وزير النقل يستقبل أولى رحلات الحجاج في المدينة    "واتساب" يجرب ميزة جديدة للتحكم بالصور والفيديو    إخلاء مبنى في مطار ميونخ بألمانيا بسبب حادث أمني    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ويتأهل إلى نهائي "الأبطال"    طرح تذاكر مباراة النصر والهلال في "الديريي"    أمطار رعدية ورياح تؤدي إلى تدني في الرؤية بعدد من المناطق    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة طريق مكة من ماليزيا إلى السعودية    زيت الزيتون يقي أمراض الشيخوخة    بايدن يهدد بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير سلطان بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    محادثات "روسية-أرميني" عقب توتر العلاقات بينهما    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    «سلمان للإغاثة» يختتم البرنامج التطوعي ال25 في «الزعتري»    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    السعودية تحقق أعلى مستوى تقييم في قوانين المنافسة لعام 2023    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    القيادة تعزي رئيس البرازيل    المملكة ونمذجة العدل    محافظ قلوة يدشن أعمال ملتقى تمكين الشباب بالمحافظة.    مهرجان المنتجات الزراعية في ضباء    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    تعاون مع بيلاروسيا في النقل الجوي    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    مدرب أتالانتا: مباراة مارسيليا الأهم في مسيرتي    الجولة ال 31 من دوري روشن للمحترفين.. نقطة تتوج الهلال أمام الحزم.. والشباب يستقبل الأهلي    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    أعطيك السي في ؟!    سمير عثمان لا عليك منهم    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    المدح المذموم    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محلل سياسي مهتم بديبلوماسية التفاوض والغفران الاجتماعي .. يؤكد أن بعض أفراد التيار الإسلامي في . السعودية لهم أهداف سياسية مضمرة عادل الطريفي : "طهران" تبتعد عنا بقدر ما نقترب منها
نشر في الحياة يوم 16 - 12 - 2008

نجفل كثيرا في مجتمعنا من كلمة السياسة، ولازال البعض يراها أنها للنخبة فقط ، وأن الفرص فيها غير متاحة، عادل الطريفي شذ عن القاعدة وهجر الهندسة الطبية لأجل خطب ود السياسة وميادينها ،يقرأ كتابين في السياسة كل أسبوع، وعشرات المقالات العلمية، ومالا يقل عن ثمانية صحف عربية ومحلية يوميا، ومثلها من المجلات الأسبوعية السياسية مما منحه الأرضية اللازمة للانطلاق في الكتابة والتحليل السياسي عبر قنوات الإعلام المختلفة،. هو لم يبلغ الثلاثين بعد وهذا يمنحه فرصة للتزود من الوقود السياسي أكثر، هادئ في طرحة وفي حديثه، هو قاب قوسين من الدكتوراه ، متخصص في شؤون قضايا الصراع في المنطقة وخاصة مع إيران، يرفض أن يكون ذو موقف سياسي ثابت ويحاول دائما قراءة الأوراق من أوجه عده.. ويرفض اتهامات التبعية لأمريكا ويخاف على مستقبل الخليج ويبشر بجيل سياسي واعد في المنطقة... فإلى تفاصيل الحوار:
في مرحلة الدراسة هل شهدت مدرستك أي انتقاد منك على سياستها، أو طريقة التدريس فيها؟
- لا لم يحدث ذلك، المؤسسات التعليمية في المملكة المتحدة - كما في أمريكا- لديها حياد كبير تجاه ما يعتقده تلاميذهم من الأفكار والمواقف السياسية، بل على العكس في أحيان كثيرة كان بعض المدرسين - من المتأثرين باليسار الثقافي في الستينات والسبعينات- مشجعين لنا على تجربة أفكار ومناهج أخرى ك"الواقعية الجديدة"، و"البنيوية الاجتماعية"و"الويلسونية"، و"الليبرالية التدخلية"حتى وإن كانت لديهم مواقف منها لأن الغرض هو التعليم، ولعل أفضل الدرجات العلمية التي حققتها على الصعيد الشخصي كانت لدى أستاذ أختلف معه كليا على الصعيد السياسي والفكري، تلك حسنات التعليم الغربي.
