"سالم الدوسري" يشارك في التدريبات الجماعية .. "والشهراني" يواصل تأهيله    «الموارد»: دعم أكثر من 12 ألف مواطن ومواطنة بالشرقية    6.41 مليون برميل صادرات السعودية من النفط    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    عودة الصور المحذوفة تصدم مستخدمي «آيفون» !    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسيان النبهاني في وفاة والدته    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    هوساوي يعود للعميد من جديد    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    استقبال حافل ل «علماء المستقبل».. أبطال «ISEF»    5 فوائد للمشي اليومي    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب تحصل على اعتماد برنامج زمالة جراحات السمنة    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان يكرم البواني لرعايتها منتدى المشاريع المستقبلية    أسرة بن مخاشن تستقبل المواسين في مريم    معابر مغلقة ومجازر متواصلة    دعم الاقتصاد    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    واتساب يختبر ميزة تلوين فقاعات الدردشة    بعد وفاة رئيسي في حادث تحطم طائرة.. مخبر رئيساً مكلفاً للسلطة التنفيذية في إيران    بعد وفاة رئيسي.. لا تغيير في السياسة الإيرانية    10522 خريجًا وخريجة في مختلف التخصصات.. نائب أمير مكة المكرمة يشرف حفل التخرج بجامعة جدة    الراجحي يصدر قراراً بتعديل تنظيم العمل المرن    حلول السلامة الذكية وطائرة «بارق».. «الإلكترونيات المتقدمة» تستعرض قدراتها التصنيعية    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    في الرياضة.. انتظار الحقائق والتطوير    اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي - القطري    تعزيز العلاقات مع "تحالف الحضارات"    استثمار التقنيات الرقمية في قطاع الطاقة.. «أرامكو السعودية» تعزز ريادتها في الحوسبة الكمية    طموحنا عنان السماء    إحباط تهريب 200 كلغ من القات المخدر    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    "تعليم جدة" يصدر نتائج حركة النقل الداخلي لشاغلي وشاغلات الوظائف التعليمية    أمير الرياض يستقبل منتسبي جمعية المتقاعدين    فراق زارعة الفرح    إجازة لمكافحة التعاسة    ابحث عن قيمتك الحقيقية    لجين تتألق شعراً    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    نائب أمير جازان يكرم متفوقي التعليم    ما الذي علينا فعله تجاه أنفسنا ؟!    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    العجب    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة الجامعة السعودية الإلكترونية    مفتي الهند يدعوا الله بأن يشفي خادم الحرمين    قدوم 267657 حاجا عبر المنافذ الدولية حتى نهاية أمس    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحد أقدم المجاهدين السعوديين في افغانستان يروي تجربته عن عبدالله عزام وأيام الجهاد و"طالبان": . صلاح السلمان : هكذا بدأ المجاهدون العرب وهكذا سينتهون ... والمصريون تسببوا في تحزب الأفغان العرب
نشر في الحياة يوم 01 - 12 - 2001

اصيب اكثر من 6 مرات خلال فترة جهاده. قتل بيديه اكثر من 48 شيوعياً منهم 16 برتبة جنرال... هذا ما يرويه "صلاح الدين"، كما كان يلقب، او صلاح السلمان... كلاهما يعود لاول مجاهد خرج من شرق السعودية يطلب الاجر والشهادة. لم يكن سهلاً اقناع من يبتغي أجراً من الله ان يعلنه ويفاخر به وقد استغرق ذلك وقتاً طويلاً حتى وافق "صلاح الدين" على ان يلخص ل"الحياة" مسيرة جهاد الافغان العرب، بدايتهم وانفصالهم ومصيرهم في ظل الظروف الراهنة، وكيف تدير "القاعدة" افرادها وكيف تستقطبهم. وهنا نص الحديث:
كيف تلخصون رحلتكم مع الجهاد؟
- تأثرنا منذ العام 1979 بدخول الاتحاد السوفياتي الى افغانستان المسلمة، وفي عام 1983 بدأت بوادر الجهاد تنتشر في ارجاء المعمورة، وفي الخليج والدول العربية خصوصاً. وكان لمجيء الشيخ عبدرب الرسول سياف عام 1983 لالقاء محاضرة في جامعة البترول والمعادن اثر ودور كبيران في ذهاب كثير من الشباب الى افغانستان ومنهم انا... وفي شهر شعبان الذي تلا توجهت طلباً للجهاد في افغانستان واستقبلنا الاخوان في بيشاور، وذهبنا الى الشيخ سياف مباشرة و كان في جبهة جاجي التي كانت جبهة ساخنة في تلك الايام واكثر الشهداء العرب رحمة الله عليهم استشهدوا في تلك الجبهة.
