ربما يعد الشخص نفسه محظوظاً في الشرق الاوسط اذا حظي بتأشيرة هجرة الى احدى الدول الاوروبية، وربما يدفع شباننا كل ما يملكون للحصول على هذه الفرصة، لكن الحقيقة هي ان القارة العجوز بحاجة ملحة وعاجلة الى ملايين المهاجرين حتى تبقي على نمط حياتها وانتاجيتها وثبات مؤسساتها. وحسب تقرير للامم المتحدة عن الهجرة في العالم فانه بعد مرور 50 عاماً سيقل عدد السكان في القارة الاوروبية بنحو 100 مليون شخص، وتوقع التقرير انه حتى لو هاجر اليها ما معدله 600 الف مهاجر سنوياً، فان عدد السكان سيهبط نحو 96 مليون شخص بحلول العام 2050، فيما سيهبط العدد من دون المهاجرين بنحو 139 مليوناً. وتظل أفضل فرصة للحد من الهبوط الحاد في عدد السكان، زيادة اعداد المهاجرين اكثر واكثر، خصوصاً ان التقرير اوضح ان العدد كان سيهبط اكثر خلال الاعوام الخمسة الاخيرة من القرن الماضي بنحو اربعة ملايين شخص لولا موجات الهجرة الكبيرة التي شهدتها القارة. في نهاية التسعينات، ساهمت الهجرة بثلاثة ارباع معدل النمو السكاني في النمسا والدنمارك واليونان وايطاليا ولوكسمبورغ واسبانيا وسويسرا. وخلال العقد الماضي تضاعف عدد الاجانب مرتين في كل من ايطاليا وفنلندا وجمهورية ايرلندا والبرتغال واسبانيا، ومع ذلك شدد التقرير على انه على رغم ما قد يوفره المهاجرون من استدراك لتداعيات التقدم في العمر والشيخوخة للسكان وتوفير ايدٍ عاملة تغطي النقص الموجود الا انهم لن يوفروا حلولاً لمشاكل برامج المعونات الاجتماعية. وينصح التقرير القارة الاوروبية بان تزيد اعداد المهاجرين ب"معدلات خيالية ومستحيلة" اذا أريد ان يكون هناك ما يكفي من السكان في السن القانوني للعمل، حتى يتسنى دعم برامج الطفولة والتقاعد مادياً عن طريق دفع الضرائب. وعلى سبيل المثال، يشير التقرير الى فرنسا، التي من المتوقع ان تستقبل نحو 3,75 مليون مهاجر جديد خلال الخمسين سنة المقبلة، لكنها بحاجة الى 90 مليوناً كي توازن المعدل بين الخارجين من القوة العاملة والملتحقين الجدد. وفي السنوات الاخيرة كانت اميركا الشمالية الوجهة المفضلة للمهاجرين والذين يبحثون عن حياة جديدة. فبين عامي 1960 و2000 تضاعف عدد ابناء المهاجرين المولودين في الولاياتالمتحدة اكثر من ثلاث مرات، من 10 ملايين الى 35 مليوناً، اضافة الى 8 ملايين في كندا. وفي مطلع الستينات كانت نسبة المهاجرين الجدد مقارنة بعدد السكان تبلغ 6 في المئة فيما ارتفعت هذه النسبة اليوم الى 13 في المئة. وارتفعت اعداد المهاجرين ايضاً في اوروبا خلال الفترة ذاتها، من 14 مليوناً الى 33 مليوناً، وزادت نسبتهم من اعداد السكان الاصليين من 3,3 في المئة الى 6,4 في المئة. وللعلم، فان تقرير الاممالمتحدة لم يحسب ارقام الهجرة الى كل من روسيا واوكرانيا وبيلاروسيا واستونيا ولاتفيا ولتوانيا ومولدوفا كجزء من اوروبا.