أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    مبادرة مستقبل الاستثمار    الضربات الأوكرانية خفضت قدرة روسيا على تكرير النفط 20%    روسيا: المعلومات عن استعداد فرنسا لإرسال قوات لأوكرانيا مثيرة للقلق    55 مشروعًا علميًا في ختام معرض «إبداع جازان 2026»    انطلاق فعاليات كبار القدر "بسطة مشراق" بالدمام    الهلال يحقق فوزًا صعبًا على الأخدود في كأس الملك    وزير الداخلية يبحث مع الرئيس السوري التعاون الأمني    مدرب الأهلي يؤكد جاهزية جالينو لمواجهة الرياض    القادسية يبطل مفاجأة الحزم    أرامكو تستحوذ على حصة أقلية من هيوماين    نائب رئيس الصين: شعار مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار ينسجم مع توجهات العصر    رئيس «الغذاء والدواء» : تجربة المملكة في دعم توفر الدواء تنطلق من حرصها على صحة الإنسان وسلامته    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    الفالح يحث صندوق الاستثمارات العامة على خفض الإنفاق المحلي وإفساح المجال للقطاع الخاص    المملكة تواصل توزيع المساعدات الغذائية في غزة    برشلونة غاضب من تصريحات لامين يامال قبل "كلاسيكو الأرض"    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء في الرياض    محافظ الأحساء يكرّم المدارس المتميزة وطنياً    أمير الشرقية يستقبل منسوبي المؤسسة العامة للري ويرأس اجتماع اللجنة العليا لمشروع مجتمع الذوق    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    المناطيد تكشف أسرار العلا    أمانة تبوك تنفذ 13 ألف متر طولي من خطوط التصريف    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    وزير العدل يوجّه بإطلاق الإصدار الثاني من منصة "تراضي"    السعودية وباكستان تتفقان في بيان مشترك على إطلاق إطار تعاون اقتصادي بين البلدين    تصوير "الأسد" في سماء الإمارات    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض في نوفمبر    مكتبة الملك عبد العزيز العامة تطلق جولتها القرائية ال7 إلى جازان الأحد المقبل    مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي بالأرجنتين يُكرّم 40 فائزًا وفائزة    الدفاع المدني.. قيادة تصنع الإنجاز وتلهم المستقبل    لماذا يعتمد طلاب الجامعات على السلايدات في المذاكرة؟    اقتحموا مقرات أممية بصنعاء.. الحوثيون يشنون حملة انتقامية في تعز    باكستان تغلق مجالها الجوي جزئياً    هنأت حاكم سانت فنسنت وجزر الغرينادين ب«ذكرى الاستقلال».. القيادة تعزي ملك تايلند في وفاة والدته    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    « البحر الأحمر»: عرض أفلام عالمية في دورة 2025    العلا تفتح صفحات الماضي ب «الممالك القديمة»    350 ألف إسترليني ل«ذات العيون الخضراء»    بالتعاون مع جامعة «NUS» الرائدة في الابتكار والبحث.. إطلاق المرحلة الثالثة من مسار «قادة الإعلام» في سنغافورة    جناح يعكس تطور الخدمات والتحول الصحي.. الداخلية تستعرض حلولًا مبتكرة في الخدمات الطبية    ارتفاع تاسي    الحوامل وعقار الباراسيتامول «2»    إنجاز وطني يعيد الأمل لآلاف المرضى.. «التخصصي» يطلق أول منشأة لتصنيع العلاجات الجينية    وزير الداخلية يدشن وحدة الأورام المتنقلة ب«الخدمات الطبية»    أكثر من 54 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال شهر ربيع الآخر 1447ه    التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يستقبل وفدًا من جامعة الدفاع الوطني    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    اليوسف يلتقي عددًا من المستفيدين ويستمع لمتطلباتهم    "التخصصي" يوقّع أربع اتفاقيات لتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية التخصصية    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل أبو هاشم
سلام القبور المفتوحة..!!
نشر في الجزيرة يوم 01 - 11 - 2001

في مشهد «هوليودي» تكرر كثيراً في الأيام الأخيرة فتحت الدبابات الاسرائيلية نيران مدفعيتها على أسرّة افراد الشرطة الفلسطينية وهم نيام في قرية بيت ريما، وفي جو مفعم بالتلذذ بالقتل راحت الدبابات القاتلة تتجول حول الاسرّة لتدكها من مختلف الجوانب والزوايا، وفي السياق الهوليودي ذاته، طارت رؤوس الضحايا من افراد الشرطة بعدما طار منها الفك والاسنان، وانتشرت قصاقيص الجلد البشري وشظايا العظام البشرية في أرجاء المكان لتعود الدبابات الاسرائيلية مزهوة بانتصارها الباهر على الاخلاق..!!