كم كان عددكم آنذاك؟
- ذهبت في عام 1983 ولكن العرب لم يتوافدوا الا في عام 1986 واذكر من الاخوة في عام 1983: ابو عبدالقادر وحسين الجزائري ونور الدين الجزائري، وهو اول شهيد عربي، ونور الدين العراقي ومنقذ وهو فلسطيني كان يعمل بالنمسا، وآخر اسمه ابو الحسن فلسطيني استشهد، وأبو الحارث الفلسطيني أيضاً كان يعمل في الكويت وقد استشهد، ومعنا ايضا الشيخ نزار الجربوع ومحمد باجابر وبعض الاخوة العرب وكنا بحدود بضعة عشر وجلسنا من شعبان الى منتصف رمضان وعدنا... كنا خلال تلك الفترة تحت مظلة الشيخ سياف، وهو رئيس الاتحاد الاسلامي لمجاهدي افغانستان، وكان يشارك في كل الفعاليات الاسلامية للدعوة الى الجهاد. هنا لا بد من الاشارة الى ان المملكة العربية السعودية لها دور كبير مع الشيخ سياف اضافة الى ان ذهابنا الثاني في عام 1984 كان بتوجيه من الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة الله عليه والشيخ صالح السحيباني الذي اعتبره الجندي المجهول في الجهاد الافغاني لأنه ساهم بشكل كبير في دعم القضية الافغانية مادياً ومعنوياً من خلال استضافته لكبار القادة الافغان اثناء زيارتهم للرياض.
وكيف كان احتكاكك بالمجاهدين العرب؟
- احتكاكي بالعرب كان قليلاً جداً.
لماذا؟
- لا يوجد سبب مباشر ولكن في اعوام 1983، 1984، 1985 كان عدد العرب قليلاً وفي عام 1986 بدأوا يتوافدون، وفي 1987 كان لي احتكاك مع الشيخ صالح السحيباني والعقيد محمد الحمود الذي كان يعمل في السفارة السعودية كضابط اتصال وكان لي اتصال دائم معهم وكان العرب يتهمونني بالتجسس كما يتهمون كل من له احتكاك بسفارة او له اتصال بدولة، وللاسف فإن الاخوان العرب في افريقيا ينظرون الى الاسلام في بلدهم غير نظرتنا اليه، ويقيسون الامور بمنظارهم وبعض الاخوان الخليجيين تسممت افكارهم، متناسين ان السعودية هي التي ادخلت القضية الافغانية في منظمة المؤتمر الاسلامي والشيخ بن باز في تلك الفترة كان له دور كبير لا يمكن تناسيه، كذلك عملية الصلح بين الافغان انفسهم. كما ان الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية آنذاك اهتم شخصياً بالقضية الأفغانية وسعى الى حلها. هذا عدا الدعم المادي والمعنوي الذي كانت المملكة العربية السعودية تقدمه واذكر ان هناك اوامر من وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز باستقبال اي مصاب الى المستشفى العسكري لتلقي العلاج.
