أخلى القضاء اللبناني مساء أمس 12 من السجناء اللبنانيين الذين كانت السلطة اللبنانية تسلمتهم من نظيرتها السورية، الاثنين الماضي. وقالت مصادر قضائية ل"الحياة": "ان حيثيات الافراج عن هؤلاء ان بعضهم تخضع جرائمه والافعال المنسوبة اليه لقانون العفو العام عن جرائم الحرب، الصادر عام 1991، والبعض الآخر انقضت مدة محكوميته او انقضى الزمن على ملاحقته، وأحد هؤلاء نُقض الحكم الذي صدر في حقه". والمفرج عنهم هم: محمد سعيد سيف الدين وابراهيم خليل الحرشي وعلي علي ابو دهن وعبدالرحمن محمد عكاشة وفادي شاهين سعيد وفؤاد سالم ابو غادر وسليم حسين عواضة وجوزف عزيز هليط ومحمد نزار خالد الحلاق وعبدالله كامل زيد وسليم حسين عواضة. وأوقفت الملاحقة في حق سعيد عادل الجردي. وأكدت المصادر القضائية ل"الحياة" الافراج قريباً عن دفعة جديدة وقالت إن هناك تسريعاً لاجراءات بت أوضاعهم بناء على توجيهات من السلطة السياسية. قالت مصادر رسمية إن الحكومة ستلجأ الى لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة السابقة، ووضعت تقريراً في شأن المفقودين، استناداً الى 2047 استمارة ملأها أهاليهم من اجل ان تعلن عن مصير الأسماء التي يطرحها الأهالي ولجان المتابعة، في سعيها الى اقفال الملف. وأكد البطريرك الماروني نصرالله صفير أمام وفد كبير من المحامين اللبنانيين أن مواقفه التي أطلقها أخيراً ليست نابعة منه، "إنما رددت ما يقوله الناس، أي أنني قلت بصوت عال ما يقولونه بصوت خافت وخفيض". وأضاف أن "واجبنا يقضي علينا، كما يقضي عليكم، أن نتفاعل ونشعر مع الناس ونردد ما يقولونه، ولكن ليس ترداد الببغاء، إنما لأننا مؤمنون بما يقولون، هم يطلبون أن يكونوا هم وليس غيرهم، لبنانيين صادقين مع نفوسهم يتولون تدبير شؤون بيتهم بذاتهم، ويعتبر قاصراً من لا يتمكن أن يتدبر شؤونه بذاته، ونحمد الله أن ليس في لبنان قاصرون، وقد رأينا اللبنانيين في بلدان الناس يتمكنون من أن يحتلوا منزلة كريمة عالية، فلماذا في لبنان لا يمكنهم أن يتولوا شؤونهم. هذا ما طلبناه". وأضاف "نحن نتفاعل مع شعبنا ونسمع ما يقوله، ولكن ثمة أصوات لا نريد أن نقول إنها ناشزة، إنما ربما تملى المواقف على بعضها. فمصلحتنا المشتركة أن تكون بيننا وبين سورية أحسن علاقة وأوطدها، وهذا ما ننادي به ونسعى إليه ونأمل أن يكون، وما من جارٍ يستطيع ان يعيش في حال عداء مع جاره. قلنا غير مرة، إذا كان الإنسان مستأجراً يترك بيته ويأخذ بيتاً آخر، وإذا كان مالكاً فيبيع ملكه ويذهب ليشتري بيتاً آخر، ويكون بذلك اشترى راحته، ونحن نريد أن نشتري راحتنا. لكن بيننا وبين سورية لا بيع ولا شراء. نحن جيران وأصدقاء يجمعنا التاريخ والجغرافيا والمصائب. إنما إذا كنا نريد أن يكون بيننا علاقات فيجب أن نكون موجودين، وإذا كنا غير موجودين فلا علاقات". ودعا المحامين الى أن يكونوا "صوت الضعفاء لتدافعوا عنهم... ونحن معكم ندافع على طريقتنا". وكان المحامي سليم دحداح تحدث باسم الوفد، دعا الى تأليف لجنة تحقيق وتقصٍ لبنانية تبحث في كل اللوائح والأسماء وفي كل المعلومات التي يقدمها ذوو المفقودين، كما تفعل الدول التي تحترم نفسها عادة". وكانت لجنة المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية طالبت بتشكيل لجنة تحقيق رسمية حيادية. ونظمت لقاء في الأشرفية، عمد خلاله الحاضرون الى عصب أعينهم واتخذوا وضعية المكبلة أيديهم، أسوة بالموقوفين الذين تسلمهم لبنان من السلطات