في كل مرة يرفع يوسف الدوسري الماء إلى فمه، لا يحاول أن يُبقيه طويلاً، بل يلفظه سريعاً، سواءً كان عند وضوئه أو غسيله اليومي، فهو"ماء مالح، لا أستسيغه، ولكننا مجبرون عليه"، كما يقول، وهو الذي عاش في المنطقة الشرقية نحو ربع قرن، وفي كل يوم يراوده حلم أن يصل الماء العذب إلى منزله في الدمام. ويضيف"ملوحة المياه في المنطقة تكاد تتسبب لنا في أمراض نفسية، فالماء الذي يطال جسدي مالح، بدءاً من فروة الرأس، إلى اليدين، وباقي أنحاء الجسم، الذي يحتاج أحياناً إلى طبيب أمراض جلدية، حتى يُعالج بمراهمه الجفاف الذي لحق أجسامنا نتيجة الأملاح التي تفتت حتى الصخور". ولم يغب السباكون عن منزل جعفر الموسى منذ 20 عاماً، سواءً لتغيير الصنابير والمواسير أو السخانات، التي تتسبب شدة ملوحة المياه في تلفها السريع. ويشير إلى أن المياه المالحة"تجعل من تغير أدوات السباكة في المنزل في كل عام أمراً حتمياً". فيما يعتب ناصر القحطاني، على"الوعود التي نسمعها، بوصول المياه المُحلاة إلى منازلنا، وهي وعود لم تتحقق حتى الآن"، متسائلاً متى"نتذوق المياه العذبة". وعلى رغم النبرة المتشائمة للدوسري والموسى والقحطاني، إلا أن أهالي المنطقة الشرقية يعقدون آمالاً كبيرة على الوعود التي أطلقها مسؤولون من وزارة المياه، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، خصوصاً تلك التي أطلقها وزير المياه المهندس عبدالله الحصين، بعد توقيعه عقد مشروع تصنيع وتوريد وتنفيذ نظام نقل المياه المُحلاة لمدن المنطقة الشرقية، بكلفة إجمالية تجاوزت 1.6 بليون ريال، إذ قدر الوزير المدة المتبقية لوصول المياه بحلول العام 2010. وكان وزير المياه والكهرباء رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة المهندس عبدالله الحصين، لتصنيع وتوريد وإنشاء خطوط أنابيب جديد وقع عقد مشروع جديد يبلغ مجموع أطوالها 133.44 كيلومتراً، إضافة إلى محطة ضخ والأنظمة اللازمة لنقل المياه المُحلاة المنتجة من محطة شركة مرافق في الجبيل الصناعية، والمقدرة ب500 ألف متر مكعب في اليوم، إلى محطات الخلط للمدن المستفيدة. في ظل وعود قائمة من الوزارة، بأن المشروع سينتهي في العام 2010. أما مشروع تصنيع وتوريد أنابيب نظام نقل المياه، الذي تبلغ قيمة عقده 241.9 مليون ريال، فتصل مدة تنفيذه إلى 16 شهراً. ويبدأ التوريد بعد ستة أشهر من توقيع العقد.