الأمن السيبراني محور ازدهار اقتصادي عالمي في لقاء مركز الاقتصاديات السيبرانية بسنغافورة    "الوداد" تحصد جائزة الأميرة نورة للطفولة في مجال جودة الحياة والرفاه النفسي للطفل    "القارب الفارغ".. كيف تتقن فن الهدوء وسط زحام الغضب؟    تشغيل وحدة العلاج الطبيعي والتأهيل للأطفال في مستشفى الأسياح العام    زوجة رجل الأعمال علي بن عبدالله الحسنيه في ذمة الله    نجاح عملية جراحية لطفلة فلسطينية كانت تعاني من عيب خلقي في القلب    المعهد الوطني لأبحاث الصحة ومجموعة فقيه يطلقان أول وحدة أبحاث سريرية بالقطاع الخاص    الليث.. وجهة بحرية واعدة تجمع بين الأصالة والتنوّع البيئي الفريد    التضخم في بريطانيا يستقر عند 3.8% في سبتمبر    يابي مركزي تؤكد التزامها تجاه السعودية بافتتاح مقرها الإقليمي في الرياض كمرحلة جديدة من النمو والشراكة في المملكة    الأمير محمد بن سلمان يوافق على اتفاقية مقر لمركز «أكساد» في المملكة    بيع 3 صقور ب (399) ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    بهدف جميل أمام السد.. سافيتش يُظهر مهارته المُعتادة مع الهلال    العنزي مديرًا عامًا للإعلام والاتصال المؤسسي ومتحدثا رسميا بالإسلامية    بيونجيانج تطلق صواريخ باليستية قبل أسبوع من قمة أبيك في كوريا الجنوبية    هجوم صاروخي روسي يستهدف كييف ومدنا أوكرانية    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع (515) سلة غذائية في محلية بورتسودان    إنزاغي: طموحي كبير بتحقيق البطولة مع الهلال    موجز    ثمن إشادة مجلس الوزراء ب«الخطوات التنفيذية».. الحقيل: نعمل على تطوير منظومة الإسكان والقطاع العقاري    الصليب الأحمر يؤكد تبادل 15 جثماناً لفلسطينيين.. «حماس» تسلم جثتي أسيرين إسرائيليين    ترمب ينتقد «حماس» ويهدد بتدخل الحلفاء.. تحرك أمريكي لدعم وقف النار في غزة    جمجمة في سنارة صياد بدل السمكة    أكد دعم المملكة لجهود السلام بالعالم.. مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء فرع لجامعة ستراثكلايد بالرياض    الأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لفصل المزارعين عن أراضيهم    200 مليار مشروعات اقتصادية بالمدينة المنورة    تحايل قانوني.. قضية «شمس الزناتي» تشتعل    «رجال عبدالعزيز» في التلفزيون السعودي    «نبض العلا» ينطلق الجمعة القادم    قدموا للسلام على سموه.. ولي العهد يستقبل الأمراء والعلماء والوزراء وجمعاً من المواطنين    النصر ضيفاً على غوا الهندي من دون رونالدو.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا الثاني    شريحة ذكية تعيد البصر ل84% من المكفوفين    سعود بن نايف: القطاع غير الربحي شريك في تحقيق مستهدفات رؤية 2030    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    جائزة صيتة بنت عبدالعزيز تستعد لملتقى دراية بحائل    نائب أمير حائل يستعرض مستجدات الوضع الصحي    باريس سان جرمان يسحق ليفركوزن بسباعية ويواصل العلامة الكاملة    الهلال يتفوق على السد بثلاثية    مسجد الغمامة.. عراقة العمارة والإرث    أرسنال يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية في دوري أبطال أوروبا    حراك متنامٍ    اكتشاف نادر لشجرة «السرح» في محمية الملك عبدالعزيز    روسيا تضرب شبكة الطاقة الأوكرانية وأوروبا تتحرك لإجبار بوتين على السلام    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي وزير الحج والعمرة    واشنطن تضغط لإطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة    تعليم الطائف يطلق جائزة سمو محافظ الطائف " ملهم" للتميّز التعليمي في دورتها الثانية    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان العلاقات الثنائية    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    "دله الصحية" شريك تأسيسي في معرض الصحة العالمي 2025 و"عيادات دله" ترعى الحدث طبيّاً    انطلاق منتدى الأفلام السعودي الثالث غدا الأربعاء    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    التدريبات الرياضية هي أفضل علاج لأوجاع التهاب مفاصل الركبة    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    سردية الوعي وبناء الذاكرة الوطنية    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطلوب : مواقف
نشر في الحياة يوم 08 - 07 - 2001

لم يكن ولعي بقراءة الأدب - وأنا في عمر المراهقة - إلاّ ليزيد من قلق جدتي لأبي عليّ. كانت تلمّح لأمي بوجوب الاهتمام بي على نحو خاص لأني في "عالم هو غير العالم": شاردة ساهية، بعيدة عن فطنة نساء العائلة الواعيات لكل شيء.