هل كان التحليل ، وتفكيك رموز مايدور حولك يسيطر على طفولتك؟
- ليس بوسعي أن أزعم ذلك، فالوعي السياسي لدي لم يتكون إلا في نهاية العقد الثاني من عمري، وكان حصيلة قراءات متعددة في الفلسفة السياسية -لاسيما الفكر السياسي الأمريكي-، وخلال مشوار القراءة النهمة في تاريخ المدارس والأفكار السياسية پابتدأت أختط لنفسي موقفا فكريا، وبدأت أجرب في المناهج والأدوات التحليلية، وأنا ما زلت في مرحلة التعلم يوما بيوم.
منذ متى بدأت تتابع الأخبار، وتقرأ الصفحات المحلية والدولية؟
- أول متابعة لي للشؤون السياسية كان برنامج يعرض على التلفزيون السعودي نهاية الثمانينات بعنوان"العالم في أسبوع"يقدمه المذيع المخضرم ماجد الشبل، لقد كنت مسحورا بأحداث العالم تلخص لي كطفل في برنامج لا يزيد عن الساعة. أما التجربة السياسية الأولية فكانت معايشة أحداث حرب الخليج، إذ كنت مهووسا بمتابعة يوميات الحرب, ألخص لأهلي أحداث الحرب عبر مشاهدة الأخبار وقراءة الصحف والاستماع لإذاعة البي بي سي البريطانية.
وخلال سني الدراسة الابتدائية والمتوسطة كنت أستمع كل صباح برفقة والدي إلى الأخبار من مذياع السيارة، ولا زلت وأنا صغير أتذكر أسماء السياسيين البارزين حينها: وزير الخارجية السوفييتي إدوارد شيفرنادزه، والرئيس عرفات، والوزير الأمريكي هنري كيسنجر، وكانت قضايا الصراع تثير دهشتي كالتفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا، ومعارك الخمير الحمر في كمبوديا، وبيانات أنطوان لحد زعيم جيش لبنان الجنوبي، وفوق ذلك كله بالطبع الحرب الأفغانية.پپپپپ
لماذا شغلتك نتائج الصراعات ، ومراقبة الأحداث أكثر من أي شيء آخر؟
- اخترت التخصص في العلاقات الدولية، ثم ذهبت أكثر من ذلك فاخترت مسار"النزاع الدولي"، لدي اهتمام كبير بالنزاعات المسلحة، وكيفية حلها، وما يتضمنه ذلك من دبلوماسية التفاوض والتنازلات، ومسائل كاللاجئين، والغفران الاجتماعي. ربما يعود السبب لأنني نشأت في منطقة كمنطقتنا مليئة بالحروب والمشكلات السياسية، وبما أنني لم أجد كشاب أحدا يجيب على تساؤلاتي السياسية، ولماذا تتعامل الدول مع بعضها بعدائية أو عبر التهديدات، فقد كان علي أن أتعلم بنفسي.
مالذي جعل السياسة تستأثر بك في دراستك الجامعية..؟
- في الحقيقة لم أدرس السياسية في البداية، بل اتجهت إلى دراسة الهندسة الطبية، والسبب يعود إلى أننا كمجتمع سعودي لا نوفر للجيل الشاب خيارات كثيرة، فالأسر ترغب في أن يكون أبنائها مهندسين أو أطباء، ولا يشجعون على أن يجرب الطالب أشياء جديدة. طبعاً، كان لأسرتي فضل كبير في تشجيعي على تغيير التخصص في مرحلة الدراسات العليا، وقد حققت تفوقا في دراستي لأنني أجد نفسي في السياسة، حتى أنني فزت مؤخرا بمنحة للدراسات العليا من جامعة جورج تاون - وهي من أهم الجامعات في الولايات المتحدة حيث ينتمي لها أكثر من عشرة رؤساء دول وحكومات سابقين ومعاصرين- وقد درس بها كل من سمو الأمير تركي الفيصل، ومعالي الأستاذ عادل الجبير.
