ورشة استراتيجية مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة 2026–2030    المرور يستعرض أحدث التقنيات في إدارة الحركة المرورية بمؤتمر ومعرض الحج    محافظ القطيف يرعى انطلاق فعالية «منتجون» للأسر المنتجة    100 ألف وظيفة تستحدثها بوابة الاستثمار في المدن    152 رحلة عبر تطبيقات نقل الركاب في كل دقيقة    كمبوديا وتايلاند تتبادلان الاتهامات بالتسبب بمواجهات حدودية جديدة    الرياض تحتفي بانطلاق البطولة العربية للجولف للرجال والرواد    كريستيانو رونالدو: المونديال القادم هو الأخير لي    رئيس برشلونة ينفي تقارير عودة ميسي    صندوق الفعاليات الاستثماري يعزز قطاعات الرياضة والثقافة والسياحة والترفيه في المملكة    «أفواج جازان» تقبض على مخالفَيْن لنظام أمن الحدود    ستة معايير سعودية تقود عملية تطوير مؤسسات التعليم العالي عربيًا    ذاكرة الحرمين    الشلهوب: الرسائل المؤثرة.. لغة وزارة الداخلية التي تصل إلى وجدان العالم    تجربة الأسلحة النووية مرة أخرى    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    الصادرات السعودية في معرض جاكرتا    نوّه بدعم القيادة لتمكين الاستثمارات.. أمير الشرقية يدشن أكبر مصنع لأغشية تحلية المياه    وزير الخارجية يستعرض مع نظرائه الأمريكي والهندي والألماني المستجدات    في دور ال 32 لكأس العالم للناشئين.. مواجهات صعبة للمنتخبات العربية    في الميركاتو الشتوي المقبل.. الأهلي يخطط لضم الألماني«ساني»    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    خادم الحرمين يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء اليوم    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    وسط جدل سياسي واسع.. الرئيس الإسرائيلي يرفض العفو عن نتنياهو    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    أوروبا وكندا تدعوان لتنفيذ اتفاق غزة    الوكالة الذرية تفقد القدرة على التحقق من مخزون اليورانيوم الحساس    نفذتها "أشرقت" بمؤتمر الحج.. وكيل وزارة الحج يدشن مبادرة تمكين العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    فيصل بن خالد: تطوير التعليم يتطلب العمل وفق خطة واضحة    رينارد يتحدث للإعلام.. وعودة الثلاثي المصاب    القيادة تعزي الرئيس التركي    الشرع: سورية اصبحت حليف جيوسياسي لواشنطن    البديوي: اعتماد المرحلة الأولى لنظام «النقطة الواحدة» بين دول الخليج    تعزيز التعاون الإعلامي بين كدانة وهيئة الصحفيين بمكة    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية كندا يستعرضان العلاقات وسبل تعزيزها    فرحة الإنجاز التي لا تخبو    أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    "تنظيم الإعلام" تقدم مبادرة "التصريح الإعلامي المبكر" ضمن مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    وزيرا الثقافة والتعليم يدشنان أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء بجميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    المملكة تدعم جهود إرساء السلام في العالم    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. الوهابي: جوائز الرواية موجهة.. ومن يحقق أهدافها ينال الجائزة
منتقدا كثرة ملتقيات الأدب.. وكاشفاً لثقافة اليوم
نشر في الرياض يوم 05 - 10 - 2013

الحديث مع الدكتور عبدالرحمن الوهابي عن الأدب اليوم، لا يمكن إلا أن يكون عميقاً. فأستاذ النقد الأدبي الحديث في جامعة الملك عبدالعزيز، لم يعتد النظر إلى الظاهرة الأدبية منفصلةً عن السياق الثقافي والاجتماعي والسياسي العربي والعالمي لإنتاج الفكر والرؤى؛ من هنا يعلن تشككه في بعض الجوائز الأدبية وما وراءها، ناقداً المناهج التعليمية في تعاطيها مع مخيلة الطفل، أدبيا وفنياً، ومبيناً أن كثيراً مما أثير حول المنتج الأدبي في صحافتنا للاستهلاك الصحافي، رافضاً تسمية منتج روائي محلي واحد، حاز على رضاه من الناحية الأسلوبية والفنية.