كنت ملتصقاً بالشيخ صالح السحيباني كثيراً، وكنا نستشيره في كثير من امور الجهاد لنقلها الى المسؤولين في الدولة. وكان العرب ينظرون اليه على أنه رجل دولة وانه يقوم بنقل الاخبار على رغم قلة عدد ابناء الخليج في تلك الفترة. وبعد عام 1992 وسقوط كابول عملت متعاوناً مع السفارة السعودية في كابول وساعدتني في ذلك علاقتي بالسفير محمد عيد، كذلك وجود الشيخ سياف، فكنت منسقاً بين الشيخ سياف ومحمد عيد بالاضافة الى متابعة بعض المشاريع، إلا أنه للأسف بعد انشاء السفارة في افغانستان وتكوين فريق الاعمار اقتتل الافغان في ما بينهم وتدهورت الأوضاع، وهذا سبب ابتعاد الشباب العربي عني خوفاً من ان اكون تابعاً لجهاز الدولة، وعلى رغم ذلك لا أزال متعاوناً حتى الآن من خلال استعادة الشباب الذين ذهبوا، بحكم علاقتي هناك مع بعض القيادات في غير "طالبان" في حال رغب ذووهم بذلك من خلال دعوتهم للعودة. وكان القائم بالاعمال سلمان العمري متعاوناً معنا الى أقصى درجة واستطاع ان يقنع مجموعة كبيرة من الشباب بالعودة الى ذويهم.
ماذا عن المجاهدين العرب في فترة الانقسام بين الافغان؟
- هذا يعتبر جوهر القضية في تحزبهم، وللاسف فإن هذه أمراض سرت في دمنا منذ بداية الجهاد... مثلي انا وغيري ذهبنا مع الشيخ سياف بحكم انه رئيس الاتحاد وكان يجيد اللغة العربية وهو معروف ولكن بعض العرب اتجه الى الحزب الاسلامي حكمتيار والشيخ جميل الرحمن ومسعود يرحمهم الله... وللاسف فإن العرب اصابتهم أمراض الافغان واصبح كل حزب منهم يرى أنه يجب القضاء على الحزب الآخر، وتسربت فينا هذه الامراض من قبل فتح كابول، وهذا ايضاً اثّر فينا وفي جوهر القضية. وبعد سقوط كابول بقي الأمر كما هو عليه، فواصل العرب تحزبهم مع فصائل افغانية مختلفة ومتناحرة وبدأ الخلاف بينهم ومن منظورهم الشخصي، ولكن العرب الذين كانوا مع الشيخ سياف والقائد مسعود، مثل الشيخ عبدالله انس والشيخ ابو وائل المغربي، لم يدخلوا في هذه الصراعات وذلك بأمر من الشيخ سياف لأنها فتنة داخلية...
هل كان لجنسيات العرب هناك دور في تحزبهم؟
- عندما كثرت أعداد الإخوة المصريين والجزائريين بدأت التحزبات خصوصاً في أعوام 83 و84 و85.
هل كان لهم توجه آخر غير توجه العرب الموجودين للجهاد؟
- نحن أهل المملكة والخليج أهل السنة والجماعة، فلا يوجد لدينا سلفي وصوفي وما إلى ذلك، فقد كانت قضيتنا الدعوة وهذه تتضح بشكل جلي في جماعة الشيخ جميل الرحمن رحمه الله، ونظراً إلى حداثة سننا، فأعمارنا كانت لا تتجاوز العشرين عاماً، لم نعرف تلك التقسيمات والتحزبات إلا هناك. وكان للشيخ سعد البريك دور كبير جداً في توجيهنا وطالبنا بالابتعاد عن هذه التحزبات، وأيضاً الشيخ السحيباني والشيخ بن باز والشيخ عبدالله الزايد والشيخ عبدالله المصلح، وكانت لهم توجيهات مهمة جداً في هذا الأمر حددت مسارنا ومصيرنا.
كم كان يقدر عدد العرب بعد انفصال الفصائل الافغانية؟
- قدر عدد العرب الذين جاؤوا للمشاركة في الجهاد الافغاني بنحو 13 ألفاً، غالبيتهم من أهل الخليج.
هل كان المجاهدون العرب يعون الانقسامات التي وقعت بين صفوف الأفغان ام انه غرر بهم؟
- سأذكر هنا نقطة جوهرية اثرت في وضع المجاهدين العرب وحوّلته بنسبة 180 درجة، وهي استشهاد الشيخ عبدالله عزام، إذ كان لوجوده رحمه الله دور كبير في الوحدة ونبذ الخلافات، ولكن بعد استشهاده تكونت أحزاب كثيرة جداً تفرغ بعضها للتكفير، وعزز ذلك وجود أشخاص لا علاقة لهم بالجهاد ولم يكن لوجودهم سبب سوى اثارة الفتن، إلا أنه بعد سقوط كابول عاد أكثر من نصف المجاهدين، خصوصاً الخليجيون، وبقيت قلة لا تذكر، ولكن بعض الجماعات المحسوبة على الجهاد هي التي سببت المشاكل والقلاقل بين المجاهدين.
