قتل نحو 17 شخصاً واصيب العشرات في جنوب شرقي الخرطوم امس في مصادمات بين الشرطة والجيش من جهة والآلاف من النازحين من جهة أخرى اثر رفضهم قرار السلطات نقلهم الى مكان آخر. واحتجت"الحركة الشعبية لتحرير السودان"على الخطوة وعلقت مشاركتها في لجنة صوغ الدستور الانتقالي وطالبت بتحقيق محايد في الحادث. وأقرت سلطات ولاية الخرطوم منذ العام 1996 ترحيل نحو 23 ألف أسرة معظمها نزح من جنوب البلاد وغربها ويسكنون في منطقة سوبا الاراضي في جنوب شرقي الخرطوم. وبررت السلطات القرار باعتبار ان الأسر تسكن"عشوائياً". وامرت بنقل النازحين الى منطقة جبل اولياء 40 كيلومتراً جنوب غربي الخرطوم، وأنذرتهم غير مرة لكنهم طالبوا بتعويضات مالية مقدارها أربعة بلايين جنيه 1.5 مليون دولار. وطوقت قوى كبيرة من الشرطة والجيش صباح أمس منطقة سوبا الأراضي وحاولت طرد المواطنين من المنطقة، لكن وقعت اشتباكات بين الطرفين استخدم فيها الرصاص من جانب قوات الأمن ورد المواطنون بالحجارة والعصي ما أوقع 9 قتلى من المدنيين من بينهم أربعة أطفال، وستة قتلى من الشرطة من بينهم ضابط برتبة نقيب. لكن حاكم ولالية الخرطوم عبدالحليم اسماعيل اعلن لاحقاً ان قتلى المواجهات هم 14 من الشرطة و3 مواطنين، واتهم حزبا سياسيا كبيرا بتحريض المواطنين. وقالت مصادر أمنية أن هذا الحزب هو حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي. وعلق ممثلو"الحركة الشعبية"في لجنة صوغ الدستور مشاركتهم في اللجنة احتجاجاً على الحادث، وانتقدوا اطلاق الشرطة والجيش النار على النازحين واعتبروا ذلك تهديداً لعملية السلام وبناء الثقة. وقال الناطق باسم"الحركة الشعبية"ياسر عرمان للصحافيين بعد تعليق عمل لجنة الدستور 24 ساعة ان استخدام القوى ضد المدنيين يخالف اتفاق السلام الذي سعى الى تغيير تعامل السلطة مع مواطنيها واقرار حقوق الانسان، موضحاً أنهم طلبوا تعليق عمل لجنة الدستور احتجاجاً. وطالب بتحقيق مستقل ومحايد في الحادث، وقال ان وفداً مشتركاً من الحكومة والحركة سيزور مواقع النازحين. وذكر ان مسؤول العلاقات الخارجية نيال دينق أجرى محادثات مع حاكم ولاية الخرطوم عبدالحليم اسماعيل في وقت سابق واتفقا على عدم نقل النازحين بالقوة، ورأى ان من حق السلطات تنظيم المناطق السكنية وتخطيطها، لكنه انتقد استخدام العنف في مواجهة المدنيين. كما خاطب محامي الأسر المتضررة محمد أحمد الارباب امس وزارتي الداخلية والعدل لوقف ترحيل النازحين قسراً. ودعا المنظمات الحقوقية الى التدخل لحماية موكليه. وقال ل"الحياة"ان استخدام الجيش والشرطة النار انتهاك فاضح لحقوق الانسان، مشيراً الى ان نحو 23 ألف أسرة باتت في العراء في وضع انساني خطير. وفشل الصحافيون في الوصول الى موقع الحدث بعد اغلاق المواطنين الغاضبين الطريق الرئيسي الذي يربط الخرطوم بولاية الجزيرة القريبة، واضرموا النار في مركز الشرطة بعد قتل من كانوا في داخله. وعلم ان السلطات في العاصمة رفعت درجة الاستعداد الأمني في الخرطوم واقرت سحب الشرطة من منطقة الأحداث.