حداثة الثمانينيات غلب عليها الإثارة
هكذا إذاً، سيقلب صاحب كتاب (نقد الحضارة وثقافة العولمة)، أوراق المشهد الأدبي في حوار أجري معه بُعيد رجوعه من "سوق عكاظ":
* حضرت أخيراً سوق عكاظ فهل ترى أن هذا السوق حقق أهدافه المرجوه؟
- لا أظن أن السوق حقق أهدافه حتى الآن، لأنه مشروع حضاري كبير ومهرجان ثقافي اجتماعي وهذا هو عامة السابع، بدأ من لا شيء، فهو ينمو سنة بعد سنة لينضج في صورته النهائية، سوق عكاظ كما أراه وكما هو في رؤيته مشروع يتناول المفهوم الثقافي الشامل فهو لا يقف عند حدود الأدب من مفاهيم الثقافة بل إلى الثقافة في خدمة الفكر العربي والإنساني عامة، هو مهرجان ذو أنشطة متنوعة وكونه في مصيف مهم وجميل في المملكة فإن هذا من دوافع أن يكون كما هو مخطط له محطة سياحية متنوعة الأنشطة الترفيهية والشبابية والأسرية والتثقيفية والأدبية، وكلنا نسعد بأن يستمر هذا البناء النهضوي الحضاري في بلادنا الذي يدلل من خلاله على رؤية تطلعية لمصادرنا الحضارية المتنوعة وشكر يستحقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي لم تعطه الثقافة العربية والمحلية ما يستحقه وهو يقدم لها الكثير بعمق ورؤية إسلامية وعربية وإنسانية.
*كيف تنظر وتقيم تجربة متلقى الأدباء السعوديين والذي اختتم في المدينة المنورة قبل مدة قصيرة؟
- ليس عندي أي معلومات كي أتحدث عن هذا الملتقى.
*لأنك لم تُدعَ؟
- نعم لم تقدم لي دعوة، وليس هذا المهم. والأهم هو أن الملتقيات كثرت في المملكة ودعوة جميع المهتمين بالأدب واستدراجهم ربما يكون أمراً صعباً.
* مؤتمر يعقد كل سنتين لمرة واحدة، يصعب عليه دعوة أكاديميين في صلب المجال الأدبي؟
- هذا يوجه للملتقى. أعرف أن الأندية الأدبية تقيم أيضاً ملتقيات وتقوم ببعض الأنشطة، إلا أن هنالك ملحوظة على مستوى الدعوات في المملكة تتعلق بوجود انتقائية وكما قيل، أن هناك "تجار شنطة" تجدهم في كل نادٍ وملتقى. أضف إلى ذلك أن الدعوات لابد ألا تقتصر على المهتمين بالأدب والفكر، بل أن تطعم هذه الملتقيات بأشخاص يختلفون عنهم بالرؤية، على اعتبار أن الثقافة في الأساس تصب في خدمة المجتمع الذي نحن فيه. كما حدث في سوق عكاظ، عندما أقيمت ندوة علمية كاملة عن "الجينوم"، وهو ما يعكس مستوى الثقافة وانعكاسها على المجتمع بصورة عامة.
الملتقيات الأدبية كثرت بشكل كبير!
