اتسعت هوة الخلاف بين الحكومة المصرية والمحامين على انتخابات مجلس النقابة التي كان مقرراً ان تجري اليوم، لكنها أُرجئت الى أجل غير مسمى بعد دخول الطرفين صراعاً قضائياً. وقال محامون ان تصعيداً سيتم في المرحلة المقبلة للضغط على الحكومة لإجراء الانتخابات في وقت قريب، وأشاروا الى اتصالات بدأت بين قوى سياسية مختلفة لحشد آلاف المحامين في مؤتمر من المقرر ان يعقد السبت المقبل في دار القضاء العالي لاعلان مواعيد الاعتصام في مقار النقابات الفرعية والمحاكم كمرحلة اولى ثم إعلان الاضراب على العمل في مرحلة لاحقة، اذا لم تتراجع الحكومة عن تعطيل الانتخابات. وذكرت مصادر المحامين ان اختيار دار القضاء العالي مكاناً للمؤتمر وليس مقر النقابة العامة القريب منها جاء متعمداً لكون مكتب رئيس محكمة جنوبالقاهرة رئيس اللجنة القضائية المشرفة على النقابة المستشار وحيد محمود يقع داخل الدار. وأفرزت الازمة الجديدة تكتلاً معارضاً للحكومة و"الاخوان المسلمين" في آن. إذ تفادى المحامون، الذين رشحتهم الجماعة، الانضمام الى معارضي تعطيل الانتخابات. وافادت مصادر ل"الاخوان" ان التحالف الذي ابرمته الجماعة مع مرشح الحكومة لمقعد النقيب رجائي عطية وضعها في مأزق، إذ من المؤكد ان الرغبة الحكومية في التدخل في الانتخابات تستهدف في المقدمة مرشحي "الاخوان" لكن التنظيم التزم مع عطية عدم تصعيد المواجهة اثناء الحملة الانتخابية وكذلك اثناء الانتخابات نفسها. وكشفت المصادر ان غياب النائب السابق مختار نوح الذي شغل موقع امين الصندوق في المجلس السابق للنقابة والذي ينتظر مع 19 آخرين من رموز "الاخوان" يحاكمون في قضية "النقابات المهنية" الحكم الذي ستصدره المحكمة العسكرية العليا في نهاية الشهر ، سبب ارتباكا شديدا لدى "الاخوان" الذين عجزوا عن التعاطي مع الازمة لأن نوح كان اقدرهم على التعاطي مع ملف النقابة. وكان لافتا ان محامين قريبين من نوح لم يرشحهم التنظيم لخوض الانتخابات ظهروا، خلافا لتوجهات الجماعة، في المؤتمرات والتحركات التي جرت في اليومين الماضيين لمعارضة قرار تعطيل الانتخابات. وبدأ الخلاف بين الحكومة والمحامين حينما قرر المستشار محمود اجراء الانتخابات في اندية رياضية ومراكز للشباب ومدارس، مما اثار حفيظة المحامين الذين رأوا في القرار مقدمة لتدخل حكومي يسمح بتزوير الانتخابات. ولجأ النائب احمد ناصر المرشح لمقعد النقيب الى محكمة القضاء الاداري للاعتراض على القرار فقضت بالغائه والزام الحكومة اجراء الانتخابات في مقار النقابة العامة والنقابات الفرعية لكن الحكومة اعترضت على القرار امام المحكمة الادارية العليا وقبل نظر الطعن الحكومي طلب ناصر رد هيئة المحكمة اي تغييرها فتقرر تأجيل النظر في طلب الرد الى جلسة تعقد في 21 تموز يوليو الجاري ثم بعد ذلك النظر في طعن الحكومة، مما اطال الفترة التي يمكن ان تجري بعدها الانتخابات. وقربت الازمة بين منافسين، اذ انضم النائب الناصري سامح عاشور المرشح لمقعد النقيب ومؤيديه الى تكتل ناصر. وكانت محكمة مصرية قضت في بداية العام 1996 بفرض الحراسة على النقابة بعد تفجير الخلافات بين فريقين ضم الاول ومثل الغالبية محامين ينتمون الى جماعة "الاخوان المسلمين" في حين ضم الثاني اعضاء في تيارات سياسية مختلفة، لكن محكمة النقض عادت وقضت في ايلول سبتمبر الماضي منع الحراسة عن النقابة وتشكيل لجنة قضائية لإدارتها تتولى الإعداد للانتخابات. ويسود اعتقاد بين المحامين بأن إقدام "الاخوان" على ترشيح ثمانية من عناصرها كان السبب وراء اصرار الحكومة على التدخل في الانتخابات لمنعهم من السيطرة مرة اخرى على النقابة.