السعودية.. دور حيوي وتفكير إستراتيجي    تعديلات واستثناءات في لائحة ضريبة التصرفات العقارية    «الجمارك»: استيراد 93,199 سيارة في 2023    وزير الخارجية: القضية الفلسطينية أولوية تُعبّر عن صوت الأمة الإسلامية وضميرها الحي    يسله وجيسوس يحذران المهددين من «الإنذارات»    بأمر خادم الحرمين.. تعيين 261 عضواً بمرتبة مُلازم تحقيق في النيابة العامة    «المظالم» يخفض مدد التقاضي و«التنفيذ» تتوعد المماطلين    الأرصاد: توقعات بهطول أمطار على أجزاء من منطقة الرياض    «مهندس الكلمة» عاصر تحولات القصيدة وغيَّر أبعاد الأغنية    ميدياثون الحج والعمرة يختتم يومه الثالث "يوم الماراثون"    «MBC FM».. 3 عقود على أول إذاعة سعودية خاصة    لا تظلموا التعصب    معالي الفاسد !    أنقذوا «سلة الحقيقة»    عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. طريق الاستقلال !    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    «كاكا» الصباغ صرخة سينمائية مقيمة    الأمم المتحدة تغلق ممر المساعدات إلى دارفور    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    تقدير الجهود السعودية لاستقرار السوق العالمية.. المملكة تعزز تعاونها مع أوزبكستان وأذربيجان في الطاقة    70 % نسبة المدفوعات الإلكترونية بقطاع التجزئة    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    بتنظيم وزارة الرياضة .. "الأحد" إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي    القيادة تعزي رئيس الإمارات وتهنئ رئيس بولندا    مجلس الشؤون الاقتصادية يشيد بالنمو المتسارع للاقتصاد الوطني    أبعاد تنموية    مليون وظيفة في «السياحة» عام 2030    وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود    منح تصاريح دخول العاصمة المقدسة    ضبط أكثر من 19600 مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    أمر ملكي بتعيين (261) عضوًا بمرتبة مُلازم تحقيق على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    مفاوضات هدنة غزة.. ترقب لنتائج مختلفة    «الأوروبي» يدين هجمات موسكو السيبرانية    "زرقاء اليمامة".. أول أوبرا سعودية تقدم تفسيراً لإحدى أقدم الأساطير    ملتقى الصقارين ينطلق في الرياض بهدف استدامة هواية الصقارة    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    انطلاق فعاليات «شهر التصلب المتعدد» بمسيرة أرفى    سفير خادم الحرمين في الفلبين يستقبل التوءم السيامي وأسرتهما    طريقة عمل بسكويت النشا الناعم بحشو كريمة التوفي    «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف»    النملة والهدهد    ضبط مواطن في حائل لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    الديوان الملكي ينعى الأمير بدر بن عبدالمحسن    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعددت أسباب الصراع والنتيجة واحدة : آخ يا راسي !
نشر في الحياة يوم 27 - 09 - 1993

* "الجودر" يستطيع القضاء على الالم في 38$ من الحالات في أقل من ساعتين اذا استخدم في مرحلة مبكرة
يصيب الصداع ملايين الرجال والنساء، ولا تقل مظاهره وانعكاساته تنوعاً عن أسبابه. وقد بدأ الاطباء يفهمون هذا الداء ويعملون على معالجته، الا أن الامر ما زال في بداياته، التحقيق التالي يحاول فهم آلام الصداع والبحث عن أسبابها وأنواعها.
ما ان جلست ميشال ر. قبالة طبيبها حتى بادرت الى القول: "لقد عانيت ثلاث نوبات في تموز يوليو واربعاً في آب اغسطس" ثم أخرجت من حقيبتها ورقة صغيرة دونت فوقها كل شيء بدقة متناهية.
"في الخامس من تموز يوليو بدأ الصداع في السابعة والربع صباحاً بين عينيّ وارتفع الى جبهتي ثم هبط الى الجهة اليسرى وكان يضرب بقوة بالغة ما اضطرني الى البقاء ممددة في العتمة حتى المساء".
هذه المرأة البدينة التي تبلغ الخامسة والاربعين والتي تشكو إضافة الى نوبات الصداع، من أوجاع دائمة في الرأس، تتذكر بالضبط النوبة الاولى من الصداع الذي تستشير الطبيب بشأنه حالياً.
"كان ذلك بعد ولادة سيلفي ابنتي البكر، وقد وصف لي طبيبي اقراص منع الحمل، ما سبب لي آلاماً حادة في الرأس، وعندما توقفت عن تناول الأقراص، خفت الآلام التي كانت تعاودني بين حين وآخر الا أنها لم تتوقف تماماً".
وبعد عشر سنين، إثر حمل سهل - ومن دون صداع - ولدت ميشال ابنتها صوفي، وقد قامت بتجربة جديدة لمنع الحمل فتناولت أقراصاً ذات مقادير خفيفة هذه المرة.