لماذا اخترت بريطانيا قبلة سياسية لك في الدراسات العليا..؟
- في الحقيقة هي اختارتني، فقد حصلت على منحة شيفيننج البريطانية للدراسة في المملكة المتحدة، وبعد ذلك وجدت نفسي أكمل درجة الماجستير والدكتوراه في الجامعات البريطانية، ثم إن أوضاع السفر من وإلى الولايات المتحدة أصبحت معقدة بعد 11 سبتمبر، ولهذا اخترت أن أكون في دولة قريبة من المنطقة تاريخيا وسياسيا. حاليا، أدرس الدكتوراه في مدرسة لندن للاقتصاد والسياسية وهي من أرفع المدارس السياسية في العالم. مستوى التعليم متقارب مع الولايات المتحدة، خصوصا إذا قارنت على مستوى مدارس النخبة، ولكن الفرق أن الولايات المتحدة لديها تعداد أكبر من المدارس والمراكز البحثية النخبوية، ومناهجها العلمية في التعليم الجامعي أكثر تميزا ولديها ميزانيات عظيمة. پ
مناهج السياسة
پپمقررات السياسة في الجامعات الأمريكية.. هل تفتقد الموضوعية..؟
- لا، لا يمكن التعميم. هناك بالطبع أساتذة لهم أجندة سياسية أو مواقف شخصية، ولكن يجب أن ندرك أن ليست كل مقالة أو تحليل فيه أخطاء هو بدوافع مغرضة أو موجهة، بل هي في الأغلب ضحية للتنميط السلبي الذي ساهمنا كشعوب للمنطقة في تغذيته. المدارس ومراكز الأبحاث الأمريكية فيها متخصصون على مستوى رفيع، والمناهج الدراسية تخضع للجان رقابة علمية وأخلاقية من قبل المؤسسات التعليمية.
لماذا لا توجد لدينا مراكز بحث سياسية متقدمة..؟
- هذا كلام يوجه للمسؤولين السعوديين، لأنها باتت مسألة ضرورية. فأغلب الدول المجاورة لديها، في الإمارات هناك أكثر من مركز، وفي إيران ومصر هناك مراكز معروفة تعمل على تسويق سياسات تلك البلدان، بل حتى قطر وهي دولة صغيرة افتتحت خلال العام الماضي فروعا لبعض أشهر المراكز البحثية الغربية. أتمنى أن يهتم المسؤولون السعوديون بذلك، فنحن لدينا كفاءات، والبعض منا يتعاون مع مراكز بحثية في الولايات المتحدة وأوروبا، ويحصلون على جوائز علمية لإسهاماتهم. كيف يمكن أن تفهم سياسة بلد كالسعودية، وتقدم معلومات صحيحة للجمهور في الداخل والخارج عن مصالحها ومشروعاتها بدون وجود مراكز بحثية معنية بالشؤون السياسية.پپ
السياسة الشرعية هل تقف حاجزا أمام السياسة الدولية..؟
- لا، في الحقيقة ليس بينهما أي صلة، فالأولى تختص بالفقه التقليدي ونظام الحكم في العصور الإسلامية الأولى، وهي غير موجودة حاليا. أما الثانية، فهي الواقع السياسي الذي نعيشه، وله قواعده ونظامه العالمي وشروط المشاركة فيه واضحة.
حرب الخليج الثانية.. هل كانت بوابة الصراع مع الإسلاميين في المنطقة..؟
- ليس هذا دقيقا، فالإسلام السياسي يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، ولم يكتسب زخما شعبيا إلا بعد هزيمة 1967، وانحسار المد القومي واليساري، ولكن بإمكانك أن تقول بأنها كانت القمة القصوى التي وصلت إليها من حيث القوة الديمغرافيةپ والانتشار الشعبي والسياسي، كما أن أحداث 11 سبتمبر تجسد نهاية مرحلة التسعينات، وبداية توقف الزخم.
هذا لا يعني أنهم سيتراجعون بنفس القدر الذي تعرض له القوميون أو اليساريون، بل ربما استمروا لعقود قادمة، ولكنه يشير إلى أنهم لكي يستمروا لا بد لهم من التكيف مع المستجدات وتقديم التنازلات الاجتماعية والسياسية بحسب موقعهم. حزب كالعدالة والتنمية التركي هو نموذج للتكيف الإيجابي الذي أتحدث عنه.
