نار «الأصلية» أم هجير «التشاليح» ؟    492 ألف برميل نفط يومياً وفورات يومية    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    60 مزارعا يتنافسون في مهرجان المانجو    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    "أوبرا زرقاء اليمامة" تبدأ عروضها بحضور عالمي    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    تحول تاريخي    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    العين يكشف النصر والهلال!    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    فلسطين دولة مستقلة    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    الفيحاء يتجاوز الطائي بهدف في دوري روشن    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    مقال «مقري عليه» !    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الرياض    الكشف عن مدة غياب سالم الدوسري    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    ريال مدريد في مواجهة صعبة أمام سوسيداد    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    النفع الصوري    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاردن الشرف : القاتل
نشر في الحياة يوم 13 - 12 - 1999

انطلقت في الأردن حملة شعبية لحشد الرأي العام في محاولة للقضاء على ما يسمى ب"جرائم الشرف"، من خلال المطالبة بإلغاء المادة 340 من قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 والتي تنص على الآتي:
"1- يستفيد من العُذر المُحل، من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه حال التلبُس بالزنا مع شخص آخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو ايذائهما كليهما أو أحدهما.
2- يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الايذاء من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو إحدى محارمه أو إحدى أصوله أو فروعه او اخوته مع آخر على فراش غير مشروع".
ويقول أصحاب دعوة الإلغاء بأنها تتعارض مع حقوق الإنسان وأحكام الشريعة الإسلامية التي لا تبيح القتل على الشبهة أو الاشاعة أو أخذ الحق باليد، فقتل النساء يتم في كثير من الحوادث كتغطية على جرائم ارتكبت، مثل الخلاف على الارث أو التعرض للاغتصاب، وفي بعض الحالات على يعد أحد أفراد الأسرة، الذي يلجأ إلى قتل الضحية تحت ستار "غسل العار" لكنه في الحقيقة يغطي على جريمته.
أما أنصار بقاء المادة 340 فإنهم يؤكدون أنها تشريع موجود في أغلب قوانين العالم، لأنه لا يمكن اسقاط عنصر المفاجأة من أي جريمة، ويشيرون إلى أن هذه المادة لا تعطي الحق بالقتل إلا إذا توافرت عناصر المشاهدة والمفاجأة والقتل لحظة الانفعال، معتبرين أن إلغاء المادة 340 "يسهل الانحلال الخلقي".
ويتفق الطرفان على أن بقاء المادة أو شطبها لا ينهي ما يسمى ب"جرائم الشرف". فوزير العدل الأردني يؤكد ان تخفيف العقوبة على أساس المادة 340 لم يستعمل في المحاكم الأردنية في أكثر من حالة واحدة على مدى الخمسين عاماً الماضية، لكن المعارضين يعتقدون بأن إلغاءها سيؤدي إلى إعدام كل من يقتل زوجته أو أحد محارمه في حال وجدها متلبسة بالزنى، وهذه فكرة خاطئة، لأن الاستفادة من العذر المخفف في أي جريمة كانت منصوص عليه في المادة 98 التي تقول: "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بصورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه".
والحقيقة ان استفادة "القاتل" من العذر المحل أو المخفف يأتي من خلال كونه حدثاً أقل من 18 سنة أو بعد إسقاط ولي الأمر لحقه الشخصي أمام المحكمة مما يخفض العقوبة إلى أشهر عدة في بعض الحالات، لكن قضاء محكمة التمييز الأردنية استقر بأن الجاني لا يستفيد من العذر المخفف إذا كان على علم مسبق بسوء سلوك من قتلها.
وأخذت الحكومة الأردنية زمام المبادرة، فقدمت مشروع قانون معدل لقانون العقوبات، يلغي المادة 340 ويشدد العقوبة على مرتكب فعل الزنا ويحرم من يرتكب القتل أو الجرح أو الايذاء في الجرائم المخلة بالشرف والاخلاق والآداب العامة كجرائم الاغتصاب وهتك العرض من الاستفادة من العُذر المخفف.
وتقول الحكومة في تبرير تعديلها، بأنه يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تُحرم قتل النفس البشرية، وان تطبيق القانون من اختصاص السلطة المختصة في الدولة ولا يجوز للإنسان أن يتجاوز ذلك ليقتص لنفسه، إضافة إلى ان الاحصائيات أثبتت ان جرائم قتل ارتكبت بحق كثير من البريئات لمجرد الشبهة أو الظن.