"لقد عاودني الصداع بقوة وعنف، وهو منذ ذلك الحين لا يدعني وشأني... فأنا اشعر بالألم ما ان اعرّض رأسي للشمس أو عندما أطيل السهر، وبصورة منهجية في أثناء الحيض".
وهي تخشى نوبات الصداع الى حد انها لدى ظهور أدنى مؤشر تقفز الى خزانة الادوية: "انني اتساءل دائماً: هل ثمة دمّل في دماغي؟. ولكن لو كان الامر كذلك لكنت ميتة منذ زمن طويل".
جان ل. مهندس منذ أربعين سنة وهو يعاني صداعا مزمناً. خلال فترة من شبابه كان ينظر بازدراء الى الصداع اذ كان يعتبره "مجرد ذريعة نسائية" ولكنه بمقدار ما كان يخشى النوبات كانت هذه تصيبه وهو يعترف بذلك فيقول:
"لقد تقيأت مرات عدة في المكتب، وهذا ما أرغمني على القيام بردة فعل"، انه يتناول الأدوية حالياً بكل دقة، وتتضمن مفكرته خطوطاً بيانية تشير اسبوعياً الى مدة نوبات الصداع والى حدتها ويلاحظ "أن هذه الخطوط البيانية قد ساعدت طبيبي على ضبط العلاج واتاحت لي أن اتبين أن النوبات كانت تحصل معظم الاحيان في الأيام التي يهبط فيها ضغطي بعد عمل مضنٍ، وانا الآن أصارع هذه النوبات بزيادة المقادير التي وصفها لي الطبيب عشية الأيام الصعبة".
قصص أخرى
مارتين ج. سكرتيرة في الرابعة والعشرين تصف نفسها بأنها إضافة الى الصداع، تعاني ظاهرة غريبة وان كانت مألوفة، ظاهرة اوجاع الرأس التي تنتج من "لعق البوظة"، ففي كل مرة تقبل هذه السمراء الطويلة على تحليتها الاثيرة "بوظة الفريز" او تجرع بسرعة شراباً بارداً، ينتابها ألم حاد وعابر يستمر حوالي دقيقة بين حاجبيها، مع أن مارتين تدرك تماماً أنها لو أقبلت على البوظة والشراب البارد بسرعة أقلّ لكان كل شيء على خير ما يرام.
"لا، ليس الليلة يا عزيزتي، لان ذلك سيسبب لي وجعاً في الرأس".
أي امرأة اخرى غير لورنس م. كانت ستضحك لدى سماعها لوقا يصدها بهذه الطريقة، ولكن سبق له أن صدها بعنف بعدما صعقه تماماً ألم مبرّح. وقد طمأنهما أحد الاطباء قائلاً: "الامر يتعلق بصداع جنسي بسيط... وليس في الامر أي خطورة، فالالم سيختفي تماماً بمثل الطريقة النزوية التي ظهر بها، واذا لم يحصل ذلك سأصف علاجاً". هذا الكلام طمأن لوقا ولكنه لم ُيعد اليه حتى الآن، حيويته الجنسية. وكان لا بد من علاج.
من "العصابة المشدودة" الى "الرأس الفارغ" مروراً "بالخوذة التي تسقط حتى الرقبة" تتنوع شكاوى الاشخاص الذين يعانون الصداع، فبعضهم يشعر بأن سرطانا ينهش رأسه، وبعضهم يشعر بما يشبه ضربات المعول او بملزمة تضغط رأسه، او بأن الماء يغلي في جمجمته... ومع ذلك فان كل حالة من الحالات تطابق حالة مرضية خاصة، فميشال التي تعاني في الوقت ذاته صداعاً واوجاعاً تعرف بأوجاع الضغط العصبي والعضلي لا تصف أوجاعها بطريقة مماثلة لجان ومارتين ولوقا... والاطباء يهتدون جيدا الى طريقهم في بيان الموجودات هذا ويرصدون باهتمام الصداع الحقيقي الذي يخضع لمعايير دقيقة جداً، وأوجاع الضغط العصبي، وهما معاً يشكلان الغالبية الساحقة لأسباب المعاناة. يبقى وجع الرأس العادي وهو الاكثر رواجاً، إلا أنه يتبدد بعد تناول قرص من الاسبيرين، وهو يعتبر جزءاً من متاعب الحياة اليومية الصغيرة.
هذا المرض المضني حقاً يصيب خمسة ملايين من الفرنسيين وعلى الاخص من الفرنسيات. والتسمية المشتقة من اللاتينية "Hemicrania" هاميكرانيا تعني "وجع نصف الرأس" وذلك بسبب الاوجاع الجانبية التي تنتج منها أغلب الاحيان، اذ تطاول الجهة اليمنى من الدماغ حينا، والجهة اليسرى منه حيناً آخر.