التيارات الإسلامية
بعد حادثة" جهيمان" هل بدأ مصطلح الإسلام السياسي في بلادنا في الظهور..؟
- لا، حركة جهيمان لم تكن تنتمي إلى الإسلام السياسي، بل كانت ضد التأثير الإسلامي القادم عبر الإخوان المسلمين الذين عملوا في المملكة نهاية الستينات. يمكنك تصنيفها بحركة احتجاج سلفية داخل المدرسة التقليدية توجهت نحو التطرف الديني والمواجهة السياسية.
التيارات الإسلامية في المملكة هل لها طموحات سياسية..؟
- لا يمكننا الإجابة بنعم أو لا، فالتيار الإسلامي في السعودية لا يمكن وضعه في سلة واحدة، بل توجد به مسارات متعددة بعضها متطرف وبعضها الآخر منفتح ولديه القابلية للتعايش المدني. قد تكون لدى بعض هذه الجماعات أهداف سياسية مضمرة ولكن يمكنني القول أنه لا توجد حتى الآن علامات واضحة على توجه من هذا النوع في التيار الإسلامي العام في السعودية.
الإسلاميون الجدد و الليبراليون الجدد.. اقترن اسمك بكلا التصنيفين..لماذا؟
- طبعا، هذه التصنيفات أطلقها بعض المتطرفين من التيار الإسلامي، وهي لا تعني أي شيء. إذ ليس هناك تعبير أو تعريف لما يقصد بالإسلاميين الجدد أو الليبراليين الجدد. بشكل شخصي، أنا محلل وكاتب سياسي مستقل أقف على مسافة واحدة من الجميع.
هل تقتحم رؤيتك السياسيةپ خياراتك! أم أنك تسيس كل شيء ليناسبك؟
- على العكس من ذلك، أحاول دائما تحدي نفسي في تجريب أدوات للتحليل قد تقودني لنتائج معاكسة لتصوراتي. القاعدة لدي، لكي تكون محللا سياسيا موثوقا فلا بد لك من أن تفصل أفكارك ومواقفك الشخصية عن بحثك وتحليلك السياسي، وأن تسمع السياسي ما لا يريد سماعه. وبالمناسبة، أشعر ببعض الرضا حينما أجد أن الإسلاميين والليبراليين في المنطقة يهتمون بما أكتب. على سبيل المثال، انتقدت حركة"حماس"كثيرا، ولكن حينما أراد البعض الانقلاب العسكري على نتائج الانتخابات كتبت مقالا بعنوان"لا للانقلاب على حكومة حماس"، وقد غضب البعض على المقال من المعارضين للحركة، ولكن حجتي أنني أقدم تحليل وتقييم سياسي واقعي يرتكز على المصلحة السياسية بغض النظر عن آرائي الشخصية. پپپپ
هل اختلفت عليك الوجوه عندما تنوعت بعينيك القراءات للمشهد السياسي في المنطقة؟
- بالطبع أنا أقرأ كتابين في السياسة كل أسبوع، وعشرات المقالات العلمية، ومالا يقل عن ثمانية صحف عربية ومحلية يوميا، ومثلها من المجلات الأسبوعية السياسية. وأستطيع أن أقول لك، بأن قراءتي السياسية لبعض الملفات تشبه مؤشر الحركة في أسواق المال صعودا وهبوطا، ولا أذكر أنني اختتمت مقالا أو بحثا إلا و وضعت أسئلة اعتراضية أو مستقبلية لكي أتجنب الوثوقية الزائفة التي تفضحها تقلبات الأحداث.پ
هل من ملفات سياسية ساخنة تمتنع عن تناولها مطلقاً؟
- بالطبع، فأنا أركز في الغالب على السياسة الخارجية السعودية، وإيران، والعراق، وسوريا، ولبنان. وهناك ملفات أتجنب الحديث عنها إما لأنني لا أمتلك معلومات نافذة إلى صناعة القرار، أو لأنني لا أرغب في طرح رأيي في هذه المرحلة. أحيانا تلتقي بسياسي هام وتطلع منه على معلومات قيمة، ولكنك قد لا ترغب في أن تكشف كل ما لديك، المحلل السياسي يجب أن يبقي بعض أوراقه مخبئة، تلك هي إحدى أسرار الصنعة.
