وزير الخارجية يلقي كلمة المملكة في مؤتمر "حل الدولتين"    سمو وزير الخارجية يصل نيويورك للمشاركة في ترؤس الاجتماع الوزاري لمؤتمر حل الدولتين    83 ترخيصاً وآلاف الوظائف.. 58 مصنعاً جديداً بدأت الإنتاج    "حساب المواطن" يصدر نتائج الأهلية لدورة أغسطس    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فهد بن ثنيان    طالبت السوداني بالتحرك.. واشنطن تتهم حزب الله بتنفيذ هجوم بغداد    يصل إلى طهران خلال أسبوعين.. منع وفد «الطاقة الذرية» من زيارة المواقع النووية    دعت إلى خطوات فورية لوقف إطلاق النار.. ألمانيا تلوح بزيادة الضغط على إسرائيل    "القادسية" يعلن عودة ياسر الشهراني    نيابة عن وزير الخارجية.. مندوب المملكة لدى الأمم المتحدة يشارك في الاجتماع التنسيقي الخليجي    أكد حرص المملكة على تبادل الخبرات بين المختصين في البلدين.. وزير الداخلية ونظيره الفرنسي يوقعان وثيقة تعاون أمني    "قبول": الجامعات ستتواصل مع "الطلاب" قبل بداية الدراسة    قضايا تمس حياة الناس وممتلكاتهم .. القحطاني: تحذيرات الطقس مسؤولية حصرية للأرصاد    نجوم عالميون في حفلات صيف" مدل بيست"    تامر حسني ينتقد عمرو دياب على "منصات التواصل"    مانجا تطلق لعبة "Sonic Racing" في الشرق الأوسط    الخلايا الجذعية تعالج "السكري من النوع الأول"    وزارة الصحة تتصدى لالتهاب الكبد الفيروسي: أكثر من 19 مليون فحص و 95% نسبة الشفاء    ألتمان يعترف: الذكاء الاصطناعي يخيفني    X تحدد الأفضل بملاحظات المجتمع    ذكاء اصطناعي خارق    تداول يعاود الهبوط ويخسر 70 نقطة    76% من اكتتابات الخليج بالسوق السعودي    الرياض تحتفي بانطلاق العد التنازلي ل"دورة ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025″    مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة 2025 يوسّع قائمة المشاركين    منتخبنا للشباب يواجه قطر والكويت واليمن    التحكيم الرياضي ورابطة المحترفين يوقعان اتفاقية تعاون    أخضر الصالات يواجه أستراليا    مشاريع البناء ترفع أسعار الرمل الأحمر 19%    وزير الداخلية يلتقي مجموعة من منسوبي الوزارة المبتعثين للدراسة في فرنسا    تقدم الدول وتخلفها    الدوران.. جوهر الظواهر وأسرار الحياة    الانحراف عن المسارات مخالفة مرورية    قبلة على جبين أرض السعودية    اتفاق أميركي أوروبي: رسوم 15 % على سلع التكتل    الطبيب والمهندس عقول تتكامل    «المصمك».. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة    مجلة الفيصل.. نصف قرن من العطاء    جهود متواصلة لحماية المواقع التراثية    وداع وطني لزياد الرحباني    فهم جديد للمعنى كيف تشكل الأزمات طريقة عيشنا    ثقافة القطيع    موقف سعودي داعم لسورية    سورية: انتخابات برلمانية في سبتمبر    أمراض تشير إليها الأقدام الباردة    إنزيم جديد يفتح باب علاجات    التلوث الهوائي يزيد الإصابة بالخرف    شوريًّة تحذر من الممارسات المسيئة من بعض المعتمرين والزوار وتقترح الحلول    المسعودي مديرا تنفيذيا للاتصال بكدانة    "الغامدي": متحدثًا رسميًا لوزارة "الشؤون الإسلامية"    أعضاء المجلس المحلي ومشايخ ووجهاء صبيا يهنئون المهندس نمازي بتكليفه رئيسًا للبلدية    أكثر من 1000 جولة رقابية وفنية على الجوامع والمساجد نفذتها إدارة مساجد العيدابي خلال شهر محرم    أمير القصيم يرعى تدشين فعاليات اليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي    فندق فوكو يعلن عن ترقية طلال القحطاني كمدير للمبيعات    عقدت اجتماعها الدوري برئاسة المفتي.. هيئة كبار العلماء تستدعي خبراء لتقديم رؤى متخصصة    محمية الأمير محمد بن سلمان تحتفي بولادة أول"وعلين نوبيين"    إحباط تهريب 75,000 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الهلال الأحمر بجازان يُحقق المركز الأول على مستوى فروع المملكة في الاستجابة للحوادث المرورية والبلاغات الطارئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شغب الملاعب اللبنانية «تنفيس» سياسي ومذهبي
نشر في الحياة يوم 06 - 04 - 2009

تتعدد صور شغب الملاعب أو بالأحرى «عنف الملاعب» في لبنان. مدّ وجزر منذ عقود طويلة، تحولا الى مؤشر أو «بارومتر» للأحوال السياسية والطائفية في السنوات الأخيرة.