والصداع مرض موضعي جداً، ولكن من الصعب أن نرسم صورته التقريبية لوفرة الاسباب التي تقف وراءه ومنها أسباب نفسية وغذائية وبيئية، وأحياناً كثيرة عائلية. ان "آلية الصداع" اذا جاز لنا التعبير، كما وصفها القصاص غي دي موباسان أحد أبرز ضحايا هذا المرض "تسحق الرأس، وتجعل المرء مجنوناً، وتضلل الافكار، وتبدد الذاكرة، كما لو كانت هباء في الريح" بدأت تتضح في نهاية المطاف.
ويختصر الدكتور اندريه برادالييه مؤسس نادي الصداع واوجاع الرأس سنة 1981 في مستشفى سان انطوان باريس هذه الآلية:
"بصورة بيانية ثمة جملة منشطات تشكل الشرارة العصبية التي تطلق طوراً وعائياً - تمدد مفاجئ في الاوردة يسبب الالم - وطوراً بيوكيماوياً يتضمن مواد متعددة من بينها السيروتونين".
ويقول البروفسور ماري جيرمان بوسيه رئيس القسم العصبي في مستشفى سان انطوان، وهو من كبار الاخصائيين: "اما الاضطرابات الناجمة عن الصداع المعروف بالصداع "المركب" وبخاصة اضطرابات البصر، فهي تعزى الى نقص في سيلان الدم داخل الدماغ مرده الى انقباض شديد في العروق يسبق تمددها".
ولكن هذه النظريات لا تشرح حتى الآن لماذا لا يصيب الصداع الا نصف الرأس، وليس النصف ذاته دائماً؟ ولماذا يكون عند المصابين أنفسهم بسيطا مرة و"مركباً" مرة اخرى؟ ولم تشرح ايضاً لماذا يثير الصداع اضطرابات هضمية.
ان الاسبيرين والباراسيتامول يشكلان العلاج الاساسي لنوبة الصداع، ولكن اذا ما تبين عدم فاعليتهما فان زيادة المقادير لا تجدي نفعاً. ومن الافضل عندئذ التوجه الى حلول اخرى وبصورة خاصة الى مشتقات مهماز الجودر Ergot de seigle الجودر نبات يشبه القمح ويستخدم في صنع الادوية والعقاقير والى بعض مضادات الالتهاب، وهذه جميعاً يجب تناولها في مرحلة مبكرة قبل استفحال نوبة الصداع وما يواكبها من اضطرابات هضمية.
وبفضل تقديم أحد مشتقات مهماز الجودر بشكل رشاش أنفي يمكن القضاء على الالم في 38 في المئة من الحالات في اقل من ساعتين اذا تم استخدامه في مرحلة مبكرة، ولكن يجب عدم المبالغة في ذلك بسبب أخطار المناعة والتسمم.
وحالياً يتوقع المصابون بالصداع نزول مستحضر طبي جديد الى الاسواق يعرف بالسوماتريبتان له تأثير على السيروتونين. وقد تم اختباره على حوالي ثمانية آلاف شخص في العالم. وهذا المستحضر يلغي الآلام بحقنة تحت الجلد أو يخففها خلال ساعة لدى 70 في المئة من المصابين، وهذه نتيجة ليس ثمة ما يعادلها او ما يقاربها حتى الآن. أما اقراص السوماتريبتان فانها تريح 70 في المئة من المصابين ولكن على امتداد اربع ساعات، واضافة الى ذلك فان السوماتريبتان يظل ذا فاعلية حتى لو لم يتم تناوله او الحقن به في بداية النوبة. وقد بدأ تسويقه في هولندا والسويد واللوكسمبورغ ونيوزيلندا وبريطانيا، ويتوقع السماح بانزاله الى الاسواق في فرنسا قريباً. والسوماتريبتان باهظ الثمن. فالقرص يكلف 80 فرنكاً والحقنة 180 فرنكاً وهذا ما يعتبر عبئاً على الضمان الاجتماعي.
العلاجات الجذرية
والى جانب هذه الادوية التي توصف في أثناء النوبات هنالك علاجات تعرف بالعلاجات الجذرية وهي مخصصة لحالات الصداع القاسي الذي يترك انعكاسات هامة سواء على الصعيد الاجتماعي أم على الصعيد المهني. والواقع ان هنالك عشرات المستحضرات ذات الفاعلية، وهذه المستحضرات لا يجوز أن نتناولها مدى الحياة، ولكن خلال الفترات العصيبة فقط، لان الصداع مرض نزوي يعرف فترات من الخمود وفترات من التفاقم، وفي رأي الاخصائيين أن علاجاً يومياً على امتداد فترة طويلة يخفف بنسبة 50 الى 70 في المئة تواتر اوجاع الرأس لدى ثلثي المصابين. واخيراً فان المعالجة بوخز الابر والاسترخاء أو الطب النفساني، قد توفر احيانا مساعدة فعالة، وبانتظار نتائج الادوية فان قصص ضحايا الصداع غنية بالدروس لانها تحث على اكتشاف العوامل المسببة.