لماذا تفاجأ الفلسطينيون من المذبحة التي قام بها الجيش الاسرائيلي في بيت ريما؟ فالسجل الاسرائيلي الدموي ضد الفلسطينيين حافل بجرائم غريبة في بشاعتها، يندر أن تجد مثيلا لها في أي مكان، أو في أي زمان، إلا في العصور المظلمة التي عانت فيها البشرية من جحافل البربرية أو النازية، أو الفاشية.
كيف خطر في بال البعض من ابناء جلدتنا ان هذا السجل اصبح ينتمي الى الماضي في ظل سلام (القبور المفتوحة)؟!
فكل يوم تفتح قبور جديدة في هذا السجل الدموي..!! وما مجزرة بيت ريما إلا امتداد لمجازر دير ياسين وقبية والطنطورة وغزة والدوايمة واللد والرملة وكفر قاسم والصفصاف والسموع ونحالين وقطاع عزة وصبرا وشاتيلا وعين الحلوة والخليل والمذابح المتتالية للمصلين في الحرم القدسي الشريف ومذبحة الحرم الابراهيمي الشريف والمذابح اليومية لأطفال ونساء وشباب الانتفاضة وعشرات المذابح ضد المدنيين العزل في جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية على مدى اكثر من نصف قرن..!!
في دير ياسين حدث ذات الشيء عام 1948م.. مجزرة إرهابية مدروسة ومخططة ترتكز على اعتماد قانون «الحق المطلق» الذي يضع الصهيونية في جهة اعلى من بقية البشر، وعلى الايمان بالحق الأعمى على العرب ونقض حقوقهم الطبيعية نقضا كاملا الى درجة تصبح فيها جريمة ابادة الجنس العربي هدفاً مطلوبا بحد ذاته.
جريمة لها هدف سياسي واضح ومحدد وهو اشاعة الذعر الجماعي بأعنف ما يكون، عنف يتناقله القاصي والداني فيرتعد الجميع لهوله.. حتى يكون هروب.. وحتى يكون تهجير وترحيل، فسقط 200 شهيد من الرجال والنساء والاطفال..!!
وفي كفر قاسم نظم الارهابيون القتلة مجزرة مدبرة مماثلة، ولم يقم بالمجزرة ذلك الضباط الذي غرمته المحكمة بعد شهور قرشا واحداً!!
على قيام وحدته بقتل العشرات قتلا منظما وبارداً، وواحداً واحداً، وانما قامت بالمجزرة السلطات الاسرائيلية كاملة وبأوامر من اعلى الهرم السياسي الصهيوني وشاعت انباء المجزرة حتى عمت الارض المحتلة جميعها والارض من حولها.
في التاسع والعشرين من اكتوبر عام 1956م، وفي نفس الليلة التي حدث فيها العدوان الثلاثي على مصر، وقعت مذبحة كفر قاسم، احدى قرى المثلث في فلسطين، وراح ضحيتها 57 فلسطينياً منهم 17 من النساء والاطفال.. بعدها سأل أحد الصحفيين الرائد «شموئيل مالينكي» أحد المسؤولين عن المذبحة والذي قدم لمحاكمة صورية ثم افرج عنه ورقي الى مرتبة المقدم:
هل انت نادم على ما فعلت؟
فأجابه «مالينكي» على الفور بكل برود وصلف: بالعكس، لأن الموت لأي عربي في اسرائيل معناه الحياة لأي اسرائيلي، والموت لأي عربي خارج اسرائيل معناه الحياة لاسرائيل كلها!
هكذا وبكل بساطة ووضوح عبّر القائد الاسرائيلي عن الافكار التي زرعها زئيف فلاديمير جابوتنسكي، الاب الروحي لغلاة الارهابيين والدمويين في الكيان الاسرائيلي.
بعد أيام قليلة من مذبحة كفر قاسم أقدم الاسرائيليون على ارتكاب مذبحة رفح، ففي 12/11/1956م أمرت القوات الإسرائيلية شباب المدينة من سن 1545 بالتجمع في المدرسة الحكومية خلال نصف ساعة وانذر المتخلفون بالعقاب الشديد، وبعد فترة لا تزيد على خمس دقائق اخذ الجنود يطلقون الرصاص على الناس دون تمييز، وقد قدر عدد الشهداء في ذلك اليوم بنحو 300 شخص.. ولقد بلغت القسوة بشاويش اسرائيلي ان دخل بيتا في المدينة يوم المذبحة فقتل طفلين امام امهما وهما عطوة علي أبو عاذرة وشقيقه عودة علي ابو عاذرة.. ولما سئل عن الداعي لذلك اجاب «أن زوجته طلبت إليه أن يقتل أربعين عربيا فتمكن من قتل 38 فقط وعز عليه ان لا يحقق رغبة زوجته»..!!
