وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    عبدالعزيز بن سعود يلتقي منسوبي "الداخلية" المبتعثين للدراسة في فرنسا    وزير الداخلية يزور مركز العمليات الأمنية لشرطة باريس    موجز    «ملكية مكة» تحفز العقول الوطنية تماشياً مع رؤية 2030    الذكاء الاصطناعي.. وبوصلة القيادة    ناقش تقارير الإنجاز.. مجلس الشؤون الاقتصادية: استمرار نمو وتنوع الاقتصاد السعودي ضمن رؤية 2030    أكد أن السياسات الإسرائيلية تؤدي لتغييب الاستقرار.. وزير الخارجية: السلام لا يبنى دون تمكين الشعب الفلسطيني    وفق أفضل الممارسات الدولية.. رئيس هيئة حقوق الإنسان: السعودية عززت منظومة متكاملة لمكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص    عبور 6 شاحنات إغاثية سعودية جديدة إلى قطاع غزة مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة    قدم شكره للسعودية وفرنسا.. وزير خارجية قطر: مؤتمر «التسوية السلمية» يعالج أقدم قضايا السلم والأمن    اختتام برنامج "حكايا الشباب" في الباحة بمشاركة نخبة من الرياضيين والمختصين    من ملاعب التنس إلى عالم الرياضات الإلكترونية: كيرجيوس يشيد بأجواء كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    ابن نافل يترجل عن رئاسة الهلال    الملك وولي العهد يتلقيان رسالتين من رئيس أذربيجان    أجواء عسير تتزيّن بالأمطار    أكد مواصلة المملكة جهودها لإرساء السلام العادل بالمنطقة.. مجلس الوزراء: مؤتمر«التسوية الفلسطينية» يرسي مساراً توافقياً لحل الدولتين    مجلس الوزراء: مؤتمر "التسوية الفلسطينية" يرسي مساراً توافقياً لتنفيذ حل الدولتين    "الأدب والنشر والترجمة" تُطلِق النسخة الرابعة من "كتاب المدينة" بمشاركة أكثر من 300 دار نشر    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الجامايكي «أزاريا وأزورا إيلسون» إلى الرياض    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الجامايكي "أزاريا وأزورا إيلسون" إلى الرياض لدراسة حالتهما الطبية    وزارة الصحة تتصدى لالتهاب الكبد الفيروسي.. أكثر من 19 مليون فحص و 95% نسبة الشفاء    بدء العمل بمركز فيصل بن مشعل للنباتات المحلية    1.689 طلب منح الأراضي المنفذة    التنظيم يقفز بأسعار العملات الرقمية    محمد بن عبدالرحمن: القطاع الصحي يحظى بدعم واهتمام القيادة    الأسهم تتراجع وسط تداولات ب4.4 مليارات ريال    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية بريطانيا    رابطةُ العالم الإسلامي تُرحِّبُ بإعلان بريطانيا عزمَها الاعتراف بدولة فلسطين ودعم حلّ الدولتين    سعود بن نايف: الأحساء تشهد حراكًا تنمويًا نوعيًا    تعليم مناسك العمرة «افتراضياً»    ضبط 22497 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    مريم حسين: «طوق» نتاج مشروعنا العالمي    أخضر الصالات يتخطى أستراليا بثلاثية في بطولة القارات    المملكة تدعو العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية    بقع شمسية    بيان مؤتمر حل الدولتين : حرب غزة يجب أن تنتهي فوراً    مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة 2025 يوسّع قائمة المشاركين    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    سلسلة من الكلمات الدعوية ضمن الدورة العلمية الصيفية الثالثة تنفذها دعوة المسارحة والحرث    فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان ينظم فعالية اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص 2025 غدًا    رسمياً.. النصر يضم البرتغالي "جواو فيليكس"حتى 2027    نائب أمير مكة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    "الأدب والنشر والترجمة" تطلق النسخة الرابعة من "كتاب المدينة"    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المدير العام للتعليم بالمنطقة    محافظ الطائف يلتقي الرئيس التنفيذي لمركز دعم هيئات التطوير    أبشر رسالة مشحونة بالتفاؤل    محافظ الجبيل "الداود" يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية بالمحافظة    منصة قبول : 339 ألف طالب وطالبة أكدوا قبولهم في الجامعات والكليات    نجوم عالميون في حفلات صيف" مدل بيست"    ثقافة القطيع    وداع وطني لزياد الرحباني    فهم جديد للمعنى كيف تشكل الأزمات طريقة عيشنا    قبلة على جبين أرض السعودية    أمراض تشير إليها الأقدام الباردة    إنزيم جديد يفتح باب علاجات    رئيس الوزراء الفلسطيني يثمن دور المملكة وفرنسا في دعم القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا الخوف في المغرب من "حزب العدالة والتنمية"؟
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 2002

مع ان "حزب العدالة والتنمية" الإسلامية ليس اقوى تنظيمات الحركة الإسلامية في المغرب، وليست تجوز مقارنته بجماعة "العدل والإحسان" ذات القاعدة الجماهيرية العريضة، إلا انه نجح في قلب كل معادلات الحياة السياسية في البلاد حين تحول الى ثالث قوة في البرلمان بعد حزبي "الاتحاد الاشتراكي" و"الاستقلال"، وبفارق مقاعد معدودة بأصابع اليد.