المراقبة والمتابعة ألا تكسر رقبة الهدوء، وتسلب الدهشة في حياتك؟
- أحيانا، ومن المثير للضحك أنني قد أكون نائما فتحدث أزمة سياسية، أو عملية حربية ثم توقظني أمي لتطلعني على الخبر. أبي وأمي هما أحد مصادري، حينما لا أكون بجوار التلفاز أو الإنترنت.
المشهد السياسي والكف
قراءة المشهد السياسي هل يشبه قراءة الكف؟
- أبدا، قد تحدث أحداث غير متوقعة، ولكن تفسير ذلك أن المعلومات التي كانت بحوزتنا لم تكن كافية للخروج بالنتائج. كل تحليل سياسي يعتمد على نموذج -أو مودل- علمي تدخل فيه المعلومات وتخرج بالنتائج على شكل سيناريوهات متعددة، ومهمة المحلل هي المفاضلة بين هذه السيناريوهات.
قلمك متهمپ بأنه يسوق لما تؤمن به الإدارة الأمريكية.. ما رأيك بذلك؟
- هذه تهمة أتلقاها أحيانا من المؤدلجين اليساريين أكثر من الإسلاميين. لا أريد الدفاع عن نفسي، فكتاباتي وحدها والتي تتضمن نقدا كبيرا للسياسات الأمريكية في الصحافة السعودية والعربية والغربية شاهدة على ذلك. لقد انتقدت السياسية الأمريكية في العراق كثيرا في جريدة الرياض، وكتبت عن جرائم سجن أبو غريب في مجلة الأهرام الأسبوع، وفي آخر مقال لي في جريدة الدي - تزايت الألمانية، قلت بأن إدارة الرئيس بوش أخفقت في المنطقة، وبأن أمريكا محتاجة إلى إعادة تصحيح صورتها في العالمين العربي والإسلامي.
لماذا ينتقد الجميع أمريكا؟پ وبالمقابل يبقون مشدوهين بأي شيء منها؟
- أنا ضد أن يكون لديك موقف دائم وثابت من سياسة أي بلد -بما في ذلك الولايات المتحدة-، لأن السياسية تتغير باستمرار، فأحيانا تكون هناك أخطاء يجب نقدها، وأحيانا تكون هناك مكاسب يجب التنويه بها.
هل يجيد أفراد مجتمعنا قراءة المشهد السياسي..؟
- هناك قصور في هذا الجانب، ولكن الوعي بالشؤون السياسية في تزايد. يدهشني حجم الاهتمام بما أكتب من شرائح اجتماعية لم أكن أظن أنها مهتمة بموضوعات مملة وجافة كالقضايا السياسية.
لماذا الشعوب الخليجية الأقل اهتماما بالسياسة الدولية..؟
الدول الخليجية لم تتكون إلا حديثا، والتعليم بها لا يتجاوز أربعة عقود أو خمسة، ثم أن عدم توفر المشاركة السياسية في أكثر تلك البلدان جعلهم أقل اكتراثا بها. ولكن يجب التنبيه إلى أن الجيل الشاب في الخليج يملك ثقافة جيدة ويقرأ بأعداد تفوق نظرائه في الدول العربية المجاورة.
هل الوعي السياسي للمجتمعات يهدد الحكومات بشيء..؟
- الإجابة هي نعم ولا في آن واحد، إذ توفر لديك وعي سياسي زائف كالذي ينشره كثير من المثقفين العرب - وأغلبهم متأثرون باليسار الثقافي الأوروبي- أو التعمية السياسية التي يمارسها قادة الحركة الإسلامية فلديك مشكلة بالطبع. تكوين وعي سياسي صحي يحتاج إلى سنوات من الإصلاح السياسي والاجتماعي الجاد.