تروي جوزيه س. وهي مدلّكة طبية في التاسعة والثلاثين: "عندما أشعر بجوع شديد فنوبة الصداع ليست بعيدة، وهي لا تتخلف ابداً عن الموعد… ففي صبيحة اليوم التالي تسلخني عن النوم ضربات مطرقة تهوي على رأسي من الجهة اليمنى معظم الاحيان، ولا يعود في وسعي أن اتحمل الضوء او الضجة او حتى رائحة القهوة. وكثيراً ما اشعر بالغثيان وأتقيأ... وهذا ما يفاقم وجع الرأس. وباختصار فأنا اغدو مشلولة تماماً طوال يومين، ونصف مشلولة في الايام اللاحقة".
ثمة ثمانية من أصل عشرة مصابين بالصداع ينطبق عليهم هذا السرد، حتى لو لم يكن الجوع هو الذي أثار نوبة الصداع لديهم جميعاً، فاحيانا قد تفجّر نوبة الصداع الرغبة لدى المرأة الحامل، او حالة اكتئاب، او على عكس ذلك حالة فرح شديد. واحيانا تهاجم نوبة الصداع من دون سابق انذار، واحيانا اخرى تتمركز وتستقر عن طريق التدرج التصاعدي، وفي ثلاثة ارباع الحالات، يباغت الصداع ضحاياه بين السادسة صباحاً والثانية عشرة ظهراً وتتراوح نوبته بين 4 ساعات و72 ساعة.
عندما ينكب السيد بيار أ. وهو مصرفي في السابعة والاربعين على جريدته، يجد نفسه بانتظام مضطراً الى التوقف عن القراءة، فالكلمات تُمحى أمام ناظريه... ويخيّل الى كلودين وهي أم شابة عندما تقف أمام برج إيفل أن ثمة قطعاً مفقودة في البرج "كما لو كنت أمام لعبة سحبت بعض أجزائها" والمصرفي والأم يدركان أن هذه التجليّات نذير شؤم، وأن مسيرة الصداع قد انطلقت.
المؤشرات
ضباب كثيف يغشي العينين، إحساس بالانبهار، رؤية مزينة باشكال متوهجة أو ملونة بالنجوم، بقع كومض البرق او كألوان قوس الغمام.. هذه هي المؤشرات الاكثر تواتراً للصداع المعروف "بالصداع العيني".
ويتولى البروفسور ماري جيرمان بوسيه شرح هذه الظاهرة فيقول:
"هذه الاضطرابات يمكن أن تبقى معزولة ويمكن أن تسبق أعراضاً حسية - تنمّل او خدر يبدأ عادة في الاصابع قبل أن يزحف على امتداد الذراع ويصل الى جانب من الوجه - او ارتباكاً في النطق او خللاً في القوة المحركة". ويمكن الكلام على الصداع المركب او الصداع الذي تصحبه نوبات من الصرع والهستيريا. فنوبات هذا الصداع خلافاً للنوع السابق لا تتجاوز الساعة او الساعتين الا نادرا، والصرع العصبي لا يؤدي بصورة منهجية الى اوجاع في الرأس فالرعد يدوّي ولكن العاصفة لا تستتبع دويّه دائماً…
دانيال طفل في السادسة سبب هموماً ومتاعب لأهله فهو كان يعاني معظم الاحيان من وجع في البطن كما كان يتقيأ بانتظام إضافة الى كونه يسير ويتكلم في نومه. ذات يوم كان منزعجاً فسألته أمه:
- مم تشكو؟
فاجاب الطفل "الكلب صغير للغاية، ورأسه بعيد جداً منه" فدهش الاهل وفاتحوا طبيب العائلة بالامر، وهكذا تم اكتشاف صداع دانيال.
ويعلق الاخصائي على ذلك فيقول:
- "تتجلى نوبات الصداع على الاخص لدى الطفل باضطرابات هضمية وأحيانا بانعكاس الصور او تشوهها،وبنوبات من السير خلال النوم".
إن الاشياء او الاجسام يمكن أن تبدو اكبر او اصغر مما هي عليه كما في كتاب "أليس في بلاد العجائب" للكاتب لويس كارول وهو من مشاهير المصابين بالصداع. تقول أليس: "ها أنا الآن أتمدد كما لو انني اكبر مرصد في العالم... وداعاً يا رجليّ...".
ان كلب دانيال لم يصل الى هذا الحد من الافراط، ومع بعض الحظ، ستخفّ نوبات صاحبه الصغير أو ستتلاشى عندما يبلغ سن المراهقة.
ويقول ماري جيرمان بوسيه بمكر "ان الدراسات الحديثة تخيّب آمال الذين يتباهون بأنهم ينتمون الى نخبة من مشاهير المصابين بالصداع أمثال "يوليوس قيصر" و"كنت" و"باسكال"، وتبين أن المصابين بالصداع ليسوا أشدّ ذكاء من سائر الناس".
ومع أن البعض يحاول اثبات العكس، فليس ثمة أوساط اجتماعية ثقافية معرّضة للصداع بصورة خاصة، واذا كان ثمة - كما قلنا - طابع عائلي لا يمكن مناقشته نقع عليه لدى 50 الى 60 في المئة من المصابين بالصداع، فان هذا الطابع يرتبط بعوامل مكتسبة كالتغذية، ونمط العيش، او سيرة أحد الابوين الذي يعاني الصداع.
