بعد سنوات من الركود والكساد دخلت صناعة بناء السفن العالمية مرحلة الرخاء والانتعاش، في ظل الزيادة الكبيرة في الطلب العالمي على السفن الحديثة، حتى تجاوز الطلب قدرة أحواض بناء السفن العالمية على تلبيتها. لكن مرة أخرى، وكما هي الحال في مجالات اقتصادية كثيرة، أصبح النمو القوي للتنين الصيني في مجال بناء السفن قنبلة موقوتة تهدد هذا الانتعاش. وبات على شركات النقل البحري التي تطلب الآن شراء سفينة جديدة، الانتظار حتى عام 2009 أو 2010، لكي تتسلمها. وأمام هذه الزيادة في الطلب استطاعت شركات بناء السفن الأوروبية زيادة أسعارها بمقدار الثلث تقريباً خلال السنوات القليلة الماضية، لتعود أخيراً إلى تحقيق أرباح. وفي ظل هذه الأجواء المشرقة، جاءت الدورة الأخيرة لمعرض موردي مستلزمات بناء السفن، الذي تستضيفه مدينة هامبورغ الألمانية تحت عنوان"معرض بناء السفن والمعدات والتكنولوجيا البحرية". وقال المحلل في شركة"كلاركسون ريسيرش سيرفيسس"البريطانية المعنية باقتصادات بناء السفن ستيفن غوردون، على هامش المعرض: لم نرَ أبداً عدداً مماثلاً من السفن يبنى في وقت واحد كما يحصل الآن". ويبلغ حجم الطلبات لدى شركات بناء السفن في العالم حالياً حوالى 5400 سفينة من مختلف الأنواع، منها ناقلات النفط وسفن الحاويات، وسفن نقل الغاز المسال. وتمثل السفن المطلوبة من أحواض بناء السفن في العالم حوالي 28 في المئة من إجمالي أسطول النقل التجاري البحري في العالم. وتشكل العولمة كلمة السر وراء ازدهار الطلب على السفن، اذ أدت إلى زيادة كبيرة في حركة التجارة العالمية، نتج منها تزايد الحاجة إلى السفن التجارية. وعلى رغم ذلك، فإن الصورة ليست مبهجة دائماً بالنسبة لشركات بناء السفن العالمية. فنشاطات معرض بناء السفن والمعدات والتكنولوجيا البحرية في هامبورغ، أظهر نمواً كبيراً في طاقة إنتاج أحواض بناء السفن الصينية. وهي ظاهرة تمثل عملة بوجهين. فمن ناحية، تمثل زيادة الطاقة الإنتاجية لأحواض البناء الصينية فرصة جيدة بالنسبة لموردي مستلزمات بناء السفن، لكن من الناحية الأخرى، تمثل تهديداً لأحواض بناء السفن الأخرى في العالم، وتزيد المنافسة في هذه السوق على مستوى العالم.