السورية. ورأت اللجنة التي تحدثت باسمها رئيستها صونيا عيد، والناطق بلسانها غازي عاد، أن لجنة التحقيق "يجب أن تضم، الى مسؤولين رسميين، أشخاصاً مستقلين من خارج الدوائر الحكومية، يُشهد لهم بالنزاهة وعدم الانحياز، وبخبرة واسعة في القوانين وحقوق الإنسان، و تأمين الموارد لها كي تقوم بعملها، مع صلاحيات قضائية تسمح لها بجلب مدنيين وعسكريين لبنانيين وغير لبنانيين من الذين مارسوا الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري واستجوابهم والتحقيق معهم، والاطلاع على الوثائق المطلوبة ودخول كل المراكز والمواقع التي تعتبر مراكز اعتقال أو تصفية جسدية". ورد عاد على النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم وتصريحات المسؤولين، مؤكداً أن "إفشال مبادرة الرئيس بشار الأسد بإطلاق المعتقلين تكمن تحديداً في عدم الشفافية والتناقض في المواقف والأرقام". واستعان ببيانات لمنظمات دولية تشير الى "أن الجيش السوري والاستخبارات السورية تنفذ نشاطاتها في معزل عن الاتفاق الأمني اللبناني - السوري"، عارضاً أسماء أشخاص اعتقلوا في التسعينات وأفرج عنهم، سائلاً: "هل علمت السلطة اللبنانية باعتقالهم وبالإفراج عنهم". وسأل عن التحقيق في المقابر الجماعية التي تحدث عنها عضوم، "ولماذا لا تطلب السلطة اللبنانية من السلطات في سورية تزويدها لائحة مفصلة بأسماء الذين اعتقلوا على يد قواتها في لبنان منذ العام 1976 وحتى اليوم، والذين ماتوا في السجن مثل عادل عجوري وجوزيف زغيب، والذين صدرت في حقهم احكام بالإعدام مثل خديجة نجارى وداني منصوراتي". وأشار الى أن أهالي نجيب يوسف جرماني وطوني جريس تامر وجورج شلاويط وميلاد بركات "لم يلمحوا خيالاً في السجن، بل شاهدوا وزاروا مرات كثيرة أبناءهم في السجون السورية ومنهم من كانت آخر زيارة له في آب اغسطس الماضي". وعن القول إن المحكومين ارتكبوا جرائمهم في سورية، قال عاد: "إن جوزيف أمين حويس الشاب الذي يعاني داء الصرع منذ الولادة، صدمت سيارته سيارة تابعة للجيش السوري في منطقة بولونيا - ضهور الشوير في حزيران يونيو 1991، ما أدى الى مقتل جنديين، وقبض عليه، وسيق الى المحاكمة في محكمة ميدانية، وحكم عليه بالسجن". "وسأل عن مصير العسكريين الذين أعلنت اسماؤهم على أنهم شهداء في 13 تشرين الأول اكتوبر 1990 عملية إطاحة العماد ميشال عون ثم اعتبروا لاحقاً في عداد المفقودين". واستغرب النائب نسيب لحود اعتبار بعض المسؤولين "أن اثارة قضية المفقودين اللبنانيين تؤثر في السلم الأهلي في لبنان". وقال "إن من واجب السلطة اللبنانية ان تفتح قلبها للكلام الذي يصدر عن أهالي المفقودين الذين يملكون قرائن ومؤشرات على وجود أبنائهم"، آملاً أن يصدر الرئيس السوري "عفواً عاماً عن كل السجناء اللبنانيين في السجون السورية". ودعا بعد لقائه البطريرك صفير، الحكومة الى "بذل الجهود الممكنة وإعطاء الأجوبة الشافية للأهالي إن لم تتمكن من إرجاعهم". ورأى حزب الوطنيين الأحرار استحالة إقفال ملف المعتقلين في السجون السورية ورفض "مقولة أن المضي في هذا الموضوع حتى خواتمه من شأنه فتح ملفات الحرب ونكء الجراح وتحريك الغرائز لإثارة الفتن". وسأل عن "مصير العسكريين الذين كانوا في مواجهة الجيش السوري في ضوء كلام القاضي عضوم على مقتل الراهبين البير شرفان وسليمان أبو خليل ودفنهما في منطقة اللويزة، في حين كانا موجودين في ديرهما في دير القلعة بيت مري ساعة دخول القوات السورية إليه".