وجدت"أم"وأطفالها الأربعة أنفسهم من دون مقدمات، بلا زوج ولا أب ولا أهل ولا حتى مأوى يلجأون إليه، بعد أن قرر صاحب المنزل طردهم منه، لعدم قدرتهم على دفع الإيجار لفترات طويلة. الفصول الأولى لمعاناة الأم المنكوبة والمغلوب على أمرها بدأت منذ أربع سنوات، عندما تعرض زوجها لإصابة عمل، تسببت له في مرض"انفصام ظلالي"، ما أدى إلى تحويل وظيفته إلى وظيفة أخرى تتناسب مع وضعه الصحي، ولكن ذلك لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما تم فصله من عمله من دون أسباب حقيقية"فصلاً تعسفياً". تقول أم سليمان 29 عاماً"انقلبت حياتي رأساً على عقب، بعد تعرض زوجي لحادثة عمل أثناء تأديته مهمات عمله في إحدى الشركات الوطنية تحتفظ الحياة باسمها، أصيب على إثرها بإصابات بالغة في الرأس، كما تسببت له في حالة انفصام ظلالي". وتضيف"تدهورت حال زوجي الصحية بعد الحادثة، وأصبح يعاني من الإرهاق لأقل مجهود يقوم به، وعندما راجع المستشفى أوضحت التقارير الطبية أن إصابة العمل تسببت له في عدم التركيز وضعف في درجة الوعي". ولم تتوقف حاله المرضية عند هذا الحد، إذ تطور مرضه النفسي وأصبح يعاني من الشعور الدائم بالخوف والوسواس القهري. تقول أم سليمان وهي يمنية وزوجها سعودي"راحت حال زوجي تسوء يوماً بعد الآخر حتى صار يخشى كل شيء ويشك في الآخرين، وهنا طلب تحويله أثناء العمل من القسم الذي يعمل به إلى آخر، وبالفعل تم تحويل عمله إلى عمل آخر مكتبي، وهذا لم يحل المشكلة إذ بدأ يتعرض لمضايقات متعددة من مديره المباشر في العمل". مشيرة إلى أن زوجها كان يعاني الكثير من الإرهاق والتعب ولكنه كان حريصاً على المواظبة في عمله، لاعتبار"أنه مصدر الرزق الوحيد له ولنا". وتقول أم سليمان"لم يقدّر المدير المباشر حال زوجي المرضية، وحاجته الماسة للوظيفة التي تعد المورد المادي الوحيد لنا، إذ سرعان ما بدأ بالخصم من راتب زوجي من دون أسباب تذكر، لكن زوجي تحمل ذلك على رغم أن المدير لم يعمد وسيلة إلا واستخدمها لتطفيش زوجي من العمل وعندما يئس من ذلك أصدر قراراً بفصله من العمل فصلاً تعسفياً". وتضيف"بعد ذلك رفع زوجي قضية إلى ديوان المظالم، ولكن القضية ظلت عامين في المحكمة ولم يصدر الحكم إلى الآن وذلك بسبب تهرب المدير من حضور الجلسات وعدم إحضاره للأوراق المطلوبة، وفي كل جلسة كان يتم تأجيل النظر فيها إلى جلسة أخرى لإكمال الأوراق والإجراءات". وتفاقمت معاناة الأم المغلوب على أمرها، عندما استيقظت يوماًَ، ولم تجد زوجها الذي اختار الهرب من المنزل ومعه جميع الأوراق الرسمية الخاصة بإثبات هويتها وهوية أطفالها، ليتركها تعاني مع أطفالها ويلات ظروف قاسية.وتقول أم سليمان"طول الإجراءات والتأجيل المتكرر للقضية جعل زوجي في حال نفسية سيئة، خصوصاً بعدما أصبح عاجزاً عن توفير مصاريفنا ومستلزمات أسرتنا من إيجار منزل وفواتير كهرباء وطعام وعلاج وغيرها، مما دفعه إلى ترك المنزل منذ أكثر من أسبوع، ولا أعرف أين هو الآن". وتضيف"منذ أن خرج زوجي وترك المنزل ونحن نعاني أنا وأطفالي الأربعة من مرارة الفقر، فهو لم يترك لنا ريالاً واحداً، عدا ذلك قام صاحب المنزل بطردنا وأغلق علينا التيار الكهربائي لأننا لم ندفع له الإيجار المتأخر، ووجدت نفسي في الشارع أنا وأطفالي من دون مأوى أو دخل مادي". ولم تجد أم سليمان أحداً يقف معها أو يساندها في هذه الظروف القاسية التي تعاني منها منذ أن ترك زوجها المنزل، خصوصاً وأنها لا تستطيع العودة بأطفالها إلى بلدها لاختفاء جواز سفرها مع زوجها، ولا تستطيع البحث عن عمل هنا لاعتبار أنها"غير سعودية"، ولا تحمل ما يثبت هويتها وأولادها".