تباطأت موجة تدافع شركات النفط الاوروبية على ثروات ليبيا النفطية وسط سباق لا يرى احد خط نهايته. وأثار تعليق عقوبات فرضتها الاممالمتحدة على ليبيا عام 1999 آمالاً كبيرة لدى شركات النفط الاوروبية بان تعزز مكانتها في واحدة من اغنى مناطق الاستكشافات النفطية في العالم. لكن الشركات لا تزال تنتظر ويبدو ان عليها الانتظار طويلاً "لأن ليبيا تفضل اعطاء العقود للشركات الاميركية التي قد تندفع الى العمل بعد انتهاء العقوبات". لندن - رويترز - تقول جوديث جورني مستشار الطاقة ومؤلفة كتاب "ليبيا... الاقتصاد السياسي للنفط" انه يبدو ان الأمر يسير بخطى ابطأ من المتوقع، فالحكومة الليبية لا تشعر في ما يبدو بما يدفعها الى التحرك بسرعة اكبر. 130 منطقة وعرضت ليبيا، التي تحرص على اجتذاب تدفقات نقدية اجنبية تصل الى عشرة بلايين دولار لاستثمارها في قطاع النفط بحلول سنة 2010، اكثر من 130 منطقة تنقيب على شركات الطاقة منذ تعليق العقوبات لكن مصادر نفطية تقول انها حتى الآن لم تمنح سوى خمسة اتفاقات تنقيب جديدة. وتضيف المصادر "ان الشركة الجديدة الوحيدة التي جاءت الى ليبيا هي تركيش بتروليوم التي حصلت على عقدين". وحصلت "توتال فينا الف" الفرنسية على عقدين آخرين وحصلت "ريبسول" الاسبانية على العقد الخامس. وكانت الشركتان تعملان بالفعل في ليبيا قبل تعليق العقوبات. وشملت العقوبات التي فرضتها الاممالمتحدة على ليبيا عام 1992، بعد تفجير طائرة ركاب اميركية فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988، حظر استيراد قطع غيار لخطوط الانابيب والمصافي لكنها لم تمنع الشركات الاوروبية من العمل في ليبيا. وتحمست الشركات الاوروبية للحصول على موطئ قدم في ليبيا في الوقت الذي اجبرت فيه الشركات الاميركية المنافسة على وقف نشاطها هناك بأمر من الرئيس الاسبق رونالد ريغان عام 1986 ما زال سارياً حتى الآن. ومن المتوقع قريباً ان يمدد الرئيس جورج بوش العقوبات المفروضة من جانب واحد تاركاً الشركات الاوروبية تحاول الحصول على موطئ قدم قدر استطاعتها، إذ لا تزال فرصتها افضل. لكن بعض المحللين يشكو من ان تكون ليبيا تعطل عن عمد دخول الشركات الاوروبية على أمل عودة الشركات الاميركية في نهاية الأمر. ويقول روجر ديوان المحلل في شركة "بتروليوم فاينانس" في واشنطن: "انهم يريدون الشركات الاميركية... الأمر بهذه البساطة وليبيا مستعدة للانتظار قليلاً ويجب على الاوروبيين التحلي بالصبر لأن الجميع يريد الوجود هناك". وفي الوقت الراهن تعمل شركات "ايني" الايطالية و"او ام في" النمسوية و"باسف" الالمانية ومن المتوقع ان تواصل ضخ الاموال هناك. وتواجه حقول النفط الليبية التي تديرها الحكومة تراجعاً انتاجياً ويتزايد اعتماد البلاد على الشركات الاجنبية التي كانت تنتج منذ فترة طويلة 30 في المئة من اجمالي انتاج ليبيا البالغ حالياً 1.3 مليون برميل يومياً. ويجب ان تتحلى الشركات الاوروبية الاخرى التي تسعى لموطئ قدم في ليبيا بالصبر حتى تقرر ليبيا العضو في "اوبك" كيف تفي بتعهداتها بطرح الامتيازات مع ترك الباب مفتوحا امام الشركات الاميركية. وتتفاوض اربع شركات اميركية تعرف باسم مجموعة "اوايزس" لها اصول مجمدة في ليبيا منذ عام 1986 مع طرابلس للحفاظ على مكانها هناك. وتبدو ليبيا واثقة ان انخفاض كلفة انتاج البرميل الى دولار واحد في بعض المناطق واحتياطات قدرها 29.5 بليون برميل من شأنها الابقاء على اهتمام الشركات الاوروبية والاميركية على رغم تلكؤها. وتصدرت ليبيا قائمة المناطق التي كانت الشركات تسعى للتنقيب فيها عامي 2000 و2001 في استطلاع اجرته مؤسسة روبرتسون ريسيرش انترناشيونال. لكن استغلال هذه الموارد سيحتاج الى وقت. وتقول مصادر نفطية ان مجرد الحصول على معلومات عن مناطق التنقيب من شركة النفط الوطنية الليبية امر في غاية الصعوبة. ويقول مسؤول من شركة نفطية "نحن معتادون على جمع المعلومات عن مناطق التنقيب من الانترنت لكن عندما نتعامل مع ليبيا فاننا نتعامل مع الخرائط الورقية". ويقول خبير متخصص في قطاع النفط الليبي "احتاجوا لسنوات طويلة لمنح بضعة عقود فقط... البيانات ضعيفة للغاية وهناك حاجة لتغييرات هيكلية". وتقول مصادر نفطية ان مسؤولي الشركات الاوروبية الذين اجتمعوا مع مسؤولين من شركة النفط الوطنية الليبية في المغرب قبل أسابيع أعربوا بأدب عن استيائهم. ويقول خبير في التنقيب في ليبيا: "مسؤولو الشركة الوطنية حضروا والشركات قدمت عروضها واشارت بديبلوماسية الى شعورها بالاحباط ازاء الشروط وايقاع الاصلاح". واتخذت ليبيا خطوات لارضاء شركات النفط الدولية الساعية للحصول على شروط استثمارية افضل. لكن المحللين يقولون ان التاريخ يشير الى ان التقدم يأتي بطيئاً. فقد ارجئ تعديل قانون النفط الساري منذ عام 1955 بحيث يساعد على جذب المستثمرين ولم يعد من المتوقع ان يرى النور. وتسريع الاصلاحات أمر حيوي لليبيا التي تنافس دولاً مثل السعودية وايران والجزائر الاعضاء في "اوبك" التي فتحت ابوابها امام شركات الطاقة الاجنبية. وحتى اذا تسارع ايقاع المفاوضات فمن المستبعد ان تصل هذه الشركات الى أكثر اصول ليبيا جذباً. وتقول جورني: "الحكومة تحاول اجبار الشركات على التنقيب في مناطق... اقل جذباً مقابل الحصول على موطئ قدم في مناطق الجذب الاساسية مثل خليج سرت والحقول البحرية".