لطالما اشتهر الشمال الشرقي من إنكلترا بأنه قلب كرة القدم النابض، ومنه خرج أبرز مشاهير الكرة الإنكليزية وأفضل مدربيها، لكن اليوم تعيش أنديته الثلاثة نيوكاسل وسندرلاند وميدلزبرة واقعاً مريراً بصراعها المحتدم ضد الهبوط من الدرجة الممتازة في الأسابيع الأخيرة من الموسم. على رغم أن هذا الجزء من البلاد يشتهر بأنه الأفقر والأقل جاذبية، إلا أنه ظل على مدار العقود الماضية ينتج نجوماً من الأبرز في البلاد، على غرار بول غاسكوين وآلان شيرر وكريس وادل وبيتر بيردسلي، إضافة إلى المدربين المخضرمين بوبي روبسون وكيفن كيغان، وعلى رغم معاناة سكان المدن الثلاث من قلة فرص العمل ومن فقر مدقع، فإنهم يعتبرون الأكثر حماساً وتعصباً ووفاء لفرقهم، لكن اليوم حال نيوكاسل وسندرلاند وميدلزبرة لا تسر صديقاً ولا عدواً، وفقط يقف وست بروميتش البيون حائلاً دون سقوط الثلاثة دفعة واحدة من الدرجة الممتازة إلى الأولى. وعلى رغم أن الفرق الثلاثة لم تحرز بطولة الدوري سوى 10 مرات مجتمعة، بينها 6 ألقاب لسندرلاند و4 لنيوكاسل، فإن آخر هذه الألقاب جاء قبل أكثر من 70 عاماً، وتحديداً اللقب الذي أحرزه سندرلاند عام 1936، فيما كان لقب نيوكاسل الأخير في 1927، في حين اعتبرت الستينات فترة مزدهرة في هذه المنطقة، إذ أسهم الثلاثة في تشكيل قوة تلعب دوراً مؤثراً في المنافسات المحلية، وتوّج نيوكاسل في هذه الفترة بالفوز بكأس الاتحاد الأوروبي عام 1969، فيما أحرز سندرلاند كأس إنكلترا عام 1973، فيما انتظر ميدلزبرة حتى عام 2004 لإحراز أول ألقابه في تاريخه بفوز بكأس المحترفين. نيوكاسل قد يعتبر أكبر هذه الفرق وأكثرها شعبية، وكان في منتصف التسعينات قوة حقيقية، ومنافساً شرساً لمانشستر يونايتد على بطولة الدوري، كان أبرزها عام 1996، عندما كان كيغان وفريقه قاب قوسين من الفوز ببطولة الدوري، لكن الإنفاق الكبير على نجوم متهالكين أو أنصاف النجوم، كبّد خزانة النادي خسائر كبيرة، ما قاد إلى فقدان التوازن في خطوط الفريق، وعانى أكثرها الخط الدفاعي، الذي يعد نقطة الضعف الدائمة، عدا عن خلافات إدارية، كان آخرها رئيس النادي مايك آشلي مع المدرب الأسطوري كيغان، ما قاد إلى رحيل الأخير، وتسليم السلطة إلى المدرب الموقت جو كينير الذي عانى أزمة قلبية بعد تحقيق نتائج إيجابية، أبعدته عن ممارسة مهمته، فتسلم المهاجم الأسطورة آلان شيرر المهمة ربما متأخراً عن موعده، ليواجه مشكلات قد تكون أكبر من خبرته المتواضعة. أما سندرلاند، الذي حمل لقب"فريق كل المواهب"، في نهاية القرن العشرين، عندما احتكر عدداً من الألقاب، فإنه عانى من مشكلات مشابهة، فبعد بداية واعدة تحت قيادة نجم مانشستر يونايتد السابق روي كين، فإن جيش النجوم بوجود 59 لاعباً محترفاً في الفريق، لم يعكس طموح المدرب الشرس، ففضل الرحيل ليضع رئيسه، النجم السابق، نايل كوين في مأزق، وبعدما طلب مدرب إنتر ميلان الإيطالي السابق روبرتو مانشيني مبالغ خيالية للموافقة على تدريب الفريق، آثر كوين الإبقاء على مساعد المدرب ريكي سبراجيا الأعذر من التجارب التدريبية، مدرباً للفريق، فوضح في الأسابيع الأخيرة مدى أهمية الخبرة لدى المدرب الحذر. أما ميدلزبرة، الذي يعاني من ديون تقدر ب85 مليون جنيه، فإن رئيسه ستيف غيبسون فضّل التمسك بمدربه الشاب غاريث ساوثغيت على رغم الإشارات السلبية، بينها عدم الفوز سوى بمباراتين من أصل 20 مباراة، كان آخرها السبت الماضي، بسبب أزمته المالية. الأندية الثلاثة تعلم أن نتائج الهبوط إلى الدرجة الأولى ستكون كارثية على مستقبلها، كون البقاء في الدرجة الممتازة يضمن إيرادات بنحو 30 مليون جنيه كل موسم، وعلى ما يبدو فإن الأجواء القاتمة والغيوم الملبدة ستبقى تحوم فوق الشمال الشرقي من البلاد حتى نهاية الموسم. نشر في العدد: 16810 ت.م: 13-04-2009 ص: 29 ط: الرياض