وفي قبية والسموع والخليل وصبرا وشاتيلا وفي جميع المجازر السابقة واللاحقة وحتى مذبحة بيت ريما في رام الله كان الإرهاب الصهيوني يندفع نحو تحقيق غايات في غاية الخطورة تشير إلى تصميم الكيان الإسرائيلي على تحويلها إلى أمر واقع بقوة البطش وقدرة الإرهاب..!!
لقد أعطى العدو الإسرائيلي في «بيت ريما» نموذجا لما يمكن ان يكون رده في حال استهدافه مجددا بعملية قتل لأحد قادته السياسيين، غير ان هذا ليس اعنف ما في جعبة اسرائيل، فهي قد جربت ما هو ابشع طوال 53 عاما من قيام الكيان الصهيوني، وليس هناك ما هو افظع من اقتلاع الانسان من ارضه وتشريده في انحاء الدنيا.. ولهذا فان على اسرائيل ان تعلم ان مجرد غارات هنا وهناك لن تستطيع اخضاع الشعب الفلسطيني، لأن النتيجة واحدة سواء قتلت الفلسطينيين برصاص البنادق او المتفجرات او بقذائف الدبابات وبصواريخ طائرات «إف 16» والأباتشي، فالموت هو الموت، مهما كانت فداحة الخسائر بالمقاتلات النفاثة عن تلك الناجمة عن الرصاص المتفرق وقذائف الدبابات..!!
لم يعد الأمر انحيازا لاسرائيل في عدوانها ضد الشعب الفلسطيني، بل ان الاسرة الدولية وبالذات الدول ذات العلاقة بالكيان الاسرائيلي مشاركة في هذا العدوان المستمر منذ اكثر من عام لعدم قيامها بأي تحرك جاد لوقف إبادة شعب بكل الوسائل العسكرية، فالذي يترشح من عواصم القرار الدولي دائما يربط بين الضحية والجلاد، والعبارة المكررة دائماً المطالبة بضبط النفس، وكأنهم يطلبون من الشاة تحمّل السلخ، ومن الجزار أن يحسن الذبح..!!
لا أحد يستطيع أن يلتمس من عدوه أن يكون رقيقاً وعادلاً.. فلحسن الظن بالجنرالات الذين دبروا المذابح ضد الشعب الفلسطيني ونكلوا بشبابهم ورملوا نساءهم ويتموا اطفالهم.. لحسن الظن بمثل هؤلاء حدود لا ينبغي تجاوزها..!!
وإذا كان معتاداً من الإسرائيليين خاصة واليهود عامة نقضهم للعهود، وتجاوزهم لكل ما هو إنساني وأخلاقي، فان العالم بأسره يشاركهم، المسؤولية بعدم التحرك حتى الآن لإنقاذ شعب يواجه يوميا عمليات انتقامية لم يعرفها التاريخ المعاصر من اية قوة محتلة، فاغتيال المدنيين بصوة علنية ووقحة بالدبابات والطائرات الحربية والهيلكوبتر، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتجويع الشعب الفلسطيني، اصبحت عنوان المواجهة بين المؤسسة العسكرية الاسرائيلية والشعب الفلسطيني الذي لا يجد من يرفع هذا الظلم الفادح الذي يوقع عليه، وكأنه شعب من كوكب آخر.
نعم اليهود قوم انتزعت من قلوبهم الرحمة، وغُيبت الأخلاق والمبادئ عنهم، ولكن البشرية تحفل بالمنادين ليل نهار بحقوق الانسان ودعاة السلام والمحبة، فأين اصبحت ضمائر كل هؤلاء عما ترتكب من مجازر يومية ضد شعب اعزل لا يريد سوى حريته وارض حرة كوطن مستحق.. هي ارض الآباء والاجداد.
إن سلام (القبور المفتوحة) الذي فرضه العدو الاسرائيلي على شعبنا الفلسطيني لن يستمر طويلا، لان الحسابات الفلسطينية مختلفة جدا عن الحسابات الاسرائيلية كالاختلاف بين الجلاد والضحية لان الجلاد في كل الاحوال لن يعترف بأن هناك ضحية قام بقتلها..!!
إن الشعب الفلسطيني لا يحتاج في هذه الايام الى فصاحة المتفاوض او بلاغة الشعراء او الهتافات الحماسية، ولكن الى وحدة وطنية تستند على صلابة المواقف والتمسك بالثوابت الفلسطينية دون تهاون أوتخاذل للوصول للاهداف الفلسطينية في ظل حرب الالغاء والإبادة التي يشنها العدو الاسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني..!!
* كاتب وصحفي فلسطيني الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.