والحقيقة أيضاً أن التعديل جاء بعد مطالبات منظمات حقوق الإنسان والهيئات النسائية الدولية، وسبق لوزير الخارجية الهولندي في زيارته الأخيرة لعمّان أن ربط بين "جرائم الشرف" وتصديق بلاده على انضمام الأردن إلى اتفاقية الشراكة الأوروبية.
ولقي مشروع قانون الحكومة أجواء ايجابية في وسائل الاعلام التي انفتحت لمناقشته من جميع جوانبه وعقدت ندوات للحوار حوله، لكنه واجه عاصفة هوجاء في أروقة مجلس النواب، الذي شن حملة قوية على الحكومة ومشروعها، فلم يدافع عنه سوى نائب واحد فقط، بينما انحنى الآخرون للعاصفة، فقرر المجلس رد مشروع القانون، لكن وصوله إلى مجلس الأعيان مجلس الملك عدل الموازين، فأقرت تعديلات الحكومة، لكن الأعيان توقفوا مطولاً عند إلغاء المادة 340 فجاء شبه اجماع على إلغائها خلافاً لتوصية اللجنة القانونية التي طالبت بالابقاء عليها واستبدال كلمة "زوجته" ب"زوجه" مما ساوى بين الرجل والمرأة في حالة القتل تحت الذهول والانفعال. ويتجه الأعيان للموافقة على هذا الحل الوسط، لكن أجواء مجلس النواب لن تتغير بسهولة، الأمر الذي يعني مراوحة القانون بين المجلسين ليكون الحسم في النهاية باجتماع مشترك، حسب نص الدستور.
قتلوها لأنها رفضت ابن عمها!
قبل بضع سنوات هزت المجتمع الأردني قضية الفتاة الجامعية "حنين" التي حاول أهلها إجبارها على الزواج من ابن عمها، لكنها هربت من المنزل قبل موعد الزفاف، وبعد فشل كل الاساليب التي اتبعتها للتعبير عن رفضها، من محاولة اقناع الأهل، إلى محاولة الانتحار، فكان الرصاص بانتظار جسدها.
وقصة "حنين" شاعت لأن وسائل الاعلام تناولتها، فبعدما تركت منزل أهلها، اتصلت حنين ببرنامج تلفزيوني لتمرير رسائلها إلى أهلها، وقالت في رسالتها الأولى: "أعرف ان أهلي يتعذبون من أجلي وربما يكونون مشتاقين لي مثلي تماماً... أنا مستعدة لأن أعود إلى البيت اليوم قبل الغد، لكن أريد وعداً بأن لا تزوجوني رغماً عني... اقتلوني إذا اردتم... فحياتي لا تهمني...".
وفي رسالة أخرى إلى البرنامج، ذكرت حنين أنها تحب صديقاً لها منذ أيام الدراسة. وتوالت الرسائل على التلفزيون، وفي إحدى هذه الرسائل ناشد الأب ابنته قائلاً: "اناشدك من قلب الابوة، من قلوب تنزف دموعاً ودماً على غيابك، وأقول عودي إلى المنزل وعفا الله عما سلف وسوف انفذ جميع طلباتك... والله على ما أقول شهيد...".
وفي ساحة القضاء تم تسليم "حنين" إلى والدها بعدما وقع تعهداً خطياً بالمحافظة على حياتها، لكن مصيرها تقرر بعد أسبوعين عندما قُتلت بالرصاص، لأنها قررت اختيار زوجها، ولم يكن المُنفذ سوى شقيقها الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره. ويستفيد من قانون الأحداث، وقد اسقط والد حنين حقه الشخصي عنه.
قُتلت قبل زفافها
أما الشابة المغدورة "شيرين" فيقول والدها المفجوع: "عندما بدأنا الاستعداد لزفافها إلى ابن خالتها، كانت تأتي إلينا تهديدات". ويتابع: "جاء صوت عبر الهاتف ليقول: بنتك رايحه تجلب لنا العار". والغريب في القصة ان شيرين كانت تحدث والدتها قبل مقتلها بيوم عن نوع مسكة الورد التي ستحملها يوم زفافها.