ويشير البروفسور اندريه برادالييه الى "انه يمكن الحديث عن عدوى علم النفس المرضي، علماً انه ليس ثمة استعداد وراثي ثبتت صحته بصورة قاطعة" ولكن ثمة قاسماً مشتركاً بين المصابين بالصداع هو حسهم المفرط، أما درجة احتمالهم لعدد من العوامل المسببة للصداع فهي دون الوسط.
يروي جاك. ل. الذي يعاني صداعاً منذ طفولته وهو الآن في الحادية والاربعين:
- "أشعر بالصداع بعد أن اقطع مسافات طويلة في السيارة أو بعد وجبة دسمة، أو ليلة لم أنم فيها الا قليلاً، وهذا ما أشعر به ايضاً بعدما آكل الشوكولا او الدجاج المشوي". في سن العشرين قوّم جاك وتيرة أنفه، ولكن لسوء الحظ لم يؤثر ذلك اطلاقاً على الصداع الذي يعانيه، ولم يكن الوخز بالابر والطب التجانسي علاج الداء بالداء افضل حالاً.
سيمون ه. في السبعين من العمر فقدت خطيبها خلال الحرب حيث أوقف ونفي، وعندما أعلن عن وفاته غرقت في الاكتئاب وفقدت شهوة الطعام. و فيما بعد كان التقاؤها رجلاً او مجرد اثارة فكرة الزواج يسببان لها عودة اوجاع الرأس والاضطرابات الهضمية.
ان الضغط، والفرح الشديد، والحزن العميق وبعض الاغذية والمناخ، وحتى بعض الروائح القوية، يمكن أن تكون نقطة الانطلاق لنوبة الصداع. فالعوامل التي تسبب الصداع كثيرة ومتنوعة ووفقاً للمصابين أنفسهم يعود ثلثا الحالات الى أسباب نفسية كتغيير الوظيفة مثلاً او الطلاق، او تبديل المنزل او حتى السفر لقضاء العطلة..
أريك ن. عانى نوبات الصداع وهو في السابعة من عمره بعدما تخلى عنه والده، وبعد عشرين سنة اتصل مجدداً بوالده فكان استقباله له بارداً، وهذا ما جعل صداعه يتفاقم فتضاعفت النوبات وانتهى به الامر في المستشفى بعدما أفرط في تناول العقاقير التي تخفف الآلام.
ولكن حذار! ان مثلي سيمون واريك يجب ألا يجعلانا نعتقد أن المصابين بالصداع "عصبيون" أو "هستيريون" مع أن قصتيهما تدعمان اعتقاد فرويد الراسخ، ففرويد الذي كان مصاباً بالصداع يعتبره داء اللاوعي وترجمة لصراع نفسي باطني ولكن ما عسى فرويد يقول عن آني. ب.؟
هذه التي تعاني الصداع بامتياز لم تصب بنوبة واحدة طوال الاشهر الاربعة التي كان ولدها خلالها يتأرجح بين الموت والحياة في قسم العناية الفائقة جراء حادث سير.
إن نظرية والد التحليل النفساني لا تسمح كذلك بأن نفسر لماذا تشكل الشوكولا والكحول والدهنيات ثالوث الاغذية التي تسبب أوجاع الرأس. إن اكثر من ربع المصابين بالصداع - أقلّه جزئياً - يعزون متاعبهم الى الغذاء. فالفرنسيون يشيرون الى النبيذ الابيض والبريطانيون الى النبيذ الاحمر والحمضيات. لقد حاول باحثون كثر أن يحددوا في كل مرة المادة التي تسبب الصداع فلم يتسن لهم اثبات الجرم بصورة قاطعة ويستنتج البروفسور برادالييه قائلاً: "نميل الى ترجيح آلية تتعلق بعلم المناعة في ما يعرف بحساسية مفرطة إزاء بعض الاطعمة او المشروبات".
ان الصوم، واتباع نظام حمية قاسٍ، ونقص السكر في الدم، تسبب بدورها أوجاعاً في الرأس، وفي المقابل فان اوجاع الرأس تصبح نادرة اذا كانت الاطعمة غنية بالسكر، أقلّه من الناحية النظرية لانه في هذا المجال ايضاً هنالك أمثلة مضادة تنفي التعميم، وعلى أي حال فان حالات الصداع المرتبطة بالغذاء فقط هي نادرة جداً.
ومن العوامل الاخرى التي تسبب الصداع حوافز شمّية وبصرية - ضوء ساطع بث تلفزيوني مشوّش - وحوافز سمعية - أصوات حادة مثلاً.
بعض الرياح كرياح الفوهن في التيرول، ورياح السيروكو رياح جنوبية شرقية حارة في المتوسط وبعض الرياح الحارة والعواصف والرطوبة والارتفاع عن سطح البحر، والجهود البدنية، تشكل جزءاً من هذه اللائحة الطويلة، ومنذ فترة وجيزة أضاف باحثون بريطانيون الى هذه اللائحة تأمل أعمدة Burey أو بصورة أعم تأمل أي جسم تتخلله خطوط سوداء وبيضاء.