بين السياسة الداخلية والخارجية.. أين تضيع الشعوب؟
- قديما، كان المواطن العادي دائما ما يهتم بالسياسات الداخلية لأنها تؤثر في شؤون قوته ومعاشه، والسياسة الخارجية هي ترف للنخبويين من المجتمع. طبعا، في الحاضر باتت قضايا السياسة الخارجية تؤثر بشكل كبير على الداخل، ففي الولايات المتحدة وأوروبا تحتل مسألة كدارفور أهمية كبيرة، في المنطقة العربية هناك اهتمام شديد بالصراع العربي/الإسرائيلي، وكانت هناك معارضة واضحة للحرب الأمريكية على العراق. وهناك دول لا فرق عندها بين السياسة الخارجية والداخلية كلبنان، فكلاهما يؤثران في المشهد الداخلي.
التأثير السعودي في المنطقة.. ألا تشعر انه مجرد شعارات فقط..؟
- المملكة ليست جديدة على الساحة السياسية، ودورها السياسي منذ بروزها كدولة حديثة ما يزال مؤثرا. كانت هناك لحظات تراجع كما كانت هناك لحظات تميز، ولكن بالمجمل تمتلك السعودية سجلا يبعث على الإعجاب، وهي ظلت محترمة ومهابة حتى اليوم. الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو واحد من أكثر الزعماء السياسيين شعبية داخليا وخارجيا، ويمتلك سمعة محترمة بين السياسيين والخبراء بشؤون الشرق الأوسط. وهذه السمعة أفادت السياسية السعودية كثيرا.
كيف ترى التفاعل السعودي مع المتغيرات السياسية..؟
- هذا يعتمد على الملف الذي ترغب بتقييمه، هناك ملفات أدارتها السعودية باحتراف، وهناك ملفات لم تتمكن من إحداث التغيير لأنها لا تملك كل الأوراق بيدها.
المبادرات السعودية ولم الشمل العربي.. لماذا لا تدوم طويلا..؟
- هناك شروط موضوعية لحل أي نزاع سياسي، وقد أجريت دراسة بهذا الخصوص بعنوان"لماذا تفشل معاهدات السلام في المنطقة؟"، والنتيجة التي توصلت إليها أن هذه المعاهدات تفتقر إلى مؤسسات إقليمية تمتلك حق الجزاء والعقاب لكي تتابع نتائج تلك المبادرات. أما لماذا تلجأ السعودية لعقد هكذا مبادرات، فإجابته واضحة بالنسبة لهم: خير لك أن تتدخل بمبادرات تخفف من الأزمة الإنسانية أو توقفها لفترة بدلا من استمرار معاناة الأبرياء دون انقطاع.
إيران والخليج
حتى متى ستكون إيران مستودع أزمات للمنطقة..؟
- ذلك يعتمد على أمرين: استمرار أسعار النفط المرتفعة وتطورات الملف النووي، إيران تحصل على عائدات كبيرة من النفط وتضخ أمولا طائلة في مشروعاتها النووية وتطوير قدراتها الصاروخية. يراهن المحافظون على قدرة إيران في الوصول إلى السلاح النووي، وأن تلك الضمانة الوحيدة لاستمرار الجمهورية الإسلامية. لقد اختبروا صعود الإصلاحيين يسار الحركة منتصف التسعينات وما سببه ذلك من ضعف لنظام ولاية الفقيه، وهم يدركون أنها فرصتهم الأخيرة لاستدامة الحكم.
الصبر الخليجي على إيران هل تتوقع أن ينفد..؟
- الخليجيون أحسنوا خلال السنوات الماضية في تجنب المواجهة المباشرة مع طهران، وإعطاء الفرصة للأوربيين في إجراء المفاوضات وقيادة العقوبات. أما اليوم، فالمسألة اختلفت، إذ لم ينجح الأوربيون في مساعيهم.
والحياد الخليجي تحول إلى حياد سلبي لا يقي حتى من التهديدات الإيرانية، لذا عليهم التدخل اليوم قبل الغد على خط المفاوضات ووضع شروطهم للاستقرار الإقليمي قبل أن تتمكن إيران من الحصول على السلاح النووي، أو قبل أن يتقارب الأمريكيون والأوروبيون مع طهران على حساب المصالح الخليجية.
السباق السعودي الإيراني.. من أسرع ركضا..؟
- العلاقات الآن في حالة توازن قلق والسعودية غير راضية عن التدخل الإيراني في العراق ولبنان، ولكنها مع ذلك ما تزال تتحدث مع طهران بصورة مباشرة، والإيرانيون يدركون ذلك، وقد طلبوا من السعودية أكثر من مرة التدخل في موضوع الاستقطاب الطائفي وخلال الأزمة السياسية في لبنان.
