اعترف مسؤولون اوروبيون بأن اتحادهم منقسم على نفسه وعاجز عن اطلاق اي مبادرة. وفيما دعت فرنسا اسرائيل الى سحب قواتها من الاراض الفلسطينية والسماح لممثليها القنصليين بالوصول الى مواطنيها، طالبت اسبانيا بتطبيق قرار مجلس الامن رقم 1402، واعلنت انها تعتزم عقد اجتماع عاجل لوزراء خارجية الاتحاد لمناقشة الوضع في الشرق الاوسط. واعتبر الممثل الاعلى للسياسة الخارجية الاوروبية ان عرفات "سجين ولا يسيطر على اي شيء" وقررت المفوضية صرف 50 مليون يورو للسلطة الفلسطينية. لمحت الناطقة باسم المفوضية الاوروبية ايما ادوين الى عجز الاتحاد وعدم استعداده تقديم اي مبادرة لمعاقبة اسرائيل. واعترفت بأن الاتحاد "لا ينوي تغيير سياسته تجاه تل ابيب" واستبعدت خيار تعليق اتفاق الشراكة الذي يربطهما ويقتضي باحترام القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار وحل المشاكل الطارئة بوسائل التفاوض، وهذا يتناقض مع الحرب التي تشنها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وقيادته المنتخبة. ويتوقع ان تبحث المفوضية الاوروبية في اجتماعها الاسبوعي صباح اليوم الوضع المتدهور في الشرق الاوسط. وتتولى المفوضية رعاية الاتفاقات المبرمة مع الاطراف الخارجية ويستبعد اتخاذها موقفاً حازماً من اسرائيل بسبب تأثير اللوبي اليهودي ومعارضة بعض البلدان الاعضاء مثل هولندا والمانيا وبريطانيا. الا ان الاتحاد يظل يضطلع بدور رئيسي في تمويل السلطة الفلسطينية. وذكرت ادوين ان المفوضية قررت تمديد بند المعونات المالية لمساعدة السلطة الوطنية الفلسطينية ب50 مليون يورو بمعدل 10 ملايين في الشهر. واعلن وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكيه امس ان الرئاسة الاسبانية للاتحاد الاوروبي "تعتزم" عقد اجتماع عاجل لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي يخصص للوضع في الشرق الاوسط. وألح خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي ايغور ايفانوف بحضور الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للسياسة الخارجية خافيير سولانا على ضرورة التطبيق الفوري لقرار مجلس الامن رقم 1402 الذي تم تبنيه في 30 آذار مارس بالاجماع. واكد الوزيران ايضا اهمية التطبيق "المتزامن" لمختلف بنود القرار مطالبين اساساً بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي الفلسطينية وتنفيذ وقف النار وانهاء الاعتداءات الارهابية. واشار بيكيه الى ان "مقاومة الارهاب شيء وتفكيك المؤسسات الفلسطينية شيء آخر" مؤكدا "قلقه من امكان الخلط بين الامرين". وقال ايفانوف من جهته "نحن نشترك في القول بضرورة محاربة الارهاب الدولي بيد ان هذه المعركة ينبغي الا تؤدي الى تدمير المؤسسات الفلسطينية". واستدعت الحكومة الاسبانية امس سفير اسرائيل لابلاغه قلقها ازاء العمليات العسكرية التي "لن تؤدي الى حل النزاع" والمطالبة بسحب القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية وانهاء الحصار على الرئيس ياسر عرفات. واكد مصدر ديبلوماسي ان وزير الدولة للشؤون الخارجية ميغيل نادال استدعى السفير هرلز انبار لابلاغه قلق الحكومة الاسبانية ومطالبته بتطبيق قرارات مجلس الامن الدولي. واضاف ان نادال ومدير الشرق الاوسط في وزارة الخارجية غابريال بوسكيه اكدا ضرورة "سحب القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية بما فيها رام الله كما ينص القرار 1402 لمجلس الامن الدولي الذي ينبغي تطبيقه فورا". وفي باريس، قال رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان امس ان السياسة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين يجب ان تتغير وحض الولاياتالمتحدة على بذل المزيد لحل الصراع في الشرق الاوسط. واضاف في حديث الى اذاعة "ار تي ال" ان السياسة الاسرائيلية "تدفع الفلسطينيين الى اليأس اذ لم يعد امامهم اي امل واصبحت ظروف حياتهم في الاراضي المحتلة مستحيلة تماماً". وحض جوسبان المرشح الى انتخابات الرئاسة الفرنسية الولاياتالمتحدة على بذل المزيد لحل الصراع. وطالب عرفات بإدانه الهجمات الانتحارية لكنه زاد "في الوقت نفسه يبدو ان الذين يساندون هذه الهجمات ليسوا قريبين من السلطة". وفي حديث اخر الى صحيفة "ليبيراسيون" قال جوسبان ان بوش وحكومته غير ملتزمين بحل الازمة كما كان الرئيس السابق بيل كلينتون. واوضح ان "الخوف من ان يخرج الوضع عن نطاق السيطرة هو وحده ما يدفع الولاياتالمتحدة لاتخاذ اجراء كلما تطلب الامر ذلك للحد من التوترات". واضاف ان واشنطن لا تمارس ضغوطا كافية على الحكومة الاسرائيلية. اما وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين فدعا مجددا الى ارسال مراقبين دوليين الى الاراضي الفلسطينية "بعد الخروج من الجحيم الحالي لمصلحة الفلسطينيين والاسرائيليين" على حد سواء. واعرب في تصريح الى اذاعة "فرانس انتير" عن "ذهوله" للتناقض الصارخ بين قرار مجلس الامن رقم 1402 الذي يدعو الى انسحاب اسرائيل من المدن الفلسطينية والى وقف اطلاق النار وبين الواقع على الارض. وردا على سؤال على عدم تحرك المجتمع الدولي اعترف بأن الاوروبيين يبدون منقسمين "وفي حال انكفاء" عندما تكون هناك ازمات. ودعا فيدرين في بيان وزع امس السلطات الاسرائيلية الى انهاء عملياتها العسكرية في رام الله حيث تحاصر عرفات وفي المدن الاخرى. في لندن اعلنت وزارة الخارجية البريطانية امس رفضها اقتراح رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ابعاد عرفات. وقال ناطق باسم الوزارة ان لندن تؤكد اهمية رفع الحصار عنه والسماح له بحرية الحركة داخل الاراضي الفلسطينية وخارجها لانه الرئيس الشرعي المنتخب للفلسطينيين.