وإذا ما اخذنا في الحسبان ان الحزب احجم عن تقديم قوائم مرشحيه في كل الدوائر - كما فعل الحزبان المشار إليهما - مقتصراً على الترشح في اقل من ستين في المئة منها فقط، تبينت - على نحو اوضح - الحدود المفتوحة لقوته السياسية والتمثيلية في خارطة القوى الحزبية الداخلية، وتبينت معها امكانية صيرورته القوة الانتخابية الأكبر في منافسات قادمة في حال استمرار معطيات المشهد السياسي الراهنة، وهو الأمر الأرجح في ما يبدو.
من النافل القول إن احجام "حزب العدالة والتنمية" عن تغطية سائر الدوائر الانتخابية ما كان بسبب عجز في الأطر الحزبية - فأطره بالآلاف - وإنما اتى ثمرة قرار ذاتي تغيّا طمأنة النظام والرأي العام الداخلي والخصوم السياسيين من الأحزاب والقوى الدولية... بأن الحزب ليس ساعياً في احتلال موقع القلب من المشهد الحزبي والنيابي وإزاحة من احتكروه لعقود طويلة، ولا هو مقدم على استراتيجية الوصول الى السلطة من قناة الاقتراع والشرعية الدستورية، بل متطلع الى الصيرورة شريكاً في الحياة السياسية لآخرين، والانخراط معهم في معركة تكريس المسار الديموقراطي في البلاد. ولعله ما توقع ان يحرز على المقاعد السبعة والأربعين التي ظفر بها، والوصول بهواجس الخصوم الى منطقة القلق والتوجس. وهو ما استشعره الحزب الذي فاجأة فوزه السهل في الانتخابات.
دق فوز الحزب ناقوس الخطر بالنسبة الى اولئك الذين يعتبرون انفسهم ممثلين للحداثة - ليبراليين واشتراكيين ووطنيين - في وجه تيار احياء التقليد والعودة بالحقوق المدنية المكتسبة الى الوراء كما يراه اهل هذا الموقف المفجوعين بذلك الفوز المفاجئ. وليس من شك في ان من اسباب حال الهلع التي استبدت بهم - تحت وقع تلك الصدمة - حقائق ثلاث:
اولها: ان الانتخابات لم تكن مزروة، باعتراف "الاتحاد الاشتراكي" خصم الإسلاميين اللدود، وأن أحداً لم يتهم الإسلاميين بالحصول على مقعد باستعمال "المال الحرام" او يتهم السلطة بأنها زوّرت نتائج دائرة لمصلحة مرشحيهم وكيف يتهمها وحكومة السيد عبدالرحمن اليوسفي هي نفسها التي اشرفت على الانتخابات؟!.
وثانيها انه حصل - ولأول مرة في تاريخ المغرب المستقل - ان نافس حزب سياسي، وبشكل مشروع، حزبي الحركة الوطنية الرئيسين "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي" وضارعهما في النفوذو التمثيل، بل هدد مركزهما السياسي جدياً، والأنكى من ذلك انه فعل هذا في الوقت عينه الذي وصل فيه الحزبان الى موقع السلطة التنفيذية في البلاد. سبق وفازت احزاب اخرى بالانتخابات - غير الحزبين الكبيرين - والتهمت معظمهم مقاعد البرلمان والبلديات والجماعات القروية "التجمع الوطني للأحرار"، "الاتحاد الدستوري"، "الحركة الشعبية"، "الحزب الوطني الديموقراطي"... الخ. لكن ذلك كان في زمن التزوير الفاضح الذي يمكّن حزباً "إدارياً" حديث النشأة اسابيع قبل الاقتراع من الحصول على ضعفي مقاعد الحزبين الكبيرين حتى وإن لم يسمع احد باسم زعيمه او يعرف احداً من مرشحيه. اما اليوم، فاختلف الأمر: المنافس الإسلامي حصد ما حصد باستحقاق.
