لا تستقيم ديبلوماسية الشعر على واقع سياسي ساخن ولا يتغذى ديبلوماسي على خط النار من المخيلة ومناجاة الروح، لكن السفير السعودي لدى لبنان عبدالعزيز خوجة يحمل الازمة اللبنانية باليمنى ويسافر الى مملكة الشعر باليسرى ويبرع في الاثنين معاً. السفير "الممتاز" للمملكة العربية السعودية في بيروت يدرك انه حينما تهجره الديبلوماسية لن يبقى معه الا الشعر، هذا الصديق العزيز الذي يسكنه ويعاونه على استيعاب العقد السياسية في مهماته. ويقول في مقابلة مع"رويترز"في منزله المطل على ساحل بيروت:"الشعر في البداية معي وفي النهاية سيكون معي. سيكون رفيقي الوحيد حتى بعد ان اترك الديبلوماسية واترك الاعلام واعود مرة اخرى الى منزلي". ويرى نفسه مزيجاً من تراكم انساني تكون عبر الزمن:"تعلمت الكيمياء ودرّستها وعملت مشرفاً على الجامعة لفترة كبيرة ثم انتقلت الى وزارة الاعلام، ثم انتقلت الى عالم الديبلوماسية اما الشاعر فيولد شاعراً. وتجربتي هي مزيج من الصقل والموهبة التي ولدت معي". ويمزج خوجة ثراءه الديبلوماسي مع تجربته الشعرية فيستثمر في هذه وتلك وعندها يتمكن من تحمل شياطين السياسة، ويقول:"لعملي الديبلوماسي دور ايجابي كبير في اثراء تجربتي وفي اثراء رحلتي في هذه الحياة. أنا استفيد جداً من الاشياء المضيئة في كل هذه التجارب. الديبلوماسية اثرت عندي التجربة الشعرية. لقائي بالناس لقائي بالشعوب ترحالي من مدينة الى اخرى التقائي هذه المدن، بهذه النخبة المتميزة من الفنانين والادباء والعلماء والشعراء". ويتحدث بشغف عن الامكنة التي سكنها وسكنته. يعيش خوجة اليوم في بلد التناقضات لبنان الذي يمر بأسوأ ازمة سياسية منذ انتهاء الحرب الاهلية. ويعترف بان عمل السفير في لبنان الذي وصل اليه قبل اشهر من اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 مضن ومتعب، فهو السفير الذي طالما عمل وسيطاً بين القوى الموالية للحكومة والمعارضة لها. ويقول خوجة:"العمل في لبنان مملوء بالحركة. كأن لبنان مركز هذا الكون كله. كل انواع الحركات الانسانية موجودة في لبنان وهو من اكثر البلدان السياسية تحركاً، في هذا المجال، المتابع للسياسة يشعر بتعب شديد جداً لأنه متغير وصعب وفيه كثير من التناقضات وفيها الكثير من التحالفات التي تتغير وتتبدل". خوجة يؤمن"بالشعر كشعر بأي صورة من الصور"، لكنه يركز على كتابة الاشعار الكلاسيكية والحديثة. له اصدارات عدة منها دواوين:"حنانيك"و"عذاب البوح"و بذرة المعنى"و"حلم الفراشة"و"الصهيل الحزين"و"الى من اهواه"و"اسفار الرؤيا"و"قصائد حب"و"ديوان عبدالعزيز خوجة". وبين الكيمياء والاعلام والديبلوماسية، يقول خوجة"قدري أن أعيش في هذه التناقضات حتى مع نفسي كبشر وكأي انسان يعيش في هذا الصراع. هذه التجارب ربما كانت احد اسباب ابداعاتي اذا كان هناك من ابداعات".