* الأدب حالة إبداع فردي.. ما الذي يمكن للمؤسسات الحكومية أن تقدمه لدعم الفنون الأدبية؟
- الأدب فردي المصدر، هذا صحيح من الناحية الأولية، ولكن الأدب الجيد هو الذي ينقل تجربته إلى أنساق مختلفة من المجتمعات، وهذا من أهم وظائف العمل الأدبي والفنون عامة، ومن وجهة نظري إن توسيع مفهوم وظيفة الأدب أمر نحن في حاجة إليه على المستويين المحلي والعالمي، لم تعد النظرة للأدب كما نراها ونلاحظها، وهناك مجموعة من الجهود التي يمكن أن تدفع من الأدب شريطة أن يدفع الأدب من مستواه، هناك مؤسسات تعليمة وإعلامية وتجارية وغيرها، المؤسسات الإعلامية أرى أنها في حاجة لرفع مستواها الفكري والثقافي والموضوعي عند تناول الأدب وما يتعلق به علميا، نعم الأدب والفنون تعكس المجتمعات ومرحلتها الفكرية والتثقيفية ولكن مفاهيم ذلك تطورت مع الأدب العولمي ووظيفته، كما أن التعليم العام بخاصة يمكنه دعم المواهب المبكرة وتوظيف الإنشاء الأدبي لتطوير المادة التعليمية والعلمية، توظيف الأدب من العوامل المهمة في العالم المتقدم، ولا نريد أن يكون الأدب فردياً ذاتياً بكائياً يخلق العقلية السلبية التي تعيش على الوهم والخيال المحبط، نريد أدباً يناقش جميع المشاعر والأحاسيس الإنسانية التي يمر بها الإنسان، نريد توظيفاً لإنشائية الأدب بصورة سليمة، على سبيل المثال لا أدري لماذا لا يشارك المؤلفون والمؤلفات من المبدعين الجيدين في المناهج التعليمية، ووضع مسابقات مجزية للتأليف في ذلك تتضمن عناصر تربوية وتعليمة لا تغطي فقط جوانب العلوم النظرية فقط، بل حتى العلمية، في دول كثيرة مناهج العلوم والقراء ونحو ذلك يوظف فيها الأدب بعناصر صناعية متقدمة وتكون هناك مسابقات في ذلك، نحن لا نريد أن نجعل من المجتمع يعيش في وهم الأدب الخيالي، الأدب يصنع تربية الخيال عند النشء، وهكذا يتطور الخيال ليوظف في جوانب مختلفة، ومن المهم الإشارة أن دعم الأدب والجوانب الثقافية عندنا هي حكومية، ونرجو أن يكون هناك دعم أكبر من القطاع الخاص الذي لا يمكن أن يدعم الأدب ومفهومه الثقافي إذا كان هذا الأدب يعيش في بوتقة ضيقة من تأليف ونشر.
نجيب محفوظ
* ترجو ان يكون هنالك دعم أكبر من القطاع الخاص.. تقصد من خلال الجوائز التي تحمل اسماء رجال أعمال.. وتروج لهم على الأغلب؟
- لا أنظر إليها من هذا المنظور، من الجوائز الكبرى في المملكة المتحدة جائزة الأورنج. وهي شركة اتصالات كبيرة. من حق الراعي بأن يقوم بدعاية لمؤسسته أو الجهة الداعمة، وليست دعاية شخصية، هنالك دعم ولكن نرجو أن يكون أكبر. يجب أن يكون هنالك اهتمام أكبر من القطاع الخاص. المسألة الأخرى، هي ضرورة أن يعكس القائمون على الثقافة، مفهوماً للثقافة محاكياً لأغلبية المجتمع. وليس مع جزيئات عددية بسيطة بالمئات أو العشرات.. وذلك كي يتفاعل معك الناس. أي من خلال فن تسويق المنتج نفسه.
*ولكن إذا أردنا إرضاء الناس والجمهور العريض، ربما لجأنا إلى تقديم أدب مسالم، مجامل وعام؟
- كلام جميل، وافهم ما تعنيه. نحن لا ندعو لتوجيه الأدب من خلال مشاركة القطاع الخاص. القطاع الخاص يكسب من خلال توجيه دعايته عبر المحافل الأدبية والفكرية، لأنه أمام مجموعات علمية وفكرية كبيرة تهتم بالمجتمع. وماذكرته موجود، من أن القطاع الخاص يدعم الأدب، لهدف معين، هذا موجود في جوائز أدبية عالمية.
* تقصد توجيه المحتوى من خلال الجائزة؟
- لاشك. إلى درجة أن من يستطيع تحقيق أهداف الجائزة، يستطيع الحصول على الجائزة.