سيلانة، وهو اسم جدتي، لم يكن عندها فكرة عن "الثقافة العضوية". كانت تعتقد ككثيرين غيرها أن الأدب، قراءة وكتابة، هو فسحة للحرية ونشاط لا يستلزم بالضرورة فرز العالم تبعاً لفهم شبه عسكري يجنّد الوعي والحلم على حدّ سواء، ويستعمل الأفكار كما تُستعمل المقصّات.
لا أستطيع أن أرى روائياً يكتب وحيداً وراء نافذة مفتوحة إلى الفضاء وفي رأسه، مثلاً، خطة واضحة لحل مشكلة الشرق الأوسط سوف يضمّنها روايته. وربما لأني لا انتمي إلى جيلٍ من المثقفين يملك رؤية واضحة في الخطأ والطواب... وفي ما كان ينبغي... أرى ذلك الروائي وراء طاولته فريسة لقلقٍ ولعزلةٍ يجعلان غوصه في الكتابة مدعاة لشفقتي وتضامناً مع وحشته وقلّة حيلته أمام عالم معقدٍ جداً يتغيّر بسرعة مذهلة ويعيد النظر بثوابت كثيرة. ثم اني اراه فرداً ولا أراه جماعة. أراه وراء طاولةٍ لا أمام جموع. وأراه غارقاً في حيرته حول شخصيات يلحق بها مستجدياً طرح الأسئلة على كائنات الوهم.
لا أستطيع أن أرى هذا الروائي وكيلاً شرساً مفوّهاً في القضايا العامة، يفهم في كل شيء ويفتي في كل شيء، ولا يقبل أن يُقال عنه انه متردد أو متحيّر أو مرتبك حيال سؤال كبير.
إن كنت تتعاطى الكتابة يجب أن يكون لك موقف علني صريح وواضح و... فوري، إن أمكن، حيال قضايا الأمة وكل ما يمت إلى هذه القضايا بصله. لا يكفي ما تشي به كتابتك وما تحاول ان تكشف عنه في عمق الكائن... المطلوب "موقف" سياسي، ومن الأفضل أن يكون مشرّفاً، وإن أمكن تاريخياً...
حين يتلكأ الروائي وراء الطاولة بعض الوقت يعمد وكلاء قضايا الأمة إلى هزّه قليلاً... ثم إلى هزه بعنف طلباً للموقف... وقد يعلنون بالوكالة عنه موقفاً مشرّفاً وله الحرية إما في قبوله وإما في تكذيبه. فالناس أحرار يستطيعون التملّص من المواقف المشرفة والانصراف إلى الخزي والعار وإلى... خيانة العروبة.
أستطيع أن أرى أيضاً أن الروائي وراء طاولته لا يريد، مثلاً، أن يدخل نقاشاً عاماً لاعتباره أن النقاش كاذب مفبرك. لا يريد، مثلاً، أن يدخل نقاشاً عاماً مع طرفٍ لا يعترف به محاوراً. وهو على رغم احترامه فئة أ ضد الفئة ب إلا أنه لا يحب كثيراً روح الحلقة والخليّة، ولا يستقيم تعاضده مع جميع المتكلمين عن الفئة أ التي يشاركها الكثير من أفكارها.
وأستطيع أن أرى كذلك أن الروائي وراء طاولته لا يحب النقاشات العامة والضجة التي تجعل اسمه يتردد في صفحات الجرائد في غير ما يريد اعتماده من وسائل التعبير، أي الفن الروائي.
حين حازت روايتي الأخيرة "حارث المياه" على جائزة نجيب محفوظ، طلب مني بيان علني رسمي موقّع رفض الجائزة احتجاجاً على ارتباطها بالجامعة الأميركية وأنشطة المؤسسات الأميركية الداعمة جميعها لإسرائيل. فالهدف، إذن، دعم الانتفاضة الفلسطينية.
طبعاً قبلت الجائزة شاكرة، واخترت ألا أرد على الأسئلة المتعلقة بذلك البيان. قررت ألا أعلق أبداً على الموضوع. ولدى عودتي إلى باريس فوجئت بمقابلة لي حملتها إليّ إحدى الصديقات، وفيها أقول "رأيي" بالبيان وبالجائزة، وبكل جوانب الموضوع!!
هكذا أيضاً وجدتُ اني، وكذلك بالنيابة عن أديب آخر، أعطي رأيي في موضوع ترجمة الأدب العربي ورواياتي إلى اللغة العبرية. والواقع اني قلت ما معناه أنْ ليس لديّ ما أقوله - رافضة الإجابة ورافضة الدخول في هذا النقاش. ثم، وفي كل الأحوال، وفي ما يعني اللبنانيين أمثالي، ليس باستطاعتنا أن نوقع عقوداً مع دار نشر إسرائيلية نظراً الى العداء بين بلدنا وإسرائيل. وإن أصدر الاسرائيليون ترجمات لكتبنا، كان علينا الذهاب الى محكمة لاهاي الدولية لأننا لا نستطيع الدخول معهم في نقاش مباشر!
... واذا برواية تفيد اني ضد هذه الترجمة حتى الموت... وفي رواية أخرى اني مع هذه الترجمة... حتى الموت أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.