لفت التقرير النهائي ل «برنامج الجودة» في مرحلته الأولى، إلى أن التركيز الرئيس ل «مكوّن المشاريع» لدى برنامج الجودة «تمثّل في تعزيز التوعية في القطاع الخاص، حول أهمية الجودة كقوة دافعة للتصدير وأداة للامتثال للقواعد الفنية، وحماية صحة المستهلكين وسلامتهم. وكان التطوير الرئيس في هذا الاتجاه إطلاق مشروع تطبيق مواصفات «أيزو» عام 2006، بتوفير وحدات التدريب والزيارات الاستشارية الكثيفة إلى 50 مؤسسة لبنانية خاصة في كل المناطق، وعدد من القطاعات الخدماتية والصناعية بهدف تحديث «أنظمة ضمان الجودة» لديها». وأشار إلى أن البرنامج «استطاع إحراز العدد الأساس المنشود للشهادات الممنوحة بل تجاوزه، إذ وصل العدد إلى 38 شركة مُنحت شهادة «أيزو». كما اضطلع بدور رئيس في ترويج ثقافة الجودة ومبادئ سلامة الغذاء وتعزيزهما، في القطاعين العام والخاص، فضلاً عن المساهمة في زيادة مستويات فرص دخول المنتجات اللبنانية إلى الأسواق الدولية». واختارت «الحياة» ثلاث شركات لبنانية حازت هذه الشهادة، روى أصحابها عن تجربتهم مع هذا البرنامج والفوائد التي أفضى إليها في عملية الإنتاج والإدارة والكلفة والتصدير. شركة «ألفا إنترفود» المنتجة لسلع غذائية تحمل اسم «حدائق شتورا»، تصنّع المعلّبات والحلاوة والطحينة والمربيات والزيتون وزيت الزيتون، حازت شهادة «أيزو 22000 :2005» في حزيران (يونيو) عام 2008. واعتبرت مسؤولة برنامج الجودة في المصنع زينة حرب أن البرنامج «ساعد على حصولنا على هذه الشهادة، وهي تشكل أولوية في عملية التصدير، وتسمح لنا بالحفاظ على الإنتاج بمعايير ومواصفات الجودة العالمية». وأكدت أن صناعات لبنانية كثيرة «كانت تصدر وتنافس بالجودة والنظافة، على رغم غياب الاهتمام الحكومي والدعم». ولفتت إلى أن شركتها «لم تستغرق وقتاً للحصول على هذه الشهادة، إذ كانت تحرص دائماً على التحديث في عملية الإنتاج، كما نشارك في المعارض العالمية، ونلج إلى أسواق جديدة من خلالها». وأعلنت العمل على «الدخول إلى أسواق الشرق الأقصى». وبفضل هذا البرنامج باتت شركة «ساموبيلت» المنتجة للأحزمة الجلدية، والتي نالت شهادة «أيزو 9001:2000» في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2007، تصدّر إلى أسواق مشهورة بصناعة الجلود، مثل تركيا، فضلاً عن أسواق دول متقدمة. ولفت صاحبها بسام فرشوخ، إلى أن المشاركة في البرنامج «أدت إلى ضبط الإدارة وتنظيم الإنتاج وتحسينه، واختيار المواد الأولية الداخلة في الصناعة بمواصفات عالمية وبدقة لتفادي الأخطاء وبالتالي الهدر في التشغيل». وأعلن أن الأمور تطورت في شكل «أفضى إلى تراجع نسبة الأخطاء في التصنيع بنسبة 85 في المئة، كما تقلّص الهدر في التكاليف التشغيلية 75 في المئة، لأن عملية الإنتاج باتت تستند إلى دراسة متأنية ودقيقة». وانسحب هذا التحسن على «ضبط عمل اليد العاملة». وأكد أن «الثقة في منتجاتنا تعزّزت، وفتحت لنا أسواقاً جديدة إلى أوروبا وتركيا». وأشار إلى «زيادة نسبة التصدير 55 في المئة»، موضحاً أن «معظم إنتاجنا يصدّر إلى الخارج». ونجحت شركة «ليفيكو لصناعة الفايبر» بفضل مشاركتها في هذا البرنامج في التصدير إلى كل أسواق أوروبا، وحصلت على شهادة «أيزو 9001 :2008» في تشرين الثاني عام 2007. واعتبر مدير قسم الجودة في المصنع حمزة حلباوي، أن البرنامج «مهم جداً، ويشكل جزءاً من عملية دعم الصناعة اللبنانية، في ظل غياب الدولة»، وطالبها ب «استقدام مزيد من هذه البرنامج التي تساعد الصناعة اللبنانية على تخطي كل المعوقات التي تعترض عملية الإنتاج والتخفيف من الكلفة المرتفعة، لتصبح قادرة على منافسة الإنتاج الصيني في أسواق أوروبا». وأكد أن شهادة «أيزو» لا تعني كما «يعتقد الناس تسويق السلعة والمنتج فقط، بل هي تمثل تحوّلاً في عملية الإنتاج من عمل فردي إلى مشاركة جماعية مؤسساتية، فضلاً عن أنها تحسّن صورة المنتج والخدمة، وتعزّز ثقة الزبائن ومورّدي المواد الأولية في الشركة المنتجة ومستوى عملها وإنتاجها». وأوضح حلباوي أن «ليفيكو»، تصنّع القطن الصناعي غير المحاك، من إعادة تدوير مادة البلاستيك من النفايات، وتصدّره إلى أسواق أوروبا، وتُصنّع منه المعامل الألبسة والأنسجة الداخلة في تصنيع اللحف والوسادات والفرشات وبالتالي تصنيع فرش السيارات والطائرات». كما تُصنّع من هذا القطن مادة Geo Textile المستعملة كمادة عازلة لمنع جرف التربة». وأشار إلى أن المعمل «يشتري من شركة «سوكلين» (الشركة المولجة جمع النفايات) بالتعاون مع البلديات، 15 طناً يومياً من نفايات البلاستيك، ويصنّعها ويصدرها قطناً غير محاك». واعتبر أن هذه العملية «تساهم في حلّ جزء من مشكلة معالجة النفايات في لبنان، وفي حماية البيئة من هذه المواد التي تستغرق سنوات طويلة لتتحلّل في الطبيعة». وطالب الدولة اللبنانية ب «حملة توعية للمواطنين لفرز النفايات بدءاً من المنزل، وبدعم المشاريع المتصلة بعملية إعادة تدوير النفايات التي يرتّب شراؤها تكاليف مرتفعة على هذه الصناعة». وأعلن أن «صادراتنا إلى أسواق أوروبا ازدادت بفضل مشاركتنا في برنامج الجودة وحصولنا على الشهادة»، معتبراً أن الجودة هي ثقافة تنسحب عناصرها على كل جوانب الحياة». ولم يغفل التدريب الذي خضع له الموظفون في المعمل واكتسبوا هذه الثقافة التي انعكست على أداء عملهم والإنتاج عموماً»