* تحدثت عن التعليم ودوره في دعم المواهب المبكرة.. لكن نظرة عاجلة للمناهج فضلًا عن أغلب المعلمين، اليوم، تشير إلى عكس ما تطمح؟
- لا أنظر بهذه النظرة السوداوية، مجال التعليم مجال مرهق، جداً. لكن جانب دعم المواهب الأدبية من الشبيبة من الجنسين في التعليم العام، يحتاج إلى دعم أكبر لتنمية المواهب. هنالك جهود كبيرة في هذا المجال من قبل وزارة التربية والتعليم. ما نلحظه من مخرجات التعليم العام للتعليم العالي أن هنالك ضعفاً في الاهتمام بالمواهب للشباب. لذلك لا يتطلب علينا أن نطلب من المعلمين والمعلمات جهداً أكبر لأنهم في عمل شاق ومرهق. بعضهم يدرس 24 حصة. والمدارس الحكومية تشتمل على أعداد طلاب كبيرة جداً في الفصول وغير مقبول في أي معيار عالمي فمن الصعب أن نطلب مخرجات متميزة إلى المخرجات الفردية التي تخرج بذاتها مع التربية الخاصة في المدارس.
* ولكن ماذا عن المناهج التعليمية، هي بعيدة عن روح الأدب اليوم، ولا تدخل الطالب في المشهد المعاصر للأدب؟
- المناهج فيما يخص الجوانب المتعلقة باللغة العربية، ورغم تطورها في العشر سنوات الأخيرة إلا أنني أتصور أنها في حاجة إلى مراجعة، إذ قد يذهل البعض من بعض الموضوعات التي نجدها في مناهج المرحلة الابتدائية. ليس هناك اهتمام بتوسعة خيال الطفل ومشاركته. أطالب بأن تخضع المناهج الدراسية إلى مسابقات تأليفية علمية تفتح للرأي العام ويشترك فيها من يشترك وفقاً للقوانين والمعايير المطلوب توفرها وإقامة شراكات مع الجامعات في النواحي الاستشارية.
* شهدنا في التسعينيات موجة تحول من الشعر إلى الكتابة الروائية، برأيك ماهو الدافع وراء هذا التحول؟
- هذا سؤال ناقشته في عدة مواضع وناقشه بعض النقاد المهتمين بنحو ذلك، ومجمل القول من وجهة نظري إننا نتعامل ونرصد ظواهر أدبية تتغير وتتطور، وهذا من طبيعتها، لأنها من الحقول الإنسانية الممتزجة بثنائية العقل والعاطفة، بروز الرواية عربياً يختلف عن ظاهرتها في بعض الشعوب كالغربية مثلا، فنحن لم نتوجه للشعور العقلي كثيراً، ولم تبرز الرواية مع عوامل اجتماعية تضمنت صراعات متنوعة وتطور تقني أثر على المنتج كما في الغرب الذي يرتبط منتجه حتى بالجوانب الترفيهية والاقتصادية وليس هناك عوامل تجارية تدعم المد التأليفي بتوسع بل في نطاق ضيق تجاري وشبه مؤدلج. ولا يمكن أن نتجاهل جائزة نوبل لنجيب محفوظ في الأدب عام 88 فقد تحول الكثير من الكتاب للرواية في العالم العربي، وحتى على مستوى تناولها النقدي الذي تابع الظاهرة بتفاوت معرفي، وكل ذلك ساعد على توسع الكتابة الروائية وهي كظاهرة منطلقة يدخلها الكثير من الحماس والاندفاع سواء إبداعاً أو نقداً تطبيقياً.
* انتقلت جائزة البوكر للرواية العربية، في السنوات الأخيرة إلى الضفة الخليجية.. كيف تقرأ هذا الانزياح.. هل حقاً في الخليج روايات أهم من روايات الوطن العربي.. أم ثمة ما يستحق التنقيب؟
- أي جائزة لها أهداف ومستوى محدد من نيل الجائزة، ومتى توفر ذلك تمت الجائزة، هناك جوائز متعددة في العالم تهتم بالأدب وهناك شركات تقدم نوعا مثل ذلك في الغرب لأغراض دعائية وترويجية، هناك لوازم لكل جائزة يمكن التحضير لها والاستعداد لها وهذا حق مشروع، ومن يأخذ الجائزة ينالها من جانبها التقديري، أما الجوانب التي تقف خلف ذلك فقد يجهلها البعض وحتى من يأخذ الجائزة نفسه.