وكيف كانت الأوضاع في تلك الفترة؟
- قتل الكثير من العرب في الفتنة التي دارت بين مسعود وحكمتيار وأصدر الشيخ سياف فتوى تطالب العرب بمغادرة الأراضي الأفغانية أو أن يوافقوا على تشكيل لجنة صلح بين الفصائل الافغانية.
وهل ترى أن بعض العرب قد تم استغلالهم هناك؟
- نعم استغل العرب من خلال بعض الفتاوى الذي ذكر ان حكمتيار على حق وان القتال معه جائز بل ان بعض الفتاوى ذهب أبعد من ذلك عندما أكد ان القتال مع حكمتيار واجب. وكفروا سياف ووصفوه وجماعته بأنهم كفار وبغاة. وهنا استُغل بعض العرب وعمّق ذلك توزيع رتب عسكرية عليهم وبعضهم اعطي رتبة جنرال وآخرون رتبة عقيد، وذلك بغرض تشجعيهم. وفعلاً استطاعوا استغلال البعض فقط، إذ أن نسبة لا بأس بها عادت الى اوطانها.
وماذا عن "طالبان" في تلك الفترة؟
- في هذه الفترة ظهرت "طالبان"، وكما هو معروف كانت بدايتها في قندهار تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحارب تجارة المخدرات بقيادة الملا رباني رحمه الله الذي كان الناطق والواجهة للملا عمر، فاتسعت الرقعة من قندهار الى زابل وهلمند الى غزني وهي مناطق البشتون، وكانت الفترة التي سبقت حكم طالبان تخلو من الأمن تماماً فقد ازدهرت الضرائب وأعمال العصابات وقطاع الطرق. ولا شك ان تلك المرحلة عانى منها الشعب الأفغاني كثيراً وقد قرأت في كابول لدى بداية حكم "طالبان" لافتة كتب عليها "نقبل بحمار ولا بسبعة حمير" في اشارة هنا الى الفصائل والمنظمات الافغانية المتناحرة.
وماذا عن التنكيل بالشعب الأفغاني؟
- بدأت الحركة بشكل مبشر ولكن في ما بعد اتضح توجههم وقصور فهمهم. واذكر ان الشيخ يونس خالص سأل احد قادة "طالبان" عن تدريس المرأة وكيف يمكنها ان تقرأ القرآن وتفهم أحكامه وتعلمها فأجابه يكفي ان نعلمه لاخيها، وبعد سنتين بشهادة المجاهدين ساءت احوال "طالبان" وطرق تعاملهم مع الشعب بشكل كبير وما نراه من استقبال لقادة التحالف الشمالي بالورود هو نتيجة للكبت الذي عانى منه الشعب، وزادت من كرهه ل"طالبان" حالات الاعدام العشوائي التي كانوا ينفذونها، وآخرها عبدالحق رحمه الله.
ماذا عن عبدالحق؟
- انا اعتبره أحد المجاهدين المخلصين الصادقين الذين لم تتلطخ أيديهم بالفتنة قبل الجهاد أو بعده. اعتقلوه واتهموه بالجاسوسية وقتلوه وهو قائد ميداني شهير قطعت إحدى ساقيه خلال الجهاد، وأحد اخوانه حاكم جلال آباد والآخر وزير الداخلية في حكومة المجاهدين السابقة.
