أكد مصدر قضائي ل"الحياة"أن التوجيهات الرسمية تقضي بعدم تزويج القاصرة دون الثامنة عشرة من غير ذي قرابة منها، وعلل ذلك بحاجة القاصرة إلى من يراعى مصلحتها الاجتماعية، ويتفهم صغر سنها وعدم نضجها، والقريب هو"أولى الناس"بتفهم هذه الغاية. لكن الذي يتردد صداه من خلال الوقائع المتعددة أن محكمة القضاء والأنكحة لا ترفض بالكلية تزويج الفتاة في حال إصرار أوليائها الأقربين مثل الآباء والإخوة بمن يتقدم للزواج منها. وفي الوقت الذي يعتبر فيه الإعلان العالمي الصادر عن الأممالمتحدة في عام 1993 بشأن القضاء على العنف ضد المرأة،"زواج القاصرات"داخلاً في العنف الأسري، يؤكد الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة الإمام الدكتور حمد الحيدري أن أصل الزواج بالقاصرة"جائز"إذا توافرت الشروط، وكان برضا من البنت، ومستشهداً بزواج النبي عليه الصلاة والسلام من عائشة رضي الله عنها وهو في الخمسين، وأيضاً بزواج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو قد جاوز الخمسين. ويضيف"إذا توافرت الشروط الشرعية وهي الإيجاب والذي يتضمن موافقة المرأة، والقبول والذي يتضمن موافقة الزوج، وشاهدان، فالزواج صحيح، مع مراعاة أن يكون الزواج مقصوداً لذاته، وليس لأهداف أخرى، والنبي علية السلام قال"إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، ولم يضع عمراً محدداً". وعلى رغم تأكيد الحيدري لمشروعية الزواج من القاصرة متى توافرت الشروط، إلا أنه يشدد على مراعاة الفطرة، وهي أن البنت لا ترضى في الغالب إلا بمن يماثلها في السن، ومنوهاً بقول النبي عليه الصلاة والسلام لأحد الصحابة عندما تزوج امرأة ثيباً:"هلاّ بكراً تلاعبها وتلاعبك"، للدلالة على مراعاة انجذاب الفتاة للشاب، ولما يحصل بينهما من التكامل الذي يعد التقارب العمري أبرز ملامحه، من دون إغفال لوجود استثناءات خارج هذه القاعدة. ووصف"طمع الآباء"عندما يقدمون مصالحهم المالية أو الشخصية على مصالح بناتهم، ويضغطون عليهن بالإكراه، أو المخادعة، لإرغامهن على الزواج ب"غش الأمانة"، ومحذراً من جنوح هؤلاء الفتيات إلى"الانحراف"، عندما ينعدم الانسجام بين الطرفين نتيجة التباعد العمري والعاطفي، إذ يجدد التأكيد على ضرورة الرضا من الفتاة بالزواج لتلافي أي إشكال يعوق حصول الأهداف السامية للزواج. وطالب الحيدري وسائل الإعلام بضرورة معالجة هذه القضية من زوايا تراعي التأصيل الشرعي المعتبر، وليس"هجوماً شاملاً"على فكرة الزواج من القاصرة، و"تشويهاً"لمبدأ أقرته السنة المطهرة، ويضيف"يعج المجتمع بالكثير من العوانس اللواتي يجدن في هذا الزواج باباً لتحقيق أحلامهن بالزواج، فلا بد من مراعاة الموضوعية عند معالجة الأخطاء التي تقع".