* كيف..؟ وما الذي يجهله من يأخذ الجائزة وتعرفه أنت؟
- (يطلق ضحكة) هذا سؤال خبيث ياعلي (يضحك)..
* ماذا نفعل ؟
- ما أشير إليه أنه لا يمكن أن تخرج أي جائزة يدفع لها مبالغ كثيرة إلا وتكون هناك جهات تدعم هذه الجائزة. وهو ليس سراً. يجب أن يكون لدينا وعيٌ فيما وراء بعض الجوائز في ما يعرف وما لا يعرف وهو ما نكتشفه من خلال السياقات. لو أجرينا دراسات علمية على الروايات التي نالت جوائز معينة لوجدنا أن هنالك خطوطاً عريضة تتوفر في المادة الروائية التي منحت الجائزة. ويمكن أن يقاس ذلك على غير الرواية أيضاً. إنها جوائز تتناول بدقة المسألة الفكرية والعقلية. لايمكن أن نتجاهل التوجه نحو الشرق الأوسط في العشر سنوات الأخيرة من الغرب. لايمكن أن نتجاهله في الجوانب الفكرية والثقافية ولايجب أن نحمله أكثر من اللازم كي لا نجلد الذات. ولكن يجب أن لا نتجاهله كي نضع الحصان أمام العربة وليس العكس.
* تريد القول إن فوز رواية من الروايات هو بمثابة تسليط الضوء على محتوى فكري معين، لإعادة صياغة وعي رأي عام باتجاه قضية محددة؟
- أنت لماذا تريد أن تدقق على هذه السؤال ياعلي.
* مهم جداً أن ننتقل من منطقة اللا مفكر فيه إلى المفكر فيه؟
- هل لديك تصفيات حسابات مع أحد؟
* لا أبداً.
- حسناً، القراءات تبقى متعددة في هذا الجانب. ومهما كانت التوجهات لأي جائزة سوف تتغير مع الوقت، حسب الظروف.
* تميل إلى أن فوز نجيب محفوظ بنوبل الآداب، حول الأدباء العرب إلى الكتابة الروائية، هل الأمر بهذه الإغرائية؟
-لا بد أن نقرأ الموضوع في سياقه. في تلك المرحلة لم تكن للرواية مجال واسع ويمكن دراسة ذلك على مستوى الثقافة العربية بشكل عام والثقافة المحلية. في الجامعات السعودية لم تكن تدرس الرواية إلا ضمن بعض المناهج، الآن أصبحت تدرس وهناك جوائز متعددة وفي أكثر الجامعات. لكن الأدب لم يتوجه للفن السردي كثيراً.. أجل، لا شك أن نجيب محفوظ يستحق الجائزة وهو أكبر منها بجهوده وحرفيته في الكتابة بشكل عام.
* إلى أي مدى أضر استعمال الرواية كمنصة للبوح والتعبير الفردي والاجتماعي، على ولادة رواية متفوقة إبداعيا وفنياً؟
- لعل من أجمل ما في الرواية الجيدة أنها تناقش العقل والقلب الجمعي بسردية أدبية خيالية تحلل دواخل النفس البشرية بمهارة وتفكك القضايا الاجتماعية برؤية عميقة، حقيقة إن كثرة الكتابات الروائية الضعيفة فنيا ومحاولة الترويج لها لعوامل مختلفة أضر بتطورها، ولكن هذا أيضا من طبيعة الأدب وأجناسه لاختلاف وتنوع التجربة، وتثقيف الرأي العام مهم في هذا الجانب، وأنا لا أرى مثل هذا مضراً سوى لمن يروج له فضلا عن أن ذلك عبارة عن تراكم تجارب متعددة نحو توسيع دائرة الأمل الذي سيتحقق ومتحقق منه القليل محلياً وهو مقبول على مستوى التجربة، وقد يكون تمهيداً لاحتراف كتابة إبداعية تستدرك وتدرك وتخلق إبداعاً فنياً وموضوعاتياً.