ولكن ما دور المجاهدين العرب خلال فترة تشكل "طالبان"؟
- بعض العرب الموجودين الآن هم من جماعات التكفير، والآخرون من جماعات لا نعرف ولا هي تعرف ماذا تريد. القدامى الموجودون هم بضعة عشر فقط، أما البقية فكانت في بيشاور وغير معروفة الأهداف. دخلوا خلال حكومة طالبان واذكر انهم ارسلوا إليّ تهديداً انا والقائم بالأعمال سلمان العمري في جلال آباد وكنا آنذاك مكلفين بانشاء مطار جلال آباد وصيانته فجاءتنا رسالة تطالبنا بالخروج من افغانستان على رغم ان عملي لم يكن يتعلق بالجهاد بل يتلخص في تشجيع الاخوة العرب الراغبين في العودة والذين يخافون العودة من الجهات الرسمية فكنت نزولاً عند رغبة ذويهم اسهل لهم اجراءات العودة بالتعاون مع الاخوة في السفارة، ولكن الاخوة العرب من غير الخليجيين لم يعجبهم ذلك لانهم كانوا يقومون بعمليات غسيل مخ للشباب الخليجي ويحرضونهم على حكوماتهم وعلمائهم بأنهم عملاء للأميركان.
وهل كان ذلك توجه "طالبان"؟
- من خلال معرفتي الوثيقة بالعديد من قادتهم كونهم من المجاهدين القدامى لم يكن لديهم تكفير.
حسناً وماذا عن تنظيم "القاعدة"، وهل كنت موجوداً عند تأسيسه؟
- نعم كنت موجوداً ولكن كما اسلفت كان احتكاكي بالعرب قليلاً جداً ولم يكن ايضاً ل"القاعدة" اسم يذكر سوى دعوات افرادها الذين كانوا يزوروننا من وقت لآخر وبعض الكتب من قبلهم تحضنا على الالتحاق بالتنظيم لتعلّم كيفية استعمال السلاح. وقد برزت تلك الحركة في اعقاب عودة اسامة بن لادن من السودان واستمر الحديث عنها لتظهر على الساحة بشكل واضح في السنوات الأخيرة وتحديداً بعد تفجيرات نيروبي وتنزانيا والرياض والخبر.
ألم يحاولوا استقطابك؟
- نعم حاولوا كثيراً وكنت من أوائل الذين حاولوا استقطابهم، ولكن من فضل الله عليّ والتزامي توجيهات الشيخ صالح السحيباني والشيخ بن باز رحمه الله والشيخ سعد البريك نجوت بفضل من الله.
هل ابعدتك النصيحة فقط أم تولدت لديك شكوك بتوجهات التنظيم؟
- كان لدى بعضهم تفكير تكفيري وولاءات وانتقادات سياسية. فعلى سبيل المثال يرفضون ان يذكر أحد اسم السعودية، بل يقولون إنها الجزيرة، وكانوا يسألون باستمرار عن آرائنا في الحكام، لذلك كنا نتجنبهم باستمرار وبالنسبة إليّ كنت استشير الشيخ السحيباني والشيخ البريك والشيخ عزام وكانوا دائماً ينصحونني بالابتعاد عن تلك المتاهات والتفرغ للعبادة.
وبالنسبة إلى بن لادن هل قابلته؟
- منذ العام 1983 لم اتقابل معه سوى مرة واحدة كانت في عام 1988 في شرق السعودية عندما كان له لقاء مع إحدى المجلات الخليجية.
وتقابلت معه وسلمت عليه، ومرة أخرى قابلته في بيشاور عام 1992، وكان هناك اجتماع في حياة آباد. أما احتكاكي معه فقد كان قليلاً لذلك لم استطع الحكم على شخصيته بينما هو كان يسمع عني اذ كنت اتمتع بسمعة جيدة اثر العديد من المعارك التي خضتها في جلال آباد.
هل تتذكر أقدم الأفغان العرب الذين كانوا هناك في بدايات الجهاد؟
- نعم اذكر منهم بعضهم وأكثرهم استشهدوا في المعارك، ومنهم عبدالحميد وهو عراقي الجنسية ورأيته في عام 1988 مع الجماعة السلفية، وهناك أيضاً الشهيد نورالدين العراقي، والشهداء ابوالحسن وابوالحارث، وأيضاً هناك شهيد ليبي اسمه خالد واثنان آخران من ليبيا، والشيخ نزار الجربوع ومحمد باجابر، وعبدالوهاب الغامدي، واذكر أيضاً شفيق ابراهيم المدني وخالد الكردي ويعقوب البحر واسامة ازمراي رحمهم الله جميعاً.
من هو أول شهيد سعودي؟
- أول شهيد سعودي هو يحيى سنيور واستشهد على يد المنافقين.