ويقول الوالد: "قمت بعرض ابنتي على أطباء اختصاص فأكدوا عذريتها، لكنها قتلت بسبب الحقد والكراهية والتخلف، لأننا لم نوافق على زواجها من قريبها، وقتلت شيرين بثلاث رصاصات، واقدم الجاني على طعنها مرات عدة واصيبت والدتها...".
الحل العقلاني
وقبل أيام قليلة اصيبت الفتاة "س. ص" 17 سنة عندما أطلق عليها شقيقها 10 رصاصات بعدما تعرضت لعملية اغتصاب رغماً عن إرادتها، وأجريت لها الاسعافات الأولية، وتدخلت إحدى المنظمات المحلية لحقوق الإنسان، حيث تم الاتفاق مع الجهات الأمنية لحراستها، وبعد شفائها لم يعد المستشفى مأوى لها، وتم البحث عن مأوى لدى عائلة، لكن الخوف كان على حياتها، خصوصاً بعدما تعرضت محاميتها للتهديد، ووجد الحل الأنسب في ايداعها سجن النساء، وطلبت المنظمة من الحاكم الإداري استصدار قرار توقيف إداري حتى يسمح لها بدخول السجن حفاظاً على حياتها، وأجرت المنظمة مفاوضات مع أهل الفتاة، تم بموجبها التنازل عن حقها في الادعاء على شقيقها الموقوف بالسجن، وفي المقابل ضمن أهلها سلامتها من الاعتداء، وتم الالتزام بذلك. وقد تزوجت "س. ص" من أحد اقربائها، ولا أحد يعرف كيف يمكن ان تنتهي هذه القصة، لكنها نموذج للحل العقلاني الذي يرضي جميع الأطراف.
موقوفات من دون جريمة
ويكتظ سجن النساء في عمّان بضعف طاقته الاستيعابية، وتقبع خلف أسواره 50 امرأة أنهين محكوميتهن في جرائم عدة، منهن موقوفات إدارياً منذ عشر سنوات، لكنهن لا يستطعن الخروج بسبب الخوف على حياتهن، أو عدم وجود الكفيل، وتفضل غالبيتهن البقاء في السجن لأن القتل سيكون بانتظارهن في الخارج، ومن هذه الحالات الفتاة "ف." 14 سنة، دخلت السجن قبل أشهر بعدما اغتصبها رجل عمره 55 سنة، ولا تدري إلى متى ستبقى داخل الأسوار. والفتاة "أ." "باعها" أبوها عندما كانت في الثالثة عشرة إلى رجل يكبرها بنصف قرن، وعندما عادت إليه بعد شهرين من زواجها، رفض استقبالها وأعادها إلى زوجها، وهكذا هربت... فأعلن عن فقدانها في الصحف فوضعت في سجن النساء، ولا تزال هناك على رغم مرور ثلاث سنوات من دون حكم قضائي.
وتعتقد رئيسة اللجنة النسائية في جمعية نزلاء مراكز الاصلاح والتأهيل السجون ان هنالك خطأ ما، وتقول: "الخطر كبير على حياة السجينات في حال خروجهن، فيبقين في السجن للمحافظة على حياتهن، وبعضهن يرفض فكرة الخروج خوفاً من القتل، ونرى ان الحل هو قيام الدولة بتأمين أماكن لايواء السجينات في حال انتهاء محكوميتهن".
وليس قانون العقوبات الأردني الوحيد في البلدان العربية الذي يعطي العذر المُحل أو المخفف، لمن قتل زوجته أو أحد محارمه في حالة التلبس بالزنى، فهناك القوانين المشابهة في مصر وسورية ولبنان وفلسطين وليبيا وهي تشريعات تأثرت بالقانونين الفرنسي أو الايطالي التي تنص على العذر المحل، بينما القوانين في عدد من دول الخليج وهي تشريعات تأثرت بالقانون البريطاني تنص على العذر المخفف، بينما تطبق المملكة العربية السعودية وقطر أحكام الشريعة الإسلامية. والبلد العربي الوحيد الذي ألغى عقوبة الاعدام في حالات الشرف، هو تونس، حيث استثنى القانون التونسي عقوبة الاعدام للزوج القاتل لزوجته أو لمن وجده معها وعدل العقوبة لتصبح خمسة أعوام سجن، لكنه عاد وألغى الاستثناء العام 1993، وأصبح القانون يعاقب باعدام الزوج الذي يقتل زوجته.
