أعلن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني، بعد محادثات أجراها مع مسؤولين في حكومة إقليم كردستان في إربيل في 24 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، عن موافقة الحكومة الاتحادية على ربط حقول النفط في إقليم كردستان بخطوط تصدير النفط العراقية، خصوصاً حقل"طوقة"التابع لشركة"دي إن أو"النروجية وحقل طق طق التابع لشركة"أداكس - جينيل"السويسرية - التركية، عبر منظومة خطوط تصدير أنابيب الدولة العراقية أنبوب كركوك - جيهان، الذي يصدر النفط العراقي عبر البحر المتوسط وتركيا. واتفق الطرفان كذلك أن تسوق"شركة تسويق النفط العراقية"سومو النفط من حقول إقليم كردستان في الأسواق العالمية، حاله حال بقية النفط العراقي، وأن يودع ريع هذا النفط في الخزينة العراقية، مع استقطاع 17 في المئة من هذا الريع لإقليم كردستان، كما هو منصوص عليه في القوانين المرعية. واتفق الطرفان على التطوير المشترك لحقل خورمالة الذي كان مصدر خلاف كبير بين الطرفين لوقوعه في منطقة متنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان. ويُفترض أن يشكل هذا الموقف الجديد لوزارة النفط العراقية خطوة إيجابية في العلاقات بين بغداد وإربيل، خصوصاً بعد ان انفردت حكومة إقليم كردستان في قراراتها النفطية ووقعت ما لا يقل عن 20 عقداً للاستكشاف والتطوير مع شركات نفطية دولية من دون أخذ موافقة بغداد على هذه الاتفاقات، أو حتى إعلامها رسمياً بفحواها، ما دفع بغداد إلى منع تصدير النفط من إقليم كردستان عبر خطوط الأنابيب العراقية. لكن التطورات في العراق تشير إلى ان الخلافات بين الطرفين أوسع بكثير من موضوع النفط، إذ ان الخلاف الأساسي هو حول غياب رؤية مشتركة لمستقبل البلاد وطبيعة دستورها. ويتضح ان في السياسة الجديدة كثير من التناقضات. ففيما سمحت الحكومة الاتحادية بتصدير نفط إقليم كردستان عبر خطوط الأنابيب العراقية، لن تعترف بعد باتفاقات الاستكشاف والتطوير التي عقدتها حكومة إقليم كردستان مع شركات دولية. وحتى لو فتح القرار في شأن نفط إقليم كردستان الباب أمام مراجعة بغداد للعقود، فإن من أصعب الأمور وأعقدها إجراء أي تغييرات على العقود الدولية، فهذا الأمر يتطلب سنوات من المفاوضات أو التحكيم أو المرافعات القضائية، مع ما يستتبع ذلك من تجميد للعقود حتى التوصل إلى تسويات. ويعيق رفض بغداد للاتفاقات الاستثمارات النفطية من قبل الشركات المعنية في بقية الأراضي العراقية، ما يهدد بقيام ضغوط سياسية واقتصادية. ويعني الاتفاق الأخير ان الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان ستطوران سوية حقل خورمالة المحاذي لحقل كركوك العملاق، ما يعني تفادي مواجهة كبرى كانت ستندلع في الشهور الماضية، بسبب ادعاء الطرفين ملكية الحقل، لتواجده في منطقة متنازع عليها. لكن على رغم الاتفاق على التطوير المشترك للحقل، من غير المعروف حتى الآن أين سيكرير النفط المنتج منه في مصافي الحكومة العراقية أم في مصافي حكومة إقليم كردستان، وما هي النسبة المحددة لكل من الطرفين. ويعني الاتفاق أيضاً ان الحكومة التركية موافقة على تصدير النفط من إقليم كردستان عبر أراضيها، على رغم اتهام الحكومة التركية لإقليم كردستان بإيواء ناشطين في حزب العمال الكردستاني متهمين بأعمال إرهابية داخل تركيا. * كاتب متخصص في شؤون الطاقة نشر في العدد: 16683 ت.م: 07-12-2008 ص: 17 ط: الرياض