من بلغ عمر الأربعين أو تعداه قليلاً، وكان من متابعي النشاط الرياضي، وخصوصاً مباريات كرة القدم، يتذكّر شغباً متفرقاً أوقع قتلى وجرحى في الملاعب وخارجها، وتدخلا للقوى الامنية وتحديداً «الفرقة 16».
لن نستفيض في سرد تلك المحطات، بل نقفز الى عقد التسعينات من القرن الماضي، مع «عودة الحياة الطبيعية»، وانفتاح المناطق على بعضها بعضاً بعد «اتفاق الطائف»، اذ تحركت عجلة النشاط الرياضي بوتيرة تصاعدية، ودبت الحياة في الملاعب. كنا مزهوين بعشرات الآلاف يتقاطرون الى المدرجات، يحتفلون بفرقهم وفق طقوس تخرج أحياناً عن اللغة الرياضية السليمة والروح السمحاء.
تكثر التحاليل والتفسيرات، لكن سعادة مبطنة كانت كامنة في النفوس، باعتبار أن هذه العصبية تولّد منافسة وتشدّ من أزرها وتُكسب البطولات والمسابقات رونقاً، بل أن محللين اعتبروا ما يدور في المدرجات والكرّ والفرّ بين مشاغبين وعناصر القوى الأمنية، ملحاً وبهاراً لوجبة المنافسة وألواناً للوحة المدرجات النابضة بالحياة، وفاكهة النقل للتلفزيون وأخبار وسائل الإعلام.
توقفت مباريات وكادت تُنسف بطولات بكاملها، ما حمل اتحاد كرة القدم مثلاً على منع الجمهور من دخول الملاعب نصف موسم. غير ان الهدوء النسبي عاد ليخيم طالما أن «الأمن ممسوك في البلد».
عموماً، ارتبطت أحداث الشغب في الملاعب بمباريات كرة القدم، ووضعت مؤلفات كثيرة وأعدت دراسات في العالم حول هذا الموضوع. غير أن «النسخة اللبنانية» لهذه الظاهرة تخرج معاييرها عن النزاعات القومية وموضة ال «هوليغانز» الأوروبية، و«باراس برافاس» الأرجنتينة، فهي نسيج «الصيغة اللبنانية» ًوترسباتها.
عندما أحرز فريق الحكمة لكرة السلة لقب بطولة الأندية العربية عام 1998، محققاً أول انتصار من هذا النوع لفريق لبناني، جابت تظاهرات سيارة المناطق، خصوصاً في شمال العاصمة بيروت ومناطق كسروان وجبيل والمتن المسيحية. وكان هذا «التفلت الجماهيري» تعبيراً عن رفض ل «حال الاذعان والضغط السياسيين» على هذه المناطق. فجسّد الفوز الحكماوي بوتقة نحو «الارادة الحرة والشخصية المستقلة».
وسبق ذلك صراع بين جمهوري الأنصار والحكمة «الكرويين» نابع من ترددات تلك الحال السياسية التي كانت مسيطرة.
