اكتشف جمهور المهرجان المسرحي الخريفي السنوي في باريس، ممثلة جميلة اسمها رافاييل لونوبل. صبية قادرة على أداء أصعب الأدوار الدرامية والشاعرية على السواء في أعمال كبيرة كالتي كتبها وليام شكسبير، لا سيما"حلم ليلة صيف"وهي إحدى أبرز المسرحيات المطروحة في هذه المناسبة الفنية. وكانت لونوبل حضرت هذا المهرجان في السنوات الماضية، ولكن كمتفرجة فقط من دون أن تشارك في أحد الأعمال المقدمة فيه، الأمر الذي يفسر سعادتها حينما علمت أنها اختيرت لتؤدي دورين في مسرحيتين مختلفتين من تأليف شكسبير. ويجذب المهرجان الخريفي الناجح الجماهير العريضة في كل سهرة من سهراته، إضافة إلى ان المسرحيات المقدمة فيه غالباً ما يعاد تقديمها على خشبات مسرحية أخرى في باريس وخارجها. ولونوبل خريجة مدرسة"كوشيه"الشهيرة للدراما في باريس. وهي من مواليد الجنوب الفرنسي وكبرت هناك قبل أن تأتي إلى العاصمة في سن العشرين، بحثاً عن وسيلة لإقتحام الميدان الفني. ونجحت الفنانة الناشئة حينذاك في الدخول إلى المدرسة الفنية المذكورة التي تشترط إنجاز مسابقات أولية سابقة للإنضمام إليها رسمياً. وقضت لونوبل الموهوبة أربع سنوات تتعلم فيها الدراما، قبل أن تتخرج عام 2007 حاملة شهادتها ومستعدة لمواجهة أصعب الأدوار على الخشبة وأمام الكاميرا. عرض"ضحية المطب"الكلاسيكي الفكاهي من تأليف الفرنسي الراحل جورج فيدو، هو أول عمل مسرحي رسمي شاركت فيه لونوبل. وفيه أدت الممثلة المبتدئة شخصية فتاة يخونها خطيبها فتدبّر له مكيدة جهنمية بمشاركة ثلاث صديقات، مقدمة الدليل على أن سذاجتها الظاهرية لا علاقة لها بحقيقة أمرها. نجحت المسرحية ولاقت لونوبل النقد البناء في العدد الأكبر من الجرائد والمجلات التي كتبت عن المسرحية. ما أدى بها إلى العثور على دور مهم في مسرحية"أزمة نفسية"للمؤلف الأميركي كريستوفر دورانغ. ولكن المخرج اشترط عليها التخلي عن ثيابها كلياً في أحد المشاهد. الأمر الذي أدى بلونوبل إلى التنازل عن الدور على رغم أهميته وجودة العمل المسرحي وبالتالي إحتمال نجاحه الكبير، وذلك لأنها بحسب تصريحها،"ليست مستعدة للعمل الفني بأي ثمن، واضع مبادئي وكرامتي فوق كل الاعتبارات". اثر هذه الحادثة في مشوارها الفني، عثرت لونوبل على فرصة للعمل في التلفزيون. فظهرت في حلقات بوليسية لا بأس بها، قبل أن تعود إلى الخشبة في عمل استعراضي جذاب يروي سيرة البشرية من أيام آدم وحواء حتى الآن. والعرض لا يزال يُقدم في باريس، كما سيجول في المدن الفرنسية الريفية، وفي بلجيكا وسويسرا وكندا، وفي منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الشهور الأولى من عام 2009. وتشارك رافاييل لونوبل في دبلجة أفلام سينمائية أميركية من نوع الرسوم المتحركة، نظراً الى قدراتها الصوتية المتميّزة. غير أن السينما بدأت تعرض عليها الظهور في أدوار متوسطة الحجم، الأمر الذي قد يؤدي في شكل سريع إلى توليها أدوار البطولة، إذ أنها جميلة وموهوبة. وذلك إذا كانت مسألة رفضها للتخلي عن ثيابها لا تقف عقبة في طريقها الفني، علماً أن الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية الفرنسية تتضمن المشاهد الجريئة في شكل يفوق ما يمكن رؤيته في إنكلترا أو الولاياتالمتحدة الأميركية مثلاً. ولا تتردد لونوبل، كما تقول، في التمعن في سيناريوات الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية التي تصلها الان أكثر فأكثر، منذ أن كونت لنفسها"سمعة جيدة بفضل المسرح". ولكنها لا ترمي بنفسها في أحضان أول تجربة أمام الكاميرا لمجرد أن تمد نجاحها المسرحي إلى السينما والتلفزيون. فهي تعترف بأنها ليست في عجلة من أمرها، ولن توافق إلا على الأدوار التي تثير اهتمامها والتي يعرف المخرج كيف يقنعها بضرورة قبولها. وفي انتظار النجاح السينمائي، ها هي رافاييل لونوبل نجحت في المهرجان المسرحي الخريفي في باريس، وأدركت بالتالي معنى ان تكون في وسط مكان يزخر بأكثر من 50 مسرحية تقدم في الوقت نفسه، وما يتطلبه الأمر من جهود وتركيز في الأداء بهدف مواجهة المنافسة القوية في هذا المهرجان. نشر في العدد: 16702 ت.م: 26-12-2008 ص: 27 ط: الرياض