(ليس الخبر كالمعاينة) حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه الطيالسي، وهذا ما سيطرحه المقال من وسط الحدث، ومن معاين ومستفيد من قطار المشاعر، وللمرة الثانية. في البدء لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن فكرة القطار فكرة رائدة تأخرنا في تنفيذها كثيراً، وهي تعني اختصار الوقت والقضاء على زحام الحافلات، وسهولة الانتقال بين المشاعر، وبانطلاق قطار المشاعر تدخل خدمات الحج مرحلة جديدة بآليات ورؤية مستقبلية متطورة، وترتبط المشاعر في ما بينها بحركة ترددية آلية، وقدرة استيعابية عالية تصل إلى 100 ألف حاج في الساعة كما صرح بذلك المدير العام للمشروع. وفي العام الماضي كتبت عن قطار المشاعر كمستفيدة تقيم الخدمة وتبدي بعض المرئيات والمآخذ، وجزمت أن المرحلة التجريبية لا تخلو من الأخطاء التي تخضع للتقويم والاستئصال لا سيما إن كانت تهدد حياة الناس، وللأسف تشرفت بركوب هذا القطار مرة أخرى مع الاستمرار في الخطأ الفادح. دعك من المبلغ السخي الذي رصد للمشروع 6,7 بليون سعودي، ومن الشركات التي درسته شركة سسترا الفرنسية، ومن تنفيد المشروع الذي قام عليه الاتحاد الفدرالي الألماني للقطارات بالتضامن مع سعودي دار الهندسة، ومن المكونات التي جاءت من دول عدة، فالمحركات جاءت من كندا والفرامل من ألمانيا، ومن شركة بناء السكك الحديدية الصينية التي حرصت على تحسين صورتها وإظهار قدرتها على تطوير أعمالها الأساسية في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط. كل ما مضى كلمات نسمعها ونعتقد بأننا سنراها ونلمسها في السنوات القادمة، أما هذه السنة فهي كالتي قبلها، وإليكم أيها الأفاضل ما عايشته من تجربة: أولاً: طريقة التفويج العشوائية، فمن الانطلاقة من الحملة وحتى ساعة استقلال القطار قضينا ساعات، ابتداء من زحمة المصعد نظراً إلى وجود من يحتاج له بين أظهرنا، ولأن محطة القطار لم تزدان إلا بمصعدين فقط، اضطرنا أن نقف ساعتين خلف طوابير البشر المتراكمة ما بين منى وعرفة، وكذلك في النفرة من عرفة إلى مزدلفة حتى قررنا ألا نركبه مرة أخرى، لأن صعود السلالم للمضطرين أهون من الانتظار الطويل وزحمة البشر. ثانياً: وصلنا بحمد الله إلى محطة القطار بعد ساعتين من الانتظار في انتظار قطار المشاعر الحلم الذي طالما انتظرناه، ففوجئنا بقطار لم يعدل على رغم مرور عام على حسب مواصفات ومقاييس السلامة والأمان، وستصعق للمرة الثانية بتحذير: انتبه بين القطار والباب مسافة سنتيمترات كن على حذر، لأن قدمك لو سقطت ستكون شهيد قطار المشاعر؟ فأين أعين المهندسين والمنفذين والشركة الصينية وسسترا الفرنسية والاتحاد الفدرالي الألماني عن مثل هذا الخطأ الذي يودي بأقدام البشر؟ ثالثاً: ركبنا بحمد الله القطار، وتفاجأت بعد أن عقدت مقارنة سريعة بين قطارات العالم (الميترو) التي استقليتها في بلاد العالم ولم يصرف عليها ربع موازنة قطار المشاعر وبين قطار المشاعر، عدد الكراسي المحدود جداً في المركبة حتى إن نصف السيدات إن لم يزد ذلك صرن واقفات بعد أن نفذت المقاعد المحدود التي لم يجلس عليها رجل واحد، وهل هذا التصميم الحضاري هو نتاج تجارب الشركات الألمانية والفرنسية والصينية، وما الفارق بين قطارات العالم ذات المستوى المتقدم جداً وقطار المشاعر، وهل يعقل أن المسؤولين والمنفذين راضون عن القطار بهذه الصورة؟؟ رابعاً: وصلنا بحمد الله إلى عرفة، ومع محدودية العدد الذي ازدحم به القطار ذو المسارين، تفاجئك طريقة التفويج التي اعتمدت على اجتهادات أصحاب الحملات، وكأنك في مطار جدة وأصحاب الحملات كل ينادي على أصحابه، وننتظر ساعة إلا ربع حتى يجتمع الركب، فذهبت بي الذاكرة للمستقبل، وكأني بالقطار يخدم الملايين بدل المئات، ما الذي سيحصل؟ وما مصير الحجاج في مثل هذه الفوضوية. بقي أن أطرح سؤالاً ملحاً أليس قطار المشاعر مشروعاً حيوياً مهماً لخدمة ضيوف الرحمن، ودعم منظومة النقل في الحج وفقا لمعايير عالمية وتقرباً إلى الله بخدمة ضيوف الرحمن، فهل روعيت عملية التقويم الدقيقة جداً لهذه التجربة؟ وهل سيستفاد من وجهات نظر المستفيدين منه، لتلافيها في السنوات القادمة، أم أن مصيرها مصير التقويم في السنة الماضية، على أمل أن يحقق القطار أعلى درجات النجاح والتميز. * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected]