واصلت أسواق الأسهم العربية ارتفاعها للشهر الثاني، مدعومة بتحسن ثقة المستثمرين حول العالم في تجاوز المرحلة الأسوأ من تداعيات أزمة المال العالمية. وارتفع المؤشر الإقليمي العام للمنطقة الشهر الماضي أكثر من 15 في المئة، ما يضع الأداء الكلي حتى الآن، لهذا العام، في النطاق الإيجابي. وسجلت أسواق الأسهم الإقليمية أرباحاً، إذ كسبت مؤشرات مصر والمملكة العربية السعودية 24 و 20 في المئة على التوالي، لتتصدر بقية الأسواق في الارتفاع خلال الشهر والسنة. أما السوق الكويتية، فأعطت إشارات تحسن بعد فترة صعبة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، مسجلة ارتفاعاً نسبته 12 في المئة خلال الشهر، فيما كانت المكاسب في السوق الإماراتية ضمن النسب الأقل في المنطقة. واعتبر تقرير لمؤسسة"رسملة"، التي تتخذ من امارة دبي مقراً إقليمياً، أن المستثمرين، على رغم تباين النتائج المالية في الربع الأول من هذا العام من دولة الى أخرى في المنطقة، كانوا مستعدين للأسوأ على خلفية النتائج الكارثية التي شهدها الربع الأخير من 2008. وتمكنت أسواق الأسهم الإماراتية من تعزيز مكاسبها السابقة، لكن الأداء وحجم التداول كانا باهتين مقارنة بالأسواق الإقليمية الأخرى. وعلى رغم التقويم الجاذب والتصريحات والإجراءات الداعمة التي اتخذتها الجهات المسؤولة، لا تزال مشاعر المستثمرين تتسم بالحذر الشديد، في ظل أنباء عن احتمال خفض تقويم الكيانات التابعة لحكومة دبي، واستمرار التركيز الإعلامي على مشاكل القطاع العقاري، التي استقطبت الاهتمام وغطت على إعلانات الأرباح الإيجابية عموماً. وعلى رغم التقويم الأكثر جاذبية لها على مستوى المنطقة والعالم، لا تزال الأسهم المدرجة في الأسواق الإماراتية تعاني من ضعف ثقة المستثمرين تجاهها، نتيجة مشاكل القطاع العقاري واستمرار المخاوف من قدرة الكيانات التابعة لحكومة دبي على دفع ديونها، وذلك على رغم الحصول أخيراً على 10 بلايين دولار من السندات التي أصدرتها حكومة دبي، والتي اكتتب فيها بنك الإمارات العربية المتحدة المركزي. أما السوق السعودية، أكبر أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فأنهت الشهر بمكاسب قاربت 20 في المئة، ما رفعها إلى 17 في المئة لهذا العام، وجعلها أفضل أسواق المنطقة أداء. وفي ما يتعلق بالتقويمات، أدت المكاسب القوية الأخيرة إلى التداول بأسعار مرتفعة بالنسبة إلى مثيلاتها في المنطقة. السوق السعودية وتوقعت مؤسسة"رسملة"مساراً إيجابياً لأسواق السعودية، في ضوء استمرار تحسن البيئة الاقتصادية العالمية، والبيئة المتينة للاقتصاد المحلي، بينما يقرر البنك المركزي مزيداً من الخفض في أسعار الفائدة لتوفير السيولة الكافية لقطاع المصارف والاقتصاد. وواصلت السوق الكويتية تعافيها لتكسب 12 في المئة الشهر الماضي، وتقلّص خسائرها لهذا العام إلى أقل من 3 في المئة. وشجع التحسن الطفيف في البيئة السياسية المحلية، المستثمرين على العودة إلى السوق، ولعب تحسن البيئة الاستثمارية العالمية دوراً في ذلك. وباتت تقويمات الأسهم الكويتية مرتفعة مقارنة بنظيراتها الإقليمية، لكن ستواصل المخاوف المستمرة حول قطاع الاستثمار والمآزق السياسية، زيادة الضغط على السوق، على المدى القصير على الأقل. وجاء أداء الأسهم القطرية الجيد قوياً للشهر الثاني، إذ ارتفع مؤشر السوق الشهر الماضي بنسبة 15 في المئة، في ظل أساسات محلية متينة وتحسن توقعات المناخ العالمي. ونظراً إلى المكاسب القوية الأخيرة، لا تزال السوق القطرية تحظى بتقويمات جيدة مقارنة بأسواق المنطقة والعالم، إذ بلغت أقل من ثمانية أضعاف الأرباح المتوقعة. أما السوق العُمانية، أصغر أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، فحققت أداء أفضل من الشهور السابقة، إذ كسبت 12 في المئة الشهر الماضي، لتقلص خسائرها إلى نحو 6 في المئة لهذا العام. وتعتبر تقويمات السوق العُمانية معقولة مقارنة بالأسواق الإقليمية والعالمية. ويُتوقع أن تواصل تعافيها التدريجي على المدى المتوسط. ولا تزال المستويات المخفوضة من السيولة مصدر قلق، وسيكون إنعاش تدفقات الاستثمارات الأجنبية والإقليمية أمراً مهماً لحفز نقلة أقوى في السوق. وكان أداء سوق الأسهم المصرية، كبرى الأسواق الإقليمية خارج دول مجلس التعاون الخليجي، قوياً جداً خلال الشهر واستفادت من تحسن المناخ الاستثماري الإقليمي والعالمي.