وينص قانون العقوبات السوري في مادته 548 على الآتي: "يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته أو أحد اصوله أو فروعه او اخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر، فأقدم على قتلهما أو ايذائهما أو على قتل او ايذاء احدهما بغير عمد".
أما القانون المصري فينص على الاعدام لكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار والترصد، لكنه اعطى الحق للقاضي بالرأفة وتبديل العقوبة أو تخفيضها. ويقول في مادته 237: "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنى وقتلهما في الحال وهي من يزني بها، يعاقب بالحبس بدلاً من عقوبة الاعدام".
الصحافية رنا الحسيني
صاحبة فكرة حملة جمع التواقيع الصحافية رنا الحسيني تروي تجربتها فتقول: "أثار القتل بداعي الشرف انتباهي من خلال متابعتي ل"الحوادث والجرائم" منذ العام 1993 لجريدة "جوردان تايمز". وقد هزتني حادثة طالبة مدرسة عمرها 16 سنة، قتلها اهلها بعدما تم اغتصابها من قبل اخيها، الذي حاول قتلها لأنها اخبرت اسرتها بأنها حامل، لكنها نجت من الموت وتم اجهاض الجنين من بطنها، وزوجوها لرجل يكبرها بخمسين سنة، وبعد ستة اشهر طلقها فقتلها احد اخوتها".
وتتابع الحسيني قائلة: "سألت احد اعمام الضحية عن سبب القتل فقال انها "اغوت اخاها"، هذه العبارة ضايقتني، فالحادثة جعلتني اهتم بما يسمى "جرائم الشرف" فاكتشفت مدى البشاعة في القتل تحت ستار الشرف، وتابعت جلسات المحاكم فوجدت ان القتلة يأخذون احكاماً مخففة".
وتؤكد الحسيني ان الحملة تهدف الى الغاء استفادة القاتل بدافع الشرف من العذر المحل او المخفف لأن القتل مخالف للشريعة الاسلامية التي تطلب 4 شهود على ان يتولى الحاكم تنفيذ القصاص. وتشير الى ان حملتها لا تهدف لتشجيع الانحلال الخلقي، بل ترفع شعار "حق الحياة لكل انسان" وتصر على ان وراء الحملة مجموعة شباب وشابات غير تابعين لأية جهة ولا تقبل الحملة الدعم المادي وليست لديها اهداف سياسية او عرقية.
وزير الاوقاف
ويرى وزير الاوقاف وعضو مجلس النواب السابق الدكتور ابراهيم زيد الكيلاني احد اقطاب الحركة الاسلامية، ان الشرع او القانون العادل لا يقر قتل الانسان بناء على تهمة او اشاعة ويقول: ان المادة 340 تعطي العذر للزوج او الأب او القريب المحرم بشرطين، ان يرتكب الجريمة في ساعة الانفعال والرؤية بسبب المفاجأة، وهي مادة لا تبيح القتل ابتداء، لكنها تعطي العذر المحل او المخفف في حال توافر الظروف.
ويذهب الشيخ الكيلاني الى القول بأن بقاء المادة مطلب شرعي وقانوني لأن الاصل في القانون العادل ان ينسجم مع المجتمع وعقائده وقيمه واخلاقه وفي المجتمع العربي المسلم لا ينسلخ الانسان من طينته ودينه وقيمه، حين يرى ويفاجأ بمن يزني بزوجته او محرمه، ثم نطلب منه الا يثور ولا يغضب واذا قتل من رآه بأم عينيه يزني بزوجته او ابنته لا نعتبر غضبه هذا عذراً محِلاً او مخففاً للعقوبة.
ويؤكد الكيلاني ان المادة 340 لا تشجع على القتل بل تشجع على الفضيلة وحفظ النفوس والأعراض والبيوت حين يعلم كل مواطن ان الزوجية رباط مقدس لا يجوز ان نخونه او ننقضه والزوج حارس لبيته وحام لعرضه وشرفه، كالجندي في القلعة، يعرف من يريد ان يقتحمها ان هنالك من يدافع عنها.