وثالثها ان التنظيم الذي فاز في الانتخابات ليس شيئاً امام التنظيم الإسلامي الأدعى الى الخشية والقلق "العدل والإحسان" لقوته ونفوذه وقدرته التعبوية والتحشيدية المذهلة التي تبدو امامها قدرة "العدالة والتنمية" حاشية صغيرة في نص كبير. ماذا لو حظيت "جماعة العدل والإحسان" بالشرعية القانونية وخاضت الانتخابات. من سيمنعها ان تكرر ما فعلته "العدالة والتنمية"، ولكن هذه المرة في تركيا وليس في المغرب.
القلق مفهوم إذاً في ضوء ما تقدم. لكنه ليس مفهوماً في ضوء المقدمات السياسية التي قادت الى فوز التيار الإسلامي وفاقمت من هواجس الخائفين والمقدمات التي نعني كناية عن جملة السياسات التي تبنّتها القوى الوطنية والديموقراطية في الفترات السابقة، وخاصة خلال تقلّدها مسؤولية ادارة الجهاز الحكومي خلال السنوات الأربع والنصف من عمر "حكومة التناوب"، والتي مكّنت الحركة الإسلامية من استثمار اخطائها استثماراً جيداً. قبل حكومة عبدالرحمن اليوسفي، ابتُلي المغاربة بحكومات غير تمثيلية ولا منبثقة من الإرادة الشعبية، واكتووا بنار سياساتها الاقتصادية والاجتماعية المدمّرة. وإذ استهلك المغاربة سائر احزابهم، الأصيل منها والمصنوع في مطابخ وزارة الداخلية، ظل لديهم بعض الأمل في ان يقدم "الاتحاد الاشتراكي" مشروعاً سياسياً حقيقياً لإخراج البلاد من حال الانسداد التي عاشتها. ولم يكن الحامل على مثل ذلك الأمل برنامج الحزب الذي افرد - عادة - حيزاً مركزياً للمسألة الاجتماعية ودافع عن الخيار الاشتراكي، وناهض الفساد الإداري وسياسات الإفقار المتزايد للكادحين والطبقة الوسطى - وهي الغالبية العظمى من الشعب - بل كان الحامل على ذلك، الى جانب ما سبق ذكره، ان الحزب لم يتلوّث بالسلطة لأنه لم يشارك فيها وظل معارضاً طوال ثمانية وثلاثين عاماً: منذ حل حكومة الأستاذ عبدالله ابراهيم احد قادة "الاتحاد الوطني" الذي خرج منه "الاتحاد الاشتراكي"، وبالتالي، لم يكن مسؤولاً عما آلت إليه البلاد من اوضاع جعلتها تعاني خطر "السكتة القلبية" كما قال العاهل الراحل الحسن الثاني قبيل تعيين حكومة اليوسفي ببضع سنوات. لكن آمال المراهنين على الدور الإنقاذي للحزب سرعان ما ارتطمت بالوقائع العنيدة المفجعة: ركود اقتصادي عام، تفاقم مشكلات البطالة وبطالة الخريجين خاصة، الفساد الإداري والمالي المستمر، البطء الشديد في معالجة الملفات الحكومية... الخ، وبكلمة، حصيلة حكومية من دون اي شيء مما وعد به الحزب والحكومة في "بيان الثقة". وما كان مستغرباً ان يلتفت قسم كبير من الناخبين المغاربة الى الحركة الإسلامية يراهن عليه املاً جديداً وربما اخيراً. ولعل ما ساعد "حزب العدالة والتنمية" على تشجيع مثل ذلك الرهان نجاحه في استغلال شغور موقع المعارضة - بدخول "الاتحاد الاشتراكي" في الحكم - والتقدم لملئه مستعيداً تقاليد المعارضة السابقة نفسها في حدة خطابها الاحتجاجي، وفي شعبويتها السياسية.
ان السياسة - مثل الطبيعة - تخشى الفراغ. وها ان الإسلاميين يملأونه.
* كاتب مغربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.