ومن المقصود بالمنافقين؟
- المنافقون هم جماعة أفغان قام سنيور بشراء السلاح منهم من منطقة برادشينار، وفي طريق عودته نصبت له تلك الجماعة مكمناً، وهي جماعة لا تنتمي للمذهب السني، وكان المكمن تحديداً بين تري منغل وجاجي واستطاعوا قتله ولطخت جدران الطريق بدمائه.
لنتحدث قليلاً عن الشيخ عبدالله عزام...
- اسمه عبدالله بن يوسف عزام حاصل على الدكتوراه من جامعة ام القرى وكان مدرساً في المملكة وانتقل الى الجهاد في افغانستان في أواخر عام 1982 ثم عاد إلى السعودية لتقديم استقالته ويعود مجدداً إلى أفغانستان. إنه رجل فاضل يكره الغيبة في الحكام والعلماء، ومنذ البداية كانت افكاره ضد تنظيم "القاعدة"، خصوصاً الأفكار المتطرفة التي تدعو إلى تصدير الجهاد.
واذكر أحد المواقف التي تجلت فيها شخصية الشيخ عزام، وكان ذلك في العام 1988، وتلك الفترة هي ذروة الجهاد والمعارك وصادف ان كان هناك صحافي بريطاني دخل بإذن من الافغان لتغطية المعارك. وفي تلك الفترة لم نكن نملك النضج الكافي للحكم على الأمور ومجرياتها، وبحكم اننا نتعامل مع السلاح والنار والحديد لمدة أربعة شهور قمنا بعمل متهور وطائش نتج عنه القاء البريطاني وكاميرته في النهر، وبلغ الخبر عبدالله عزام فارسل إلينا رسالة شديدة اللهجة يوبخنا فيها واذكر منها "اتقوا الله في انفسكم هؤلاء دخلوا بإذن من أهل البلد"، واستشهد بالايات والأحاديث التي تبين فداحة عملنا.
ألم تحاول "القاعدة" استمالته للانضمام إليها؟
- نعم كانوا يأملون بأن ينضم اليهم الشيخ عزام نظراً إلى ثقله ومكانته بين المجاهدين، إلا أن الخلاف كان كبيراً وكان ضد أفكار "القاعدة" بشكل واضح وصريح وضد افكار تصدير الجهاد، وهو ما لم نكن نستوعبه في تلك الفترة نظراً إلى حداثة عهدنا وصغر سننا.
ولكن تأسيس "القاعدة" بهذا التوجه من كان وراءه؟
- لا غبار ان المصريين الذين جاؤوا بحجة الجهاد استطاعوا الاستحواذ على الاهداف وتحويرها حسب مبتغاهم. واذكر منهم اثنين يدعيان ابراهيم ومحمود كانا يأتياننا من معسكراتنا في جلال آباد ويدعواننا للالتحاق بالتنظيم والتعلم على السلاح. ولم تكن تلك الدعوات تشغلنا نظراً إلى اننا كنا ننتظر الشهادة، وما زاد من نفورنا أنهم كانوا يحرصون على البيعة والإمارة والخلع والكثير من الاشياء التي لم نكن نفهمها، ولكني شخصياً كنت اتوجه للشيخ عزام واذكر له ما يعرضه علينا الاخوان المصريون، واذكر كلمة الشيخ عزام التي كان يقولها لي بلكنته الفلسطينية كلما سألته "اخسرك منهم".
ولكن إلى أي مدى استطاعت "القاعدة" التأثير لاستقطاب عناصر جديدة، وما هو الثقل الذي كانت تشكله في افغانستان؟
- لوحظ انه خلال الشهور الستة الأخيرة التي سبقت تفجيرات نيويورك وواشنطن زاد التحاق الاخوة العرب والخليجيين والسعوديين على وجه الخصوص، وتلقيت اتصالات من اولياء امور التحق ابناؤهم ب"القاعدة" لاستعادتهم ولكن عند محادثتهم اتهمونا بالنفاق وكّفرونا وحاولنا الالتقاء ببعضهم وارسلنا اليهم رسائل صوتية مسجلة من جانب ذويهم تناشدهم العودة وبصوت المشائخ ولكن من دون جدوى.
