نجحت حملة الضغط التي قادها القصر الملكي في تجنيب الحكومة الاردنية أي رد فعل سلبي سياسي او اجتماعي على اصدارها قوانين موقتة معدلة لتشريعات قانونية سارية منذ عقود، لكن هذه القوانين بدأت تثير جدلاً واسعاً في اوساط مؤسسات المجتمع المدني المحلية. فقد اصدرت الحكومة قانونين معدلين لقانون العقوبات وقانون الاحوال الشخصية في خطوة اعتبرت لمصلحة المرأة الاردنية، لكنها ما كانت لتمر لو كان مجلس النواب لا يزال يعمل. اذ سبق للمجلس الذي جرى حله في حزيران يونيو الماضي ان رفض تعديلاً على قانون العقوبات قدمته الحكومة في محاولة للحد مما يسمى "جرائم الشرف". وطاول تعديل قانون العقوبات المادة 340 التي ثار حولها جدل كبير في السنوات الماضية بعدما اعتبرت السبب في تزايد "جرائم الشرف" التي تستهدف نساء يشتبه ذويهن في سلوكهن الاخلاقي. واستبدل التعديل بالعذر المخفف العذر المحل في المادة المذكورة الذي كان ينص على انه: "يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته او احدى محارمه في حال التلبس بالزنا مع شخص آخر واقدم على قتلهما او جرحهما او ايذائهما كليهما او احدهما". وتقول مصادر حكومية تساندها منظمات نسائية ان التعديل يهدف الى الحد من الجرائم التي بلغت منذ بداية العام الحالي 19 جريمة. وفي المقابل اعتبر معارضو التعديل انه لن يحل المشكلة، لان العذر المحل في حالة التلبس لم يطبق في المحاكمات سوى في حالة واحدة منذ الخمسينات، اذ خفف القضاء الكثير من الاحكام على قاتلي زوجاتهم او محارمهم الى ستة اشهر من دون وجود حالة التلبس، لذا يطالبون بالتشدد في تطبيق القانون بدل الغائه. وستكون الحكومة مجبرة على تقديم كل القوانين الموقتة التي تصدرها في غياب مجلس النواب الى اول جلسة يعقدها المجلس الجديد لمناقشتها واقرارها، وهو امر محفوف بالمخاطر اذا عاد حزب "جبهة العمل الاسلامي" الى المشاركة في الانتخابات النيابية. وقد رحبت الهيئات النسائية بالتعديل لكنها رأت انه ليس كافياً لرفع الظلم عن المرأة، وأعربت الناشطة إميلي نفاع عن املها في ان تكون هذه الخطوة بداية لالغاء كافة اشكال التمييز ضد الاردنيات وطالبت بالغاء العذر المخفف لحماية الاسرة. لكن رئيسة معهد تضامن النساء المحامية اسماء خضر اعتبرت ان التعديل ازال التمييز بين الرجل والمرأة واعطى الطرفين الحق في العذر المخفف. الجهة شبه الوحيدة التي رفضت التعديل هي التيار الاسلامي المتمثل خصوصاً بحزب "جبهة العمل الاسلامي" حيث قال النائب الاول لأمينه العام الشيخ حمزة منصور ان حزبه "يرفض التعديل لانه لا يخدم المرأة الاردنية العفيفة بل يفتح باباً للشر سيعود بنتائج سلبية على المجتمع". واعتبر رئيس لجنة العلماء في الحزب الدكتور ابراهيم زيد الكيلاني ان "التعديل يخدم المصالح الغربية التي تتعارض مع التقاليد والعادات العربية". وكانت الحكومة قد اصدرت قانوناً معدلاً لقانون الاحوال الشخصية تضمن رفع سن الزواج للانثى الى 18 عاماً وضرورة ان تعلم المحاكم الشرعية الزوجة عند اقتران زوجها بامرأة ثانية واعطائها الحق في الطلاق منه اذا رفضت ما اقدم عليه.