أجمعت نتائج استطلاعات للرأي في إسرائيل نشرتها كبرى صحفها الثلاث أمس أن تكتل أحزاب اليمين والمتدينين سيفوز في انتخابات عامة لو جرت اليوم، وأن زعيم"ليكود"بنيامين نتانياهو الذي ترى فيه غالبية الإسرائيليين 36 - 38 في المئة الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة، سيكون على رأس حكومة بعد الانتخابات النيابية العامة. في المقابل، جاءت النتائج متباينة في شأن قوة حزب"كديما"الحاكم، سواء قاده أحد المرشحيْن الأبرز وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أو وزير النقل شاؤول موفاز، لكنها أكدت أن الفارق بين قوة"ليكود"وقوة"كديما"، وهو في كل الأحوال لمصلحة الأول، يتقلص في حال كانت ليفني على رأس"كديما". كما أكدت أن حزب"العمل"الوسطي بزعامة ايهود باراك سيخرج خاسراً في انتخابات عامة، ما يفسر عدم رغبة أقطابه في الذهاب إلى انتخابات مبكرة وتفضيلهم حكومة جديدة برئاسة الزعيم الجديد الذي سينتخبه أعضاء حزب"كديما"منتصف الشهر المقبل. وبحسب استطلاع صحيفة"هآرتس"، فإن"كديما"بزعامة ليفني سيحصل في انتخابات عامة على 26 مقعدا 29 في الكنيست الحالية في مقابل 25 ل"ليكود"12 في الكنيست الحالية و14 لحزب"العمل"19 في الكنيست الحالية، بينما لا تتأثر كثيراً قوة سائر الأحزاب الصغيرة، باستثناء اندثار حزب"المتقاعدين"المتمثل حالياً بسبعة نواب. وطبقاً لهذه النتائج، يحصل تكتل اليمين والمتدينين على 62 نائبا في الكنيست من مجموع 120 في مقابل 48 نائباً لسائر الأحزاب الوسطية واليسارية وعشرة للأحزاب العربية الوطنية والإسلامية، ما يعني أنه سيكون في وسع نتانياهو تشكيل حكومة جديدة. لكن الأرقام جاءت مغايرة في استطلاع"يديعوت أحرونوت"، إذ يفوز"ليكود"ب30 مقعداً في مقابل 29 ل"كديما"برئاسة ليفني، ويهبط"العمل"إلى 14 مقعدا، بينما يتسع الفارق في حال كان موفاز على رأس"كديما"33 في مقابل 17 ويرتفع"العمل"إلى 18 مقعدا. وبموجب الاستطلاع ذاته، تتقدم ليفني على موفاز في أوساط أعضاء"كديما"، وتحصل على 51 في المئة من الأصوات في مقابل 43 في المئة فقط لموفاز. وأيد 66 في المئة من عموم المستطلعين إجراء انتخابات تشريعية عامة. ووصفت نسبة مماثلة اداء رئيس الحكومة ايهود اولمرت بأنه"ليس جيدا". وقال 50 في المئة إنهم شعروا بالغبطة مع إعلان اولمرت اعتزاله في مقابل 22 في المئة شعروا بالتعاطف معه. وفي أوساط اعضاء"كديما"، قال 55 في المئة إنهم يريدون أن يتحلى الزعيم الجديد للحزب بميزة الاستقامة في الدرجة الأولى، ثم 28 في المئة بالخبرة الأمنية، ما يفسر ارتفاع شعبية ليفني وقناعة 57 في المئة بأن"كديما"برئاستها ستحقق للحزب مقاعد برلمانية أكثر مما بمقدور موفاز أن يحققه. أما استطلاع"معاريف"، فأشار إلى أنه في حال انتخاب ليفني رئيسة ل"كديما"، سيحصل"ليكود"على 33 مقعدا في مقابل 20 فقط ل"كديما"و17 ل"العمل". أما في حال ترأس موفاز الحزب، فإن الأخير لن يحصل على أكثر من 16 مقعداً ويحصل"العمل"على 20. ويرى مراقبون في قراءاتهم مجمل استطلاعات الرأي أنها تفيد ليفني في منافستها موفاز على زعامة"كديما"، وأن تأكيد غالبية المستطلعين أنها الشخصية الوحيدة في"كديما"القادرة على أن تكون نداً لنتانياهو وتحافظ على قوة الحزب في انتخابات عامة، ستحض آخرين ممن يخشون على مستقبل الحزب الفتي، أن يعلنوا دعمهم لليفني، وهذا ما يفسر حقيقة أن غالبية وزراء"كديما"تميل إلى دعمها. واعتبر المعلق في الشؤون الحزبية في"هآرتس"يوسي فرطر نتائج