إن المثل الاعلى لكل مصاب بالصداع هو أن نكشف القناع عن المسؤول او المسؤولين عن أوجاعه الشخصية بغية ملاحقتهم والقضاء عليهم قدر المستطاع، وهذا ليس يسيراً في التطبيق، وحدهم بعض المحظوظين يجدون الحل في متناول أيديهم والدليل الى ذلك داني د. وهي موظفة في الاعلان في حدود الخامسة والاربعين. تقول داني:
"بانتظام كنت أقضي عطلة نهاية الاسبوع ممددة في الظلام والصمت، والاطباء يعزون هذه النوبات في نهاية الاسبوع الى مشاكل زوجية لم أبح بها الى حد أن أحدهم اعتبرني هستيرية".
واخيراً قدّم اليها أحد الاخصائيين الحل ذات يوم: "ان صداع نهاية الاسبوع ليس معظم الاحيان سوى الثمن الباهظ للنوم حتى الضحى ولعبودية الكافايين".
ومنذ ذلك الحين فان داني تلعب كرة المضرب وتتنزه وتستقبل أصدقاءها، وباختصار انها تستفيد من نهاية الاسبوع ولا تسمح لنفسها بأن تنام حتى الضحى، وتراقب بانتظام استهلاكها القهوة.
الصداع الدوري
وهنالك حالات صداع تعود دورياً كتلك التي تصحب حيض النساء، وفي مثل هذه الحالات لا يدع تأثير الهورمونات مجالاً للشك. وفضلاً عن ذلك فان نسبة المصابين بالصداع بعد فترة المراهقة تزداد لدى النساء بشكل ملحوظ: 24 في المئة من مجموع النساء العام يعانين أوجاع الرأس في فترة ما قبل الحيض وحوالي 60 في المئة من المصابات بالصداع يشهدن تجدد النوبات. ويعلّق على ذلك البروفسور برادالييه فيقول:
"نحن نعلم أن انخفاض كمية الاوستروجين في نهاية الحيض هي المسؤولة عن إثارة أوجاع الرأس" وقد ثبت كذلك أن كمية الاوستروجين المنخفضة بصورة منتظمة - قبل المراهقة وبعد سن اليأس - او المرتفعة بصورة منتظمة - خلال فترة الحمل - تخفف تواتر النوبات، كما أن التغيرات الهورمونية المفاجئة تضاعف تواتر النوبات.
وقد تلعب أقراص منع الحمل دوراً مشؤوماً كما حصل لميشال، أو على عكس ذلك يمكن أن تؤدي دوراً مفيداً. فبعض النساء تتضاعف نوبات صداعهن وهنّ حوامل، من هنا أن الصداع لم يكشف اوراقه كاملة ولم يبح بكل اسراره بعد. وحالياً ثمة علاج بسيط وفعّال في تصرف النساء النادرات اللواتي لا يعانين الصداع الا في فترة ما قبل الحيض: استعمال جل Gel الاوستروجين قبل ايام من الموعد المقدّر، وهذا ما يساعد على اتقاء الالم في 80 في المئة من الحالات.
ان تشخيص الصداع سهل كما يؤكد البروفسور بوسيه: "لا فائدة من الاكثار من الفحوصات، فطرح الاسئلة بشكل جيد يكفي" ان التصوير بالسكانر Scanner لا ينفع الا للكشف عن خلل محتمل في الدماغ خلال النوبات الشاذة، ومن المؤكد انه في غياب الاختبارات النوعية، يجد البعض صعوبة في أن يقبل هذا الحكم أو في أن يثبت لمحيطه أنه ليس مقلداً.
إن المصابين بالصداع يبدون في نظر أرباب عملهم وأقاربهم أناساً كسولين ومتهربين من العمل، ومع خسارة 13 مليون يوم عمل في السنة، ومع حفلات العشاء التي تلغى في اللحظة الاخيرة والايام الكاملة التي يقضيها هؤلاء في الأسرة، يصبح الامر مزعجاً حقاً.
الا أن ما يثير الدهشة، هو أن مرضى الصداع ولا سيما الرجال منهم، تعساء كانوا أم رواقيين أم مستسلمين لا يستشيرون الطبيب الا نادراً، وهم بنسبة واحد على اثنين لا يتناولون اي دواء، ويعترف البروفسور برادالييه "انه لا يوجد علاج شامل، ولكن 80 في المئة من المصابين بالصداع يمكن تخفيف أوجاعهم". أما بالنسبة الى المعالجة الذاتية فان الاطباء لا ينصحون بها وباتريك مثل واضح على ذلك فهو في الثامنة والثلاثين، ويعرف ان لديه حساسية من الاسبيرين والباراسيتامول ومع انه أصيب باوديما كوينك Quineke فهو يتناول كميات هائلة منهما خلال كل نوبة وهو يقول:
"أشعر بآلام مبرحة كما لو كان في رأسي عقد مشدودة بطريقة محكمة فاندفع نحو علبة الباراسيتامول وأتناول ما بين 12 و15 قرصاً في اليوم، ولكنني في الوقت ذاته أتناول مستحضرات طبية ضد الحساسية حتى التخمة".
