أنهت بيروت استعداداتها لتواكب بدء التعامل العالمي بالعملة الاوروبية الموحدة، اليورو، مطلع الشهر المقبل، وأنجزت كل الاجراءات لبدء التعامل منذ نهاية أيلول سبتمبر الماضي حيث ان لبنان معني بهذه العملة لأن الأسواق الأوروبية تشكل المصدر الأساسي لتلبية 80 في المئة من حاجاته الاستهلاكية من الاسواق الخارجية والتي تبلغ قيمتها الاجمالية 7 بلايين دولار. وتصل حصة اوروبا من هذه الواردات إلى 48 في المئة. ويتميز لبنان عن بقية الدول في عملية التداول بالعملات، بحسب ما أبلغ النائب الاول لحاكم "مصرف لبنان" المركزي، ناصر السعيدي، "الحياة"، اذ انه يستعمل كل انواعها سواء كانت نقدية او ورقية كودائع وشيكات، وهو ايضاً مقبل على الدخول في الشراكة الاوروبية في الشهر الاول من السنة المقبلة. وعن الاجراءات التي اتخذها لبنان لمواكبة العملة الموحدة التي سيتداولها نحو 300 مليون أوروبي، قال السعيدي إن "المصرف المركزي اتخذ كل الاجراءت الداخلية اللازمة لتحضير القطاع المصرفي والقطاع العام والاسواق للتحول من العملات الاوروبية المكوّنة لليورو الى العملة الموحدة". وأشار الى ان "مصرف لبنان هو المصرف المركزي الوحيد الذي يقوم بمقاصة بكل العملات الرئيسة، ويسمح للمصارف بفتح حسابات لديه بالعملات الأجنبية. وأوضح أنه بعد اعتماد اليورو، اتخذت اجراءات داخلية تمثلت بوقف المقاصة ببقية العملات وتحويل الحسابات لدى المصارف فضلاً عن الغاء الشيكات بالعملات المكوّنة لليورو، لتصدر مع مطلع السنة بالعملة الموحدة. كما أشار إلى أن المصرف المركزي أبلغ القطاع العام بضرورة "التحول في فتح الاعتمادات المستندية للاستيراد من العملات الى اليورو". وأوضح ان "هذا الوضع ينسحب على الحسابات في الخارج والاحتياط لدى المصرف المركزي، اذ تم تحويلها الى اليورو". وقال السعيدي: "إن الاجراءات التي اتخذت لحظت مصالح الجمهور من العملاء لدى المصارف لجهة تحويل مدخراتهم من العملات الاوروبية الى اليورو، بالإضافة الى اعلام مؤسسات الصرافة لتكون جاهزة، حفاظاً على مصالح المواطنين وتجنيبهم أي خسائر. وطلبنا من المصارف وشركات شحن الاموال ومؤسسات الصرافة التأكد من تحويل الاوراق النقدية المكونة لليورو". ورداً على ما اذا سيكون لليورو مكان في السوق اللبنانية ادخاراً وتداولاً، خصوصاً أن الدولار هو العملة الرئيسة بعد الليرة، توقع النائب الأول للمحاكم أن تأخذ العملة الموحدة حيزاً من حجم الودائع بالدولار، لترتفع من 8،6 في المئة من اجمالي الودائع بالعملة الأميركية حالياً إلى ما بين 10 و12 في المئة خلال سنة او سنتين، نتيجة زيادة استعمال اليورو في التداول والادخار، فضلاً عن التوقعات في تعزيز العلاقات مع اوروبا بعد توقيع اتفاق الشراكة. وعدد السعيدي العوامل التي ستتيح تطور حجم اليورو في لبنان وفي دول اخرى، وتتمثل في التسعير الذي سيصبح موحداً، ما يسهل التجارة مع اوروبا، فضلاً عن السهولة في مقارنة الأسعار للسلع المشابهة مع دول عدة. ويشكل ارتفاع معدلات الفائدة على اليورو 25.3 في المئة في مقابل تلك المعتمدة على الدولار 75.1 حافزاً لاستعماله للايداع. وأوضح ان احتساب اليورو سيتم في مقابل الليرة وهو يساوي 1316 و1318 ليرة لبنانية، وسيكون متحركاً خلافاً للدولار. وتوقع ان يزيد حجم الاعتمادات المستندية للاستيراد مع اوروبا باليورو، بحكم الحجم الكبير للتبادل التجاري مع دوله. وهو يشكل نسبة 48 في المئة من اجمالي التجارة الخارجية للبنان كونه يعتمد في تأمين حاجاته من الخارج بنسبة 80 في المئة، وتبلغ فاتورة وارداته السنوية نحو 7 بلايين بالدولار وبالعملات الاخرى. ورجح ان "يشكل حجم الواردات باليورو ما بين ثلاثة و5.3 بلايين". وعن التقديرات التي اطلقها خبراء حول تحسن سعر اليورو ليلامس مستوى الدولار، قال إنه "من الصعب التكهن بتقلبات اسعار العملات". لكنه لم يستبعد ان يسجل هذه المستويات لاعتبارات عدة أهمها نسب النمو المحققة في اوروبا وهي افضل من تلك المسجلة في الولاياتالمتحدة وكذلك الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الفائدة على اليورو قياساً الى الدولار، ما يشجع على الادخار باليورو.