ولعبت لاحقاً صيغة المنافسة بين جناحين بيروتيين طائفيين دوراً في تأجيج ال «دربي» بين الرياضي والحكمة في كرة السلة، وأدت ب «رؤوس حامية» الى أن تنتهي دائماً في أمسيات المنافسة، مُعتقلة في مخافر الشرطة.
ولم تتبدل الصورة في الأعوام الأربعة الأخيرة، وإن تبدلت مواقع أطراف النزاع. وغمرت موجة «حرية سيادة استقلال» بعيد التظاهرة المليونية الشهيرة في 14 آذار (مارس) 2005، الوسط الرياضي ايضاً، وادت الى انسجام نظري بين هذه الاطراف من خلال الدعوة الى نشاطات مشتركة لأنصار الأندية، عكس صورة حضارية تتماشى والواقع السياسي المستجد، الا ان المناصرين سرعان ما كانوا ينسون الغاية ويغرقون في تفاصيل صغيرة، تعيد الحماوة وتخرج المباريات عن «نصها» الرياضي.
واوجد الفرز السياسي المستجد، فرزاً مناطقياً مذهبياً، انعكس سلباً على مباريات كرة القدم مجدداً، ولعل المباراة الدولية بين لبنان والكويت على ملعب بيروت البلدي عام 2006، أصدق دليل على حال الانحدار، اذ نسي الجمهور اللبناني غاية تكتله في الدرجات، وبدأ يكيل الشتائم لبعضه بعضاً ولرموز سياسية ودينية، ما حدا بعناصر الجيش الى التدخل والفصل بين اطراف... ولاحقاً صدر قرار رسمي بمنع دخول الجمهور الى الملاعب الا في حالات استثنائية وبأعداد مقننة.
والواقع السيّىء في كرة القدم لم يصب كرة السلة، لكن صداماتها أكثر عنفاً أحياناً.
وإذا كانت الأخطاء التحكيمية أو اعتقاد حصولها شرارة محفّزة دائماً لاندلاع الشغب والعنف في مباريات كرة القدم وكرة السلة، فإن الانقسام السياسي زاد الطين بلة في انعكاسه على الرياضة، فباتت فرق ترمز رغماً عنها الى جهات محددة، نظراً لتصرفات جمهورها، وتمثله على المدرجات بتعصّب جمهور فرق عالمية شهيرة مثل لازيو الايطالي المتبني نزعة فاشية موسيلينية وليفورنو المتبني نزعة شيوعية... وبين مخلص للاستقلال ولقومية المنطقة ثم الوطن، ومناد بعمقه العربي تحتدم الصراعات في ملاعب فرق من «لون واحد» أو بين مناصر لهذا اللون، ومؤيد داعم لمنافسه في المنطقة ذاتها. وأصدق مثال على ذلك «الجنون» الذي عطّل مباراة الحكمة وتبنين في بطولة كرة السلة، لا سيما ان الأضرار تتعدى دائماً ميدان المباراة الى السيارات المتوقفة في جوار الملعب، فضلاً عن مطاردات سيارة. ويبقى الخاسر الأكبر الفريق الذي يتعرّض لغرامات مادية وعقوبات أخرى (منها خوض مباريات من دون جمهور) وتشويه لرسالته الرياضية، علماً أن الإجراءات «الرادعة» لم تصب نجاحاً بعد.
في عالم الرياضة، يمكن للنظام الديموقراطي أن يتيح للجهة الأضعف الفوز على الجهة الأقوى، وهنا بالذات تكمن جاذبية المنافسة، كما يؤكد استاذ علم الثقافات الشعبية الدكتور الأرجنتيني بابلو ألابارسيس.
لكن في مفهوم الشباب اللبناني المحتشد في الملاعب، فإن فريقه دائماً على الحق، ومعنى الديموقراطية أن يناصره بإخلاص على طريقته، مطبقاً مثل القائل «من الحب ما قتل»، وأول المرتكبين أعضاء روابط المشجعين ومنسقو تحرّك الجمهور! وتكون الضحية اللعبة والمستوى الفني وهروب المستثمرين والداعمين مادياً، ليبقى السلم الأهلي دائماً على «كف عفريت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.