أوجاع الرأس
لئن كان الصداع يثير اهتمام الاخصائيين، فلا يجوز أن ينسيهم أوجاع الرأس الاخرى ولا سيما الاوجاع المعروفة بأوجاع الضغط، ووفقاً لبعض التقديرات فان 80 في المئة من الاشخاص المتعبين الذين يتعرضون للانفعال او للضجيج سيعانونها بين يوم وآخر. واوجاع الضغط هذه التي تصعب معرفة آليتها تسبب آلاماً خفية هي في معظم الاحيان ثنائية، ومع أن هذه الاوجاع تستمر من الصباح حتى المساء طوال أشهر لا بل سنوات، فهي بصورة عامة لا تمنع المصابين من أن يعيشوا حياة شبه عادية.
تقول مونيك ف. في وصف هذه المشكلة التي تلازمها باستمرار: "أشعر بأن رأسي ثقيل وفارغ" وهي تدرك تماماً أن طلاقها ومعاودة عملها الذي تكرهه كعاملة على المقسم التلفوني ليسا غريبين عن هذا الوضع.
ويذكر البروفسور باتريك هنري رئيس قسم الاعصاب في مستشفى بيللغران بوردو ورئيس الجمعية الفرنسية لدراسة الصداع واوجاع الرأس. "ان اوجاع الرأس هذه ليست سوى انعكاس لضغط نفسي مفرط يرتبط بالارهاق او بالجهد او بالقلق او بالانقباض، وهذه الاوجاع الارتكاسية تشكل عرضاً من أعراض حالات الاكتئاب والاحباط".
ماريا ج. عانت طوال عشر سنين أوجاعاً دائمة، وقد أجريت لها اكثر من جراحة: اقتلاع ضرس العقل واستئصال الحصى من كليتها، واستئصال دمّل عظمي في جبينها، كما تمت معالجتها من التهاب في الجيب، ولكن دون جدوى. وذات يوم خلال استجواب مطوّل قبلت أن تتحدث عن نفسها بصورة اكثر تفصيلا وبخاصة عن الولد الذي فقدته قبل عشر سنين، وهكذا كشفت هذه المرأة ذات الملامح الحزينة عن سرّها وقد أتاح لها علاج مضاد للإحباط أن تشفى بسرعة.
على لائحة الاتهام
ويذكر جيرمان بوسيه: "انه لأمر مألوف أن تكون وراء اضطرابات البصر مشكلة على مستوى الجيب أو خلل في انتظام حركة الفك، حتى لو لم يسبب ذلك اوجاعاً في الرأس متواصلة ودائمة"، وينصح الذين يعملون على شاشات الكمبيوتر باستراحة بعد كل ساعتي عمل. وهذه النصيحة سمحت لكلودين ت. بأن تقهر أوجاع الرأس المرتبطة بالتركيز المتواصل، الا أن هذه العاملة في حقل المعلوماتية وهي في السادسة والخمسين مازالت تشكو من نوبات الصداع كل شهر في التاريخ الذي يصادف مواعيد حيضها السابق مع انها بلغت سن اليأس منذ ثلاث سنوات، ولم تنجح الادوية المضادة للصداع في تسكين أوجاعها. ويؤكد البروفسور برادالييه: "انه ليس لهذه الأدوية أي تأثير على أوجاع الرأس الناتجة من الضغط، وهذه الادوية يبالغ في تناولها مبالغة تؤدي الى تفاقم الاوجاع".
وثمة أنواع من وجع الرأس ليس للعامل الذي يسببها أي علاقة بالحالة النفسية ومن السهل تحديده كما في حالة الاوجاع الناتجة من لعق البوظة، او تلك التي يثيرها تعريض الرأس لبرد قارس او استخدام منظف الشعر مع الماء البارد. وهذه الاوجاع المألوفة يمكن ربطها بتقلّص الأوعية الدموية وهي تصيب ثلث عدد السكان و90 في المئة من المصابين بالصداع.
إن وجبات الطعام الصيني و"الهوت دوغ" صنّفت في لائحة الاتهام منذ زمن طويل، ففي سنة 1968 سرد الطبيب كوك بالتفصيل في احدى الصحف الاميركية الاعراض التي اختبرها في كل وجبة من الوجبات في احد المطاعم الصينية "بعد انقضاء ما بين خمس عشرة دقيقة وعشرين دقيقة على ابتلاع اللقمات الاولى، شعرت بخدر في عنقي وظهري وذراعي. وتسارعت دقات قلبي وبدأت أوجاع الرأس، واستمر ذلك كله حوالي ساعتين".