لقد درست العلاقات السعودية/الإيرانية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وقد وصلت إلى نتيجة مفادها أننا مهما حاولنا الاقتراب من طهران فإنها تبتعد عنا بقدر ما نقترب منها.
بمعنى آخر، هناك مسافة بيننا لا يمكن إلغائها أشبه بنهاية طرف مسطرة خشبية ثابتة الطول، هذا لا يعني أننا لا يمكن أن نلتقي على مصالح مشتركة وعلاقات طيبة، لكن ستظل هناك مسافة طبيعية ما بين الطرفين لأننا متماثلين من أوجه كثيرة وهذا ما يحدث بين الأشياء المتناظرة. پپ
استرداد روسيا لعافيتها السياسية ..هل سيكون من مصلحة المنطقة؟
- نحن لا نعرف بالضبط حدود الارتداد الروسي بعد، وهل سيستمر هذا الزخم، أم يتوقف. قد يعمد الأمريكيون والأوربيون إلى التهدئة مع روسيا، وهذا سيضعف من إمكانية التدخل الروسي في المنطقة، ولكن في حال كان الروس مصممون على مواجهة الأمريكيين والأوربيين فسيكون لهم حضور - ليس بالضرورة إيجابي- في قضايا المنطقة، كمعارضة العقوبات على طهران، وفتح قنوات اتصال مع حزب الله وحماس.پ
بين غصن الزيتون، والعصا.. تتأرجح الخيارات في المنطقة.. أي خيار منهما هو الأقرب لنا اليوم؟
- دائما ما ينظر للخيارات السلمية بوصفها خيارات الضعفاء، ولكن تاريخ المنطقة يشهد أن أفضل خيارات السياسيين كانت تلك التي تضمنت المبادرة إلى الحلول السلمية، الخيار السلمي يكون ضعفا حينما تجبرك الظروف نحوه لا حينما تقود المبادرة بنفسك من موضع قوة، السادات كان شجاعا في مبادرته، وكذلك الملك حسين في اتفاق وادي عربة، ويحسب للملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيضا- شجاعته في طرح مبادرة سلمية في وقت كانت أصوات التطرف صاخبة على الطرفين.
الصفيح العراقي لازال مستعراً،وبوش في طريقه للمغادرة . هل سيغير ذلك من الأمر شيء؟
- طبعا، العراق مقبل على تغييرات كبيرة، فالإدارة الأمريكية مصممة على توقيع اتفاق بقاء القوات الأمريكية قبل انتهاء ولايتها، ومهما تكن نتائج المسودة النهائية بين العراقيين والأمريكيين، فإن العراق سيحظى بمساحة استقلال واسعة على الصعيدين الداخلي والإقليمي، وسيكون من المثير مراقبة تحول العراق من دولة محتلة ومزعزعة، إلى استعادة دورها الإقليمي.