استطلاع صحيفته مفاجأة من العيار الثقيل تتمثل أساساً في أن فرص ليفني لتشكيل حكومة بعد انتخابات عامة لا تقل عن فرص نتانياهو، بعد أن بدا في الأشهر الأخيرة أن لا منافس للأخير، بينما لا أمل لموفاز في قيادة الحزب إلى نتيجة طيبة. وأضاف أن هذه النتائج ستدفع بنتانياهو وباراك بالعمل، كل من جانبه وفي أوساط أعضاء"كديما"، على أن يفوز موفاز في الانتخابات الداخلية لزعامة الحزب في 17 من الشهر المقبل. وأشار المعلق إلى حقيقة أن حزب"العمل"وزعيمه باراك هما المتضرران الأساسيان من إعلان اولمرت اعتزاله، فالأول ستتراجع قوته، والثاني لا يحظى بثقة أكثر من 8 في المائة من عموم الإسرائيليين عندما يُسألون عن الشخصية الأكثر مناسبة لترؤس الحكومة في إسرائيل. في غضون ذلك، تؤكد التعليقات الصحافية أن مهمة زعيم"كديما"الجديد تشكيل حكومة جديدة برئاسته ستكون شائكة، على الرغم من رغبة أكثر من نصف النواب في الكنيست الحالي رؤية حكومة بديلة على الذهاب إلى انتخابات مبكرة قد لا تعيد العشرات إلى المقاعد الأثيرة، لكن"غريزة البقاء"وحدها كما أثبتت تجارب الماضي، لا تكفل عدم انجرار الكنيست الحالية نحو حل نفسها والذهاب إلى انتخابات مبكرة. ويتفق المعلقون على أن حركة"شاس"الدينية المتمثلة ب11 نائباً في الكنيست الحالية والتي تشكل"بيضة القبان"في الائتلاف الحالي وفي المستقبلي أيضاً، لن تسهل مهمة زعيم"كديما"الجديد، وستكون لها مطالب عديدة يعتبرها أقطاب في"كديما"ابتزازاً، وفي مقدمها زيادة المخصصات الحكومية للأطفال في الموازنة العامة للعام المقبل التي ينبغي المصادقة عليها حتى أواخر العام الحالي. وبينما تسرب أوساط ليفني أنها لن تسمح بخرق الموازنة ولن ترضخ لابتزازات من هذا القبيل، لكن ليس أكيداً أن يوافق حزب"العمل"أيضاً وأوساط في"كديما"على رفع مخصصات الأطفال، بل ليس مستبعداً أن يتذرع"العمل"بذلك لتبرير عدم دخوله إلى ائتلاف حكومي جديد. من جهتهم، يصر أقطاب حركة"شاس"على تنفيذ شرطهم رفع المخصصات لعدم خشيتهم من انتخابات مبكرة تضمن نتائجها، بحسب استطلاعات الرأي، الحفاظ على تمثيل"شاس"الحالي في الكنيست 11 نائباً. ونقلت وسائل الإعلام العبرية أمس عن قياديين في الحركة الدينية المتزمتة قولهم إنهم لا يعارضون رؤية امرأة على رأس الحكومة الجديدة شرط أن تلبي مطالب الحركة المالية. ورأى الوزير العمالي اسحق هرتسوغ أن الصعوبات التي ستعترض إقرار موازنة جديدة للعام 2009 قد تحول دون تشكيل حكومة جديدة، ما سيقود إلى انتخابات مطلع العام المقبل أو في آذار مارس على أقصى حد. كذلك يستبعد معلقون أن ينجح موفاز في تشكيل ائتلاف حكومي واسع قال إنه سيضم أحزاباً من اليمين المتشدد لأن هذا الأخير سيطرح شروطاً سياسية متشددة وفي مقدمها التنازل عن فكرة"الأرض في مقابل السلام"، وهو تنازل مرفوض على حزب"العمل"وأوساط واسعة في"كديما"ذاته. وعليه سيعود موفاز إلى الخيار الوحيد المطروح الآن: الإبقاء على الائتلاف الحالي الذي يتمتع بغالبية برلمانية من 66 نائباً. إلى ذلك، تسود أوساط حزب"العمل"أجواء إحباط في ظل نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي تتنبأ بتراجع قوته المنحسرة اصلاً. ونقلت"معاريف"عن أوساط قيادية في الحزب أن المصلحة تتطلب حالياً إرجاء الانتخابات العامة قدر الإمكان من خلال دعم حكومة بديلة برئاسة ليفني أو موفاز. وأضافت أنه في حال لم يتغير وضع الحزب في الاستطلاعات، ينبغي النظر في إمكان إجراء انتخابات داخلية لزعامة الحزب.