ويتهم الدكتور كوك توابل عدة ومن بينها غلوتامات السوديوم التي تستخدم بوفرة كتابل في وجبات الشرق الاقصى. وقد تم اثبات اتهامه. ومن المعروف ايضاً أن عصير البندورة المتبّل والقهوة السوداء الباردة يسببان اضطرابات مماثلة لدى بعض الاشخاص. أما في ما يتعلق بتزامن أعراض "الهوت دوغ" فانه يعزى الى ملح الحامض النتري الذي يستخدم كملوّن في صناعة اللحوم المعلبة.
إن التخدير خلال الولادة ولا سيّما البضع الصلبي يمكنهما أن يسببا اوجاعاً في الرأس عنيفة احياناً ودائمة، وينصح البروفسور برادالييه قائلاً: "من المستحسن أن تبقى المرأة ممددة في وضع مائل بعد البضع".
يروي لوسيان م. وهو رجل ديناميكي متقاعد في الحادية والسبعين: "كانت زوجتي تعاني من الصداع، ولكن نوبات صداعها اختفت بعدما طعنت في السن، أما أنا فالعكس صحيح بالنسبة الي اذ يمكنني الى حد ما القول إنني لم اشعر باوجاع الرأس في حياتي، ولكنني منذ سنوات أعاني اوجاع الرأس بصورة متواترة وهي يمكن أن تتضاعف اذا ما لمست صدغي بالمشط او عندما يشتد البرد" ويعاني لوسيان التهاباً عارضاً في الشريان اي ما يعرف بمرض "هورثون"، وهذا الالتهاب الذي يصيب المسنين بوفرة لا يشبه للأسف معظم اوجاع الرأس ذات الوطأة الخفيفة.
في كل رأس مستودع
يقول ميشال بونور في كتابه "ممر ميلانو": "في كل رأس مستودع تنام فيه تماثيل لمخلوقات من كل القياسات ومن كل الاعمار، الا ان قائمتها النهائية لم تنجز بعد".
هؤلاء المخلوقات هم بصورة خاصة سريعو الانفعال في نظر البعض، ولكن يقظتهم التي هي بكل تأكيد غير مستحبة، لا تترك في معظم الحالات انعكاسات مشؤومة على الصحة. والصداع ليس انعكاساً لتورم او دمّل في الرأس الا بنسبة تقل عن 1 في المئة من المصابين، وفي المقابل فان هجوم الألم المفاجئ لدى شخص كان بمنجى من الاوجاع، وتبدل طبيعة أوجاع الرأس وتواترها، والتفاقم التدريجي للنوبات وظهور الاضطرابات العصبية، كل ذلك يجب ان يؤدي الى استشارة الطبيب، لان في ذلك تحذيراً من أن مشكلة خطيرة هي في طور التكون والصيرورة.
الصداع بالأرقام
الجنس: سيطرة نسائية
التواتر: ما بين 12 نوبة و15 نوبة في السنة
العمر: الغلبة لمن تتراوح أعمارهم بين 30 و39 سنة 3.26 في المئة من النساء و8 في المئة من الرجال
الأعراض والمؤشرات: اضطرابات هضمية 94 في المئة عدم القدرة على احتمال الضجة والضوء 81 في المئة
العوامل التي تؤدي الى تفاقم الصداع: الحركات 59 في المئة
التوقيت: الغلبة للفترات الصباحية 57 في المئة ما بين السادسة صباحاً والظهر
الاعاقة: انعكاسات على الحالة الجسدية والحياة الانفعالية والحياة الاجتماعية وعلى صحة العقل وعلى الحيوية.
انحسار الداء: غياب تام ابتداء من سن الستين.
الانعكاسات: راحة في السرير لدى 80 في المئة من المصابين وتوقف عن العمل لدى 55 في المئة.
الصداع في أسئلة
هل أوجاع الرأس التي تعانيها تعاودك عبر نوبات لا تتعذب بين واحدة وأخرى، وتستمر ما بين 4 ساعات و72 ساعة؟
- نعم/ لا...
اذا أجبت بلا، فمن غير المجدي أن تذهب الى أبعد من ذلك، اذ يجب أن تبحث خارج الصداع عن سبب أوجاع رأسك. اما اذا أجبت بنعم فأكمل باقي الاسئلة لانه من المحتمل أن تكون مصابا بالصداع.
السؤال رقم 1
هل وجع الرأس في أثناء النوبات يستقر بصورة حصرية في جهة معينة أو على الاقل يطغى على جهة معينة؟
- نعم /لا
هل ينبض على وتيرة دقات القلب؟
نعم /لا
هل هو حاد بحيث يعطل نشاطاتك اليومية؟
نعم /لا
هل يتفاقم جراء المجهود الجسدي؟
نعم /لا
السؤال رقم 2
هل تشعر بالغثيان في أثناء النوبات؟
نعم /لا
هل تتقيأ؟
نعم /لا
هل الضجة والضوء يزعجانك؟
نعم لا
أنت مصاب بالصداع اذا أجبت بنعم مرتين على الاقل عن السؤال رقم 1 ومرة واحدة على الأقل عن السؤال رقم 2.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.