تواصلت الاشتباكات في مخيم نهر البارد شمال لبنان بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الاسلام" أمس، خصوصاً على المحور الشمالي للمخيم حيث يوجد"المثلث الأمني"المتمثل بمركز"صامد"ومبنى التعاونية وخان العبدة، الذي يسيطر عليه الجيش بالنار، بعدما سجل تقدماً في اليومين الأخيرين على المحورين الجنوبي والشرقي. واللافت أمس تضارب المعلومات حول خسائر تنظيم"فتح الإسلام"على مستوى قيادته. أما الجيش فنعى 3 شهداء، ضابط وعريفان أمس، ليرتفع عدد شهدائه الى 41 شهيداً. ميدانياً، أحكم الجيش اللبناني سيطرته الكاملة على كل محاور مخيم نهر البارد، وتركز عمله أمس على تضييق محور تحرك عناصر"فتح الاسلام"داخل المخيم، بعد سيطرته شبه الكاملة على مواقع"فتح الاسلام"الرئيسة، إما بإسقاطها نهائياً وإما إحكامها بالنار، خصوصاً في موقعي"صامد"والتعاونية. وعقب اشتباكات فجراً استطاع الجيش مواصلة تقدمه الى مدخل المخيم القديم وعند السوق التجاري الى جانب مركز التعاونية، علماً أن عناصر"فتح الاسلام"عملوا على نقل المعارك الى المحور الجنوبي للمخيم، عبر محاولات تسلل وفرار. وكان الجيش تقدم على المحور الجنوبي الى مركز"فتح - أبو عمار"، فيما استمرت الزوارق بتطويق المخيم لجهة البحر، لمنع فرار عناصر"فتح الاسلام"أو تسللهم، إضافة الى محور المحمرة باتجاه"المجلس الثوري"في ما عرف سابقاً بموقع"ابو نضال". وكانت المواجهات أمس شبه محصورة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وفي بعض الأحيان بالأسلحة الثقيلة التي يستخدمها الجيش من حين الى آخر، خصوصاً أن الاشتباكات تشير الى تضاؤل الامكانات العسكرية ل"فتح الاسلام"في ضوء المواجهات والتقدم الذي أحرزه الجيش اللبناني على كل المستويات التي تهدف بحسب خطة الجيش، الى تضييق الخناق على هؤلاء العناصر تمهيداً لحسم المسألة عسكرياً أو استسلامهم. وأفادت مصادر مطلعة"الوكالة الوطنية للإعلام" أن"عناصر"فتح - أبو عمار"الذين لهم سيطرة شبه كاملة على حي سعسع داخل المخيم، يمنعون دخول عناصر"فتح الإسلام"الى الحي لتجنيبه القصف والضرر". أما محور المحمرة فشهد قبل الظهر اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة خصوصاً أن الجيش اللبناني كان يرد على مصادر النيران من عدد من الأبنية والمواقع حيث يعمد مسلحو"فتح الإسلام"في أمكنة وجودهم الضيقة الى استهداف الجيش برصاص قنص وأحياناً بقذائف"آر بي جي"، علماً أن الجيش تمكن أول من أمس من تحقيق تقدم وتثبيت مواقع عند حدود ما يعرف ب"المخيم القديم"، وعملت وحداته على تطهير المناطق التي استولت عليها. وأسفر تقدم الجيش عن إعادة فتح طريق العبدة أمام حركة السير. وحرص الجيش على إبعاد الأعمال العسكرية قدر الامكان عن الاماكن المدنية لتجنب الحاق ضرر بهم. وأعلنت قيادة الجيش ? مديرية التوجيه، أن جنوداً"رصدوا مسلحاً من عصابة"فتح الاسلام"يستهدف مراكز الجيش من مئذنة مسجد الحاووز المجاور للتعاونية فامتعنت وحدات الجيش على رغم وقوع اصابات في صفوفها، عن الرد بالمثل التزاماً منها باحترام قدسية هذه الأماكن، بينما يثبت مجدداً عدم احترام هذه العصابة الضالة لدور العبادة واستخدامها مستودعات للأسلحة والذخائر". وأكد مصدر وزاري لبناني وشهود عيان من داخل مخيم نهر البارد ل"الحياة"أن"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ? القيادة العامة"دخلت في المعركة الى جانب"فتح الاسلام"منذ أول من أمس. وأكدت المصادر والشهود إن"مخازن"القيادة العامة"فتحت أمام عناصر"فتح الاسلام"، ما أدى الى كثافة في اطلاق النار وخصوصاً قاذفات"أر بي جي"والعبوات". وأكدت مصادر أمنية ل"الحياة"سقوط"مركز ناجي العلي"الذي كانت تسيطر عليه"فتح الاسلام"، موضحة أن وحدات الجيش اكتشفت تحته سراديب وأنفاقاً تصله بمبان أخرى، على غرار النفق الذي كان يربط بنايتين في شارع المئتين في طرابلس. وقالت المصادر:"تحت كل بناية حي كامل"، مشيرة الى أن وحدات الهندسة، تدخل خلف المغاوير والتدخل، لتعمل على تفجير العبوات وهي كثيرة جداً. مقتل القادة وبحسب"الوكالة الوطنية"للإعلام فإن قادة"فتح الإسلام"سقطوا في معقلهم الأساسي في المثلث الأمني الذي يتشكل من مركز"صامد"وخان العبدة ومبنى التعاونية في شمال المخيم. وقالت الوكالة:"أفادت معلومات متضاربة تناولها بعض الأوساط مقتل الرجل الأول في"فتح الاسلام"شاكر العبسي ومقتل الرجل الثاني شهاب القدور"ابو هريرة، وأخ زوجته محمد