجدها في الكتاب، وينصح الشباب بالانصراف إلى الدراسة العلمية والتوسّع في المطالعة. أما الكاتب «شاب» فإنه ينتقد بعض المقطوعات الشعرية والنثرية التي احتواها كتاب (نفثات) ولكنه يثني على بعضها الآخر، ويبدأ بمقدمة محمد سرور الصبّان.
وكتب حسين سرحان: «مناوشات ومناقشات» العدد 236 في نقد كتاب أحمد عطار (كتابي)، وقد بدأ بالمقدمة التي كتبها العواد للكتاب وفيها إطراء للعطار وأن أدبه صورة أمينة للأدب الصادق النابع من الشعور. ويقول سرحان إن العطار حين كتب كتابه هذا لم يكن في الحقيقة سوى طالب مبتدىء في المعهد العلمي السعودي، وان كتابه يدل على ضعفه وضعف آرائه.
أما ما كتبه روّادنا في نقد أو عرض الكتب الأخرى فمعظمه ينصب على بعض أعلام الأدب الحديث في مصر في ذلك الوقت:طه حسين والعقاد وهيكل وتوفيق الحكيم الخ. فقد كتب «م» مقالة بعنوان :«على هامش السيرة للدكتور طه حسين» نوّه فيها بما كتبه طه حسين في الجزء الأول من السيرة. وفي مقالة ل «جرير» (سيف الدين عاشور) بعنوان :«شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي» تقريظ للعقاد وسعة ثقافته ومقدرته الفائقة على الاستنباط والنقد. وكذلك كتب «م» عن كتاب العقاد (سعد زغلول) مشيداً بأدب العقاد وما يتميز به من أصالة وعمق. وكتب «س» (أحمد السباعي) عن محمد حسن هيكل في كتابه (حياة محمد)، وقد جمع مقاله بين التقريظ والانتقاد؛ كما كتب محمد حسن كتبي عن كتاب توفيق الحكيم (محمد) وقد استعرض فيه شخصية الرسول، صلى الله عليه وسلم، ودعوته ومحاربة المشركين له، وانتصار الدعوة.
ولا يتجاوز ما نشر عن كتب الشعر العربي القديم مقالتين، إحداهما لمن سمى نفسه «أبو عروة»، والثانية وقد نشرت مسلسلة في ثلاث حلقات لمحمد سعيد عامودي. أما مقالة «أبو عروة» فقد نشرت في السنة الأولى من صحيفة «صوت الحجاز» العدد 46 ، 1351ه 1933م بعنوان :«الديوان المجهول» وتحتوي على نبذة عن ديوان ناقص لا يعرف اسم مؤلفه أُهدي للكاتب من الشيخ محمد الضبيب. أما العامودي فقد جعل مقالته تحت هذه المسميات :«أمراء الشعر العربي طرفة بن العبد، شباب مغامر وشاعرية ممتازة» وهي فصل من كتاب :(من حديث الأدب والنقد). وليس في مقال العامودي سوى تلخيص لمحتويات هذا الكتاب، الذي نسي أن يذكر اسم مؤلفه. وهناك شاعران عربيان معاصران تناول أحدهما حسين سرحان في «مناوشات ومناقشات» عن ديوان الأمير شكيب أرسلان، كما تناول الشاعر الثاني أمين مدني في مقالته التي نشرها في ثلاث حلقات بعنوان :«ديوان الماحي». أما الأدب الأجنبي المترجم فقد عرض له كل من محمد حسن فقي وأحمد عطار. فقد كتب الأول في يومياته عن روايه (رفائيل) للشاعر الفرنسي لامرتين، ترجمة أحمد حسن الزيات، وكتاب (الأمير) في السياسة لنيقولا ماكيافلي. أما أحمد عطار فقد عرض لقصة الشاعر رابندارنات طاغور (البيت والعالم) في أربع حلقات، والتي ترجمها طانيوس عبده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.