* أزعم أن تناول الروايات "نقدياً" في الصحافة من جانب غير أسلوبي وفني ك (النقد الثقافي) ساهم في تسويق الرواية الضعيفة فنياً، على حساب تطوير المنتج الروائي؟
- لا أظن أن الاهتمام الصحفي هو من جانب يتناول مفاهيم الرؤية الثقافية (النقد الثقافي)، ولو كان كذلك فهذه رؤية إيجابية. الصحافة تناقش الرأي العام وتتعامل بحرفية إعلامية في ذلك، والسوق الأدبي ليس بكبير بصراحة، ولكن اهتمامها بالموضوعاتية هو ما يمكن تشخيصه كونه أسهل وأقرب للمتلقي والصحافة، ولا يجب أخلاقياً رفع المواد الأدبية التي لا تستحق ولا يعني هذا أيضا عدم تشجيعها، ولا يصح إلا الصحيح، أكرر أن الإعلام الثقافي لدينا في حاجة لأن يكون مهنياً وواعياً، والجميع له حق الظهور بطرق ذات قيمة ومبدأ، نعم التسويق جعل بعض الروايات التي تشوه مجتمعنا تترجم ويتناولها البعض لمجرد ذلك، هذا يتجاوز المبدأ الفردي إلى الجهل والاندفاع، ويظل الأدب الرفيع رفيعاً مع كل العصور.
* قلت رؤية ثقافية وليس نقداً ثقافياً؟
- أجل لأن لدي موقف من هذا المصطلح. أنظر، الإعلام لديه رؤيته، وانت تريد أن تسلط الضوء على عمل ما، الإعلام يهدف إلى جوانب معينة، بطبيعة المهنة الصحفية نفسها، ولكن لايجب أن نضخم المعايير أكثر من حاجتها. وهذا مررنا به مرحلة الثمانينيات.. زمن الحداثة. والآن الحداثة ماتت، ما يعني أنه لم تظهر تجربة ناجحة.
* تعني أنها كانت فقاعة إعلامية كبيرة؟
- لاشك أنها كانت سوء فهم من الجانب الإعلامي وتوظيف الإعلام للإثارة، فضلًا عن أن مفهوم الحداثة لم يعكس بطريقة سليمة وصحيحة، كانت صورة يغلب عليها الإثارة والمخالفة والمصطلحات الإثارية.
* استبدلت التناول الثقافي.. بالموضوعاتية، ما الذي تعنيه بهذا المصطلح؟
- أي الاهتمام بالموضوعات والثيمات، بمعنى أنك تناقش موضوع المرأة أو أي موضوع في أي نوع من الكتابة، سواءً قصة قصيرة أو رواية.. فيلم،.. الخ. ولكن الموضوع أمر والقضية الفنية والأسلوبية أمر آخر. لأن الجانب الفني جانب صعب. والرواية لها تقنيات فنية في الكتابة الروائية، يبتعد عنها لأن اهتمامها تخصصي أكثر قد يعجز عنه بعض الكتاب الموضوعاتيين الذين يلجأون لكتابة موضوعات نثرية تدخل فيها الاثارة والمخالفة والتشويق المرحلي حتى على المستوى النقدي.
* إذاً صار النقد الموضوعاتي مكاناً للهروب من النقد الأسلوبي والفني، عند الكتابة عن الأدب في الصحافة؟
- ليس هروباً بقدر ما هو تناول صحافي مهني يوضع في سياقه. لكن أين هو التناول العلمي والفني للرواية المحلية. أينهم هؤلاء المهتمون بالجوانب الثقافية من الاطلاع على البحوث الفنية والأسلوبية في الرواية لكي يطوروا من مستواهم ولكي ينقلوا نقلاً يهدف تطوير الأجيال القادمة والمتلقية ليتوجهوا نحو معرفة أعمق بالأدب وبما يستحق القراءة والاطلاع.
* بوصفك أستاذًا للنقد الأدبي الحديث، ومشتغلاً في النقد الأسلوبي، هل ثمة أعمال أدبية سعودية لفتك تفوقها الفني في هذا الجانب؟
- أتمنى أن أجد ذلك بما يشبع رغبتي الفنية. هنالك بلا شك مجموعة روايات بها جودة ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.