وتقول السيدة نوال الفاعوري من القيادات الاسلاميات البارزات: "ان القضية حساسة لأن مجتمعنا لا زالت تنقصه في كثير من القضايا لغة الحوار الهادئ والموضوعي للوصول للحقيقة، والجدل هنا اخذ بعداً اكبر مما ينبغي، خصوصاً ان الغاء المادة او ثباتها لا يحل المشكلة المطروحة فهل استمرار الحوادث والجرائم يشكل حلاً معقولاً ومشروعاً وعادلاً لهذه الظاهرة، وهل يتفق ذلك مع الشريعة الاسلامية التي حرمت قتل النفس إلا بالحق، فالمطلوب تشريعات تعاقب المذنب وتحافظ على حياة البريء من العبث والاعتداء بحيث تساوي بين حياة وكرامة الرجل والمرأة في الثواب والعقاب، فالشرع يظهر الحرص على عدم الانسياق وراء العواطف والعادات والتقاليد وضرورة احترام حرمة دم الانسان، فاذا استحق القصاص فمن خلال الشرع وعن طريق القضاء وفي اضيق الحدود الممكنة".
أما النائب غازي الفايز وهو من ابناء عشيرة بني صخر البدوية فيرفض التعديل لأنه "يسهل الانحلال الخلقي الأمر الذي ينعكس بالسلب على العادات والتقاليد". ويقول: "انا لست مع القتل أياً كان نوعه لكن وجود نص قانوني يقضي باعدام كل من يدافع عن شرفه سيشكل حماية لمن يفكر او يقوم بأعمال تتنافى مع الشرف وبالتالي نصبح شركاء في جريمة تدمير المجتمع.
ويقول النائب الاسلامي السابق الشيخ بدر الرياطي: "لقد جاءت الحدود الشرعية لقطع الطريق على الخارجين، وينفذ الحد بواسطة الحاكم بعد توافر اركان الجريمة، ولا يجوز قتل النفس التي حرم الله الا بالحق، وليس لأحد كولي الامر، سواء كان أباً أم أخاً، ايقاع العقوبة بالجانية بحجة الثأر او دفن العار، فالمؤمن غيور على عرضه وشرفه لكن الغيرة ليست تهوراً ولا ابطالاً للعقل".
ويقول النائب محمود الخرابشة قائد اللوبي النيابي الذي أدى الى رد مجلس النواب لمشروع التعديل مهاجماً: "ان الحكومة دست السم في الدسم، قاصدة تعهير مجتمعنا وفتح ابواب اختراقه". ويضيف: "ان جميع دول العالم تضمّن قوانينها مواد مشابهة لنص المادة مثار الخلاف، خصوصاً الدول العربية وحتى الدول الاوروبية والولايات المتحدة لديها مبدأ تخفيف العقوبة على القاتل في حالات معينة، خصوصاً مفاجأة الزوج لزوجته على فراش غير مشروع، والقضاء الأردني نزيه وعادل ولا يسلم بادعاء كل قاتل بأنه قتل دفاعاً عن الشرف، بقصد الاستفادة من العذر فالعذر مقرون بتوافر عناصر المفاجأة وحالة التلبس والقربى وان يكون القتل في الحال".
بعد فوات الأوان
م. ح 50 سنة، والد فتاة عمرها 22 عاماً قتلت من دون ذنب بسبب الاشاعة يقول: "ابنتي بريئة بموجب نتائج فحوصات الطب الشرعي، وشهادة الشهود، لكن شقيقها تعجل في الأمر وقتلها خشية ألسِنة الناس التي دفعته من دون ترو او تثبت من الحقائق…".
تختلف الاحصاءات حول عدد حالات القتل ضد النساء بداعي الشرف،
وفي هذا الجدول معلومات قسم حماية الأسرة في مديرية الأمن العام
السنة حالات قتل النساء القتل بداعي الشرف عدد الجناة اعمار الضحايا صلة القرابة بين القاتل والمقتولة
1995 36 19 21 18 - 27 13 حالة القاتل فيها الاخ
3 حالات القاتل فيها الوالد
1996 44 19 28 18 - 37 19 حالة القاتل فيها الاخ
3 حالات القاتل فيها الوالد
1997 23 20 22 18 - 27 13 حالة القاتل فيها الاخ
3 حالات القاتل فيها الزوج
حالتان القاتل فيها الوالد
1998 16 6 6 18 - 37 3 حالات القاتل فيها الاخ
حالة واحدة القاتل فيها الوالد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.