2.7 مليار تداولات السوق    يجمع 450 علامة تجارية في العالم.. 600 مستثمر في «موني 20/20» بالرياض    سعوديون يبتكرون تقنية لتنقية المياه ب«التين»    تضامن عربي – إسلامي مع قطر.. وقفة صلبة ضد العدوان الإسرائيلي    هددت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.. إيران ترد على مجموعة السبع وتحذر من آلية الزناد    مسيرات الدعم السريع تستهدف مواقع حيوية    النصر يتخطى الخلود ويتصدر «روشن»    تغلب على ضمك بثنائية.. نيوم يحقق فوزاً تاريخياً في دوري المحترفين    مشعل الأحمد: علاقات تاريخية متينة تجمع البلدين الشقيقين.. أمير الكويت وولي عهده يستعرضان مع وزير الداخلية مجالات التعاون    هروب عريس قبل ساعات من زواجه    تعطل «حضوري» يؤثر على التوثيق الإلكتروني    افتتح مؤتمر التدريب القضائي.. نائب وزير العدل: المملكة تعيش نهضة تشريعية رائدة    «حين يكتب الحب».. فيلم في الطريق    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الدفاع المدني    «الغذاء»: 24 ألف بلاغ عن أعراض«الأدوية»    جهود متواصلة لتعزيز الرعاية العاجلة.. تدريب 434 ألفاً على الإسعافات الأولية    بدء تقديم لقاح الإنفلونزا الموسمية    النفط يتعافى جزئيا رغم التوترات    الجيش اللبناني يتسلّم دفعة من أسلحة المخيمات الفلسطينية    ميقاتي يواجه تحقيقاً قضائياً في فرنسا    إطلاق برنامج شتاء السعودية 2025    من جازان إلى العالم: إنجاز إسعافي يدخل غينيس    نمو السيولة في الاقتصاد السعودي بأكثر من (239) مليار ريال خلال عام بنهاية يوليو (2025م)    "الهيئة العامة للعقار" تُعلن عن بدء أعمال السجل العقاري ل (10) أحياء بمنطقة مكة المكرمة    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل    غيابات في الاتحاد أمام الوحدة الإماراتي في نخبة آسيا    ماجد عبدالله يسلّم كريستيانو رونالدو جائزة الحذاء الذهبي لموسم 2024-2025    بعد ضرب قطر: ترمب مخدوع أو متواطئ    تصاعد الهجمات يفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا    السفير العجالين يقدم أوراق اعتماده لرئيس جمهورية جيبوتي    استمرار هطول الأمطار الرعدية على بعض مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    افتتاح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي بالرياض    من المسارح البريئة يدق ناقوس الخطر    الهيئة العامة لمجلس الشورى تعقد اجتماعها الأول للسنة الثانية من الدورة التاسعة    أمير منطقة جازان يستقبل أبناء قاضي التمييز بجازان سابقًا    أمير القصيم يطلع على برنامج الخرائط الإلكترونية وانجازات جمعية التنمية الاجتماعية الأهلية بالشماسية    مؤتمر حائل لأمراض القلب : منصة علمية لتعزيز التقدم الطبي في أمراض القلب    مؤتمر موني 20/20 الشرق الأوسط غدا في الرياض    نائب أمير الشرقية يستقبل أمير الفوج الحادي عشر ومدير فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    الصحة القابضة والتجمعات يفعّلون الحملة الوطنيّة للإسعافات الأولية.. ويُدربّون أكثر من 434 ألف    3 أسباب للحوادث المرورية في منطقة الرياض    كلمات ولي العهد تسطر بمداد من مسك    رحيل من ضيّع في الإعلام عمره.. ولم يضيّع ذكراه    مرحبا بمن جاء يحمل زادي إلى الآخرة    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح "استمرارية 25"    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الزامل    إنزاغي يُبرر تأخر التغييرات أمام القادسية    شغف الموروث    إعادة النظر في أزمة منتصف العمر    مثقفون وإعلاميون يحتفون بالسريحي وبروايته الجداوية    احتفل باليوم العالمي ..«الأحمر»: رفع الوعي بالإسعافات ينقذ الأرواح    ماسك يقلب الطاولة على موظفيه    نائب أمير منطقة مكة يقدم التعازي للفريق محمد الحربي في وفاة والدته    المرء أسير الإحسان    في رثاء عبدالعزيز أبو ملحه    الإرث بين الحق والتحدي    خطاب يستحضر التاريخ: السعودية ونهضة عالمية برؤية 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة من نوعٍ آخر
نشر في الجزيرة يوم 02 - 09 - 2004

ومع أنني لست ممن يرى تفضيل جيل على آخر، أو يبالغ - كما يفعل بعض الكتاب - في الإشادة بزمن دون سواه، ويستميت - دون دليل - في الدفاع عنه، ويذهب في تقديس معطياته وظروفه، وأحواله ورجاله كل مذهب، مع هذا كله، لا أبالغ إذا قلت إننا إلى سنوات قريبة جداّ في هذه البلاد كنا ننظر بعين الإجلال والإكبار والمهابة والوقار لذلك المعلم الذي تجاوز، وهو يشرح معلقة (امرؤ القيس) أبياته التي بدا فيها شيء من التهتك والامتهان والمجون والإسفاف في التعبير؛ حين يقول متغزلاً:
وبيضة خدرٍ لا يرام خباؤها
تمتعتُ من لهوٍ بها غير معجل
تجاوزت أحراسا إليها ومعشراً
عليّ حراصاً لو يسرون مقتلي
فجئتُ وقد نضّت لنومٍ ثيابها
لدى الستر إلا لبسة المتفضّل
إلى أن يقول:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعاً
فألهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له
بشقِ وتحتي شقها لم يحوّل
نعم كان ذلك في وقتٍ، نحنُ فيه أبعد ما نكون عن الحلم والرشد إلى زهو الشباب وميعته، ونزق الصبا ونرجسيته، لكن حواجز الدين و المبادئ، وحدود القيم والأخلاق أملت علينا حفظ اللسان، وصون السمع عن الخوض بما يخدش القيم، ويذهب بالحياء، ويجانب الذوق السليم، ويتنافى مع الفطرة الصافية، رغم أن هذه الصور لم تعرض لنا إلا في قالب تعبيري، أداته اللفظ الدقيق، والتركيب المحكم، والصورة المتخيلة، وكفى بها فحشاً حينئذٍ.