مصطفى". وأمس أعلن على لسان"فتح الاسلام"مقتل الرجل الثالث في التنظيم"أبو عصام"ولم تتأكد صحة المعلومات حتى الآن"، مشيرة الى"اختفاء العبسي خلال اليومين الأخيرين، فمنذ ترددت معلومات حول مقتله وإصابته لم يظهر داخل المخيم ولم يصدر أي تصريح اعلامي ينفي صحة هذه المعلومات أو يؤكدها". وفي هذا السياق نقلت من داخل المخيم معلومات تؤكد مقتل نعيم غالي ب"أبو رياض"في حصيلة اشتباكات اليومين الماضيين. ونعاه"جند الشام"عبر مئذنة مسجد الصفصاف في مخيم عين الحلوة شرق صيدا وأكدت مصادر أمنية ل"الحياة"اصابة"أبو هريرة"مع سبعة آخرين إصابات بليغة عندما كانوا في نفق قرب مركز"صامد"، مشيرة الى أن"أبو هريرة"أصيب أمس للمرة الثانية بعدما أصيب الجمعة الماضي. لكن"فتح الإسلام"نفت إصابة أبو هريرة، والذي أصيب هو"أبو جعفر". ضبط السلاح في 6 أشهر وفي سياق الاتصالات والمواقف السياسية، أعلن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي:"لن نحمي أي عصابة بل سنقدم كل التعاون لإزالتها"وأن"مظاهر الفصائل المسلحة في لبنان ستنتهي خلال 6 أشهر والمعالجة غير عسكرية". وقال في لقاء نظمه"اللقاء الوطني للسيادة:"نحن في فلسطين وتحديداً في منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وفي اطار الفصائل المنضوية في اطارها، درسنا باستفاضة كيف يمكن ان نتعامل مع لبنان وقررنا ان تكون لنا علاقة رسمية خصوصاً بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، فوضعنا سياسة واضحة أبرز بنودها: نحن ضيوف موقتون والتوطين مرفوض، ونحن مع مصلحة لبنان وشرعيته ووحدته وتنميته وأمنه واستقراره ونقف على المسافة نفسها من الجميع، ونحن نقف مع القانون، ونؤيد سيادة البلد حيث الكل سواء أمام القضاء، ولا بد من تحسين أوضاع الفلسطينيين في المخيمات، ولا نريد المخيم مركزاً للهاربين من وجه العدالة". وتابع:"جاء الحوار اللبناني ليقر عملية نزع السلاح خارج المخيمات وتنظيمه في داخلها، وقدمنا تصوراً يكمن في إنشاء لواء عسكري يخضع لغرفة العمليات اللبنانية ويرتبط برئاسة الأركان التي تكون مسؤولة عنه، بحيث تنظم المخيمات بالتنسيق مع الأمن اللبناني ولاقى هذا الطرح ترحيباً، انما مع حرب تموز يوليو وما تلاها من تجاذبات لم يعد الموضوع الفلسطيني في أول القائمة، والأهم حالياً يكمن في ان يتعافى البلد من محنته". وأكد"أن مظاهر بعض الفصائل المسلحة في لبنان ستنتهي بظرف ستة اشهر، والمعالجة ستكون أمنية غير عسكرية على خلاف ما يجرى الآن في نهر البارد، وبحسب اعتقادي بعد اليوم لن يكون أي حاجة لنهر بارد ثان". وقال:"لم تعد جونية ممراً الى فلسطين". وتحدث زكي عن"فتح الاسلام"معتبراً أن"بقاء هذه الظاهرة والميوعة في التعاطي معها، هما مقتل للبنان، ولا بد من موقف حاسم، وأعطينا الغطاء الكافي سياسياً ولم يعد المخيم فزاعة، ولا بد من ان نعمل على عدم تكرار تجربة مخيم نهر البارد"، مثنياً على"دور الجيش وأدائه ومناقبيته، وهو استطاع أن يلقن هذه العصابة درساً ورد الاعتبار لذاته، ونأمل بأن يكون لبنان النموذج الذي يحتذى به لوأد هذه الظواهر". ودعا أمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان سلطان أبو العينين مسلحي"فتح الإسلام"الى"تسليم أنفسهم"، معتبراً أن"أي جهة فلسطينية أو لبنانية، تحاول أن تعيق استئصال هذه الظاهرة هي شريكة لهذه العصابة وتريد إلحاق الأذى بقضيتنا الفلسطينية". وأعلن ممثل حركة"حماس"في لبنان أسامة حمدان، أن"هناك مساعي سياسية تبذلها"حماس"وقوى التحالف الفلسطينية لإنهاء أزمة نهر البارد"، موضحاً:"إننا نسعى إلى تحقيق وقف إطلاق النار وإدخال مساعدات غذائية وصحية إلى الأهالي". وأصدرت قيادة الجيش بياناً قالت فيه:"تعمد وسائل الإعلام كافة الى استضافة محللين من ضباط متقاعدين وسياسيين، وتنقل ما يجرى في محيط مسرح العمليات مستفيضة بتحليلات وتوقعات، معظمها يفتقر الى الدقة"، مهيبة بوسائل الإعلام وجميع المحللين،"توخي الحقيقة والموضوعية في نقل الوقائع والأخبار، وتأمل من مندوبيها الالتزام بالتعليمات المعطاة لهم من القادة الميدانيين". ونعى الجيش الملازم الشهيد مارون الليطاني مواليد 28/3/1982، دير الأحمر - بعلبك والعريفين محمود خضر مواليد 5/5/1977 - قبعيت متأهل وله ثلاثة أولاد، وصقر أبو علي مواليد 17/1/1982 مرستي - الشوف،"الذين استشهدوا أثناء قيامهم بواجبهم العسكري في مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الشمال".