الفكر والسياسة
الفكر هل يصنع السياسة .. أم ان السياسة تنتج الفكر..؟
- كلاهما يؤثر ببعض، وهي علاقة متبادلة، التنوير الأوروبي أنتج الثورة الفرنسية والأمريكية، ولكن نتائج العملية السياسية أنتجت مدارس فكرية أكثر تنوعا، وبراجماتية، وأقل مثالية بالطبع.پ
هل يوجد لدينا صحفيون سياسيون على مستوى..؟
- لا أظن أن بإمكاننا العثور على صحافيين سياسيين بهذا المعنى، ولكن ثمة تجارب في التعليق السياسي وكتابة التقارير السياسية تستحق التقدير، عبدالرحمن الراشد يمثل أبرز كاتب عمود سياسي عربيا، كما أن كاتبا بوزن حازم صاغية يجمع إلى جانب الكتابة المحترفة رؤية سياسية قل نظيرها في العالم العربي، وهناك أسماء أخرى بالطبع. پ
تظل التجربة السعودية ناقصة في غياب الحزبية، وضياع صناديق الاقتراع..كيف يستطيع المحلل السياسي السعودي سد الفجوة؟ وإسقاط الفكرة؟
- التجربة السياسية ليست محصورة في الأحزاب، أو صناديق الاقتراع، فهذه أدوات سياسية ليس إلا، بل إن عدم تعرض المجتمع السعودي لتأثير الحزبية -كما طبقت في بعض دول المنطقة- قد جنبه الانقسام الاجتماعي والسياسي. لكل نظام حكم مؤشراته السياسية، والمحلل بإمكانه استقراء الأحوال السياسية لبلد مثل السعودية من مصادر عديدة. پپ
الإصلاح السياسي في المملكة.. هل خطواته بطيئة..؟
- السرعة والبطيء أمران نسبيان، بخصوص مسار الملك عبدالله الإصلاحي. هناك مشروعات عديدة تجري حاليا، وأغلبها ذات طابع استراتيجي طويل المدى، ولذلك فإن نتائج العملية الإصلاحية يلزمها الكثير من الوقت. المدن الاقتصادية والصناعية التي يتم بنائها الآن، ومخرجات الابتعاث العلمي للخارج ستستغرق عقدا من الزمن لتؤتي ثمارها، وذلك هو الرهان المستقبلي.
هل لك أن تستشرف لنا المستقبل السياسي في الخليج ..؟
- الخليج مقبل على تغييرات جيوسياسية كبيرة خلال العقدين القادمين، بغياب آلية سياسية ودفاعية موحدة ستظل الدول الخليجية في حالة ضعف ضد التهديدات الإقليمية. الاستقلالية السياسية تعني تحررا من الارتباط الأمني المشترك وهو ما يجري اليوم. أعتقد أن الدول الخليجية لم تتعلم كثيرا من دروس حرب الخليج، فرغم أن التجربة المؤلمة دفعتهم نحو بعضهم البعض، إلا أنها لم تثمر شراكة إستراتيجية فيما بينهم. المستقبل هو للتكتلات السياسية المبنية على مصالح مشتركة.
عادل بن زيد الطريفي
تاريخ الميلاد: 19 أبريل 1979
كاتب وباحث سياسي - متخصص في شؤون الشرق الأوسط
مجالات البحث: السياسة الخارجية السعودية، إيران، العراق، سوريا ولبنان.
المؤهلات العلمية
جامعة الملك سعود - 2002 - درجة البكالوريس
جامعة بيرمنغهام - 2006
برنامج الدراسات الأمنية والديموقراطية المتقدم
جامعة كينغستون يونيفرستي لندن - 2007
درجة الماجستير في العلوم السياسية مرتبة الشرف الأولى
جامعة لندن: مدرسة لندن للإقتصاد والعلوم السياسية LSE - 2008.
طالب دكتوراه في العلوم السياسية محاور القوى بعد سقوط بغداد: التحالفات والنزاعات في الشرق الأوسط
الجوائز العلمية والتقديرية
جائزة النزاع الدولي
جائزة ممنوحة لأفضل بحث أكاديمي على مستوى الدراسات العليا من جامعة كينغستون لندن لعام 2008
منحة شيفيننج البريطانية
منحة بحثية مقدمة من برنامج شيفيننج للزمالة، المجلس القافي البريطاني لعام 2006
الخبرات
كاتب بجريدة الوطن السعودية : 2002 - 2005
زميل شيفيننج بالمعهد الأوروبي للبحوث - المملكة المتحدة -2006
مركز دراسات الأمن والدبلوماسية - برنامج الأمن والديمقراطية
كاتب بجريدة الرياض السعودية : 2005 -
بحوث
التيارات الإسلامية في المملكة العربية السعودية
الإصلاح السياسي في السعودية: الحاضر والمستقبل
مقترحات كلينتون: دراسة لخطة السلام الضائعة
جذور المبادرة العربية: دور المملكة في الصراع العربي/الإسرائيلي.
كتب
تقييم التنافس السعودي-الإيراني بعد سقوط بغداد 1997-2007
السياسية الخارجية في عهد الملك عبدالله - فصول ضمن كتاب"عبدالله بن عبدالعزيز ملكاً"مؤسسة اليمامة للنشر 2006 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.