ليس هذا فحسب، بل عرفنا الموقف الاجتماعي الرافض لمثل هذا المذهب الذي سلكه الشاعر، مما حدا بوالده أن يقوم بطرده وإقصائه من العشيرة، نتيجة لهوه ولعبه، ومعاقرته الخمر، ومغازلته الحسان، ولقب بالشاعر (الخليع).
ولا أدري، هل بقي من تلك الكوكبة من المعلمين المربين بقية، أم لا ؟
أعود إلى عنوان المقال، حين وسمت هذا الاتجاه بالإرهاب، وشأني في ذلك شأن غيري ممن ملكهم هذا المصطلح هذه الأيام، وأسهبوا في تجريده وتعريته تبعاً للظروف الراهنة التي نعيشها، وفرضت المصلحة على كل واحدٍ مشاطرة الوطن فيها.
لا أكتم القارئ أنني وحين لامس مسمعي ما أثير في المنتديات ووسائل الإعلام المقروءة عن (الأزمة الأخلاقية) التي حدثت، جراء نشر مقاطع عبر شبكة الإنترنت، والجوال المصّور عن حادثة الاغتصاب، توقعت أنه تطور آخر، وتنويع في الأسلوب للجماعات الحركية، إذ أكاد أجزم أن من يستبيح الدم، والاعتراض في الطريق، والسرقة لا يتورع عن أية وسيلة ينتهجها، يرى فيها زعزعة للمجتمع، والنيل من وحدته وترابطه.
أما وقد تبين لي غير ذلك فقد حمدت الله وشكرته على أن كانت الفريسة كذلك ليست غربية حتى لا ندخل في نفق آخر، يضعنا أمام تساؤلات لا قبل لنا بها حاضرا، ويخضع ديننا وأخلاقنا لمماحكات ومحاكمات ثانوية.
التطرف في الأخلاق على هذه الصورة التي تنتهجها بعض الفئات الماجنة،
لا يقل خطورة عن الإرهاب الفكري الذي ابتلينا به إن لم يكن أقبح منه، وأعظم نكرا، وأشدّ ضررا، ولا يختلف عنه إلا في كون الأول مهد له بعض المنتسبين الى الدين والمرتدين عباءته.
أما الإرهاب الجنسي فهو مستورد بكل أدواته ووسائله مهدت له المذاهب الإباحية الغربية التي غزتنا عبر وسائل الإعلام، ووقفنا أمامها مبهورين، وأيّا كان المنطلق، فالظاهرتان وجهان لعملة واحدة.
الأزمة الأخلاقية التي حدثت وصورها الباندا في الرياض لم تأخذ حقها في نظري من الإثارة والشجب والاستنكار، والمسؤولية مشتركة في حفظها، وأرجو ألا نكون استمرأنا ما نشر وصور وسرب، أو أخذتنا مشاغل الحياة بما هو أقل منها.
المجتمع في حيرة، والكتاب مختلفون أمامها كما يبدو لي، فهذا يرميها على الهيئات الدينية، المسؤولة عن حفظ الأعراض، وآخر يحملها المؤسسات الدعوية، ومنهم من يلقيها على مؤسسات التربية والتعليم، ولا غرابة في ذلك، فالانهزامية أمام الموقف تملي على الإنسان الاضطراب.
الشيء الذي أجزم به وأثق من تحققه أن كل جهة أوكلت لها الدولة صيانة هذا المجتمع, والحفاظ على تماسكه قد وضع برامجها وخططها لمعالجة مثل هذه النزعات التي تهز الضمير.
وقفة
لم يكن لتلك المرأة التي كشفت مفاتنها، وخلعت رداء الطهر والحياء والعفة مكانة في قلب الشاعر (أبي الفضل الوليد)، ليقول:
كم غادة برزت في السوق فاتنة
حتى إذا عريت من وشي ديباج
أنفت منها، وقد زالت ملاحتها
مع ثوبها وغدت قطناً لحلاّج
دع الخلاعة لا تركب سفينتها
إن الزوابع شتى فوق أمواج
تحت السكون هياجٌ فيه عاصفةٌ
فلا تغرنك خوذٌ طرفها ساجِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.