وما هي علاقتكم بأفغانستان حالياً؟
- كنت أعمل في مشروع خادم الحرمين الشريفين لإعمار أفغانستان مع الدكتور أحمد فريد، ولكن بعد تقاتل الفصائل الأفغانية اقفل المشروع فبقيت متعاوناً لمساعدة الأهالي الذين يرغبون في الاطمئنان على أبنائهم أو اقناعهم بالعودة وذلك كان في عهد رباني، اما في عهد "طالبان" فلم نستطع الدخول لاقناع الشباب بالعودة.
لماذا؟
- لأن الشباب العرب الموجودين مع "طالبان" اتهمونا بأننا نعمل كجواسيس عليهم وبأننا كفار ومنافقون لدرجة انهم اطلقوا النار علينا واصبت في ساقي في أحد المرات وبعدها لم احاول الدخول.
ماذا كانت مبررات الالتحاق - مثلما ذكرتم - ب"القاعدة" بأعداد كبيرة أخيراً، على رغم انه لا حرب ولا جهاد في تلك الفترة؟
- كانت "القاعدة" تسعى إلى إعداد جيش إسلامي لمقاومة اميركا ولذلك عمدت الى التغرير بأعداد كبيرة من الشباب للالتحاق بصفوفها.
ولكن هل نجحت في ما كانت ترمي اليه؟
- لا شك، فقد أصبحت قوة ضاربة في البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية وذكر لي عدد من الأفغان انهم لاحظوا نمواً كبيراً لأعضاء الحركة في اعقاب التفجيرات في نيروبي ودار السلام والرياض والخُبر وكانت "القاعدة" المتهم الرئيسي فيها.
كيف كان وضع بن لادن في الداخل وما مدى سيطرته على البلاد؟
- العديد من الأفغان الذين التقيناهم أكدوا وجود خلافات بين بعض اعضاء "طالبان" وبين الملا محمد عمر بسبب اسامة بن لادن وتصرفاته، وأكد ذلك ديبلوماسيون كانوا ينتقدون عمر للاسباب ذاتها، وأنا التقيت شخصياً في اسلام آباد في شهر حزيران يونيو الماضي وطرحت عليهم موضوع الشبان الذين يأون للالتحاق بالقاعدة وان اعمارهم لا تتجاوز 19 عاماً، ولا يفقهون، وسألناهم ما الذي يفعلونه عندكم، وقلنا لهم واجب عليكم مساعدتنا لاستعادتهم، فلم يستطيعوا ان يفعلوا شيئاً، وقالوا من يدخل بلادنا برغبته لا نستطيع مطالبته بالخروج.
هل كان ذاك نتيجة ضغوط من "القاعدة"؟
- من دون شك، وشعرت بذلك اثر محاولة الاتصال ببعض مسؤولي "القاعدة"، بالاضافة الى الرسائل التي ارسلتها عن طريق القنصلية الافغانية الموجودة في بيشاور وعن طريق السفير مولوي عبدالسلام ضعيف في اسلام اباد والذي جلست معه جلسات طويلة. كان متعاوناً إلى أقصى درجة وعبر صراحة عندما قال انه يتمنى خروج العرب، وأضاف لدينا مشاكل بسبب العرب لا ادري متى تنتهي اسأل الله ان يفرجها علينا. وأضاف اتفقنا مع العرب بأن لهم معسكراتهم الخاصة وبيوتهم، فلا يتدخلوا بنا ولا نتدخل بهم.
ولكن لم تكن الأمور تبدو بين الجانبين على هذا السوء، فهل يفهم من ذلك ان "القاعدة" تمنع الشباب من العودة إلى ذويهم وأوطانهم؟
- بلا شك، وسبق ان ارسلنا أحد الاخوان الافغان الذين يتمتعون باحترام الأطراف كافة لدعوة احد الشبان للعودة إلى ديارهم وقابل مسؤول "القاعدة" الذي رفض ان يسمح لمبعوثنا بمقابلة الشباب، مثلما منعوا أولياء الأمور من مقابلة ابنائهم، خوفاً من ان عودة احدهم ستفتح المجال أمام الآخرين، وتمكنا بشكل أو بآخر من ايصال شريط إلى ذلك الشاب مسجل بصوت والدته وعلمنا أنه تأثر ورغب في العودة، إلا أنه لم يتمكن وخلال أربعة ايام عاد كما كان غير مكترث بوالديه.
