أضحت فضيحة المأكولات المجلدة في فرنسا والتي استخدم في تصنيعها لحم الخيل بدلاً من لحم البقر، أي ما يُعرف ب «هورس غيت»، لغزاً يتعذر حتى الآن تحديد المسؤولين عنه. ومن حيث المبدأ فإن المسؤولية تقع على طرف أو أكثر من بين نحو ستة أطراف، بادرت جميعها إلى إبراز براءتها موجهة الاتهام ضمناً إلى آخرين. وأبرز الأطراف المعنية هي مجموعة «فاندوس» التي تسوق مأكولات مجلدة في أوروبا والعالم والتي أعلنت عقب إعلان الفضيحة عن صدمتها وسحبت كل أصناف المأكولات المعنية من الأسواق الفرنسية والبريطانية والسويدية وتقدمت بدعوى ضد مجهول أمام القضاء الفرنسي. ونفت المجموعة أي علم لها باستبدال لحم البقر بلحم الخيل الأرخص ثمناً، مؤكدة أنها تعرضت لعملية غش لا تعلم مصدرها وأنها ما كانت لتسوق مأكولات مجلدة، مُخفية نوع المواد التي تحتويها. ومن الطبيعي أن تتجه الأنظار أيضاً إلى مؤسسة «كوميجيل» التي تُعِد المأكولات المجلدة لمجموعة «فاندوس»، إضافة إلى مجموعات أخرى توزع منتجاتها في نحو 16 بلداً أوروبياً. ولكن «كوميجيل» نأت بنفسها عن أي مسؤولية عن عدم التحقق من طبيعة المواد التي تستخدمها، مشيرة إلى أنها تزود مصانعها باللحوم لدى مؤسسة «سبانجيرو»، التي أكدت أنها تشتري اللحوم عبر متعامل قبرصي يزودها بمواد متدنية الكلفة من مسالخ في رومانيا. وشدّدت «كوميجيل» على أنها أيضاً تعرضت لخديعة وتعتزم المطالبة بتعويضات عن الأذى الذي لحق بسمعتها، فيما أشارت «سبانجيرو» إلى أنها تعتزم ملاحقة المسالخ الرومانية التي تبيعها لحوم الجياد بدلاً من لحوم الأبقار. وهذا الاتهام لم يرق للطرف الروماني، إذ أكد رئيس الجمهورية اليان اليسكو عدم مسؤولية بلاده عن الفضيحة، كما جزم مديرو المسالخ المعنية بأنهم لم يبيعوا أي كميات من لحوم الجياد إلى فرنسا. وأشارت السلطات الصحية الفرنسية، التي تُعتبر أبرز المعنيين بالأمن الغذائي، إلى أن فضيحة «هورس غيت» سببها رفض المجموعات الصناعية الغذائية الكبرى تحديد مصدر المواد التي تحتويها مأكولاتها بسبب الكلفة المترتبة على ذلك. وسارعت إلى تنظيم اجتماع ضم وزير الزراعة ستيفان لوفول والممثلين عن الصناعات الغذائية، أُعلن في ختامه أن رقابة مستمرة خلال السنة ستُفرض على المأكولات المجلدة التي تحوي لحوماً وأسماكاً، وأن إجراءات ستعتمد لفرض الشفافية على صعيد المواد المستخدمة في المأكولات المجلدة. ومن المقرر أن تشكل فضيحة «هورس غيت» محوراً لاجتماع يُعقد اليوم في بروكسيل ويشارك فيه مفوض الصحة في الاتحاد الأوروبي تونيو بورج ووزراء من الاتحاد لمناقشة القرارات التي يجب اعتمادها لتجنب مثل هذه الفضائح في المستقبل. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند انتقد «الإهمال» الذي تسبب بالفضيحة ودان «الجشع» الذي أدى إلى هذه الفضيحة وتعهد بعقوبات جنائية وإدارية بحق المسؤولين. ولكن المشكلة أن المسؤول أو المسؤولين مجهولون حتى الآن، والكشف عنهم بات من صلاحيات المحققين، فيما المستهلك يجهل ماذا يأكل أو نوع الأدوية التي يتناولها نظراً إلى تعدد الفضائح التي زعزعت ثقته بنظام الأمن الغذائي والصحي.