كان أبناؤه قرّاءً.. يتبارون في الاطلاع، ويتنافسون في الكتابة تلقاهم ما بين قارئ أو مستمع أو متحدث، هذا يكتب مقالاً، وذاك يسجل قصة، والثالث يدون شِعراً. يوفرون من مصروفهم الشخصي لشراء قصة أو امتلاك مجلة، امتازوا بقوة الشخصية وطلاقة اللسان وثبات القلب ومضاء الحجة. سألت أباهم: كيف تُربي أبناءك؟ وفي أي مدرسة تعلموا؟ ومن هم أساتذتهم الذين ينهلون منهم المعرفة ويأخذون عنهم الثقافة؟ فأجابني: أستاذهم الأول أبوهم، فقد عودتهم القراءة منذ الصغر. انظر إلى الصغير الذي لم يدخل المدرسة بعد، وافتح أمامه هذه القصة المزدانة بالصور الجذابة، ولاحظ كيف يجري نحوك كالطير إذا رُمي له الحب، وارقب أخاه الذي في الصف الأول الابتدائي تجده مسترخياً يكتب، ثم يطلب من إخوته أن يقرؤا له. إنها عادة تُسن وملكة تُنمى، وقد اعتدت أن أحضر لأبنائي قصة كل أسبوع، وأحكي لهم أحداثها، أرويها للصغير بالأسلوب الذي يُفهّمه لإخوته ليقرؤوها في خلوتهم. لقد نما عندهم الخيال، وزادت المعرفة، وكثرت في جعبتهم الألفاظ والمفردات. انظر هذه القصة كم فيها من كلمات جديدة، زادت رصيد أطفالي اللغوي، وكم فيها من أفكار، وسعت أُفقهم الثقافي، إنني عودتهم زيارة المكتبة، وصارت المكافأة قصة تشترى لا لعبة ترمى، إن هذا منهجي مع أولادي.. جربه مع صغارك، تقطف الثمر، وتجنِ الزهر. * كاتب تربوي.