ما هي الجنسيات التي اعتمدت عليها "القاعدة" بشكل رئيسي؟
- طبعاً قامت على الشبان العرب صغار السن، الذين تصل أعمارهم إلى عشرين عاماً، إلا أنها اعتمدت على الشباب السعودي واليمني بشكل خاص جداً وغالبية حراس بن لادن هم سعوديون ويمنيون وقلة من المصريين.
وكم تقدر أعداد السعوديين هناك في الوقت الحاضر؟
- بحسب ما ابلغني به أحد الأخوان العرب ان اعداد الشباب السعوديين الموجودين هناك يصل الى 1000 سعودي.
وكيف كانت أوضاعهم؟
- سمعت كثيراً عن مرافقين لبن لادن ولم اقابلهم ولكن يقال إنهم لا يملكون ذرة من الرحمة ولا يحترمون أحداً، وعلى رغم انهم ليسوا من اهل الجهاد ولم يسبق لأحد ان رآهم، إلا أن قلوبهم قاسية جداً، وهم غير قابلين للمناقشة، ولو ذكر اسم أي شخص أمامهم أو حاكم ولم يكفر أو يحزب فيتم تكفير القائل مباشرة.
ما رأيك وتوقعاتك الآن بالنسبة إلى تنظيم "القاعدة"؟
- عند الحديث عن "القاعدة"، فإننا نتحدث عن "طالبان" فهي امتداد لهم، وبالنظر الى ما آلت اليه أمور "طالبان" واستسلام اعداد كبيرة منها، فأنا اعتقد أن "القاعدة" انتهت، وإذا ارادت تجميع افرادها فإنها ستستغرق وقتاً طويلاً.
لو تحدثنا عن الوضع الافغاني ومستقبله، ما الذي يمكن ان تقوله لنا من خلال معايشتك فيه؟
- لا توجد بوادر خير الى الآن، وهناك نقطة تغيب عن انظار العالم، وهي ان الشعب الأفغاني بسيط جداً. وما تنبغي الاشارة اليه هنا هو الشعور الأفغاني بأن باكستان هي من دمر افغانستان من خلال حكمتيار ويتضح ان إسلام آباد تريد ان تهيئ حاكماً بشتونياً يكون حلقة اتصال بينهم، ولكن يبدو ان باكستان خسرت الآن "طالبان" بعدما انجبتهم وتريد ان تمد يدها إلى المعارضة، وهي خليط هزارة شيعة وتركمان وأوزبك وطاجيك، والاخيرون يشكلون أكبر القوميات والقيادات المتمثلة في دوستم و"تحالف الشمال"، ومعروف انه خلال فترة حكم "طالبان" دعمت الهند وروسيا وإيران وأوزبكستان وطاجيكستان التحالف الشمالي الذي وقفت ضده باكستان مما دفعه إلى مد يده إلى الهند.
وما يحدث في افغانستان الآن هو حرب سياسية تبدو أنها خرجت عن سيطرة باكستان، وإذا سألتني عما اتوقعه، فإنني اتوقع ان تتحول كابول الى حمام دماء نظراً إلى أن البشتون يستحيل ان يوافقوا على أن يحكمهم أحد من "تحالف الشمال"، إلا إذا كان الحاكم من البشتون أو تكون لجان صلح عربية مشتركة تساهم في تكوين الحكومة المقبلة، وان تكون بدعم منظمة المؤتمر الاسلامي والسعودية مثلما حدث في السابق في مكة المكرمة.
وماذا عن الأفغان العرب؟
لا يمكن ان يتخيل احد ما اصبح عليه الوضع بين العرب والافغان، إذ أصبح هؤلاء ينظرون إلى العرب على أنهم أعداء، خصوصاً أنهم اصبحوا مسعورين مثلما يصفهم احد الافغان، وأؤكد لك ان التحالف الشمالي لو وجد أية فرصة للتنكيل بهم فلن يتورع عن ابادتهم جميعاً لانهم قاتلوهم وتحدوهم وقتلوا مسعود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.