في السنوات الأخيرة تسللت إلى مجتمعنا المحافظ ظواهر دخيلة تهدد منظومة القيم والحياء، ومن أبرزها مشاهد رقص الفتيات الصغيرات على المسارح وفي المناسبات العامة، كما يحدث أحياناً في احتفالات الأعياد أو داخل المجمعات التجارية، وما يزيد الأمر خطورة أن بعض هذه المشاهد باتت تحظى بتنظيم بعض المؤسسات شبه الرسمية، مما يمنحها صفة القبول ويجعلها مألوفة في نظر الأجيال، بعد أن كانت تُستنكر وتُعدّ خروجاً عن حدود الحياء، هذه الممارسات تثير الخوف من أن تتحول تدريجياً إلى ما يشبه التجمعات الدخيلة والمحرمة، إذا لم يتم وضع ضوابط صارمة وإعادة ترسيخ قيم الحياء. إن هذه الممارسات ليست مجرد لحظات لهو عابرة، بل هي مؤشرات خطيرة تحارب الحياء والوقار. فقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم الحياء بالإيمان حين قال: «الحياء شعبة من الإيمان»، ونبّه إلى خطورة غيابه بقوله: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت». وهو ما يوضح أن ضعف الحياء يفتح الباب للتساهل في المنكرات، ويجعل القيم الأخلاقية عرضة للانهيار. ويبقى السؤال: أين دور الأمهات العفيفات والآباء الغيورين في غرس معاني العفة في نفوس بناتهم؟ وكيف يمكن أن تُربى الفتاة الصغيرة على قيم الحياء إذا تعوّدت أن تقدم الرقص أمام جموع كبيرة بلا حرج، وكأن الأمر ترفيه أو حرية شخصية كما يروج له البعض؟. إن حماية المجتمع من هذه المظاهر مسؤولية مشتركة، تبدأ من الأسرة التي يقع عليها واجب غرس قيم الطهر والوقار، وتمتد إلى المؤسسات التعليمية والإعلامية التي يجب أن تراعي ضوابط الدين وأخلاقياته، وتنتهي لدى الجهات الرسمية التي ينبغي أن تضع التشريعات المنظمة للأنشطة العامة، بما يحفظ هوية المجتمع وثوابته، ويحدّ من أي انزلاق نحو الممارسات المخالفة للقيم. نحن اليوم أمام لحظة فارقة تتطلب وقفة جادة قبل أن تتحول هذه المشاهد إلى أعراف يصعب تجاوزها. فما زال في الوقت متسع لتصحيح المسار، والتمسك بالقيم التي كانت وما زالت مصدر القوة والتماسك، فالحياء دين، ومن فقده فقد خسر حصناً من حصون الإيمان.